جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-02@15:24:21 GMT

من إسرائيل؟!

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

من إسرائيل؟!

 

 

زكريا الحسني

 

 

إسرائيل التي تعد أداة استعمارية متقدمة تتخذ من وجودها في قلب الشرق الأوسط فرصة لإدامة الهيمنة الغربية على المنطقة وتحقيق مصالح القوى الكبرى على حساب شعوب تطمح إلى التحرر والنهوض، لكن في عمق هذه المعركة السياسية يظل السؤال الأكبر هو ماذا يحدث عندما يكون هدف الصراع ليس فقط السيطرة على الأرض؛ بل السيطرة على الذاكرة والهوية.

إن فكر القوى الغربية الاستعمارية يدور حول فكرة تغيير الواقع والتأثير على مسار التاريخ، وهو ما تفعله إسرائيل عبر سياساتها الممنهجة في المنطقة مستغلة اللحظات التاريخية لتزرع الفتنة وتغذي الصراعات الأهلية مما يعيق أي محاولة للنهوض.

لكن رغم كل محاولات التحريف والتشويه يبقى الوعي الجمعي للأمة حيا ويدرك المسلمون أن القدس ليست مجرد مدينة، بل هي جسر بين الأرض والسماء وساحة للثورة الروحية التي لا تهزم وبما أن القدس تمثل جوهر الإيمان الإسلامي فإن أي محاولة لطمس هويتها لن تنجح بل سيزداد تمسك الأمة بها في مواجهة كل محاولات التفريق.

وعليه إن الصراع حول فلسطين ليس مجرد نزاع سياسي أو حدودي، بل هو معركة روحية وجودية تجمع بين الأبعاد الجغرافية والدينية وتدور في فلك تاريخي يمتد عبر الأجيال وبقدر ما تتسلح القوى الكبرى بالأدوات الحديثة للاستعمار يتسلح شعب فلسطين بتاريخ عظيم من الصمود والإرادة التي لا تقهر.

إسرائيل ليست مجرد كيان سياسي، بل قاعدة عسكرية غربية تتصدرها أمريكا وتستخدم كأداة لتحقيق أهداف القوى الاستعمارية في المنطقة فهذه القوى لا تستطيع العيش دون استعمار سواء بصورته التقليدية أو بأساليب جديدة تتماشى مع العصر لكن الفكرة تظل ثابتة وإن تغيرت الوسائل؛ فالمصالح تبقى هي الدافع الأول لكل تحركاتهم.

فهم يدركون أن السيطرة لا تفرض فقط بالقوة العسكرية، بل ترسخ عبر خلق الفوضى وتمزيق النسيج الاجتماعي وزرع الانقسامات حتى ينهك الشرق ويظل تابعا لا قائدا وممزقا لا موحدا وهذه هي السياسة الاستعمارية الجديدة التي لا تحتاج إلى جيوش جرارة؛ بل إلى وكلاء ينفذون وأدوات تبرر وعالم غافل يصدق.

المسألة لا تقتصر على حدود جغرافية فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى أبعاد أعمق فهي في المقام الأول قضية سياسية واستراتيجية تهدف إلى إدامة الصراع وإشغال الشرق الأوسط بهذا الكيان لمنع أي نهضة شاملة.

الشرق الأوسط يمتلك جميع مقومات القوة ويضم أهم المنافذ المائية؛ مما يجعل السيطرة عليه مفتاحا للهيمنة على الملاحة البحرية وهذا بدوره ينعكس على المشهد السياسي والاقتصادي ويعزز النفوذ على أرض الواقع، في معادلة لا تسمح بظهور قوى إقليمية قادرة على تغيير مسار التاريخ،

 

هذا الكيان ذو وظيفة محددة تتمثل في إشعال الصراعات المتواصلة وزرع الفتن وذلك عبر نشر الجواسيس وشراء الذمم وكما قال بايدن منذ زمن إذا لم تكن هناك إسرائيل فعلى أمريكا أن تخلق إسرائيل في إشارة واضحة إلى أن وجود هذا الكيان يخدم المصالح الغربية في المنطقة، فهو ليس مجرد كيان سياسي، بل أداة استراتيجية تستخدم لنهب ثروات الشعوب والتعدي على سيادة الدول وإبقاء المنطقة في حالة من الفوضى الدائمة تتيح للقوى الكبرى فرض هيمنتها وكأنها تضع القيود على أمة تملك كل مقومات النهوض لكنها تحاصر حتى تظل أسيرة واقع مرسوم لها مُسبقًا.

وهناك بُعد ديني عميق؛ إذ يُقال إن المعبر من الأرض إلى السماء هو أرض فلسطين، مما يجعل السيطرة عليها مفتاحًا للهيمنة على العالم.

لا يمكن إغفال مكانة القدس فهي ليست مجرد مدينة، بل قلب العقيدة ونبض التاريخ وأحد المقدسات الإسلامية التي تتجاوز حدود الجغرافيا لتسكن في وجدان كل مسلم فهي روح الأمة وقضيتها الخالدة ما بقي فيها نفس يرفض الذل والانكسار.

ولهذا فإن الصراع حولها ليس مجرد نزاع على الأرض، بل هو صراع عقيدة ووجود، حيث تسعى القوى المستكبرة إلى طمس هويتها وسلب قدسيتها، لكنها تبقى راسخة في القلوب كالنور الذي لا ينطفئ وكالعهد الذي لا يُنسى ما بقي في الأمة نبض حي وإرادة تأبى الانكسار.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالمنطقة

أجمع محللون وخبراء سياسيون على أن تدخلات إسرائيل في سوريا ولبنان تعكس إستراتيجية توسعية تسعى من خلالها لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحها، في ظل غياب أي رادع دولي أو إقليمي. واعتبروا أن ذريعة حماية الدروز ما هي إلا واجهة لتحقيق أهداف أكثر عمقاً.

وحسب حديث الكاتب والباحث السياسي محمود علوش لبرنامج "مسار الأحداث" فإن ما تقوم به إسرائيل في سوريا ضمن مشروع يفرض تصوراتها لسوريا الجديدة كدولة ضعيفة ودولة فدرالية مقسمة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أردوغان يتهم إسرائيل بنقل نيرانها لسوريا وجنبلاط يوجه نداء للدروزlist 2 of 4سوريا ترفض "التدخل الخارجي" بشؤونها بعد أحداث صحناياlist 3 of 4إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقهاlist 4 of 4وزير الإعلام السوري: اعتداءات إسرائيل خطر على الشعب وتطلعاتهend of list

وأعلنت إسرائيل -أمس الأربعاء- أنها شنت هجوما تحذيريا على مجموعة وصفتها بـ"المتطرفة" كانت تستعد لمهاجمة الأقلية الدرزية بمنطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، في حين أكدت الداخلية السورية تعرض المدينة لهجمات إسرائيلية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس -في بيان مشترك- إن إسرائيل وجهت رسالة إلى النظام السوري بأنها تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز.

وأضاف علوش أن موضوع الاستثمار في الحالة الدرزية مدخل قوي لإسرائيل من أجل محاولة فرض هذه التصورات، مؤكدا أن خطورة هذا التدخل الإسرائيلي أصبح يشكل تهديدا على الدروز قبل أن يشكل تهديدا على سوريا، إذ يضع هذه الطائفة في عداء كبير مع الدولة ومكونات سورية كثيرة.

إعلان

وفي السياق ذاته، أشار الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إلى أن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية بإسرائيل موفق طريف يمثل "ترسا صغيرا" في الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه دمشق، وأن إسرائيل تستغله بشكل كبير من أجل تنفيذ استراتيجيتها داخل سوريا.

آفاق مستقبلية

وأكد الخبير بالشؤون الإسرائيلية أن إسرائيل وضعت الآن السقف لوجودها في سوريا، وسياستها هي الحفاظ على المنطقة العازلة، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تنسحب من هذه المنطقة الجنوبية.

ووفق مصطفى، فإن إسرائيل تنسحب تاريخيا في 3 حالات: القوة، أو اتفاق مع النظام، أو ضغط دولي، لافتا إلى أن هذه الحالات غير موجودة في هذه المرحلة.

وفي السياق الإسرائيلي، كشف الصحفي في صحيفة هآرتس غدعون ليفي أن إسرائيل ترى أمامها فرصة سانحة بدعم غير متوقع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في كل ضعف كامل للأسرة الدولية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وأضاف ليفي أن إسرائيل ترى ذلك فرصة لتوسيع حدودها و"لكي تقتل كل الأعداء وتصبح أقوى" مشككا في نجاح هذه الإستراتيجية بقوله "هذا أمر مشكوك به لأن إسرائيل لن تخرج أقوى نتيجة لكل هذه الهجمات".

استهداف حزب الله

وبشأن الجبهة اللبنانية، أكد الباحث السياسي أن إسرائيل تنظر إلى الحرب الحالية على أنها فرصة لإنهاء حالة حزب الله، مشيرا إلى أن هذا التحرك الإسرائيلي ينبع من نزعة توسعية في المنطقة برزت بعد حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار علوش إلى أن هذه النزعة التوسعية لا تشكل تهديدا فقط للبنان وسوريا، بل أيضا لجميع دول المنطقة.

أما موقف الرأي العام الإسرائيلي، فأوضح مصطفى أنه لا يبدي حتى هذه اللحظة موقفا واضحا أو سلبيا فيما يتعلق بالجبهات في لبنان وسوريا وحتى في الضفة الغربية، لأنه لا يدفع أثماناً الآن.

وأضاف أن المجتمع الإسرائيلي حالياً يركز فقط في جبهة غزة من أجل قضية الأسرى، وهناك تخوف من أن العمليات العسكرية وتوسيعها سيؤدي إلى مقتل المزيد منهم.

إعلان

وأكد الخبير بالشؤون الإسرائيلية أن النقاش والجدال في إسرائيل حول هذا الموضوع سيبدأ في حالة وجود أثمان تدفعها إسرائيل مثل تعرضها لعقوبات دولية.

مسارات تفاوضية

ويرى علوش أن تركيا دولة لا يمكن تجاهل مصالحها في سوريا، لافتاً إلى أنه حتى ترامب كان واضحا في اللقاء الأخير بينه وبين نتنياهو في البيت الأبيض، إذ أبلغه بوضوح أن محاولة إسرائيل الحصول على مصالح في سوريا تبدأ عبر تركيا.

وأشار إلى أنه منذ 2 أبريل/نيسان الماضي، لم يكن هناك أي نشاط جوي إسرائيلي في سوريا، بعدما وضع ترامب خطوطاً حمراء لنتنياهو في سوريا، إضافة إلى وجود مسار تفاوضي إسرائيلي تركي بدأ حول سوريا، فضلا عن مسار تفاوضي سوري أميركي.

وأوضح أن الدولة اللبنانية في وضع صعب لأنها لا تستطيع أن تقدم تصوراً يمكن أن يكون مقبولاً وطنياً، ومقنعاً لحزب الله بأن نزع السلاح يمكن أن يؤدي إلى معالجة التهديد الإسرائيلي وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها.

مقالات مشابهة

  • تقطيع وإعادة تشكيل.. هكذا "تبتلع" إسرائيل معظم قطاع غزة
  • إسرائيل تعلن شن غارة قرب القصر الرئاسي في دمشق.. ونتنياهو يعلق
  • الجوع يفتك بمليوني شخص في غزة.. وإسرائيل تعلن السيطرة على الحرائق
  • إسرائيل تعلن السيطرة على الحرائق بعد 30 ساعة من اندلاعها
  • عبدالله العليمي: المرحلة تتطلب فاعلية على الأرض وتنسيق أوثق بين كافة القوى
  • كيف علق مغردون عرب على حرائق إسرائيل؟
  • محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالمنطقة
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • استعرض الفرص التنموية التي تم إطلاقها.. نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية بالمنطقة
  • الشيباني من الأمم المتحدة: لن نعيق استقرار المنطقة بما فيها إسرائيل