أمانة القلم والكلمة
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
محمد رامس الرواس
يقول الحق جل في عُلاه: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ" (إبراهيم: 24).
لقد كانت ولا تزال الكلمة أمانة يصونها القلم ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل المجتمع المستقر الآمن المتصالح مع نفسه ومع الآخرين من تكرار الزلات التي قد يكتبها بعض ضعفاء النفوس أو من لديهم أفكار ضالة وشاذة ومن في حكمهم.
عندما تمسك يد الإنسان بالقلم أو تكتب بالحروف على الجهاز الرقمي لا بد وأن يستحضر الكاتب رقابة الله سبحانه وتعالى أولا ثم رقابة مجتمعه والحديث موجه للذين يريدون أن يحدثوا التغيير الإيجابي بمجتمعهم.
وُجِدَت الكلمة لوصف المشاعر التي تنتاب كاتبها أو شرح قضايا المجتمع الذي يعيش فيه فيصف ويدون الكاتب المشاعر والقضايا الاجتماعية وعبرات الناس وقضايا أمته فيقوم بتحرير الصادق من الظواهر من آهات المجتمع والأمة وينقلها بصدق وبكل شفافية مما اطلع عليه بنفسه بدون رتوش أو التأويلات وليس عما يسمع أو يُقال له، ففي النهاية هناك مسؤولية كبرى لا بد وأن يحسب لها ماسك القلم ألف حساب.
والكلمة الموفقة يعلم الجميع سر قوتها ومدى تأثرها وأثرها إذا قيلت في حق أو في دحض باطل، وكما يعلم معظمنا سر فشلها إذا قيلت بغير حق، ولطالما كانت الكلمة الصادقة هي العدو الأول الذي يكشف الأكاذيب ويسطر الحقائق ويسجل الخير، كذلك المغرضون يسجلوا الشر في سجل كتاباتهم أو تدويناتهم ومداد أقلام أهل الحق نور يسطر الكاتب به الكلمات لتنير الطريق للجميع، كما أن أهل الملكات والمواهب الذين يعرفون أمانة القلم يجعلون منها ضياء ونقاء يرث من ورائه مداد قلمه استحقاقا وجدارة لما سجل من جميل العبارات ويصيغ أجمل الرسائل ويترك عظيم الأثر التي تحملها كتاباته عبر الوقت والزمن.
ومن خلال الكلمات التي يخطها القلم يصيغ الإنسان هويته الحقيقية ويعلن عن رسالته التي وضعها لنفسه في الحياة ويتركها من بعده بين طيات مؤلفاته ومقالاته ورسائله.
ويكفي بالقلم شرفًا أن أقسم الله به؛ حيث يقول المولى عز وجل: "ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" (القلم: 1)، وصاحب الكلمة، يجب أن يكون إنسانا يرفق بمجتمعه وبمن حوله من خلال ما يخطه قلمه، فالقلم أمانة وحجة علينا إما سلبا او إيجابا، ورب كلمة لا يلقي لها صاحبها بالاً تقسم ظهر روح أو تهتك عرض إنسان أمن في سربه، ولا يمكننا بأي حالة من الأحوال، أن نكون من أولئك الناس الذين عمت قلوبهم فأصبحوا يدونون ويكتبون شرقًا وغربًا بما لا يُرضي الله ولا يرضي أولياء الأمور ولا الناس طمعا منهم في نيل شهرة أو ما شابه.
وختامًا.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والكلمة الطيبة صدقة"، فإن الكلمة الطيبة صدقة بجانب أنها أمانة، وقد يجد فيها البعض عدم التكلف عند الخروج عن الحقيقة والواقع عندما توسوس له نفسه الأمارة بالسوء، فيفقد المسار ويحيد عن الطريق الصواب، وأمانة الكتابة والقلم إنما هما جزءان من حياة الإنسان، إن لم يلجمهما بالصدق والحق فإنه قد يطيش وينسحب إلى ساحات الباطل والكذب والزور ويبعد عن الصدق والواقع.
يقول تعالى في محكم التنزيل: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ" (الرعد: 17).
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحقيقة التي لا نشاهدها
هل نعرف وندرك ونؤمن أن هناك عيوناً قد تؤذينا عن قصد أو بدون قصد نعرفها أولا نعرفها وقد لا نشاهدها طوال حياتنا بل كانت عيناً موجهة عن قرب أو بعد، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك أنها الحقيقة المرة القاسية والتي يجب نتحصن بذي العزة والجبروت ونعتصم برب الملكوت ونتوكل علي الحي الباقي الدائم الذي لا يموت وبسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء نتحصَّن ، وما شاء الله تبارك الرحمن على عيون السعادة العيون الفاتنات الناعسات بألوانها وتركيباتها وعدساتها وأحجامها والتي تسير بصاحبها إلى الطريق الصحيح، من غير لف ولا دوران ولا غمز ولمز، ورمش ورموش. وأعوذ بالله وقدرته وبكلماته التامات من العيون الكهرومغناطيسية، العيون الحمراء، العيون المجرمة القاتلة الخبيثة، عين الحاسد الحاقد العاين الزعوور، الذي ينظر ويعجب ولا يبارك على ما شاهد من فضل الله وبركته.
أنها حقيقة مرة بطعم العلقم نؤمن بها وندرك ونشاهد ونسمع ونقرأ ما تفعله العيون. فهي العدو المجرم القاتل الصامت الذي يعيش بيننا ويجب الحذر منه بالتحصين والأذكار، فالعين حق وحقيقة وواقع كما أخبر بذلك الرسول، صلى الله عليه وسلم، ووضح لأمته طرق الوقاية والتحصين والحفظ من شرها. و على الإنسان أن يلتزم بما أخبر به رسولنا، صلى الله عليه وسلم، بقوله :(إذا رأى أحدكم من أخيه ومن نفسه وماله ما يعجبه فليباركه، فإن العين حق).
وعين العاين تختلف من شخص لآخر، فبعضهم معروفون للعامة، وعيونهم قوية لا تخطئ، وبعضهم غير معروفين، وبعضهم يجاهر ويتحكم بها، ويختار المكان الذي يضعها فيه.
وبعض العيون تصيب بسهام عفوية، تقع نتيجة الإعجاب، وقد لاتتكرر كثيراً في دقة إصابتها الهدف، فربما تكون رمية من غير قصد، لكنها سهام العين خرجت فأصابت، وهذه غالبا تكون إصابتها بسيطة وغير قاتلة.
وأخيرا، من أصابته العين، عليه أن يذهب إلي العاين إذا عرفه، ويطلب منه أن يتوضأ، كما في حديث رسولنا، صلى الله عليه وسلم (العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا).
وإذا لم يعرف العاين فعليه بالإكثار من ذكر الله، والتضرع إلى الله بالشفاء ، فالعين حق وفتنة، فعلى الإنسان وواجبه أن يحافظ على الأذكار، ويتق الله في عينه وحركتها ورمشها وسهامها، فكم من طريح الفراش، ومريض ومجنون، بسبب سهام عين.
وقانا الله والمسلمين والقراءالكرام من كل عين حاسد، وما شاء الله تبارك الله والحمد لله على نعمه التي تترى ، وأعوذ برب الفلق من كل عين إنس وجان.
وقفة:
قالوا في الأمثال:
عضة أسد ولانظرة حاسد.
Leafed@