تشهد مناطق سيطرة الحوثيين ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات الجرائم، في ظل تفشي الفقر والجوع وانقطاع المرتبات، إلى جانب حالة الانفلات الأمني التي أصبحت بيئة خصبة لنشاط العصابات المسلحة.

آخر هذه الجرائم البشعة كان مقتل الشاب أسامة الضبيبي، بعد استدراجه عبر الإنترنت من قبل عصابة إجرامية بهدف نهب سيارته، قبل أن يتم التخلص منه بدم بارد، في جريمة هزت الشارع اليمني.

ووفقًا لمصادر محلية، فقد خرج الضبيبي، الذي كان يعمل وسيطًا في بيع السيارات، لإيصال مركبته إلى أحد الزبائن في العاصمة المختطفة صنعاء، ليتم اعتراضه في منطقة شملان، حيث تعرض لإطلاق نار في الرأس، قبل أن يتم دهس جثته في الشارع العام لإيهام السلطات بأن الحادث عرضي.

وليست هذه الجريمة سوى واحدة من سلسلة جرائم مشابهة تصاعدت حدتها في الأشهر الأخيرة، وسط انهيار أمني واضح وتنامي نفوذ العصابات المنظمة في المدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

يرى مراقبون أن الجرائم التي تشهدها العاصمة صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين مرتبطة بشكل مباشر بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد، حيث يعاني ملايين اليمنيين من الفقر وانعدام مصادر الدخل نتيجة توقف صرف المرتبات منذ سنوات، ما دفع البعض إلى اللجوء إلى الجريمة كوسيلة للبقاء.

وأكدوا أن "الجرائم التي نشهدها اليوم هي نتيجة طبيعية للانهيار الاقتصادي الحاد الذي تعيشه البلاد، حيث لا يجد كثير من الشباب أي مصدر رزق في ظل قطع الحوثيين للمرتبات وانعدام فرص العمل، ما يجعلهم عرضة للانخراط في العصابات الإجرامية".

وأشاروا إلى أن "غياب الدولة الفاعلة وسيطرة الميليشيات التي تكرس الفساد، أدى إلى زيادة معدل الجريمة، حيث أصبح البعض يبرر أعمال النهب والسرقة باعتبارها وسيلة للبقاء في ظل أوضاع معيشية قاسية".

إلى جانب الأزمة الاقتصادية، ساهمت تعبئة العنف والكراهية التي يفرضها الحوثيون على المجتمع في انتشار ثقافة العنف والقتل، حيث أصبحت الجريمة وسيلة اعتيادية لتحقيق المكاسب، سواء للأفراد أو للعصابات التي تنشط بحرية في ظل ضعف الأجهزة الأمنية.

ويشير مراقبون إلى أن "المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أصبحت تشهد تجنيدًا متزايدًا للشباب في المعارك، وعندما يعود هؤلاء من الجبهات يكونون محملين بثقافة السلاح والعنف، ما يسهل انخراطهم في الجرائم، خاصة مع غياب العقوبات الرادعة".

وأكدوا أن "الأجهزة الأمنية في صنعاء لم تعد معنية بمكافحة الجريمة بقدر ما تهتم بحماية مصالح قيادات الحوثي، وهو ما سمح بتوسع نشاط العصابات، حتى باتت جرائم مثل السرقات والسطو المسلح وجرائم القتل تحدث بشكل شبه يومي".

ويرى حقوقيون أن تفشي الجرائم في مناطق سيطرة الحوثيين لا يمكن فصله عن حالة الانفلات الأمني والتواطؤ مع المجرمين، حيث أضحى الإفلات من العقاب أمرًا شائعًا، خاصة عندما يكون الجناة مرتبطين بجهات نافذة.

وأكد أحمد القباطي، وهو محامٍ في صنعاء، أن "هناك جرائم ترتكب بشكل ممنهج، وفي كثير من الأحيان، يتم إطلاق سراح القتلة واللصوص عبر وساطات أو مقابل دفع رشى، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويشجع آخرين على ارتكاب جرائم مماثلة".

وأشار إلى أن "النيابة العامة والقضاء أصبحا مجرد أدوات في يد الحوثيين، حيث يتم تعطيل القضايا التي قد تدين عناصر مرتبطة بالجماعة، بينما يتم التضييق على الأصوات التي تنتقد تفشي الفساد والجريمة".

ويحذر مراقبون من أن استمرار التدهور الأمني وغياب المعالجات الاقتصادية سيؤدي إلى تصاعد أكبر في معدلات الجريمة، خاصة مع انتشار العصابات المسلحة التي تستغل الوضع القائم لتحقيق مكاسبها.

ويؤكد خبراء أن "المجتمع اليمني يواجه خطرًا حقيقيًا إذا استمرت هذه الأوضاع، حيث قد تصبح بعض المناطق بؤرًا للجريمة المنظمة، وهو ما يهدد استقرار المواطنين ويزيد من معاناتهم اليومية".

ومع غياب أي بوادر لحل سياسي أو اقتصادي يخفف من وطأة الأزمة، تبقى حياة المدنيين في مناطق سيطرة الحوثيين رهنًا للفوضى والعنف المتصاعد، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن يتحول العنف الفردي إلى ظاهرة عامة تهدد أمن واستقرار البلاد.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: سیطرة الحوثیین مناطق سیطرة

إقرأ أيضاً:

حماس تدعو إلى النفير العام ردا على تصاعد جرائم الاحتلال

دعت حركة حماس، إلى النفير العام أيام الجمعة والسبت والأحد المقبلة، ذلك مع تصاعد لجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى.

 وطالبت في بيان لها الثلاثاء، بتصعيد الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية ومدن وعواصم العالم.
وقالت "ندعو جماهير شعبنا وأمتنا وأحرار العالم إلى النفير العام أيام الجمعة والسبت والأحد القادمة، دفاعاً عن غزة والقدس والأقصى، ونصرة لصمود شعبنا، ورفضا لجرائم الاحتلال وداعميه".

وأضافت أن ذلك يأتي في ظل "تصعيد الاحتلال الصهيوني عدوانه الهمجي وارتكابه المجازر بحق شعبنا في قطاع غزة، واستمراره في جرائمه بالضفة والقدس والمسجد الأقصى، وبدعم أمريكي كامل وصمت دولي مطبق".


وطالبت بـ"تصعيد المسيرات والفعاليات التضامنية في كل المدن والعواصم، واستخدام كل الوسائل للضغط لوقف القتل والحصار والتجويع، ودعم غزة وتضميد جراحها، والقدس والأقصى وتعزيز صمودهما".

ويتواصل القصف الإسرائيلي المكثف في ظل تشديد تل أبيب حصارها على القطاع ما تسبب بدخول الفلسطينيين في مجاعة جديدة حيث أغلقت المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ 2 مارس الجاري.

ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية في 18 آذار/ مارس الجاري وحتى الاثنين، قتلت "إسرائيل" 730 فلسطينيا وأصابت 1367 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة بغزة.

وقالت الأمم المتحدة إن قرابة 124 ألف شخص نزحوا مرة أخرى بعد أن استأنفت "إسرائيل" هجماتها على قطاع غزة وأصدرت "أوامر الإخلاء".

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 163 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.


ويمثل هذا التصعيد، الذي قالت تل أبيب إنه بتنسيق كامل مع واشنطن، أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي امتنعت إسرائيل عن تنفيذ مرحلته الثانية بعد انتهاء الأولى مطلع مارس الجاري.

ورغم التزام حركة حماس ببنود الاتفاق، فإن رئيس الاحتلال بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، رفض بدء المرحلة الثانية استجابة لضغوط المتطرفين في حكومته.

مقالات مشابهة

  • الادعاء العام بالسليمانية يحث الإعلام على تجنب اخبار جرائم القتل
  • جريمة بشعة في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين: عصابة تقتل رب أسرة أمام زوجته وأطفاله
  • جرائم تكشفها الصدفة.. طفل يكشف جريمة عمرها 30 عامًا
  • حماس تدعو إلى النفير العام ردا على تصاعد جرائم الاحتلال
  • قراءة في موقف تقدم من جرائم الحرب .. هل كانت ظهيرا سياسيا للمليشيا.؟
  • «جرائم القتل» بطلة 5 مسلسلات في رمضان
  • مركز عين الإنسانية يستنكر صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم أمريكا في اليمن
  • مركز عين الإنسانية يستهجن صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم أمريكا في اليمن
  • الفقر والبطالة وتأخر الرواتب.. ثلاثية الجريمة والتفكك الأسري في الإقليم
  • الفقر والبطالة وتأخر الرواتب.. ثلاثية الجريمة والتفكك الأسري في الإقليم - عاجل