حذرت جمعية "القضاة التونسيين"، من وضع كارثي يهدد المرافق القضائية في البلاد، نتيجة النهج "التسلطي" الذي تسلكه سلطة الإشراف، وفي ظل غياب تام لأي رؤية إصلاحية.

وأكدت الجمعية في بيان، "فقدان الثقة في القضاء وفي عدالة المحاكمات، خاصة ذات الخلفية السياسية، وذات العلاقة بحرية الرأي والتعبير والإعلام، أو التي تكون في طليعة اهتمام الرأي العام".



وقالت إنها "تستنكر بشدة تواصل النهج التسلطي الذي تسلكه وزارة العدل، واستئثارها بتسيير القضاء العدلي والتحكم في المسارات المهنية للقضاة وإدارتها بشكل تعسفي وانتقامي، خارج كل ضمانات التقييم الموضوعي والمستقل للأداء القضائي والتنافس على المسؤوليات القضائية"، وفق تعبيرها.

فتح تحقيقات
وطالب المكتب التنفيذي للجمعية بفتح تحقيقيات "حول ظروف وملابسات قرارات التجريد من الخطط القضائية والإيقافات عن العمل، والتي أثارت عديد التساؤلات في الوسط القضائي".

وحذر من "التداعيات الخطيرة لتسمية القضاة والقاضيات بالمؤسسات القضائية الأخرى، كالمعهد الأعلى للقضاء، وضمن إطار التدريس من بين الموالين وأصدقاء وصديقات وزيرة العدل، خارج كل معايير الشفافية والتناظر على الكفاءة العلمية والاستقلالية، وأن ذلك يحصل في مؤسسة من المفروض أن تكوّن وتنشئ القضاة على قيم الاستقلالية والحياد على السلطة التنفيذية، وعلى كل السلط ومراكز الضغط والنفوذ"، وفق نص البيان.



وأوضحت الجمعية أن "إطلاق يد السلطة التنفيذية في إدارة المسارات المهنية للقضاة بمذكرات العمل، قد ألغى آلية الحركة القضائية السنوية كضمانة من ضمانات استقرار عمل القضاة والعمل داخل المحاكم، بما أصبح له وخيم العواقب إذ أفضى إلى وضعية أضحى فيها القضاة غير قادرين على حماية حقوق وحريات المتقاضين، لما يتهددهم بشكل اعتباطي وفوري من نقل وتجريد من المسؤوليات وحط من الرتبة".

ونبه المكتب من أن الوضع الكارثي أدى إلى "حالة من الفوضى ومن اختلال التوازن في توزيع القضاة بين المحاكم بما أثر بوضوح على سير العمل وعلى حقوق المتعاملين مع المرفق القضائي من متقاضين ومحامين".

غياب أي رؤية
وقال إنه يسجل "بعميق الخشية والانشغال غياب أي رؤية لبرنامج إصلاحي للقضاء من خلال سياسات عمومية مكتوبة ومدروسة طبق المعايير الدولية المعلومة تُعرض للنقاش العمومي واندثار آليات الإصلاح القضائي وانقطاع إشاعة ثقافة استقلال القضاء في غياب المؤسسات المستقلة للقضاء وأهمها مجلس أعلى للقضاء منتخب ومستقل".

واعتبرت الجمعية أن الوضع أوصل إلى "مزيد إحكام قبضة وزارة العدل على المسؤوليات القضائية بإدخال التغييرات المتتالية عليها دون مراعاة للأقدمية وللكفاءة المستوجبتين وحتى في المراكز الأكثر حساسية من ذلك خطة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، التي عين فيها 3 قضاة في ظرف وجيز دون أن تبين الوزارة أسباب التعيين وأسباب الإقالة ودون الإبلاغ عن نتائج التحقيقات التي يعلن عن مباشرتها من حين لآخر بمناسبة الإقالات، كإقالة وكيل الجمهورية الأسبق بالمحكمة الابتدائية بتونس والتي أثارت عديد التساؤلات لدى الرأي العام".

يشار إلى أنه ومنذ إغلاق المجلس الأعلى للقضاء بقرار رئاسي في شباط/ فبراير عام 2022 توترت العلاقة بصفة كبيرة بين القضاة والسلطة التنفيذية، وتعمقت بقرار العفو الرئاسي الذي سلط على 57 قاضيا، وأيضا بتجريد صفة السلطة على القضاء وأصبح مجرد وظيفة.

وقد واجهت الهياكل النقابية القضائية مختلف القرارات الصادرة ضدها بالاحتجاج، عبر الإضرابات عن العمل وبإضرابات الجوع وبدعاوى قضائية في الداخل والخارج.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات التونسيين الثقة القضاء السلطة التنفيذية تونس القضاء النزاهة الثقة السلطة التنفيذية المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

عودة الإسلاميين عبر الحرب- خطر داهم يهدد السودان

مع استمرار الحرب في السودان منذ أبريل 2023، تتزايد المخاوف من عودة الإسلاميين إلى المشهد السياسي والعسكري عبر استغلال الصراع لتحقيق مكاسب جديدة. لم تكن هذه العودة مجرد تطور عابر، بل تعكس استراتيجية مدروسة لاستثمار الفوضى وغياب الدولة كوسيلة لإعادة التمكين.
الظهور المتكرر لقادة الكتائب الإسلامية، وعلى رأسهم قائد "كتيبة البراء" المصباح طلحة، ليس مجرد مصادفة، بل مؤشر واضح على محاولات الإسلاميين استغلال الصراع العسكري كجسر للعودة إلى السلطة. هذه التحركات تأتي في وقت تعج فيه البلاد بالمليشيات المسلحة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويهدد مستقبل السودان.
الإسلاميون وسباق المليشيات نحو السلطة
منذ اندلاع الحرب، سعت الجماعات الإسلامية المسلحة إلى إعادة تموضعها، مستغلة حالة الانهيار الأمني وضعف مؤسسات الدولة. كان ظهور المصباح طلحة في القصر الجمهوري بعد انسحاب قوات الدعم السريع، محاطًا بعسكريين وضباط رفيعي المستوى، علامة فارقة في تحول موازين القوى داخل الحرب. لم يعد الصراع مجرد مواجهة بين أطراف سياسية متنازعة، بل تحول إلى سباق بين المليشيات المختلفة على انتزاع السلطة بأي ثمن.

يرى المحلل السياسي الأمين بلال أن تكاثر المجموعات المسلحة يشكل الخطر الأكبر على السودان، حيث أصبحت الدولة رهينة لصراعات "الكل ضد الكل"، وسط غياب رؤية موحدة لبناء سودان مستقر. هذا الواقع يعزز فرص الإسلاميين للعودة، خصوصًا في ظل تفكك الجبهة المدنية، وانعدام مشروع وطني متكامل قادر على مواجهة تمددهم.

الإسلاميون واستراتيجية العودة بالقوة
لطالما كان سجل الإسلاميين في السودان مرتبطًا بالفشل السياسي والانهيار الاقتصادي. بعد أن أسقطهم الشارع في الثورة، يحاولون اليوم العودة عبر القوة العسكرية، مستخدمين خطابًا دينيًا لتبرير وجودهم في ساحة المعركة.
تصريحات القيادي عبد الحي يوسف، الذي أقر بأن الكتائب الإخوانية المقاتلة مع الجيش "تستحق نصيبًا في السلطة"، تعكس بوضوح مشروع إعادة التمكين. هذا السيناريو يعيد للأذهان انقلاب 1989، حين استخدم الإسلاميون الجيش للوصول إلى الحكم، قبل أن يحولوا البلاد إلى ساحة للقمع والاستبداد. عودتهم اليوم، تحت أي مسمى، تعني تكرار نفس المآسي وإجهاض أي فرصة لبناء دولة مدنية ديمقراطية.

تحالف الإسلاميين والمليشيات الفوضى في خدمة السلطة
وجود الإسلاميين في المشهد العسكري لا يقتصر على القتال، بل يمتد إلى تشكيل تحالفات معقدة مع المليشيات الأخرى، مما يضاعف من حالة عدم الاستقرار. تعتمد هذه الجماعات على شبكات الولاء الأيديولوجي، مما يجعلها أخطر من غيرها من القوى المسلحة.
الصحفي محمد المختار يؤكد أن منح الإسلاميين منصات عسكرية وإعلامية داخل القوات المسلحة يضر بسمعة الجيش، ويؤكد انحرافه عن دوره المهني. فهذه الكتائب متهمة بارتكاب جرائم شبيهة بممارسات تنظيم داعش، مما يعكس طبيعة الخطر الذي يشكله وجودهم في ساحة القتال.
رفض شعبي وسياسي لعودة الإسلاميين
لا يمكن بناء السودان الجديد بإعادة تدوير نفس القوى التي قادت البلاد إلى الهاوية. الإسلاميون الذين دمروا الدولة واستغلوا الدين لتحقيق مكاسب سياسية لا يمكن السماح لهم بالعودة عبر الحرب. الحل لا يكمن في عسكرة الصراع أو تمكين المليشيات، بل في إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية حقيقية، تضمن مشاركة جميع القوى المدنية بعيدًا عن العنف والتطرف.
على السودانيين اليوم أن يدركوا خطورة عودة الإسلاميين تحت أي ذريعة. فالسودان يستحق مستقبلًا بلا حروب، وبلا جماعات تتغذى على الدماء والفوضى. بناء الدولة المدنية الديمقراطية يتطلب إبعاد كل القوى التي تستغل الدين للوصول إلى السلطة، وخلق نظام سياسي قائم على العدالة والمساواة للجميع.
معركة السودان ليست عسكرية فقط، بل سياسية وأيديولوجية
الحرب في السودان ليست مجرد صراع على الأرض، بل هي أيضًا معركة سياسية وفكرية تحدد مستقبل البلاد. عودة الإسلاميين عبر بوابة الحرب تمثل خطرًا داهمًا، إذ تعيد إنتاج نفس التجربة التي دفعت السودان إلى الفشل. رفض عودتهم يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية شاملة لبناء دولة ديمقراطية حقيقية، قادرة على تجاوز حقبة الحروب والمليشيات والتطرف.

السودان يستحق مستقبلًا أفضل، مستقبلًا خاليًا من الإسلاميين والعنف، قائمًا على العدالة والمواطنة والسلام.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • مطلوب للقضاء في قبضة الأمن
  • كارثة مائية تلوح في الأفق.. تحذيرات أممية من جفاف يهدد عدن!
  • النيابة العامة تحدد 1759 محكوما تنطبق عليهم شروط العفو القضائي
  • عودة الإسلاميين عبر الحرب- خطر داهم يهدد السودان
  • مساعد قائد الجيش السوداني يهدد بضرب مرافق إستراتيجية في دولة تشاد
  • هيئة البث الإسرائيلية: متظاهرون يدعون للعصيان بعد حجب الثقة عن المستشارة القضائية
  • لماذا سحبت تونس اعترافها باختصاص المحكمة الأفريقية وما مخاطر ذلك؟
  • لماذا سحبت تونس اعترافها باختصاص المحكمة الإفريقية وما مخاطر ذلك؟
  • حكومة نتنياهو تحجب الثقة عن مستشارتها القضائية بهاراف ميارا
  • حكومة الاحتلال تصادق بالإجماع على حجب الثقة عن المستشارة القضائية