جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-02@11:58:36 GMT

خطابات الكراهية التي لا تنتهي

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

خطابات الكراهية التي لا تنتهي

 

 

 

صالح البلوشي

 

لو ألقيت نظرة بسيطة وسريعة على منصات التواصل الاجتماعي وخاصة منصة "إكس"، ستجد كمًّا هائلًا جدًا من خطابات الكراهية صادرة عن شخصيات مختلفة من مثقفين وإعلاميين وفنانين وسياسيين وممن يسمون أنفسهم بـ"المشاهير" وغيرهم، إلى درجة أنك تستغرب كيف يعيش هؤلاء الناس في هذه الأجواء السلبية، وهل يتعاملون مع الناس في حياتهم الخاصة بهذا الخطاب؟

قبل عدة سنوات اطلعت على سلسلة مقالات كتبها المفكر البحريني الدكتور نادر كاظم في صحيفة "الوسط البحرينية" (توقفت لاحقًا) عن الكراهية، ثم صدر له بعد ذلك كتاب بعنوان "كراهيات مُنفلتة.

. قراءة في مصير الكراهيات العريقة" عن دار العربية للعلوم "ناشرون" سنة 2010، وصدر الكتاب في طبعة ثانية عن دار السؤال سنة 2017 بعنوان "لماذا نكره؟ أو كراهيات مُنفلتة مرة أخرى".

الكتاب يُعالج خطابات الكراهية وتفكيكها وأسبابها وتاريخها وتكتيكاتها وعولمة الكراهيات وغيرها، وقد تطرق الكاتب أيضا إلى خطابات الكراهية عند بعض علماء الدين.

يقول كاظم في كتابه إن "البشرية أحرزت تقدما مذهلا على مستويات عديدة، إلا أنها لا تزال عاجزة عن التقدم بخطى ملموسة على صعيد التعامل مع هذه النوازع العدوانية التي يبدو أنها أعمق تجذرًا مما توهم بعض الحداثيين ودعاة التحديث".

ولا شك أن الدكتور نادر كاظم -وبحكم عمله الأكاديمي واطلاعه الواسع- قد اطلع على كثير مما كتبه كثيرون من دعاة التحديث في العالم العربي تجاه القضايا السياسية؛ إذ تحولوا من علمانيين وحداثيين يدعون إلى الدولة المدنية الحديثة التي تؤمن بالمواطنة، إلى مُردِّدين لكتابات طائفية قديمة كانوا ينتقدونها سابقًا في كُتُبِهم.

وأذكر حوارًا قبل سنوات قليلة دار بيني وبين أحد اليسارين السوريين على منصة "إكس" عندما انتقدته بسبب منشور طائفي كتبه على المنصة، فكان رده أن الطرف الآخر هو طائفي، فأجبته بأننا تعلمنا منك أن نواجه خطابات الطائفية والكراهية بلغة علمية منهجية وليس بأخرى طائفية، وإلّا فما الفرق بينك وبين الطائفيين؟!

يرى الدكتور نادر كاظم أنه مع تقدم وسائل المواصلات الحديثة والتواصل الاجتماعي وزوال عزلة الجماعات فإن خطابات الكراهية لم تنته "بل ما تزال الكراهيات المنفلتة إلى اليوم قادرة على الاستفزاز والجرح والإيذاء، بل إنها ازدادت قدرة على ذلك مع زوال عزلة الجماعات (القوميات والأديان والطوائف) واهتزاز فضاءاتها الخصوصية المغلقة، وتقدم الاتصالات بحيث صارت أخبار الكراهيات وحوادثها تنتقل بسرعة فائقة".

لقد استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي نقل خطابات الكراهية من الفضاء الخاص إلى الفضاء العام، وما كان يقال في المساجد والمجالس الخاصة والكتب التي يتداولها فئة خاصة، أصبح اليوم بفضل الفضاء الإلكتروني ينتقل إلى جميع دول العالم بضغطة زر، ويستطيع أي شخص بغض النظر عن مستواه الثقافي والمعرفي والأكاديمي أن يفتي في قضايا تاريخية معقدة ويحسمها في أقل من 10 دقائق بعد أن كان العلماء يتداولون النقاش فيها في مصنفات ضخمة طوال قرون ولم يتم حسمها حتى اليوم.

وفي ختام كتابه، يرُد الكاتب على مقولة للفيلسوف سبينوزا بأن "الكراهية تزداد إذا قوبلت بالكراهية، لكنها تزول إذا قوبلت بالحب"، ويضيف: "إننا بحاجة إلى أخلاق المعاملة بالتي هي أحسن" كما أنه يرى أن ذلك قد يكون شاقا وليس بمقدور الكثيرين من البشر إلّا أنه ضروري من أجل الاحترام المتبادل.

ومن وجهة نظري، فإنَّ هذا الكتاب يُعد من الكتب المُهمة التي تتصدى لخطابات الكراهية بلُغة علمية ومنهجية، وهو إسهام ثقافي مُميَّز لتفكيك الكراهية في المجتمعات والتوعية بمخاطرها وأثرها على الأمم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد معرض الكتاب؟!

 

 

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

 

تحدث ضجة في جانب ما في قلب العاصمة مسقط؛ حيث يجتمع الكتاب والأدباء من مختلف أنحاء الوطن العربي في معرض مسقط الدولي للكتاب كل عام، ويحرص على زيارته أغلب المثقفين والمطلعين والمهتمين بهذا الجانب من الثقافة العربية والإسلامية وفنون الأدب بمختلف أنواعه، ويشكل هذا التجمع حراكاً عاماً لدى المثقفين والعامة أيضاً من طلاب وأولياء أمور وكل من يُحب القراءة والاطلاع فهناك العديد والعديد من الكتب الجديدة والقديمة التي بإمكان القراء الاستفادة منها بشكل كبير جدا.

المعرض هذا العام أتى حافلا بمشاركات كبيرة من قبل المبادرات الثقافية والتنافس الجميل الذي تقدمه الصالونات الأدبية من حيث تقديم الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية المختلفة والتنوع الهائل في الطرح الأدبي والثقافي والفكري فكل منها يقول أنا الأفضل ولا نزكي مبادرة على أخرى؛ فهناك اشتغال واضح للعيان في حين غابت عن الصورة والمشهد بعض المجالس التي كان ينشد منها التطور إلا أنها كانت قد بدأت منذ سنوات عديدة ولكن للأسف لم يكن هناك اهتمام كبير ففقدت شغفها في المتابعة والاستمرار.

وفي دورة 2025، دُشنت العديد من الكتب الجديدة وبرز لنا العديد من الكتاب الجدد الذين نأمل أن يكونوا قد حققوا نجاحات كبيرة خلال مشاركتهم الفعالة في المعرض وأن لا تكون هي المشاركة الأولى والأخيرة لأنه وفي الأغلب لا نرى أن هناك مشاركات تستمر لسنوات طويلة ولا نرى المزيد منها ونتساءل هل هناك أسباب أخرى أو أن الكاتب يفقد الشغف في الكتابة أو أنه لا يجد الاهتمام الذي يحتاجه أو ربما كان سقف توقعاته عاليًا.

ما يحدث بعد معرض الكتاب من تراجع لدى الكاتب نفسه بحيث إنه لا يُروِّج لكتابه ولا يكون حاضراً في أغلب المعارض الدولية ولا يهتم بانتشار كتابه، ومن يقرأ كتابه، فهذا أمر يجب الوقوف عليه وإعادة النظر فيه كما لو أن هناك عائقا كبيرا يمنعه من مواصلة العمل على إيصال ذلك الكتاب لأكبر قدر ممكن والتعريف بنفسه بين الكتاب والناس في زمن أصبح الاهتمام بالكتاب قليلاً.

أحيانًا كثيرة أتساءل لماذا وأنا شاعرة وكاتبة لم أطبع ديواني إلى الآن؟ هل هناك مانع أو أنني انتظر الفرصة الملائمة والوقت المناسب؟ وهذا الأمر ينطبق على أغلب الكتاب والشعراء، فنحن نرى شعراء كثر دون توثيق ديوانهم الشعري الذي يحوي الكثير من كتاباتهم الشعرية التي يجب أن يطلع عليها القراء والشعراء وعامة الناس، فهل هناك تقصير من الجهات الرسمية في التواصل مع الكتاب والشعراء ودعم الكتاب والشعراء وتذليل الصعاب لهم لطبع دواوينهم الشعرية والأدبية؟ أم أننا ننتظر الشاعر بنفسه يجتهد في هذا الجانب؟ ألا توجد جهة مختصة لمتابعة أغلب الكتاب في السلطنة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لطبع كتبهم وتشجيعهم على المواصلة والاستمرار وعدم التوقف عن الكتابة؟

الحقيقة.. نعم هناك قصور واضح وعدم متابعة وعدم اهتمام بالأسماء الشعرية والأدبية البارزة في السلطنة وهنا اتحدث عن الأسماء البارزة التي اشتغلت كثيرا على تكوين اسم في الخليج العربي.

سينتهي معرض الكتاب وستُملأ الأرفف الكتب وستعود الإصدارات العُمانية حبيسة الأدراج لأنه لا يوجد تسويق، وسيشعر الكاتب بخيبة امل لأنه بالأساس لم يفكر مليًا بالأمر؛ حيث إنَّ همَّه كان إصدار ديوان أو كتاب ما، ولذا نتساءل جميعًا: ماذا بعد معرض الكتاب؟!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • فيديو نادر لجدة قبل 54 عامًا
  • الشرطة الفرنسية تقمع مظاهرة بمدينة نانت مناهضة لحملة الكراهية التي يقودها برونو روتايو
  • الشرطة الفرنسية تقمع مظاهرة بمدينة نانت مناهضة لحملة الكراهية التي يقودها بورنو روتايو
  • في أمسية الأهداف الستة.. معركة برشا- الانتر تنتهي بالتعادل وحسمها إياباً في إيطاليا
  • ماذا بعد معرض الكتاب؟!
  • في ظل التصعيد الخطير... مفتي سوريا يحرم إراقة الدم ويدعو إلى نبذ الكراهية
  • نادر كاظم يناقش التنوع الثقافي والهوية
  • هل نحتاج الكتاب اليوم؟
  • ناجي عيسى يبحث مع السفير التركي تسوية خطابات الضمان منذ 2011 ودور أنقرة في إعمار ليبيا
  • محاكمة امرأة بتهمة القذف وبث خطاب الكراهية بباتنة