لماذا تتجه مراكز البيانات إلى السعودية؟
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
ضمن فعاليات مؤتمر "ليب 2025" المقام حاليا بالسعودية، أعلنت "نيوم" عن تعاونها مع شركة "داتا فولت" (Datavolt) السعودية في صفقة تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار من أجل بناء مركز بيانات معزز بالذكاء الاصطناعي بقوة إجمالية تصل 1.5 غيغاوات، وذلك وفق وكالة الأنباء السعودية.
لا تعد صفقة "نيوم" أول استثمارات السعودية والشركات الغربية في قطاع مراكز البيانات، بل هي الأحدث في سلسلة من استثمارات واسعة المدى بهذا القطاع، وهي استثمارات تجعل السعودية محورا رئيسيا في قطاع مراكز البيانات بشكل عالمي.
حسب التقرير الذي أصدرته شركة "تويمبيت" (Twimbit) مطلع عام 2024، فإن السعودية كانت تملك 22 مركز بيانات فعالا في الفترة بين نهاية عام 2023 ومطلع عام 2024، مع توقعات بوصول عدد مراكز البيانات إلى 62 مركزا خلال الأعوام القادمة.
وقد شهد مؤتمر "ليب 2025" أيضا مجموعة أخرى من الإعلانات المتعلقة بمراكز البيانات في السعودية، وذلك إلى جانب إعلان نيوم، فقد أعلنت شركة "سيرفيس ناو" (Service Now) الأميركية نيتها إطلاق مجموعة من مراكز البيانات في السعودية بحلول عام 2026.
وإلى جانب ذلك، فإن شركة "زووم" (Zoom) الشهيرة بتقديمها منصة حلول الأعمال عن بعد وخدمات الاجتماعات عن بعد، أعلنت نيتها بناء عقدة معالجة في مركز "سينتر 3" (Center3) للبيانات الموجود بالسعودية، وذلك في خطوة منها لتعزيز أداء المنصة داخل المنطقة.
إعلانوكذلك، أعلنت "مايكروسوفت" بأنها أوشكت الانتهاء من بناء مراكز بيانات في 3 مواقع مختلفة بالمملكة، مع توقعات بإطلاق خدمات هذه المراكز بحلول عام 2026، فضلا عن استثمار "أمازون" أكثر من 5.3 مليارات دولار لبناء مراكز بيانات في السعودية أيضا من أجل تعزيز وجودها وأداء خدماتها بالمنطقة، وهو الاستثمار الذي تم الإعلان عنه مطلع العام الماضي.
ويمكن تتبع عديد من الشركات التي أعلنت نيتها بناء مراكز بيانات في السعودية أو الاستثمار في هذه المراكز والحصول على عقد بداخلها من أجل تعزيز خدماتها بالمنطقة، وهو الأمر الذي يؤكد سير السعودية في نهج التحول إلى منطقة جذب لمراكز البيانات العالمية مع وجود إقبال عالمي عليها من مختلف القطاعات، فلماذا هذا الإقبال؟
ظروف بيئية ملائمةفي العادة، تواجه مراكز البيانات الضخمة عدة تحديات بيئية كبرى تتسبب في مخاوف من المهتمين بالبيئة، ربما كان استهلاك الطاقة أبرزها، إلا أنها لا تقتصر عليه وتمتد إلى أثر مباشر على الحياة الطبيعية المحيطة بها بسبب الترددات والموجات الصادرة من الخوادم وحتى الحرارة الناتجة، وهو الأمر الذي يجعل البصمة الكربونية لمراكز البيانات مرتفعة.
تمثل هذه التحديات عوائق أمام الشركات التي تسعى لبناء مراكز بيانات في أوروبا أو الولايات المتحدة، وذلك بسبب البيئة الطبيعية الغنية بالغابات والمساحات الخضراء، وهو الأمر الذي لا تحظى به السعودية، ولهذا، فهي تمثل بيئة ملائمة للغاية لبناء مراكز البيانات.
بفضل البيئة الصحراوية القاسية مع المساحة الشاسعة للسعودية، فإن مراكز البيانات قد تبنى خارج نطاق المدن وبعيدا عن مناطق الحيوية، وبالتالي ينخفض أثرها البيئي السلبي بدرجة كبيرة حتى يصبح غير ملحوظ، وهو ما يسهل على الشركات توسيع حجم مراكز البيانات الخاصة بها ورفع قدراتها لتلائم المتطلبات العالمية.
إعلانكما أن السعودية تملك عدة منافذ طبيعية من أجل توليد الطاقة الكهربائية من دون وجود التحديات المعتادة، وذلك بسبب توافر الغاز الطبيعي والمواد البترولية التي يمكن استخدامها مباشرة من أجل توليد الطاقة الكهربائية للمراكز عبر المولدات الداخلية أو حتى عبر شراء الطاقة الكهربائية من خلال التوصيلات المعتادة.
إذ تصل تكلفة استهلاك الكهرباء في السعودية إلى 0.05 دولار لكل كيلووات مقارنة مع 0.18 دولار لكل كيلووات في أميركا، وذلك دون النظر إلى العروض والتسهيلات الحكومية التي تقدمها حكومة كل دولة للشركات التي تسعى لبناء مراكز البيانات، وحتى إن لم ترغب الشركة في توصيل الكهرباء بالطرق المعتادة، فبفضل الطبيعة الصحراوية وسطوع الشمس طوال اليوم، يمكن الاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية من أجل توليد الكهرباء اللازمة.
تيسيرات حكومية جمّةوضعت حكومة السعودية رؤية لتعزيز مكانة البلاد وتنويع مصادر دخلها بحلول عام 2030، وكان الاقتصاد الرقمي جزءا كبيرا من ضمن بنود هذه الرؤية، لذا، تسعى الحكومة السعودية لتيسير بناء مراكز البيانات وتوفير خدماتها بشكل كبير.
وتعد القوانين وأطر العمل الجديدة مثل قانون حماية البيانات الشخصية وإطار عمل الحوسبة السحابية مثالا بارزا على الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل تيسير عمل مراكز البيانات الموجودة داخل البلاد وجذب استثمارات جديدة بها.
أضف إلى ذلك تخفيضات الضرائب والأسعار المخفضة للطاقة الكهربائية مع تيسيرات الحصول على مساحات كبيرة من الأراضي بتكلفة منخفضة، وهي من الأمور التي تساهم في بناء مراكز بيانات أكبر حجما.
سوق متعطش لمراكز البياناتبفضل الموقع الجغرافي المميز للسعودية، فإنها تصل إلى البحر الأحمر بشكل مباشر عبر مدينة جدة والمناطق المحيطة بها، وهو ما يوفر لها وصولا مباشرا إلى 15 كابلا بحريا متنوعا للإنترنت، مما يتيح للشركات الاستفادة من قدرات هذه الكابلات البحرية بشكل كبير.
إعلانومع اهتمام حكومة السعودية بالنمو الرقمي والاقتصاد الرقمي داخل البلاد، أصبحت الحاجة ملحة إلى مراكز بيانات جديدة تلبي الطلب المتزايد، إذ تتوقع مؤسسة "رونالد بيرغر" (Roland Berger) أن الإنفاق والطلب على الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية ينمو بمعدل يتخطى 25% حتى عام 2030، وهو نمو تغطيه مراكز البيانات بالمملكة.
ماذا يستفيد المستخدم من مراكز البيانات في السعودية؟ربما يبدو الحديث عن مراكز البيانات في المملكة تجاريا أكثر من كونه مفيدا للمستخدم العادي، ولكن في الحقيقة، فإن أثره على تجربة الاستخدام اليومية للإنترنت والخدمات المختلفة المتعلقة بها ملموسة بشكل واضح.
بدءا من سرعة استخدام أكبر للمواقع التي تتم استضافتها داخل المملكة في مراكز البيانات هذه وحتى الخدمات والمنصات السحابية المستضافة فيها مثل "زووم" و"مايكروسوفت"، فإن الأثر سيكون واضحا للغاية.
ويمكن الشعور بهذا التحسن في بعض الشركات والخدمات التي أعلنت عن تفعيل مراكز البيانات الخاصة بها أو استخدامها لمراكز البيانات السعودية، إذ تبدو هذه الخدمات أسرع في الاستخدام بشكل مستمر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بیانات فی السعودیة مراکز البیانات فی لمراکز البیانات لبناء مراکز من أجل
إقرأ أيضاً:
ألمانيا تتجه نحو أكبر إنفاق دفاعي منذ الحرب الباردة لمواجهة التهديدات
قررت ألمانيا ضخ استثمارات ضخمة لتعزيز قدرات جيشها، في وقت تواجه فيه أوروبا تحديات أمنية، خاصة بعد ضغوط الإدارة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهو اتفاق قد يكون أكثر ملاءمة لموسكو من كييف، مما يدفع الدول الأوروبية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية.
وأعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن خطة تاريخية للاستثمار ضخمة بقيمة تصل إلى 600 مليار يورو، في الجيش الألماني، بمستويات لم تشهدها البلاد منذ الحرب الباردة، حيث أقرت حكومته تعديلًا دستوريًا يتيح توفير مليارات اليوروهات خارج القيود التقليدية للميزانية.
ووفقًا لتقديرات رسمية، فإن استمرار ألمانيا في إنفاق 3.5 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر المقبلة قد يصل بإجمالي الاستثمارات الدفاعية إلى 600 مليار يورو، ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا كبيرًا في سياستها العسكرية.
في إطار هذه التحولات، أجرت القوات الألمانية مؤخرًا مناورات عسكرية مشتركة مع خمسة من حلفاء الناتو في موقع غير معلن وسط البلاد، حيث حاكت التدريبات سيناريو هجوم من قبل "خصم أجنبي" على أحد أعضاء الحلف.
وأكد الجنرال الألماني هامرشتاين خلال التدريبات أن ألمانيا تتحمل مسؤولية كبيرة كدولة محورية في أوروبا، مشددًا على ضرورة تكثيف الجهود العسكرية لمواجهة أي تهديدات محتملة.
وأنهى الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شباط / فبراير 2022 كان لحظة فاصلة، الاعتقاد بأن القارة الأوروبية في مأمن من الحروب الكبرى، وأطلقت الحكومة الألمانية آنذاك ما يعرف بـ "Zeitenwende"، أو "نقطة التحول"، في إشارة إلى بدء عهد جديد من الإنفاق العسكري المكثف.
وقد أعلن المستشار السابق أولاف شولتز عن إنشاء صندوق استثنائي بقيمة 100 مليار يورو لإعادة بناء الجيش الألماني، لكنه واجه عقبات بيروقراطية وخلافات داخل الحكومة، ما أدى في النهاية إلى فقدانه لمنصبه.
على مدار العقود الماضية، شهدت ميزانية الدفاع الألمانية تقلبات حادة، حيث بلغت ذروتها عند 4.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 1963، قبل أن تتراجع إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق عام 2005 عند 1.1 بالمئة فقط. لكن في عام 2024، تجاوزت ألمانيا للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عامًا الحد الأدنى الذي يفرضه الناتو على إنفاق الدفاع، والبالغ 2 بالمئة من الناتج المحلي، في خطوة تعكس التزامها الجديد بتعزيز قدراتها العسكرية.
مع هذه الاستثمارات الضخمة، تضع ألمانيا نفسها على طريق جديد يجعلها قوة عسكرية أكثر تأثيرًا في أوروبا، ليس فقط لحماية أمنها القومي، بل أيضًا لدعم استقرار القارة في مواجهة التهديدات المتصاعدة.