العراق مضطر لاستقبال سجناء داعش رغم أزمة السجون الخانقة
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
17 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: يترقب العراق مرحلة حساسة من التعامل مع إرث الصراعات التي خلفها تنظيم داعش، حيث يجد نفسه أمام معضلة إعادة استيعاب السجناء العراقيين المنتمين إلى التنظيم، والذين كانوا محتجزين في سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق سوريا.
و تأتي الخطوة ضمن إطار ترتيبات دولية وإقليمية تهدف إلى تفكيك تلك السجون التي تمثل عبئًا سياسيًا وأمنيًا على المنطقة.
و أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال لقائه مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان بأول، أن العراق بدأ فعليًا باستقبال دفعات من هؤلاء المعتقلين ونقلهم إلى السجون العراقية. وتشير المعلومات إلى أن بغداد ستستلم نحو ألفي سجين من سجون قسد، ضمن خطة أوسع لإعادة العراقيين المحتجزين في سوريا، سواء كانوا من عوائل التنظيم أو مقاتليه.
و يشكل هذا التطور تحديًا مزدوجًا للسلطات العراقية، فمن جهة تسعى بغداد إلى تخفيف الاكتظاظ في سجونها عبر قانون العفو العام، ومن جهة أخرى تجد نفسها ملزمة باستقبال آلاف السجناء الجدد.
و يبلغ عدد نزلاء السجون العراقية حاليًا نحو 65 ألف سجين، رغم أن طاقتها الاستيعابية لا تتجاوز 20 ألفًا، أي أن نسبة الاكتظاظ تصل إلى 300%. ورغم مرور تسع سنوات على إقرار قانون العفو العام لعام 2016، لم يخرج منه سوى عشرة آلاف سجين، بمعدل سنوي لا يتجاوز ألف سجين، وهو معدل متواضع مقارنة بأعداد السجناء الجدد الذين سيدخلون المنظومة.
و يثير هذا الواقع تساؤلات حول قدرة العراق على استيعاب هؤلاء المعتقلين أمنيًا وقضائيًا، خاصة أن معظمهم لم يخضع لمحاكمات عراقية، بل حوكموا في محاكم أقامتها قسد، وهي جهة غير معترف بها دوليًا كسلطة شرعية.
و تعني إعادة المحاكمة في العراق، أحد احتمالين: إما إصدار أحكام بالإعدام، خاصة أن بعضهم لم تصدر بحقهم أحكام إعدام في سجون قسد، أو الإفراج عنهم في حال عدم توفر أدلة قانونية كافية لإدانتهم، مما قد يؤدي إلى جدل واسع حول مدى إمكانية شمولهم بقانون العفو العام.
و لا تقتصر التحديات على البعد القانوني فقط، بل تمتد إلى الجانب الأمني والاجتماعي، حيث يخشى البعض من أن تتحول بعض السجون العراقية إلى مراكز لإعادة تجنيد وتعبئة هؤلاء السجناء، أو أن يؤدي إطلاق سراحهم إلى تعزيز بيئة حاضنة للفكر المتطرف في بعض المناطق. في المقابل، ثمة رأي يرى أن بقاء هؤلاء المعتقلين في سجون قسد يشكل خطرًا مستقبليًا، إذ يمكن أن يتم تهريبهم أو استغلال وجودهم كورقة تفاوضية في الصراعات الإقليمية.
و تمثل هذه الخطوة اختبارًا جديدًا لقدرة الدولة العراقية على التعامل مع ملف معقد تتداخل فيه الأبعاد الأمنية والسياسية والقانونية، خاصة في ظل ضغوط داخلية وخارجية للتعامل مع ملف المعتقلين من داعش وفق معايير عادلة ومنصفة، لكن دون المساس بالأمن القومي أو إشعال توترات جديدة قد تعيد إنتاج الأزمة بشكل آخر.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی سجون
إقرأ أيضاً:
الباعة الإلكترونيون في العراق بين فرص النمو وتهديد الإغلاق
24 مارس، 2025
بغداد/المسلة: أصدر مجلس الوزراء العراقي قرارًا جديدًا يقضي بتنظيم قطاع التجارة الإلكترونية، مما يفرض على جميع الممارسين لهذا النشاط الحصول على إجازة رسمية من وزارة التجارة، في خطوة تهدف إلى تقنين القطاع وضمان حقوق المستهلكين.
لكن هذا القرار أثار جدلًا واسعًا بين رواد الأعمال وأصحاب المتاجر الإلكترونية، الذين يخشون أن يؤدي إلى فرض قيود بيروقراطية تعرقل نشاطهم بدلًا من دعمه.
أحدث القرار ردود فعل متباينة في أوساط التجار الإلكترونيين، إذ اعتبره البعض خطوة ضرورية لحماية السوق من التلاعب والاحتيال، بينما يرى آخرون أنه يضيف أعباءً إدارية ومالية على المشاريع الناشئة.
وقال علي تحسين، صاحب متجر إلكتروني في بغداد، إن “الإجراءات الجديدة قد تعيق صغار الباعة الذين لا يملكون القدرة على تلبية المتطلبات الرسمية”، متسائلًا فيما إذا كانت التراخيص ستتحول إلى باب جديد للبيروقراطية والمراجعات المعقدة.
وأكد مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، أن هذا النظام يهدف إلى تنظيم التعاملات الرقمية وضمان حقوق جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن تسجيل المتاجر الإلكترونية يمنحها حماية قانونية ويتيح للمستهلكين التعامل بثقة. وأوضح أن النظام سيساعد على ضبط التعاملات المالية ضمن السعر الرسمي للصرف، مما يحد من المخاطر المرتبطة بالسوق السوداء.
شهدت التجارة الإلكترونية في العراق ازدهارًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث يقدر حجم السوق بأكثر من 3 مليارات دولار سنويًا، مع تسجيل ما بين 500 إلى 600 ألف طلب يوميًا، وفق بيانات 2020.
ويرى خبراء أن هذه الأرقام قد تكون قد ارتفعت مع زيادة الاعتماد على التطبيقات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي للبيع والشراء.
يرى متخصصون أن التحدي الأبرز الذي يواجه النظام الجديد يتمثل في غياب البنية التحتية الرقمية القادرة على استيعاب تنظيم قطاع بهذا الحجم.
وأوضح عمار داوود، خبير الاتصالات، أن العراق لا يمتلك بعد منظومة متكاملة لرقابة وتنظيم التجارة الإلكترونية، خصوصًا أن هذا النشاط يمتد عبر منصات غير عراقية مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، مما يجعل فرض القوانين أمرًا صعبًا في الوقت الراهن.
واعتبر بعض التجار أن فرض التراخيص والمتطلبات الجديدة قد يكون عائقًا أمام المشاريع الناشئة بدلًا من تشجيعها، خاصة أن معظم هذه المشاريع قائمة على جهود فردية أو عائلية صغيرة.
وقال سالم الشمري، صاحب عدة متاجر إلكترونية، إن القرار يمثل تقييدًا للباعة بدلًا من تمكينهم، مشيرًا إلى أن الأولوية يجب أن تكون لتوفير بيئة رقمية داعمة بدلًا من فرض رسوم وإجراءات إضافية.
أثارت هذه القرارات تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تطبيق النظام الجديد، خصوصًا في ظل غياب منصة مركزية موحدة للإشراف على التجارة الإلكترونية وعدم وضوح الجهات المسؤولة عن متابعة الالتزام. ويرى الباحث القانوني بلال الزبيدي أن نجاح النظام يعتمد على كيفية تطبيقه، مشيرًا إلى أن التشريعات وحدها لا تكفي ما لم تكن مصحوبة بآليات تنفيذية واضحة وفعالة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts