عندما تطرق أسماعنا كلمة "عبادة" فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الصلاة والصيام والزكاة، وغيرها من الفرائض، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير ثوابها، إلا أن هناك عبادات أصبحت خفية ـ ربما لغفلة كثير من الناس عنها - وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيرا من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة "جبر الخواطر".
إن جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس، وعظمة قلب، وسلامة صدر، ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاصا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، لذا يقول الإمام سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".
ومما يعطي هذا العبادة جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو اسم الله "الجبار" وهذا الاسم بمعناه الرائع يطمئن القلب ويريح النفس فهو سبحانه الذِي يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان، فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق. وطلب الجبر من الله كان من دعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني". (سنن الترمذي).
وجبر الخواطر هى عبادة يسيرة، ليس شرطا أن تبذل فيها مالا، أوجهدا، فيمكن أن تتحقق بابتسامة، بمسحة على رأس يتيم، بتواضع مع الغير ورفع الحرج عنهم،.. وهكذا "جبر الخواطر" من أعظم العبادات، لذا كان من ثواب فاعلها أن يكافئه الله عز وجل بجبر خاطره، ويكفيه شر المخاطر.
وقد حثنا الإسلام على التنافسِ في الخيرات والتسابق إلى فعلِ الطاعات والقربات، وقد تضافرت نصوص كثيرة مِن القرآن والسنة في هذ الشأن، قال تعالي: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (آل عمران: 133)، وقالَ سبحانَهُ: " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الحديد: 21)، ومدحَ الله تعالى أنبياءه بهذه الصفة الحميدة فقالَ: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الأنبياء:90) وقال بعدما مدح المتصفين بالأعمال الصالحة مِن عباده الصالحين: "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" (المؤمنون: 61)، وأمرنا بذلك فقال: "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ" (البقرة 148)، وقال: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" (المطففين: 26). وقال: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (الواقعة:10- 12).
قال ابن القيمِ - رحمه الله -: السَّابِقُونَ في الدُّنْيا إلى الخَيْراتِ هُمْ السَّابِقُونَ يومَ القَيامةِ إلى الجنَّاتِ"، فسارع أخى الكريم إلى الخيرات وبادر إلى الطاعات: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المزمل: 20).
والمسابقة فى الخيرات، كانت من أخلاق سيد الخلق سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الأبرار، وربما يأتيك الخير لأنك تمنيته للغير، وإن إطعام الطعام من أعظم أبواب الخير، ومن الأقوال الشائعة: "لقمة فى فم جائع خير من بناء جامع"، وخاصة فى وقت الأزمات الاقتصادية وصعوبة المعيشة على الفقراء.
أسألك سبحانك أن تجعلنا من السابقين فى الخيرات فى الدنيا ومن السابقين إلى الجنات فى الآخرة، واجبر خاطرنا فى الدنيا والآخرة.. اللهم آمين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مقالات إبراهيم نصر جبر الخواطر
إقرأ أيضاً:
روتين مجدي يعقوب للعمر الطويل والقلب السليم.. 4 أسرار خفية في يومه
حقق الدكتور مجدي يعقوب إنجازًا جديدًا، في مجال أمراض وأبحاث القلب، لينال ابتكاره ضجة كبيرة، ويصبح حديث الصحف العربية والعالمية، بعدما نجح في ابتكار صمامات حية للقلب تنمو داخل جسد المريض، لأول مرة في هذا التخصص، ليضيف إنجازًا مهما للبشرية.
وكشف الدكتور مجدي يعقوب أستاذ جراحة القلب والصدر، بالمعهد الوطني للقلب والرئة بكلية كوليدج بلندن، ومؤسس الصرح الطبي الكبير «مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب» بمدينة أسوان، روتينه اليومي للحفاظ على العمر الطويل والقلب السليم، إذ يتضمن مجموعة من العادات المهمة، التي ينصح باتباعها.
الروتين اليومي للدكتور مجدي يعقوبكشف مجدي يعقوب في حوار سابق، مع الإعلامية لميس الحديدي، ببرنامج «كلمة أخيرة» على قناة «أون»، روتينه اليومي للعمر الطويل، وكذلك الحفاظ صحة القلب، موضحا مجموعة من الأسرار اليومية، أهمها الابتعاد عن النوم الطويل، لأنه عادة غير صحية، ويرجع ذلك إلى وجود سوائل حول النخاع الشوكي والمخ، تتوقف عن حركة دورانها وقت النوم، وعند الاستيقاظ تبدأ من جديد، لذا من المهم النوم عدد ساعات مناسبة لراحة الجسم فقط.
الاستيقاظ في منتصف الليليساعد الاستيقاظ خلال الليل لمدة نصف ساعة، إلى الحفاظ على صحة المخ والنخاع الشوكي، ويصبح جسد الإنسان في صحة جيدة تمامًا.
المشي وممارسة بعض التمارين الرياضيةالمشي وممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة، والابتعاد عن أي حركات عنيفة، لأن ذلك يساعد على الحفاظ على صحة القلب، وفي حالة عدم القدرة على ممارسة التمارين، يمكن الاكتفاء بالمشي يوميًا، إذ كشف «يعقوب» من قبل، خلال تصريحات على هامش حصوله على إحدى الجوائز، أنه يسير 8 آلاف خطوة يوميا.
تناول الطعام الصحيتناول الطعام الصحي من أهم النصائح التي يجب اتباعها، للحفاظ على العمر الطويل والقلب السليم.