صرحت الأستاذ الأكاديمي المشارك في قسم اللغة العربية بجامعة الذيد الدكتورة موزة محمد بن خادم المنصوري، أن اللغة العربية تعتبر أهم أعمدة بناء الشخصية العربية والإماراتية، وعلينا أن نكرم لغتنا وننزلها مكانها الأليق الذي تستحقه، ونسعى جاهدين على نشرها وإتقانها ودراستها والتمسك بها، وهي تعتبر من أهم اللغات في العالم، فهي عنوان هويتنا، وهي أفصح لغات التخاطب بين الناس وأكثرها تأدية للمعاني، حيث تمتاز بخصائص فريدة يندر وجودها في لغات أخرى مثل: الانتظام الصوتي، والعلاقة بين طريقة كتابتها ونطقها.

وبمناسبة اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف في 21 فبراير (شباط)  حاور موقع 24 الدكتورة موزة المنصوري، حيث أكدت أنه كان لها شرف المشاركة في تصميم وتنفيذ أول مناهج دراسية خاصة باللغة العربية في الإمارات، موضحة أنه بفضل دعم وتشجيع ومتابعة قيادتنا الرشيدة، تم تصميم مناهج اللغة العربية من قبل خبراء ومختصين في تصميم مناهج اللغة العربية.

وتالياً نص الحوار:
كعضو تأليف وإعداد الكتب الوطنية الدراسية لمادة اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم سابقاً، ما رأيلك بمناهج اللغة العربية الوزارية لطلبة المدارس في الإمارات؟
تمثل اللغة العربية أهم أعمدة بناء الشخصية العربية والإماراتية، وهي عنوان هويتها وصمام الأمان لبقاء أجيالنا القادمة؛ لذا كان التركيز عليها من قبل حكومة الإمارات في المراحل الدراسية المختلفة.
وكان لي شرف المشاركة في تصميم وتنفيذ أول مناهج دراسية خاصة باللغة العربية في الإمارات، ولله الحمد والمنة وبفضل دعم وتشجيع ومتابعة قيادتنا الرشيدة، تم تصميم مناهج اللغة العربية من قبل خبراء ومختصين في تصميم مناهج اللغة العربية. واستغرق بناء وتطبيق هذه المناهج 3 سنوات، وفي كل سنة كانت تقدم للميدان التربوي الدفعة الأولى من كل مرحلة دراسية، بعد مراجعتها وتقييمها من قبل العاملين في الميدان مثل: المعلمين والموجهين وإدارات المدارس وأولياء الأمور، ولله الحمد كان هناك رضا وقبول لهذه المناهج من الميدان والمجتمع.
وركزت هذه المناهج على بناء المهارات الأساسية في اللغة العربية وهي: القراءة والكتابة والاستماع والتحدث، وتعزيزها لدى الطالب من خلال التدريبات المتنوعة، مع تقديم موضوعات متنوعة تتعلق بالوطن الإمارات وتاريخ الأجداد وتمثل بطولات الأمة العربية والإسلامية مع الانفتاح على ثقافات عالمية، كل ذلك في قوالب نثرية وشعرية وأدب راق يسمو بذائقة الطالب ويزيد من محصوله اللغوي والمعرفي والمهاري.
حصلتِ على درجة الدكتوراه بالفلسفة في اللغة العربية وآدابها، لماذا اخترت الفلسفة تحديدا، وما أهم التحديات التي واجهتك في إنجاز الرسالة؟
درجة الدكتوراه هي أعلى درجة علمية يمكن أن يتحصل عليها طالب العلم؛ ولأنها تخصصية في علم من العلوم الإنسانية تسمى الدكتوراه في فلسفة علم من العلوم، حيث تعبر عن توجه الباحث وإضافته العلمية في هذا العلم.

أما أطروحتي التي تقدمت بها لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الشارقة، فقد كانت بعنوان " توظيف التراث الثقافي في الشعر الإماراتي المعاصر" والتي ناقشت دراسة الشعر الإماراتي المعاصر الذي مثل حلقة وصل بين الواقع وقضاياه وبين المنجز التراثي من خلال تطور علاقة الشاعر بتراثه، فكل ما تشربه الشاعر من معارف وقيم وعادات وتقاليد تظهر بوصفها قيمة فاعلة في إبداعه الشعري، لذا حقق هذا الاتصال قدراً من التطور والنضج والجمال للنص الشعري، واكتسب خصوصية في الرؤية الفكرية واللغة الشعرية والمعالجة الفنية، من خلال تفاعلها مع المجتمع المحلي والتراث الإنساني.  وأظهرت نتائج الدراسة دور التراث الثقافي، في توجيه دلالات النص الشعري في تجربة الشاعر الإماراتي المعاصر، من خلال المثيرات البصرية التي تفعل الدفقة الشعرية وتغلفها بالطابع الدرامي في تلوين الحركات النصية ودلالاتها في النص الشعري، مما يؤدي إلى تنامي حركته الجمالية، كما أوجد توظيف التراث تفاعلاً متبادلاً بين النص التراثي والنص الشعري فأنتج حوارية بين الماضي والحاضر، وألبس قصائد الشعراء نبعاً غنياً ممتزجاً بروح التراث.
ومن الصعوبات التي واجهت الدراسة، وإن كنت لا أعدها صعوبات بل هي محفزات، كثرة المنتج الشعري الإماراتي وتوسع مدارسه ومذاهبه وطرقه، فقد شملت الدراسة تطور الشعر الإماراتي المعاصر على مدار 40 سنة، وهذه الفترة الطويلة قدم خلالها الشاعر الإماراتي نماذج عديدة من صور توظيف التراث الثقافي بشتى أنماطه وصوره.
كيف يمكن أن نعالج ضعف الكثير من أبنائنا بلغتهم الأم، أين يكمن الخلل، وما سبب هذا الضعف برأيك؟
اللغة العربية من أهم اللغات في العالم، وهي عنوان هويتنا، وهي أفصح لغات التخاطب بين الناس وأكثرها تأدية للمعاني، حيث تمتاز بخصائص فريدة يندر وجودها في لغات أخرى مثل: الانتظام الصوتي، والعلاقة بين طريقة كتابتها ونطقها. لذلك فإن حديثنا عن ضعف الطلبة في اللغة العربية، قد لا ينسجم مع القدرات والمؤهلات التي تزخر بها هذه اللغة المتفردة بين اللغات، فالضعف ليس في اللغة ولكن في طريقة عرضها على الطلبة في جميع المراحل، حيث تركز طرق تدريس اللغة العربية على الجانب النظري والقواعدي أكثر من التركيز على الجانب الوظيفي والتقني. واستفاد تعليم اللغة العربية من الذكاء الاصطناعي من خلال ظهور برامج ومنصات تعليمية للغة العربية، كما استفاد المعلمون في إبداع برامج تعليمية، وتوفير مصادره القيمة واستغلال أوقاتهم مما يسهل العملية التعليمية. كما لا يخفى علينا جميعاً سطوة اللغات الأجنبية على اللغة العربية، مما جعلها غريبة بين أهلها، لذا يجب علينا أن نكرم لغتنا وننزلها مكانها الأليق الذي تستحقه، ونسعى جاهدين على نشرها وإتقانها ودراستها والتمسك بها.

صدر لك كتاب "توظيف التراث الثقافي في الشعر الإماراتي المعاصر" عام 2023، على ماذا ركزت في هذا الكتاب وكيف انطلقت فكرته لديك؟
صدر الكتاب عن دائرة الثقافة بالشارقة في عام 2023 م، ونال استحساناً من قبل الأكاديمين والمهتمين بالشعر الإماراتي المعاصر والتراث الثقافي، وأظهر الكتاب قدرة الشعر الإماراتي على تمثل الماضي والاحتفاء به، مع مسايرة العصر ومعطياته وقضاياه، حيث عدّ الشاعر الإماراتي التراث مصدرًا من مصادر المعرفة والثقافة والإلهام، لذا وظفه في تجربته الشعرية برؤى جديدة وصياغة عصرية مختلفة، فتحول التراث عنده  إلى أداة من أدوات التعبير متجاوزًا مرحلة التعبير بالتراث إلى مرحلة التوظيف، من خلال علاقة احتواء وإدراك ناضج للمعنى الإنساني، والقيمة الكلية للعنصر التراثي. وتناول الشاعر المعاصر تجربته الشعرية ناهلاً من تراثه المحلي والعربي والإنساني، ومستثمراً رموزه وإيحاءاته، ومبرهناً على تواصل الحاضر بالماضي تواصلاً يمكنه من فهم ذاته وسبر مشكلات الحاضر واستشراف المستقبل، فكانت القيم التراثية الإشعاع المتجدد الذي كشف للشاعر جوهر الحقائق وفلسفتها.
واتسمت تجارب الشعراء الإماراتيين بتوظيف التراث بكل معطياته وعناصره توظيفًا فنيًا، أسهم في إثراء التجربة الشعرية المعاصرة في الإمارات، حيث مثل المصدر التاريخي أهم المصادر التراثية التي استقى منها الشاعر دلالاته، وظهر في فكره وفلسفته ورؤية للحياه والناس والكون، إن استيعاب الشعراء المعاصرين للتراث بأشكاله وصوره ومصادره، وتوظيفه في النص الشعري سمة بارزة من سمات الشعر الإماراتي المعاصر، حيث عمل التوظيف على إكساب النص الشعري البعد التاريخي والحضاري والفني المعاصر، حين دخل الشاعر الإماراتي المعاصر في مضامين جديدة، محاولاً التعبير عن صوته الخاص، وفكره المعبر عن رؤاه وفلسفته، بما يتوافق مع همومه وقضاياه، من أجل ربط تجربته بتجربة إنسانية سابقة، ومنحها دلالات معاصرة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الشاعر الإماراتی اللغة العربیة من التراث الثقافی توظیف التراث فی الإمارات النص الشعری فی اللغة فی تصمیم من خلال توظیف ا من قبل

إقرأ أيضاً:

ترامب والطغيان المعاصر بين خيارَينِ: يزيديين وكربلاء جديدة

شاهر أحمد عمير

منذ وصوله إلى السلطة، أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من التوترات والصراعات الدولية، معتمدًا على سياسة استعلائية تدفع به إلى قمة الطغيان والغطرسة. بدا كأنه قد تجرد من أي حس إنساني أَو أخلاقي، متجاوزًا المعايير الدولية، ومُفجِّرًا أزمات جديدة في الشرق الأوسط والعالم بأسره. لقد أصبح ترامب، بقراراته الظالمة، رمزًا لاستكبار العصر، حَيثُ اتخذ من الطرد والتشريد وسيلة لتحقيق مصالحه وأهدافه، دون أدنى اعتبار للشعوب أَو حقوق الإنسان.

ما يجري هو أن ترامب قد وصل إلى قمة الطغيان والغطرسة حتى أنه أباح لنفسه طرد الشعوب من أراضيها. لقد وضع الأُمَّــة العربية والإسلامية أمام خيارين يزيديين: إما الذلة أَو السلة. هذا الخيار القاسي لا مكان فيه للحرية أَو العزة، فكما وقع في معركة كربلاء، لا خيار آخر بين الحق والباطل سوى المواجهة أَو الخنوع. ولا يمكن أن نطلق على هذا الخيار “وسطية” بأي حال من الأحوال، بل هو اختيار مرير يعكس القمع والاستبداد بكل أشكاله.

لكن، لنستذكر الخيار الذي فرضه يزيد بن معاوية على الإمام الحسين عليه السلام ورفاقه في كربلاء. كان الخيار الذي عرضه يزيد على الإمام الحسين إمّا أن يبايع له ويدخل في طاعته، أَو أن يُقتل هو وأتباعه. كان هذا الخيار، مثل الخيارات التي نواجهها اليوم، خيارًا محصورًا بين الخضوع للظلم أَو الوقوف في وجهه. اختار الإمام الحسين عليه السلام أن يكون في معركة الحق، مواجهة الطغيان والفساد، مُفضِّلًا الشهادة على الذلة. فقد كان الإمام الحسين يعرف تمامًا أن الذل لا يطاق وأن الخنوع لا يكون إلا عارًا.

وبينما يسير العالم نحو مفترق طرق، نجد أن الأُمَّــة العربية والإسلامية قد وُضِعَت أمام خيارين قاسيين لا ثالث لهما، مشابهين للخيارين الذي فرضهما يزيد بن معاوية على أهل كربلاء، فاختاروا الشهادة على الذلة. وإن كانت معادلة ترامب اليوم لا تحمل صراعًا بين دينين، فهي تحمل ذات المبدأ الطاغي: إما الاستسلام والذل أَو المقاومة والعزة. وأيًّا كان الخيار الذي سنختاره، يبقى أن الأُمَّــة الإسلامية قد وضعت في موقف لا يمكن أن نطلق عليه “الوسطية” كما يُروَّج له، بل هو خيار قاسٍ وحاد يعكس القمع والاحتلال بكل أشكاله.

وإذا تأملنا هذه المعادلة نجد أن الأُمَّــة أمام اختبار تاريخي، يشبه إلى حَــدّ بعيد معركة كربلاء، حَيثُ تُجَسد فيها التحديات، وتُرفع راية المقاومة في وجه الظلم والطغيان. إن ما يحدث في ظل سياسة ترامب لا يختلف كَثيرًا عن الكربلاء التي كانت تمثل تحديًا حقيقيًّا لمبادئ الحق والعدالة، أمام الاستبداد والفساد، وأصبحت تلك المعركة درسًا للأجيال في كيفية مقاومة الطغيان مهما بلغت قوته.

اليوم، كما في الأمس، أصبحنا في مواجهة مع طغيان جديد، ولكن هذه المرة الطغيان قد جاء بتقنيات معاصرة وأدوات أكثر تطورًا، حَيثُ يتم تبرير الظلم تحت مسميات مختلفة مثل “الأمن القومي” و”حماية المصالح”. في حين أن الحقيقة المؤلمة هي أن ترامب، ومن معه، لا يهتمون سوى بمصالحهم الخَاصَّة وتوسيع نفوذهم على حساب الشعوب المظلومة. إلا أن هذه السياسات التدميرية، وإن كانت تخلق فوضى في البداية، لن تدوم طويلًا؛ لأَنَّ إرادَة الشعوب الحرة لا يمكن أن تُقهر مهما تعرضت للضغط والظلم.

إن ما نراه اليوم هو بداية لملحمة كربلائية جديدة، حَيثُ تقف الأُمَّــة الإسلامية أمام اختبار مهم: إما الاستمرار في السير على درب المقاومة كما فعلت أجيالنا السابقة، أَو الخنوع والاستسلام. وفي ظل هذا الوضع، لا يمكننا أن نتخلى عن التمسك بمبادئنا وإرثنا النضالي، فالمصير الذي نعيشه اليوم ليس أكثر من حلقة في سلسلة طويلة من معارك الحق ضد الباطل.

المصير الذي ينتظرنا يعتمد على موقفنا من هذا الطغيان المُستمرّ، وما إذَا كنا سنقف صفًا واحدًا في وجه هذا العدوان، أَو سنسمح للظلم بأن يمر دون أن نواجهه. لكن الحقيقة الثابتة هي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقود هذا الصراع، وأنه كما كان في كربلاء، فَــإنَّ النصر سيكون حليف المظلومين، مهما كان حجم التضحيات.

الواجب الآن هو أن نقف معًا، بكل ما نملك من قوة وحق، وأن نرفض الذل والتفرقة، وأن نبذل كُـلّ الجهود لتحقيق نصرٍ جديد للأُمَّـة. علينا أن نتذكر دائمًا أن الله سبحانه وتعالى هو القادر على تحويل الطغيان إلى هزيمة، وأن النصر لا يأتي إلا بتمسكنا بمبادئنا وقيمنا الأصيلة.

مقالات مشابهة

  • مجمع اللغة العربية يسلم جائزة الدكتور حسني سبح في العلوم الصحية للدكتورين لمى يوسف ومحمد بشار عزت
  • "الإيسيسكو" تصدر تقرير حالة تعليم اللغة العربية في العالم
  • مكتبة الإسكندرية ومركز أبوظبي يتعاونان لخدمة اللغة العربية
  • الدكتورة هبة النجار: الرزق ليس مالا فقط وإنما هناك نعم خفية
  • ترامب والطغيان المعاصر بين خيارَينِ: يزيديين وكربلاء جديدة
  • «التعليم»: بدء تدريب معلمي اللغة العربية ابتدائي على منصة التطوير المهني
  • جامعة قناة السويس تفتتح فعاليات المؤتمر العلمي الثاني لمركز دراسات اللغة العربية والترجمة
  • “ميسترال” تطلق نموذج ذكاء اصطناعي يركز على اللغة والثقافة العربية
  • شركة ذكاء اصطناعي فرنسية تطلق نموذجاً يركز على اللغة والثقافة العربية