تحديات وفرص مفوض الاتحاد الأفريقي الجديد: قراءة في التحديات الراهنة

محمد تورشين *

يعد انتخاب السيد محمود علي يوسف مفوضًا للاتحاد الإفريقي خلفًا للمفوض السابق موسى فكي محمد خطوة مهمة من شأنها أن تساهم في استمرارية بناء هياكل الاتحاد الإفريقي، بما في ذلك اختيار ممثليه في المواقع الحيوية، مثل مفوضية الاتحاد الإفريقي، وأعضاء مجلس السلم والأمن الإفريقي للفترة القادمة، بالإضافة إلى الأجهزة الأخرى ذات التأثير المباشر على صنع القرار داخل الاتحاد.

إن اختيار وزير الخارجية الجيبوتي السابق لهذا المنصب يحمل دلالات هامة، إذ يُمثل انتصارًا للدول الناطقة بالعربية والفرنسية داخل الاتحاد الإفريقي. فرغم صغر حجم جيبوتي، إلا أن دورها الدبلوماسي يظل حاضرًا في العديد من الملفات الإفريقية، لا سيما تلك المتعلقة بمنطقة القرن الإفريقي. كما أن العلاقة بين المفوض الجديد وممثلي الجزائر في الاتحاد الإفريقي قد تفتح الباب أمام تعاون في معالجة العديد من القضايا، رغم ما قد يواجهه من تحديات كبرى.

التحديات الرئيسية أمام القيادة الجديدة

يمكن تلخيص أبرز التحديات التي ستواجه المفوض الجديد في ثلاث قضايا رئيسية:

قضية التمويل والاستقلالية المالية للاتحاد الإفريقي

رغم أن القارة الإفريقية تُعد من أغنى القارات من حيث الموارد الطبيعية، إلا أن مؤسسات الاتحاد الإفريقي تعاني من شُح التمويل، مما يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية من قوى إقليمية ودولية تؤثر على قراراته. فعلى سبيل المثال، تلعب بعض الدول، مثل الإمارات، دورًا في النزاعات القائمة في السودان وليبيا، وهو ما ينعكس على مصداقية الاتحاد الإفريقي. وبالتالي، على القيادة الجديدة التركيز على تعزيز مساهمات الدول الأعضاء في ميزانية الاتحاد لضمان استقلالية قراراته.

النزاعات المسلحة وغياب دور الاتحاد الإفريقي في حل الأزمات النزاع في السودان دخل عامه الثالث، ومع ذلك لم يكن للاتحاد الإفريقي دور فعال في حل الأزمة، حيث ظل السودان معلق العضوية دون تحرك جاد لاستعادة استقراره السياسي. كذلك، في شرق الكونغو الديمقراطية، لم تتمكن قوات الاتحاد الإفريقي من توفير الأمن أو حماية المدنيين بشكل كافٍ، مما يعكس ضعف دور الاتحاد في حل النزاعات الكبرى. من الضروري أن تعمل القيادة الجديدة على إعادة تفعيل دور الاتحاد الإفريقي في حل النزاعات من خلال التنسيق مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين لضمان تقديم الدعم الإنساني والاستجابة للأزمات بفاعلية. استعادة عضوية الدول المجمدة في الاتحاد الأفريقي

شهد الاتحاد الإفريقي خلال السنوات الأخيرة تجميد عضوية عدة دول نتيجة لانقلابات عسكرية وأزمات سياسية. وعليه، سيكون أمام المفوض الجديد تحدٍّ كبير في التفاوض مع هذه الدول لإعادة دمجها في الاتحاد، وذلك عبر مسار سياسي متوازن يراعي مصالح جميع الأطراف.

أفريقيا بين التحديات الدولية وفرص الشراكات الاقتصادية

في ظل التنافس الدولي على النفوذ في إفريقيا، تواجه القارة تحديات متزايدة تتطلب موقفًا موحدًا:

التدخلات الأمريكية في السياسات الإفريقية، لا سيما عبر فرض العقوبات أو تقليص المساعدات لبعض الدول مثل جنوب إفريقيا، مما يتطلب موقفًا إفريقيًا مشتركًا لمواجهة هذه التحديات. ضرورة تنويع الشراكات الاقتصادية مع قوى عالمية مثل الصين، روسيا، والهند لضمان تحقيق تنمية متوازنة بعيدًا عن الاعتماد المفرط على القوى الغربية. إعادة النظر في دور الاتحاد الأوروبي في القارة الإفريقية، بحيث يكون التعاون قائمًا على الندية والمصالح المشتركة وليس على الإملاءات السياسية والاقتصادية. ختامًا

إن المرحلة المقبلة ستشكل اختبارًا حقيقيًا لقيادة محمود علي يوسف في مفوضية الاتحاد الإفريقي، حيث يتعين عليه التعامل مع تحديات التمويل، وحل النزاعات، واستعادة عضوية الدول المجمدة، بالإضافة إلى تعزيز دور إفريقيا في الساحة الدولية. فهل سينجح في تجاوز هذه العقبات وتحقيق نهضة حقيقية للاتحاد الإفريقي؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

* باحث وكاتب سوداني متخصص في الشؤون المحلية والقضايا الأفريقية

الوسومأفريقيا الاتحاد الأفريقي الاتحاد الأوروبي السودان الصين الكونغو الديمقراطية الهند روسيا محمد تورشين محمود علي يوسف مفوضية الاتحاد الأفريقي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أفريقيا الاتحاد الأفريقي الاتحاد الأوروبي السودان الصين الكونغو الديمقراطية الهند روسيا محمود علي يوسف مفوضية الاتحاد الأفريقي للاتحاد الإفریقی الاتحاد الأفریقی الاتحاد الإفریقی دور الاتحاد

إقرأ أيضاً:

وسط تزايد الضبابية.. الاتحاد الأوروبي يتعهد بتعزيز الدفاع والقوة الاقتصادية

سيتعهد زعماء الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، ببذل مزيد من الجهد لجعل التكتل أكثر قدرة على المنافسة، من خلال تعزيز القوة العسكرية في مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية، وغيرها من التحديات الاقتصادية، والشكوك بشأن دعم واشنطن المستقبلي للدفاع.

ومن المتوقع أيضاً أن يؤكد جميع الزعماء، باستثناء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، دعمهم المالي والعسكري للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي سيستهل القمة بكلمة يلقيها عبر دائرة تلفزيونية.

ومن المتوقع أن يتفق زعماء الاتحاد الأوروبي الـ 26 على نص، يلتزم بدعم استقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها، ويحث روسيا على "إظهار إرادة سياسية حقيقية لإنهاء الحرب".

In the light of recent crises, EU leaders will discuss trade at their 20-21 March meeting in Brussels

????https://t.co/9mhS2mdqfn#EUCO @EP_Trade @berndlange pic.twitter.com/9lEzXGm4tA

— European Parliamentary Research Service (@EP_EPRS) March 20, 2025

وتأتي القمة بعد يومين من موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على اقتراح نظيره الأمريكي دونالد ترامب، بأن تتوقف روسيا وأوكرانيا عن مهاجمة البنية التحتية للطاقة لدى الأخرى، لكنه امتنع عن قبول هدنة شاملة لمدة 30 يوماً.

وسيناقش زعماء الاتحاد الأوروبي، مقترحات المفوضية الأوروبية لتعزيز الإنفاق العسكري، وحشد الموارد في مشروعات الدفاع المشتركة، وشراء مزيد من الأسلحة الأوروبية. وفرنسا هي المؤيد الرئيسي لنهج شراء المنتجات الأوروبية. لكن دبلوماسياً أوروبياً أكد أن من غير المنطقي استبعاد الموردين من خارج الاتحاد الأوروبي في قطاع الدفاع المترابط عالمياً.

وسيتناول الزعماء أيضاً المخاوف إزاء تخلف الاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة، وغيرها من الدول في سباق التكنولوجيا العالمي، في حالة عدم اتخاذ قرارات سريعة وضخ استثمارات ضخمة. وفيما يتعلق بالقدرة التنافسية، هناك إجماع واسع النطاق بشأن الأهداف، لكن هناك خلافاً حول بعض التفاصيل الرئيسية.

The President of the centre-right European People's Party (EPP) speaks to Euronews as the EU’s 27 leaders gather in Brussels for a summit that takes place against a fraught geopolitical background. https://t.co/ydNV8099x7

— euronews (@euronews) March 20, 2025

وحددت مسودة نتائج القمة العديد من المواعيد النهائية، لإحراز تقدم في 3 مجالات، الحد من البيروقراطية وأمن الطاقة والحياد المناخي، وتشجيع المستهلكين على الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي بدلاً من إيداع أموالهم في البنوك.

ومن القضايا التي أثارها العديد من الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء، هي ما إذا كان ينبغي أن تكون الرقابة مركزية، وهو ما تريده بعض الدول الأكبر حجماً وتعارضه الدول الأصغر حجماً.

مقالات مشابهة

  • من بينها السودان.. دول تحكمها مجالس عسكرية (إنفوغراف)
  • السودان سيكون شرسا وعنيفا في هذه النقطة مع كل الدول الداعمة للتمرد
  • مفوضية الاتحاد الأوروبي: دعم قطاع المياه في مصر وصل إلى 600 مليون يورو
  • السودان: مشاركة الأطفال في النزاع المسلح وعواقب الصراع عليهم!!
  • رئيس رواندا يبحث مع نائب البرهان عودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي
  • الإتحاد الأفريقي يؤكد حصرية مجلس الأمن في تسوية ملف الصحراء
  • المغرب يقود مشاورات غير رسمية مع ستة دول موقوفة عن الاتحاد الإفريقي
  • الاتحاد الأوروبي قد يؤجل فرض رسوم جمركية انتقامية على أميركا
  • وسط تزايد الضبابية.. الاتحاد الأوروبي يتعهد بتعزيز الدفاع والقوة الاقتصادية
  • لجنة التعاون الإفريقي باتحاد الصناعات تشكل وفدًا لدعم التعاون الاقتصادي مع تنزانيا