زيارات سرية.. هل تشكل العلاقات الإيرانية العراقية موازين قوى جديدة بالمنطقة؟
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
شهدت العاصمة العراقية بغداد زيارات غير معلنة من مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، حيث تمت مناقشة عدد من القضايا الأمنية الهامة التي تهم المنطقة، على رأسها التحولات في الساحة السورية وتداعياتها المحتملة التي قد تؤثر على الاستقرار الإقليمي بشكل أوسع.
وبحسب ما نقلته جريدة "الأخبار" اللبنانية، فقد أكدت مصدر سياسي عراقي أن المسؤولون الإيرانيون عبروا عن قلقهم العميق من دعم الولايات المتحدة وإسرائيل لمجموعات مسلحة في دول عربية معينة، وهو ما يراه البعض تهديداً مباشراً لأمن المنطقة، بما في ذلك العراق.
وخلال الزيارات أكد المسؤولون الإيرانيون أن العراق يعد حليفًا استراتيجيًا لإيران، وأن أمنه جزء لا يتجزأ من أمن إيران، مما دفعهم إلى تعزيز التنسيق مع السياسيين العراقيين وقادة المقاومة لضمان حماية البلدين من أي تهديدات.
وتشير المصادر إلى أن الاجتماعات التي تمت كانت في أماكن سرية، مثل المنطقة الخضراء أو منازل بعض السياسيين العراقيين، بهدف مناقشة التحديات الأمنية الإقليمية والتهديدات المستمرة التي تواجه الدول المجاورة.
وقد تزامنت هذه الزيارات مع زيارة محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني لشؤون الاستراتيجية، الذي التقى برؤساء وزراء وجمهورية العراق، بالإضافة إلى قادة الكتل السياسية.
وأوضح ظريف في اجتماعاته أهمية التعاون الأمني بين العراق وإيران، والتطرق إلى قضايا مثل تسليم الفصائل المسلحة سلاحها للدولة، وهو ما يعكس التحديات الأمنية المشتركة.
في وقت لاحق، زار مجيد تخت روانجي، وكيل وزارة الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية، بغداد، حيث التقى مسؤولين عراقيين بارزين مثل مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي ورئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، لمناقشة التطورات الأمنية، بالإضافة إلى بحث بنود الاتفاق الأمني المشترك بين البلدين.
علي الموسوي، القيادي في الإطار التنسيقي، أكد أن بغداد تستقبل يوميًا مسؤولين من دول مختلفة، بمن فيهم إيرانيون، في إطار التباحث حول القضايا المشتركة بين العراق وهذه الدول.
وأضاف أن الزيارات الإيرانية إلى العراق ليست جديدة، حيث تُجرى بشكل منتظم بهدف التنسيق الأمني والسياسي بين الجارتين، وهو ما يعكس أهمية العلاقة الاستراتيجية بينهما.
وأكد الموسوي أن العراق يسعى إلى تبني سياسة حيادية، حيث يظهر رئيس الحكومة استعدادًا للحوار مع جميع الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران، بغية تهدئة الأوضاع الإقليمية ومنع تصاعد التوترات. وفيما يتعلق بالأزمة السورية، أوضح الموسوي أن العراق لا يعارض الإدارة السورية الحالية، ويرى أن المصالح المشتركة بين العراق وسوريا وإيران قد تساهم في تحسين العلاقات بين هذه الدول بعيدًا عن التجاذبات السياسية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية العراقية إيرانيين الساحة السورية العراق إيران الساحة السورية زيارات سرية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
التّقيّة السياسيّة العراقية تجاه دمشق بين الشراكة والتوجّس!
يُعدّ مصطلح "التّقيّة" من المصطلحات "الدينيّة" التي استغلّتها بعض الفرق الإسلاميّة، وربّما استُخدمت بمناقشات وأدبيات جماعات ثقافيّة وفكريّة! واستعملت التّقيّة، قديما وحديثا، بشكل واسع في المواقف الشرعيّة المفصليّة والدقيقة لإخفاء الرأي المخالف لمَن يملكون السطوة والقوّة من الحكام!
والملاحظ أنّ "التّقيّة الدينيّة" انتقلت اليوم إلى السياسة، وصرنا بمواجهة "التّقيّة السياسيّة"! ويمكنّنا تعريفها بأنّها إخفاء الرأي السياسيّ الحقيقيّ لهذا المسؤول أو ذلك، لتحقيق مصالح آنية أو مستقبليّة للطائفة أو البلاد!
وبمتابعة المسار الحاليّ لعلاقات العراق وسوريّا، وخصوصا مع انقلاب المواقف الرسميّة العراقيّة، يمكننا القول بأنّنا أمام "تقيّة سياسيّة" في العلاقة الجديدة مع الإدارة السورية بزعامة الرئيس أحمد الشرع المتّهم بالإرهاب في العراق!
والكلام عن علاقات بغداد ودمشق ليس بهذه السهولة نتيجة التّشنّجات الخطيرة والأجواء السلبيّة القائمة، ومع ذلك سنحاول ترميم الصور الممزّقة، وتصوير المشهد الضبابيّ لعلاقات البلدين! الواضح أنّه، ورغم استئناف بغداد لعمل سفارتها في دمشق نهاية العام الماضي، إلا أنّ الغيوم السوداء بقيت تُخيّم على العلاقات المشتركة!
الكلام عن علاقات بغداد ودمشق ليس بهذه السهولة نتيجة التّشنّجات الخطيرة والأجواء السلبيّة القائمة، ومع ذلك سنحاول ترميم الصور الممزّقة، وتصوير المشهد الضبابيّ لعلاقات البلدين! الواضح أنّه، ورغم استئناف بغداد لعمل سفارتها في دمشق نهاية العام الماضي، إلا أنّ الغيوم السوداء بقيت تُخيّم على العلاقات المشتركة!
بداية ينبغي العودة قليلا إلى الوراء، وتحديدا منذ إرجاء زيارة الشيباني لبغداد قبل شهر، والتي لم تُحدّد حينها، وضرورة ملاحظة أنّ خطابات العراق الرسميّ، اليوم وليس قبل شهر تقريبا، تختلف عن خطاباته السابقة، وتتناقض مع خطابات العراق غير الرسميّ المتشنّجة!
ورغم التّشنّجات السياسيّة والإعلاميّة العلنيّة زار وزير الخارجيّة السوريّ أسعد الشيباني، العراق يوم 14 آذار/ مارس الحاليّ، والتقى برئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بعد أن قيل بأنّ من أسباب تأجيل زيارته لبغداد قبل شهر تقريبا هي رفض السوداني اللقاء به!
وخلال الزيارة اجتهدت الجيوش الإلكترونيّة التابعة للعراق غير الرسميّ، وربّما الرسميّ، لرفع العديد من الوسوم، (الهاشتاجات، Hashtags) المضادّة للرئيس الشرع واتّهمته بقتل العراقيّين، وغيرها من الاتّهامات المليئة بالشحن الطائفيّ والمذهبيّ! وأثناء الزيارة رفض أعضاء مجلس النوّاب العراقيّ من الجنوب والوسط زيارة الشيباني ودعوا لاستجواب وزير الخارجيّة العراقيّ تحت قبّة المجلس!
زيارة الشيباني لبغداد لم تسبقها أيّ "مباركة بغداديّة" بسقوط نظام بشار الأسد، أو بسيطرة الإدارة الجديدة، كَون بغداد، وعلى لسان كبار قيادات "الشيعة"، متخوّفة من الواقع السوريّ الجديد، وهي تتّهم العديد من القيادات، بمَن فيهم الرئيس الشرع، بالإرهاب داخل العراق!
وهنا تبرز أمامنا بعض التساؤلات، ومنها:
ما الذي غيّر الموقف الرسميّ العراقيّ تجاه سوريا؟
وهل زيارة الشيباني ستكون مناسبة جيّدة لفرش السجّاد الأحمر للشرع ومشاركته في القمّة العربيّة المرتقبة ببغداد في أيّار/ مايو القادم؟
وهل علاقات البلدين ستبقى صامدة وتتنامى في ظلّ الأجواء العراقيّة غير الرسميّة السلبيّة في التعاطي مع الإدارة السوريّة، أم أنّ الأيّام مليئة بالمعضلات السياسيّة والأمنيّة العراقيّة الداخليّة الضاربة للتقارب مع دمشق؟
وبالعودة لجدليّة تَغيّر الموقف العراقيّ تجاه القيادة السوريّة، أظنّ أنّ العراق أراد أن يُثْبِت للآخرين، وخصوصا لواشنطن والدول العربيّة، بأنّه بعيد عن "محور المقاومة" الموالي لطهران، وبأنّه لا يدور في فلك "الأجندات الإيرانيّة"!
وربّما أراد العراق، أيضا، النأي التامّ بنفسه عن مسار العقوبات الأمريكيّة القصوى ضدّ طهران، وخصوصا بعد رفض واشنطن منح بغداد استثناءات جديدة لتوريد الغاز الإيرانيّ الضروريّ للطاقة الكهربائية، وهذه شرارة لثورة شعبيّة مرتقبة نتيجة لأجواء الصيف العراقيّ الملتهبة!
ومن التناقضات الغريبة اتّهام بغداد لغالبيّة قيادات دمشق بالإرهاب وفي ذات الوقت اتّفق الطرفان، قبل أيّام، على محاربة الإرهاب!
ووفقا لتصريحات الشيباني ببغداد يبدو أنّ التعاون العراقيّ- السوريّ سيكون استراتيجيّا وخصوصا مع الاتّفاق المشترك على مقاتلة "داعش"، وهذا يعني أنّ المرحلة المقبلة ستشهد، ربّما، عمليّات مشتركة لمحاربة "التنظيم" في البلدين!
حكومة بغداد أمام اختبار حقيقيّ في كيفيّة الحفاظ على علاقاتها مع دمشق، واستمرار ضبطها للميادين السياسيّة والإعلاميّة العراقيّة في التعاطي مع الحالة السوريّة الجديدة
وعلى النقيض من الاتفاق تابعنا، بعد زيارة الشيباني، كتابات لبعض النخب السوريّة "الثقيلة" تتحدّث عن تشكيل غرفة عمليّات بمقرّ سفارة أجنبيّة في بغداد وبحضور "بعض زعامات المليشيات وضباط من الحرس الجمهوريّ السوريّ، وهدفها خلق ربكة في الساحة السوريّة عبر الاغتيالات والسيّارات الملغمة"!
فكيف يمكن تفهم هذه التناقضات؟
ومن التناقضات الكبيرة مقاطع الفيديو المصوّرة لأشخاص ملثّمين ينتمون إلى "تشكيلات يا علي الشعبيّة"، وكانوا يتنقلون بين أماكن عمل وسكن الشباب السوريين في العراق، ويُفتّشون أجهزتهم الخلويّة (الموبايلات) ويعتدون عليهم بالضرب والشتائم!
وهذا التدخّل السافر في توجهات السوريّين في العراق مرفوض، ويتناقض مع بيان وزارة الخارجيّة العراقيّة بهذا الخصوص!
وبعيدا عن المناحرات السياسيّة هنالك اليوم تقارير صحفيّة إيجابية تؤكّد تراجع معدّلات تهريب المخدّرات للعراق من سوريا، وانخفاض تهريب الدولار، والوقود، والأدوية، وسرقات السيّارات وغيرها من المواد المهرّبة إلى سوريا!
ومع هذه التطورات المتنوّعة فإنّ حكومة بغداد أمام اختبار حقيقيّ في كيفيّة الحفاظ على علاقاتها مع دمشق، واستمرار ضبطها للميادين السياسيّة والإعلاميّة العراقيّة في التعاطي مع الحالة السوريّة الجديدة!
وختاما، هل نحن أمام "تقيّة سياسيّة" تسعى لترطيب الأجواء مع دمشق وإبقاء جذوة الخلافات؟ وهل "التّقيّة السياسيّة" ستبقى سيّدة الموقف في علاقات بغداد ودمشق المستقبليّة، أم أنّ العراق غير الرسميّ سيكون له موقف آخر؟
x.com/dr_jasemj67