4 ملايين لاجئ أفغاني تحت طائلة الترحيل من باكستان
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
تُعد أزمة اللاجئين الأفغان في باكستان من أبرز الأزمات الإنسانية المستمرة لعقود، إذ فرّ الملايين بسبب الحروب والصراعات، ومع تزايد التوترات السياسية والاقتصادية، يعيش هؤلاء ظروفا صعبة، وسط محاولات باكستانية لترحيلهم ومناشدات دولية لحلول إنسانية.
فمنذ الغزو السوفياتي في 1979، بدأ تدفق اللاجئين من أفغانستان إلى باكستان، وتزايد مع حكم طالبان والغزو الأميركي في 2001.
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد أكثر من 3.7 ملايين لاجئ أفغاني في باكستان، بينهم حوالي 1.4 مليون مسجلين رسميا، بينما يفتقر الباقون لوثائق قانونية، ويواجهون خطر الترحيل منذ أواخر 2023.
ويعيش اللاجئون في ظروف قاسية، إذ يعاني كثير منهم من الفقر المدقع وانعدام الفرص الوظيفية، ونقص الخدمات الأساسية، في مخيمات مكتظة تفتقر للبنية التحتية، ويتعرض الأطفال والنساء بشكل خاص للاستغلال وغياب الفرص التعليمية.
أعلنت الحكومة الباكستانية مؤخرا عن موافقة رئيس الوزراء شهباز شريف على خطة متعددة المراحل تستهدف ترحيل ما يقارب من 3.7 ملايين مواطن أفغاني يقيمون في باكستان، ويشمل ذلك اللاجئين المعترف بهم قانونيا والمهاجرين المسجلين وغير المسجلين، وأولئك الذين ينتظرون إعادة توطينهم الموعودة إلى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
إعلانكما أمر شريف السلطات بترحيل حوالي 40 ألف لاجئ أفغاني من مدينتي إسلام آباد وراولبندي بحلول 31 مارس/آذار القادم، ثم ترتيب إعادتهم إلى وطنهم إذا لم تتم معالجة حالات نقلهم وإعادة توطينهم في دول ثالثة على وجه السرعة.
وفي الشهر الماضي، أوقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب برنامج قبول اللاجئين لتقييم ما إذا كان إعادة تفعيله يخدم مصالح واشنطن، تاركا ما لا يقل عن 15 ألف لاجئ أفغاني في باكستان تمت الموافقة على نقلهم أو يجري تقييمهم لإعادة توطينهم في الولايات المتحدة في حالة من عدم اليقين.
ويرى المحلل السياسي الأفغاني، محمد مصعب في حديثه للجزيرة نت أن توتر العلاقات بين إسلام آباد وكابل يؤثر على تعاطي باكستان مع قضية اللاجئين، مضيفا "تستخدم الحكومة الباكستانية قضية اللاجئين الأفغان كوسيلة ضغط سياسي على حكومة كابل، حيث تتصاعد حملات الترحيل القسري كلما توترت العلاقات بين البلدين، مما يجعلهم رهائن للصراعات السياسية بين الحكومتين".
من جهتها، تقول المدرسة في قسم علم الاجتماع بجامعة لاهور للعلوم الإدارية ندا كرماني في تصريحات لشبكة الجزيرة إن الدولة الباكستانية تصور الأفغان على أنهم "إرهابيون"، حتى عندما كان لجهاز الدولة نفسه دور محوري في نمو جماعات مثل طالبان في أفغانستان.
وتضيف كرماني "في أوقات انعدام الأمن الاقتصادي والاضطرابات، غالبا ما نرى ارتفاعا في الخطابات والحركات المعادية للأجانب، والسيناريو الحالي هو جزء من هذا الاتجاه العام، ويصبح الأفغان كبش فداء سهلا".
وتصر الحكومة الباكستانية على أن وجود اللاجئين غير المسجلين يشكل عبئا اقتصاديا وأمنيا، متهمة بعضهم بالتورط في أنشطة غير قانونية. وقد أصدرت أوامر بإخلاء اللاجئين غير المسجلين، مما دفع الآلاف للعودة إلى أفغانستان في ظروف إنسانية صعبة.
وترى المحامية الباكستانية سارة مالكاني أن "هناك حاجة لتثقيف الناس حول سبب اختيار الأفغان للهروب من أفغانستان، وما هو الدور الذي لعبته الدولة الباكستانية في إدامة الظروف في أفغانستان".
إعلان قلق المنظمات الدوليةوفي رد فعل على القرار الباكستاني، أعربت وكالات الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والهجرة عن مخاوفها بشأن خطط باكستان لبدء جولة جديدة من عمليات الترحيل الجماعي للاجئين وطالبي اللجوء الأفغان.
وفي بيان مشترك، قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة إنهما "تسعيان إلى توضيح بشأن طريقة وإطار زمني لعملية النقل هذه".
وحثت الوكالتان باكستان على "مراعاة معايير حقوق الإنسان عند تنفيذ تدابير إعادة التوطين"، وأوضح البيان أن هذا "يشمل ضمان الإجراءات القانونية الواجبة للاجئين القانونيين والمهاجرين الاقتصاديين الذين حصلوا على بطاقات المواطن الأفغاني".
وعبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها تجاه أوضاع اللاجئين الأفغان في باكستان، وطالبت الحكومة الباكستانية بتوفير الضمانات القانونية لحماية اللاجئين الأفغان على أراضيها.
ودعا ريتشارد بينيت، المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المعني بأفغانستان، إلى إنهاء اعتقال اللاجئين الأفغان وترحيلهم قسرا من باكستان، في حين دعت منظمة العفو الدولية السلطات الباكستانية إلى "الامتناع عن مضايقة واحتجاز الأفغان في البلاد".
وطالبت حكومة تصريف الأعمال الأفغانية باكستان بالتراجع عن عمليات الترحيل القسري للاجئين الأفغان، مشيرة إلى أن العديد من اللاجئين لا يملكون منازل أو وظائف في أفغانستان، ودعت المجتمع الدولي إلى التدخل لتقديم المساعدات وضمان حقوق اللاجئين.
وجاء في بيان صادر عن حكومة تصريف الأعمال "نشكر جميع الدول التي آوت اللاجئين الأفغان منذ أكثر من 40 عاما، ونطلب منها ألا يطردوا اللاجئين الأفغان بالقوة، وهم غير مستعدين للعودة إلى أفغانستان، وذلك انطلاقا من مبدأ حسن الجوار والأخوة الإسلامية والمودة الإنسانية".
وعبرت السفارة الأفغانية في إسلام آباد عن قلقها لسوء معاملة الشرطة الباكستانية للاجئين الأفغان، وطالبت السفارة السلطات في إسلام آباد والمنظمات الدولية الراعية لحقوق الإنسان بالتحقيق في الانتهاكات.
إعلانوأضافت السفارة في بيان أن القائم بالأعمال الأفغاني سردار أحمد شكيب طلب من ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في باكستان أن تسعى الوكالة الأممية لمنع اعتقال ومضايقة الأفغان من قبل الشرطة الباكستانية.
عودة محفوفة بالمخاطرويشعر عدد من اللاجئين الأفغان المقيمين في باكستان بالقلق بشأن ترحيلهم القسري من باكستان مع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الحكومة الباكستانية، ويقولون إنه بالإضافة إلى البطالة والضغوط الاقتصادية، فإنهم سيواجهون تهديدات أمنية في أفغانستان.
ونقلت مصادر إعلامية محلية عن بعضا من معاناة هؤلاء اللاجئين ومخاوفهم من الترحيل القسري خصوصا مع انتهاء صلاحية تأشيرات إقامتهم في باكستان، وكيف أنهم لا يستطيعون العمل ولا التنقل بحرية في ظل حالة الغموض التي يعيشونها.
ويعد تدهور الوضع الاقتصادي في أفغانستان من التحديات الكبرى، حيث معدلات الفقر والبطالة مرتفعة، مما يجعل فرص العثور على عمل شبه مستحيلة، ويزيد من صعوبة إعادة اندماج العائدين في المجتمع الأفغاني.
ويصبح الوضع أكثر تعقيدا بسبب إغلاق المدارس والجامعات أمام الفتيات، مما يحرم الفتيات العائدات من فرصة استكمال دراستهن، الأمر الذي يزيد من تدهور الوضع التعليمي والاجتماعي. ويضاف إلى ذلك نقص الخدمات الأساسية في البلاد، حيث يعاني الأفغان العائدون من غياب الخدمات الصحية والسكن الملائم.
ومن جهة أخرى، تعيش العائلات الأفغانية اللاجئة في باكستان أوضاعا إنسانية قاسية، حيث يضطر كثير منهم إلى الإقامة في مخيمات مؤقتة مزدحمة، وتفتقر هذه المخيمات إلى الخدمات الأساسية مثل الماء النظيف والصرف الصحي، مما يجعل سكانها عرضة لخطر انتشار الأمراض والأوبئة.
كما أن نقص المساعدات الغذائية والطبية أدى إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، الذين يواجهون خطرا متزايدا بسبب ضعف الرعاية الصحية المتاحة لهم.
إعلانولا تقتصر معاناة اللاجئين على الجانب الإنساني فقط، بل تمتد إلى صعوبات قانونية تعترض طريقهم عند العودة إلى أفغانستان. إذ يواجه العديد منهم تحديات في إثبات هويتهم والحصول على الوثائق الرسمية اللازمة، مما يحرمهم من الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية وفرص العمل، ويجعلهم في وضع قانوني غير مستقر يعوق اندماجهم في المجتمع.
وإلى أن تجد الأزمة حلا مناسبا، يبقى مصير اللاجئين الأفغان في باكستان معلقا بين قرارات سياسية وظروف إنسانية قاسية. وفي ظل غياب حلول دولية واضحة، يواجه هؤلاء اللاجئون مستقبلا غامضا يتطلب تدخلا عاجلا لضمان حقوقهم وحمايتهم من المعاناة المتزايدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة الباکستانیة اللاجئین الأفغان الخدمات الأساسیة للاجئین الأفغان فی أفغانستان لاجئ أفغانی الأفغان فی فی باکستان إسلام آباد
إقرأ أيضاً:
تجميد ترامب المساعدات الخارجية قد يتسبب في وفاة ملايين إضافيين بسبب الإيدز
حذّرت ويني بيانيما، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز) أمس الأحد، من أن قرار الرئيس دونالد ترامب تعليق التمويل الأميركي في الخارج قد يؤدي إلى وفاة ملايين إضافيين بسبب الإيدز.
وتُعد الولايات المتحدة أكبر مزود للمساعدات التنموية الرسمية على مستوى العالم، مع توجيه معظم الأموال عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وجمّد ترامب الجزء الأكبر من المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 3 أشهر عند عودته إلى منصبه يناير/كانون الثاني الماضي، تاركا العاملين في المجال الإنساني يتخبّطون للتعامل مع تداعيات قراره.
وقالت بيانيما لوكالة الصحافة الفرنسية "الأمر مأسوي في عديد من البلدان. يجب أن أرفع الصوت حتى يكون من الواضح أن ذلك جزء كبير (من تمويل الإغاثة المرتبط بالإيدز). إذا توقّف، سيموت أشخاص".
وتضمن القرار الأميركي تعليقا لمدة 90 يوما لكل أنشطة "خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز".
ويدعم هذا البرنامج أكثر من 20 مليون مريض بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب و270 ألف عامل صحي، وفقا لتحليل أجرته مؤسسة "أمفار" للأبحاث حول الإيدز.
إعلانوقالت بيانيما -نقلا عن تقديرات لبرنامجها- "قد نشهد زيادة في الوفيات الإضافية بمقدار 10 أضعاف" إلى 6,3 ملايين خلال 5 سنوات، مضيفة "أو قد نشهد زيادة في عدد الإصابات الجديدة بما يصل إلى 8,7 ملايين" في الفترة نفسها.
كانت الولايات المتحدة أعلنت أن "العلاجات المنقذة للحياة" ستستثنى من قرار التجميد، رغم أن العاملين في الخطوط الأمامية في أفريقيا يقولون إن المرافق الصحية المعنية أغلقت.
وقالت ويني بيانيما على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إنها ناقشت هذه المسألة مع القادة وحضّتهم على التحول من التمويل الأجنبي إلى استخدام الإيرادات المحلية.
لكنها أشارت إلى أن عديدا من الدول الأفريقية مثقلة بديون بعضها "يصل إلى أكثر من 50% من إيراداتها الإجمالية"، مما يعوّق قدرتها على سد الفراغ الذي سيتركه وقف التمويل الأميركي.
وأوضحت أن "جزءا من الحل يكمن في الضغط بقوة من أجل إعادة هيكلة فورية وشاملة للديون".