الهجمات المسيرة على موسكو.. من تستهدف حقاً؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
تتعرض روسيا بشكل متزايد لهجوم بطائرات من دون طيار، بما في ذلك يوم الجمعة، عندما أدت ضربة أوكرانية مزعومة إلى إغلاق موسكو لفترة وجيزة جميع مطاراتها الرئيسية الأربعة.
وهذا الهجوم هو الأحدث في أكثر من 140 هجوماً أوكرانياً مشتبهاً به بطائرات من دون طيار موجهة ضد روسيا وقواتها الموجودة على الأراضي الأوكرانية هذا العام، إلى جانب الغارات المرتبطة بأوكرانيا على الأراضي الروسية وقصف البلدات الحدودية، فإن هذه الضربات تعيد الحرب التي بدأتها روسيا إلى أرضها.
ومع ذلك، حتى الآن، تقول الكاتبة والمحللة جايد ماكغلين في مقال على شبكة "سي إن إن"، إن هناك القليل من الأدلة على أن هذه الضربات تحول مسار الروس بشأن حربهم على أوكرانيا.
استفزاز الشعب الروسيوتتساءل ماكغلين: "هل هذا يعني أن هجمات الطائرات من دون طيار بلا فائدة من الناحية الاستراتيجية"؟ قبل أن تجيب: "لا على الإطلاق، إنهم ببساطة يخدمون غرضاً مختلفاً، في حين أن الحكومة الأوكرانية لم تعلن مسؤوليتها عن ضربات الطائرات من دون طيار، فإن تعليقات الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها عادلة تماماً وطبيعية، تكشف عن شيء من النية الحقيقية، وهي توفير قدر من العدالة الشعبية، التي من شأنها رفع الروح المعنوية بين الأوكرانيين، الذين يعانون من القصف الليلي تقريباً".
وتضيف "كما أنه يعمل على استفزاز الشعب الروسي لمواجهة واقع الحرب، ويثير تساؤلات حول قدرة السلطات على الحفاظ على سلامة البلاد".
بعبارة أخرى، تحاول أوكرانيا دعم المرونة المحلية خلال حرب استنزاف لا إنسانية، فضلاً عن العمل على إعادة تسييس الشعب الروسي، إذ يتم دعم المجهود الحربي الروسي إلى حد كبير من قبل المؤيدين السلبيين والمقبولين للنظام، الذين ينتحلون لأنفسهم ترف "عدم التفكير في الأمر"، كما تقول الكاتبة.
وتشير ماكغلين إلى أنه على المرء فقط أن ينظر إلى بعض أبرز المؤيدين النشطين للحرب لفهم السبب، فقد أصبح المؤمنون الحقيقيون بالحرب تهديداً سياسياً بانتقادهم الشديد والمستمر لعدم الكفاءة العسكرية للكرملين، كما أظهر تمرد رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين والاعتقال الأخير لمجرم الحرب المدان إيغور جيركين، الذي حكمت عليه محكمة هولندية غيابياً لدوره في إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم 17 فوق شرق أوكرانيا في عام 2014.
تضليل الروسكما سمح الكرملين لهؤلاء المنتقدين للسياسة المؤيدة للحرب بمواصلة التحدث علانية لأنهم كانوا مفيدين في المساعدة على تعبئة الرجال للقتال وتوفير قوات متحمسة لأصعب المعارك، لكن آلة الدعاية الحكومية نفسها أمضت العقدين الماضيين في تضليل الروس، ما جعلهم يعتقدون أن السياسة شيء يحدث لهم فقط، بحسب الكاتبة.
Zelensky says ‘war’ coming to Russia after Moscow drone attackhttps://t.co/KiHFv4dej6
— Insider Paper (@TheInsiderPaper) July 31, 2023وفي حين أن عدد الأشخاص المسجونين بسبب الانشقاق المناهض للحرب صغير (بالنسبة إلى السكان)، فإن الطبيعة القاسية للعقوبات (مثل الحكم بالسجن لمدة 25 عاماً على فلاديمير كارا مورزا لانتقاده الحرب)، فيما يتعلق بـ "الجرائم" المفترضة، لها تأثير مخيف على أي شخص آخر قد يميل إلى التعبير عن رأي سياسي غير مريح للكرملين.
وفي حين أن هجمات الطائرات من دون طيار في أوكرانيا لن تفعل الكثير لمواجهة الخوف من السجن، فإنها تجعل من الصعب على الروس عدم التفكير في الحرب، خاصة إذا كانت تلك الحرب قد أضرت بمنازلهم أو صحتهم، أو يمكن أن تشكل مثل هذا الخطر.
الغالبية العظمى من الروس على دراية بالهجمات ويعتبرونها تهديداً لروسيا.. بعد كل شيء، أظهرت تقارير عديدة من المناطق الحدودية أن السكان المحليين ينتقدون بشدة تعامل الحكومة مع الحرب، وأدى الإعلان عن التعبئة في سبتمبر (أيلول) 2022 إلى انخفاض ملحوظ، وإن كان مؤقتاً، في الموافقة على الحرب على مستوى البلاد.
#Breaking ????: Cameras caught the moment a drone exploded over the capital of Russia. #Moscow #Russia #Ukraine pic.twitter.com/Tel5NXUgYg
— Jonathan (@jonnyboi221) August 22, 2023وتقول الكاتبة: "كلما تأثرت شخصياً بالحرب، كلما زادت فرصة استيائك من فشل الدولة الروسية في التمسك بنهاية الصفقة، لذا يبقى الناس بعيدون عن السياسة والسياسيون في حياتهم".
حرب وغضبومع ذلك، تشير استطلاعات الرأي في جميع أنحاء البلاد إلى أن الدعم الروسي للحرب قد ارتفع قليلاً في أعقاب الهجمات الأوكرانية.. علاوة على ذلك، فإن الاستجابة الرئيسية هي السلبية المستمرة، حيث يعبر المستجيبون عن الحزن أكثر من الغضب، وقد تكون هذه مسألة تتعلق بالقدرة، إذ لم تكن هناك طائرات من دون طيار وهجمات كافية لإحداث تأثير شخصي على عدد كبير من الأشخاص إحصائياً، ولكنها تخفي أيضاً قضية أخرى، بل أكثر صعوبة.
وتضيف ماكغلين أنه حتى لو بدأ الروس في الانقلاب على الحرب، فلن يشير ذلك بالضرورة إلى تغيير في نظرتهم إلى دور روسيا في العالم، أو الحق في أن تقرر أوكرانيا موقفها في العالم.. وهو من شأنه، على الأكثر، أن يدل على أنهم لا يريدون دفع تكاليف شخصية معينة مقابل ذلك، والأهم من ذلك، أنه لن يساوي تلقائياً رفض الرئيس فلاديمير بوتين.
وبحسب المحللة، فإن هناك سببين رئيسيين لهذا الانفصال:
1- لأن بوتين خلط نفسه مع الدولة، بحيث ينظر إلى عزله من السلطة على أنه انهيار للدولة الروسية، في غياب انتقال شعبي وشرعي للسلطة.. وبالنظر إلى أن أحد أكثر المخاوف المهيمنة في الخيال الاجتماعي والسياسي الروسي هو الخوف من ضعف الدولة وانهيارها، فإن هذا سيخفف من أي تحول جذري ضد بوتين.
2- نادراً ما يحاسب بوتين على إخفاقاته، على سبيل المثال، يلقي العديد من الروس باللوم على وزير الدفاع، سيرغي شويغو، أو قائد القوات المسلحة، فاليري غيراسيموف، بسبب عدم الكفاءة العسكرية والفساد والأخطاء.
تسييس الشعبعلى خلفية كل هذه العوامل، يبدو من غير المحتمل أن تتمكن أوكرانيا، أو أي شخص آخر، من تطوير القدرة على قلب الروس ضد الحرب عن طريق الطائرات من دون طيار والتوغلات الحدودية وحدها، لكن ما يمكن أن تفعله هو تسييس أعداد متزايدة من الروس عن طريق التخفي، لأنهم يدركون أن مصالحهم الشخصية وأمنهم على المحك.. ومن غير المرجح أن تأتي أي لحظة من هذا القبيل خلال حياة بوتين، إن وجدت.
وحتى ذلك الحين، سيكون التأثير الأكبر لضربات أوكرانيا هو في رفع معنويات شعبها، وبالنظر إلى الحدود الواضحة بشكل متزايد للدعم الغربي لانتصار أوكرانيا، مثل الإحجام عن تقديم الأسلحة اللازمة في الوقت المناسب للحفاظ على جنود أوكرانيا والمدنيين على حد سواء، فإن هذا هو الهدف الأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
ناريشكين: موسكو لن تترك محاولات الناتو للمشاركة في ضرب العمق الروسي دون رد
موسكو-سانا
أكد رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين أن المحاولات التي تبذلها بعض دول الناتو للانخراط في ضمان شن ضربات بعيدة المدى محتملة لقوات نظام كييف في العمق الروسي لن تبقى دون عقاب.
وقال ناريشكين في مقابلة مع مجلة الدفاع الوطني الروسية اليوم: “يتعين على أعدائنا الاعتراف بأن تصميم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الدفاع بحزم عن مصالح البلاد بكل الوسائل المتاحة يضيق المجال أمام واشنطن وبروكسل للمناورة، حيث لن تبقى دون رد محاولات أعضاء الناتو للمشاركة في ضربات محتملة بعيدة المدى بأسلحة غربية في العمق الروسي”.
وأضاف ناريشكين: “يمكنني أن أؤكد لكم أن جهاز الاستخبارات الخارجية يتكيف باستمرار وبنجاح مع التحديات والتهديدات الحديثة وروسيا ليست بحاجة إلى مماثلة أجهزة الاستخبارات الأجنبية مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية بالكشف عن أسرار أنشطتها اليومية”.
وأشار ناريشكين إلى أن الغرب “يدرك أن تحديث العقيدة النووية الروسية يقلل إلى حد كبير من قيمة الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، ويستبعد إمكانية تحقيق النصر على قواتها المسلحة في ساحة المعركة”، موضحاً أن “الغرب استقبل بحذر بيان الرئيس بوتين بشأن التغييرات في أساسيات سياسة الدولة لروسيا الاتحادية في مجال الردع النووي.. إنهم يدركون أن التعديلات التي أعلنها بوتين تقلل إلى حد كبير من جهود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لإلحاق هزيمة استراتيجية ببلدنا، وأن التوسيع المخطط لقائمة أسباب استخدام الأسلحة النووية يستبعد في الواقع إمكانية هزيمة روسيا”.
وكان الرئيس بوتين وقع مرسوما أمس بالموافقة على العقيدة النووية المحدثة “أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي” وتم نشر الوثيقة المذكورة التي تؤكد أن المبدأ الأساسي للعقيدة هو أن استخدام الأسلحة النووية هو الملاذ الأخير لحماية سيادة البلاد في الوقت نفسه، وبسبب ظهور تهديدات ومخاطر عسكرية جديدة، تحتاج روسيا إلى توضيح المعايير التي تسمح باستخدام الأسلحة النووية.