أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، أن الدول النامية ستتمكن من تنفيذ أهداف اتفاق باريس للمناخ لديها شريطة حصولها على التمويل الكافي.

وقال محيي الدين، في مقال نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة فاينانشال تايمز، إن التمويل الكافي هو المحرك الأساسي الذي تحتاجه الدول النامية لتنفيذ العمل المناخي لديها، موضحًا أن اقتصادات هذه الدول لن تتمكن من تخفيف الآثار الكارثية لتغير المناخ أو التكيف معها بدون توافر هذا التمويل.

وأفاد محيي الدين بأن صندوق المناخ الأخضر، الذي يلعب دورا هاما فى تمويل العمل المناخي، يشهد هذا العام عملية هامة لتجديد موارده، حيث ستحدد مساهمات الدول من خلال هذه العملية مقدار التمويل الذي يمكن للصندوق اتاحته على مدى السنوات الأربع المقبلة، لافتًا إلى أن مؤتمر الأطراف السابع والعشرين الذي استضافته شرم الشيخ في نوفمبر الماضي شدد على أن هذه العملية الطموحة لتجديد موارد للصندوق الأخضر للمناخ يمكنها المساهمة في بناء الثقة بين الدول النامية والمتقدمة فيما يتعلق بالتعامل مع أزمة المناخ الطارئة.

وأوضح أن صندوق المناخ الأخضر تم تدشينه من خلال اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام ٢٠١٠ بهدف تقديم التمويل للدول النامية للتعامل مع أزمة المناخ، مضيفًا أن هيكل إدارة الصندوق يتسم بالتوازن بين الدول المساهمة والدول المستفيدة، ويستهدف الصندوق في الأساس توفير التمويل لأنشطة التكيف مع التغير المناخي، وخاصة في الدول الجزرية الصغيرة النامية والاقتصادات الأقل نموًا، بما في ذلك العديد من الدول الأفريقية.

وأضاف أن الصندوق صدق على مشاريعه الأولى قبيل توقيع اتفاق باريس عام ٢٠١٥، ونجح منذ ذلك الحين في بناء حافظة استثمارية بقيمة ١٢,٨ مليار دولار عبر ١٢٩ دولة، مشيرًا إلى أن عملية تجديد موارد الصندوق تتم كل أربع سنوات، وبلغت المخصصات المالية للصندوق في الفترة بين عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢٣ نحو عشرة مليارات دولار يوفر المساهمون من الدول المتقدمة معظمها ويتم تخصيصها لتمويل مشروعات المناخ في الدول النامية.

ونوه محيي الدين عن ثلاثة عناصر تميز صندوق المناخ الأخضر في قدرته على معالجة تغير المناخ، أولها هو الشراكة، فعلى الرغم من صغر الهيكل التنظيمي للصندوق إلا أنه يتمتع بنطاق عمل كبير من خلال العمل مع أكثر من مئتي شريك يشملون بنوك التنمية متعددة الأطراف وهيئات الأمم المتحدة، وصولًا إلى المنظمات المحلية الأصغر حجمًا.

أما ثاني العناصر المميزة للصندوق، بحسب محيي الدين، فهي المرونة، حيث يوفر الصندوق مجموعة من المنح والقروض الميسرة والاستثمار في الأسهم والضمانات المصممة خصيصًا لاحتياجات كل مشروع من مشروعات المناخ، موضحًا أنه على سبيل المثال، قد تدعم المنحة إجراءات صغيرة الحجم للحفاظ على إمدادات المياه العذبة في إحدى الدول الجزرية، بينما يعتمد برنامج متعدد الدول لدعم الطاقة المتجددة على قروض ميسرة طويلة الأجل أو أسهم يقدمها الصندوق بما يمهد الطريق لمستثمرين آخرين للمشاركة في هذه البرامج والمشروعات بمستوى أقل من المخاطر.

وأضاف محيي الدين أن ثالث العناصر المميزة لصندوق المناخ الأخضر هو إسهامه في تعزيز قدرة الدول النامية على الانخراط بفاعلية مع المؤسسات المالية، حيث يوفر برنامج الاستعداد التابع للصندوق التمويل والمساعدة التقنية للدول النامية على المستوى القطري، وهو أمر ثبتت أهميته لتخطيط العمل المناخي على المدى الطويل ولوضع مقترحات تمويل كبيرة، مثل منحة الاستعداد المقدمة لليبريا بقيمة ٤٣٢ ألف دولار التي وضعت الأساس لمشروع البنية التحتية للأرصاد الجوية المائية بقيمة ١١,٤ مليون دولار، وهو مشروع من شأنه تعزيز قدرة البلاد على الصمود في مواجهة تغير المناخ.

وقال محيي الدين إن الصندوق واجه في البداية تحديات صعبة، من بينها انتقادات بأن آليات تمويله كانت شديدة البطء والتعقيد، غير أن الإصلاحات المستمرة في أداء الصندوق وزيادة كفاءته فندت هذه المزاعم، حيث تم تشغيل ٨٠٪؜ من محفظة الصندوق فضلًا عن ضخ أكثر من ٣,٥ مليار دولار في مشروعات وبرامج المناخ.

وأفاد بأن متوسط الوقت الذي يستغرقه صندوق المناخ الأخضر لنقل مشروع المناخ من مرحلة مراجعة الاقتراح لمرحلة التمويل انخفض من ١٨ شهرًا عام ٢٠١٨ إلى ٧ أشهر فقط عام ٢٠٢٢، كما تم تقليص الوقت بين موافقة مجلس الصندوق على المشروعات وتنفيذها، حيث انتقلت بعض المشروعات من مرحلة تصديق المجلس إلى مرحلة ضخ الأموال في غضون خمسة أسابيع.

وذكر محيي الدين أنه على الرغم من التحديات التي تفرضها الأزمات الدولية على عملية تمويل العمل المناخي إلا أن العديد من المحادثات الإيجابية التي أجريت في الأسابيع الأخيرة مع المساهمين الحاليين والمحتملين حملت مؤشرات إيجابية، حيث تعهدت ألمانيا مبكرًا بالمساهمة في الصندوق بقيمة ملياري يورو بزيادة قدرها ٣٣٪؜ عن مساهمتها السابقة، وتعهدت كندا بمساهمة قيمتها ٣٣٢ مليون دولار بزيادة قدرها ٥٠٪؜ عن مساهمتها السابقة، كما قدم المساهمون الحاليون مثل النمسا والتشيك وموناكو تعهدات جديدة مع التوقع بأن يحذو الممولون المحتملون الآخرون حذو هذه الدول، خاصةً في قمة الأمم المتحدة للطموح المناخي المقرر عقدها في سبتمبر.

وأشار محيي الدين إلى أن توسيع قاعدة المساهمين في صندوق المناخ الأخضر لتشمل الدول الأقل نموًا سيؤدي إلى تعزيز إمكانات الصندوق، مؤكدًا أن تعيين مافالدا دوارتي رئيسًا تنفيذيًا جديدًا للصندوق أظهر التزام مجلس الصندوق بمواصلة مسيرة الإصلاح.

واختتم محيي الدين مقاله بالقول إنه إذا حصل صندوق المناخ الأخضر على عدد من المساهمات في مؤتمر التعهدات المقرر عقده مطلع أكتوبر المقبل في ألمانيا، فسيكون ذلك بمثابة إرسال إشارة قوية في الوقت المناسب قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين نهاية العام، مشددًا على أن العالم يحتاج اليوم إلى إظهار التزام قوي بالتعامل مع حالة الطوارئ المناخية أكثر من أي وقت مضى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محمود محيي الدين المناخ اتفاقية الأمم المتحدة أجندة ٢٠٣٠ صندوق المناخ الأخضر الأمم المتحدة الدول النامیة العمل المناخی محیی الدین

إقرأ أيضاً:

بعد اتفاق محادثات «كوب 29».. هل تكفي 300 مليار دولار لمكافحة التغيّر المناخي؟

اعتمدت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة في «كوب 29» اتفاقًا لتوفير 300 مليار دولار على الأقل سنويًا بحلول عام 2035 لمساعدة الدول النامية، التي تعاني أكثر من غيرها من التغيرات المناخية، في وقت، انتقد المندوبون بالمحادثات الاتفاق بعد دقائق من اعتماده، فوصفوا المبلغ بأنه غير كاف، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.

ولا يتطلب الاتفاق أي تعهدات محددة من أي دولة، كما أنه يقل عن المبلغ الذي تقول الدول النامية إنها ستحتاج إليه كل عام بعد عقد من الزمان، وهو 1.3 تريليون دولار.

وتقول «واشنطن بوست»، إن مبلغ 300 مليار دولار الذي ستقدمه حكومات الدول المتقدمة من شأنه أن يساعد الدول النامية على التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال تركيب حقول واسعة من الألواح الشمسية وغيرها من المشاريع، كما سيساعدها ذلك على أن تصبح أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الطقس المتطرف، بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف المدمر، والعواصف القوية.

مستشار أممي: الاتفاق الجديد شاركت مصر في اعتماده

الدكتور مصطفى الشربيني، مستشار المناخ بالأمم المتحدة، وخبير الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ، قال إن الاتفاق الجديد له نظام شاركت مصر في وضعه مع الدول النامية، واسمه التمويل الكمي الجماعي الجديد، ويقوم على أن الدولة ذات الاحتياج تقدم طلب لـ«اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي»، بشأن تعرضها لخسائر ومخاطر معينة نتيجة التغير المناخي، وتوضح المبلغ المطلوب ويجري التفاوض معها.

كيف تحصل الدولة على الأموال؟

وأكد «الشربيني» لـ«الوطن»: «يتم التفاوض مع الدولة ثم تحصل على الأموال، كان الأول اسمه هدف الـ100 مليار دولار لكنه كان مفتت، وكان يعتمد على القروض، لكن التمويل الجديد اختلف تمامًا، فهو سيذهب للمحتاجين من الأخطار».

وأوضح المستشار الأممي، أن نجاح اتفاقية باريس في تفعيل الاتفاق يُمثل نقلة نوعية فيما يتعلق بالتكيف المناخي والأخطار، كما تم تفعيل صندوق الخسائر والأضرار التي اقترحته مصر في «كوب 28» بشرم الشيخ، وتم تفعيل سوق الكربون العالمي، والذي سيكون منصة لتبادل شهادات الكربون وسيذهب دخلها لمساعدة الدول النامية وهو ما سيوفر 250 مليار دولار إضافية، مؤكدًا: «لا يمكن تحقيق أكثر مما تحقق».

مقالات مشابهة

  • مؤسسة التمويل الدولية: يجب تحديث أسواق الطاقة العالمية لتحقيق أهداف المناخ
  • أستاذ دراسات بيئية: التغيرات المناخية يمكنها تدمير الآثار بسبب الأمطار الحمضية
  • البنك الدولي: الدولة المصرية تمضي قدما في تنفيذ تدابير التصدي لتغير المناخ
  • في الأسبوع العربي للتنمية المستدامة.. «المشاط» تستعرض آليات تنفيذ برنامج «نُوَفِّي»
  • رانيا المشاط: منصة «نُوفي» تهدف إلى توفير التمويل لدعم التحول الأخضر في مصر
  • بعد اتفاق محادثات «كوب 29».. هل تكفي 300 مليار دولار لمكافحة التغيّر المناخي؟
  • اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
  • لا يلبّي الطموح المنشود.. «مؤتمر المناخ» يتفق على تمويل بقيمة 300 مليار دولار للدول النامية
  • «نيويورك تايمز»: محادثات المناخ تنتهي أخيرًا بعد معارك مريرة بسبب خطة التمويل
  • اتفاق عالمي ضخم بـ300 مليار دولار لمواجهة تغير المناخ في قمة كوب 29