"فاينانشيال تايمز": مخاوف نشوب حروب تجارية تشعل السباق على سبائك الذهب
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية، أن معدن الذهب أصبح الأفضل أداءً في الأسواق والأكثر استفادة من رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية، خلال الأسابيع الأخيرة؛ ليتجاوز العديد من فئات الأصول الاستثمارية الرئيسية؛ نظرًا لانتشار المخاوف من نشوب حروب تجارية والضرر المحتمل الذي على معدلات النمو العالمي، ما أشعل الطلب على المعدن باعتباره ملاذًا آمنًا.
وذكرت (فاينانشيال تايمز) أن سبائك الذهب تحقق ارتفاعًا كل أسبوع منذ قدوم ترامب وشروعه في فرض تعريفاته الجمركية المتصاعدة، وبلغت السبائك مستوى قياسيًا جديدًا عند 2942.70 دولار للأوقية هذا الأسبوع.. وقفزت أسعار ال ذهب بنحو 7% منذ حفل التنصيب في 20 يناير الماضي، رغم أنه تراجع يوم الجمعة الماضي.
وعلى النقيض، فقد ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بأقل من 2 في المائة، بينما مساومات ترامب الشهيرة الأخرى كالرهان على دولار أقوى، أو عوائد أذون خزانة أعلى، أو عملة بيتكوين الرقمية، جميعها منيت بالتراجع.
ويقول محلل المعادن الثمينة في "إتش إس بي سي"، جيمس ستيل، "حينما تنكمش التجارة، ينطلق الذهب"، وساق أمثلة على ذلك بما حدث في الأسواق أثناء جائحة كورونا والأزمة المالية العالمية.. مضيفا "مع فرض المزيد من الرسوم الجمركية، فإن المزيد من الارتباك ستضرب التجارة العالمية، وليخلق ذلك أجواء أفضل بالنسبة للذهب".
وقد اشتعل سباق السبائك الذهبية بتنامي المخزونات في نيويورك، التي زادت بنسبة 116 في المائة منذ الانتخابات الأمريكية، نظرًا لاندفاع المتداولين والبنوك للحصول على ال ذهب من لندن، المركز التجاري العالمي الأكبر للمعدن الثمين، لضخه داخل الولايات المتخدة. وقد تسبب ذلك في تكدس طوابير على مدار الأسبوع لسحب ال ذهب من خزانات البنك المركزي البريطاني.
تضمنت آخر حزمة تعريفات جمركية ل ترامب خطة لفرض رسوم "تبادلية" متصاعدة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بما فيهم الحلفاء والخصوم.
يقول محللون إن حربًا تجارية عالمية ستحبط معدلات النمو الاقتصادي وتشعل معدلات التضخم؛ وهي العوامل النموذجية التي تصب لمصلحة السبائك الذهبية.
وذكر محلل في شركة "إم كيه إس بامب" المتخصصة في تنقية الذهب، نيكي شيلز، أن "ال ذهب سلعة رسوم ترامب"، مضيفًا أن "هناك ارتباطًا طرديًا بين أنباء الرسوم الجمركية وأسعار ال ذهب التي تتحرك لأعلى."
بينما يواصل ال ذهب مسيرته للأمام، فإن سلعًا أخرى ل ترامب فقدت أموالًاً. فالدولار تراجع بنسبة 2.4 في المائة خلال العام الجاري مقابل سلة عملات أخرى، كما هبط بصورة حادة منذ التنصيب الرئاسي.
كما أن عائدات أذون الخزانة لأجل 10 سنوات، التي ارتفعت إلى ما فوق 4.8 في المائة الشهر الماضي، عادت للتراجع منذ ذلك الوقت إلى 4.48 في المائة، نظرًا لأن سعر الدين استعاد عافيته.
ويقول متداولون ومستثمرون إن تبني نهج تدريجي للرسوم الجمركية بأعلى مما كان متخوفًا، ساهم في رفع عملات الدول أو المناطق صاحبة الصادرات الأكبر، مثل منطقة اليورو، وفي الوقت نفسه، فإن التحول في تركيز السوق على مخاطر التي تهدد النمو بسبب اندلاع حرب تجارية، دفع المستثمرين إلى شراء السندات الحكومية.
ويرى رئيس الأصول المتعددة في مؤسية "رويال لندن" لإدارة الأصول، تريفور جريثام، أن "ال ذهب بوسعه أن يعمل كما لو كان أداة تحوط جيوسياسية، وتحوط ضد التضخم، وتحوط ضد الدولار."، مبينًا "أن الحالتين الأوليين هما التي جعلتا ال ذهب استثمارًا قويًا خلال العام الماضي، مدعوما بمشتريات البنك المركزي والتجزئة التي قادت الأسعار إلى أعلى".
وقد ألقت التراجعات الأخيرة التي منيت بها العملة الخضراء بالمزيد من الضغوط على الذهب، الذي يًقوَّم بالدولار، والذي جعل المعدن الأصفر أرخص ثمنًا عند شرائه بعملات أخرى".. ولأن ال ذهب قفز إلى عدة مستويات قياسية، فإن البنوك قامت بالفعل بتحديث توقعاتها السعرية للمعدن الثمين التي وضعتها في ديسمبر الماضي. ففي الأسبوع الماضي، قام كلا من مصرفي "يو إس بي" و"سيتي جروب" بتحديث هدفهما السعري إلى 3000 دولار للأوقية.
وتقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" إن عمليات الشراء القوية من جانب البنوك المركزية للمعدن الثمين، في سعيها للتنويع بعيدًا عن الدولار، يتوقع أن تكون الدافع المحوري للطلب على ال ذهب في الأسواق.
كانت البنوك المركزية قد اشترت أكثر من 1000 طن من ال ذهب في العام الماضي، وهو العام الثالث على التوالي، حسبما كشفت تقارير "مجلس ال ذهب العالمي"، الكيان الممثل للصناعة.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة "باريك جولد"، مارك بريستو، أن "الفوضى حول العالم" ساعدت في إشعال طلب المستثمرين لل ذهب كملاذ آمن، قائلًا: "من الواضح للغاية أن السوق يخبرك بأن هناك عملة احتياط واحدة في هذا العالم، وهي الوحيدة التي لا يستطيع السياسيون طباعتها- ألا وهي الذهب".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ترامب سبائك الذهب حروب تجارية فاینانشیال تایمز فی المائة ال ذهب على ال
إقرأ أيضاً:
حروب البحار.. والإرث الإنساني
بعيداً عما يحدث اليوم من صراعات وحروب في البحار والمحيطات، خاصة في البحر الأحمر وباب المندب، فإن التراث الإنساني المشترك الخاص "بثقافة البحر وقصصه" يعدّ مدخلاً لمعرفة علاقة الشعوب والدول حين كان الصراع على الكسب والسيادة بين الدول في البحر، لأجل تأمين حياة من هُمْ على اليابسة، بغض النظر عن الشعارات التي حملها المختلفون، أو الأهداف التي عملوا من أجل تحقيقها.
علينا تعريف البحر باعتبارهِ مجتمعاً يلتقي فيه الإنسان مع الطبيعة
الصراع المقصود هنا ـ وهو عسكري بحري ـ غالباً ما انتهى بتحقيق مكاسب متعدّدة للمنتصر، هي في الغالب نتاج فضاء الأيديولوجيات، والمعتقدات، والانتماءات، والتزامات التاريخ.
والبحث في الإنساني المشترك من خلال ثقافة وحكايات البحر، يأتي محمّلاً بسرد تاريخي، وبقراءة تراثيَّة، وبعمق حضاري للعلاقة بين المُخْتلفِين ـ دينياً، وثقافياً ولغويّاً ـ حيث الانجذاب نحو الآخر أو النفور منه بما يقتضيه التعايش، أو تفرضه شروط الوجود والبقاء، وكل هذا يتحكم في مساره أو يؤثر فيه "البحر" من حيث هو عبور، وملجأ، وساحة للفعل البشري زمن وقوعه، وما بعده، من خلال اعتراف بحقيقة أن البحر أطول عمراً من البشر، والوارث لهم وجوداً وثقافة، وأن تأثيره في حياتهم واضح في كل العصور.
إن البحث في تجارب البشر عبر علاقتهم الثقافيّة والإبداعيّة مع البحر، سيستند هنا إلى ضرب أمثلة كثيرة، لم تعدْ قائمة في الثقافة العسكرية اليوم، منها: تحول البعض إلى قادة فاعلين ومساهمين في صناعة التاريخ، وأبطال لحكايات حُفظت في الكتب والسّجلات، وأخرى تُروى شفاهة، شكّلتَا معاً علامات دالَّة لمن أدركته حرفة الكتابة حول البحر وحكاياته، سواء أكانت فكرية أو أدبية، أو حتى علمية.
وبناءً عليه، علينا تعريف البحر باعتبارهِ مجتمعاً يلتقي فيه الإنسان مع الطبيعة أوّلاً، ومع مخلوقات أخرى مختلفة عنه ثانياً، والكتابة عنه كونه مجتمعاً أكبر وأهم من مجتمعاتنا على اليابسة، تفرض علينا فهماً خاصة لعلاماته الدالة، وهذا الفهم لن يكون نتاجاً للحروب فقط من حيث التذكير به كما هو واقع الآن في منطقتنا البحرية.
كما أن فهمه لن يكون نتاجاً لقراءة عابرة أو متعمقة من خلال السرد في عملية مقصودة لاستحضار التجارب السابقة، بغض النظر عن الهدف من ذلك، وإنما يأتي من قراءات كثيرة، يتم تطويعها اليوم لتقديم إجابات حول تاريخ البحر وثقافته وحكاياته، والعمل من أجل أن يكون منطقة آمنة، تجمع بين البشر ولا تفرقهم إلا قليلاً.القراءات المنتظرة والمعوّل عليها عديدة ومتنوعة ومختلفة، لكنها ـ بلا ريب ـ ستسهم في وعي الناس، بل قد تكون بصائر لهم، ومنها سيعرفون أهمية البحر في حياة البشر، حيث الإلهام منه، والشوق إليه، مع خوف من غضبه، خاصة عندما يتم الذهاب مع أمواجه المتلاطمة في لحظة تغيّر فعله، نتيجة لتغير الظروف المناخية، ما يعني التعامل معه باعتباره الآخر، الظاهر والخفي، الآمن والمخيف، المفرح والمحزن، والأكثر من ذلك كله الآخر الاجتماعي المختلف.
تبعاً لما سبق، تبدو الصفة الاجتماعية للبحر في بعْدها البشري حاضرة حتى لو تعلَّقت بالحديث عن ظواهر الطبيعة ذات الصلة به، أو تركزت حول مخلوقاته الحقيقيّة والوهميَّة، ما يعني"أنسنة" بقصد أو من دونه لعوالم البحر بما كلّ ما فيها، لذلك لا غروَ حين يغدو البحر ــ من خلال أفعال البشر ـ ساحة للصراع من أجل الرزق، مع أن خيراته أولى بالسَّعْي إليها، وهذا أمر مشروع، كما أنه لا عجب أن ينتج عن تلك الأفعال تصورات لعلاقات جديدة بين البشر خاصة تلك النابعة من الهزائم والانتصارات، وهو ما سننتهي إليه بعد أن تضع حرب منطقتنا أوزارها.