لقد بات واضحًا ومحسومًا من قِبل إسرائيل أنها لن تنسحب غدًا من التلال الجنوبية الخمس، التي تعتبرها استراتيجية بالنسبة إلى أمن مستوطناتها الشمالية، نظرًا إلى أنها تكشف جزءًا كبيرًا من الأراضي الإسرائيلية الشمالية، وهي أبلغت كلًا من راعيي اتفاق وقف النار في الجنوب، الذي لم يكن حتى يوم أمس سوى اتفاق صوري، بأن لا رجوع عن قرارها في البقاء العسكري على هذه التلال مهما كانت الضغوطات الأميركية والفرنسية لكي تنسحب من هذه التلال، خصوصًا أن كلًا من واشنطن وباريس تخشيان من أن يعطي استمرار الاحتلال الإسرائيلي لهذه التلال مبررًا لـ "حزب الله" للقيام بما يراه مناسبًا لتحريرها، واستخدام كل الوسائل الممكنة والمتاحة لتحقيق هذا الهدف.

وهذا يعني أن العودة إلى لغة التراشق الصاروخي والمدفعي غير مستبعدة تحت عنوان قديم – جديد، وهو "قواعد الاشتباك، أي بمعنى ألا يلجأ أي طرف من طرفي النزاع إلى تصعيد دراماتيكي قد يصل التوتر هذه المرّة إلى مناطق لم تكن مدرجة على بنك الأهداف العسكرية في الحرب الواسعة، التي دمرّت ما يقارب تسعين بلدة وقرية جنوبية وأحياء كاملة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعض المناطق البقاعية.
فاستمرار إسرائيل في احتلال هذه التلال الخمس من شأنه إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 27 تشرين الثاني الماضي، وإلى ما قبل 9 كانون الثاني، ومن شأنه أيضًا أن يعطي أكثر من مبرر لقيام من يدور في فلك "الفريق الممانع" بما يلزم من خطوات لكي يحصّن موقعه السياسي، من خلال تثبيت وجوده في هذا المحور كقوة ضامنة ضد الأطماع الإسرائيلية، وهي في ظاهرها غير مخفية على أحد. وقد يكون التعرّض لقوات "اليونيفيل" على طريق المطار وجهًا من وجوه إثبات هذا الوجود وفاعليته التعطيلية.
ومن يعرف هذه التلال من أهل الجنوب يدرك أهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى لبنان، ويستطيع أن يفهم لماذا تصرّ إسرائيل على إبقاء سيطرتها العسكرية عليها، وهي إضافة إلى أن تل أبيب تعتبرها حيوية واستراتيجية بالنسبة إلى أمن مستوطناتها الشمالية هي مواقع مراقبة مهمة لأي تحرّك ترى أنه مشكوك في أهدافه.   
فتلة العويضة مثلًا تقع في مرماها كل مستوطنات الجليل، فيما تقطع تلة الحمامص أوصال الجنوب اللبناني وتقسّمه الى مناطق منعزلة. أمّا تلة اللبونة فتطل على مدينة صور ومخيم البص للاجئين الفلسطينيين، وتشرف على نقطة بارزة لقوات "اليونيفيل"، وتصنّفها اسرائيل من ضمن أهم المناطق، التي تُعتبر مناطق حراسة دفاعية، فيما تسمح تلتا جبل بلاط والعزية لإسرائيل بكشف مناطق واسعة، إضافة إلى أن هذه التلال غير مأهولة وخالية من العمران المرتفع، ما يسمح لإسرائيل بالتحرك بسهولة في اتجاه الاراضي اللبنانية لتنفيذ أي عدوان، إلا أن هذا الاحتلال لهذه التلال من شأنه أن يعيق أي عودة ممكنة للأهالي في أكثر من عشر قرى حدودية مدمرّة.
وتزامنًا كان رئيس لجنة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز قد أعلن أن "الجيش سيسيطر على كل المراكز السكانية في منطقة الليطاني الجنوبية قبل يوم الثلاثاء المقبل"(غدًا)، بينما رفضت تل أبيب مقترحاً فرنسياً يقضي بنشر قوات فرنسية مكان القوات الإسرائيلية في التلال الخمس، التي لن تنسحب منها إسرائيل، على ما يبدو، أيًّا تكن النتائج، حتى ولو اضطرّت إلى لغة القصف الصاروخي، وهي استعادت أول من أمس بعضًا من اعتداءاتها المباشرة باستهداف بعض المسؤولين في قيادة "حزب الله".
فانسحاب إسرائيل من كل البلدات والقرى الحدودية بات شبه مؤكد قبل يوم غد، إلاّ أن هذا الانسحاب يبقى ناقصًا ومناقضًا لما تضمّنه اتفاق وقف النار ما دام الجيش الإسرائيلي مصرًّا على احتلال التلال الخمس، مع إعلان تل أبيب بتمسكها بهذا الموقف القاضي بضمان ترتيبات أمنية بديلة قبل أي انسحاب، وسط ادعاءات عن مخاوف لديها من فراغ أمني قد تستفيد منه "المقاومة الإسلامية لتحصين مواقعها المتقدمة.
إلاّ أن التطورات الدرامية على طريق المطار، والتي لم تكن منتظرة، حجبت الضوء، ولو بنسب قليلة، عن خطورة بقاء الاحتلال الإسرائيلي لهذه التلال الخمس، مع ما يمكن أن ينتج عن هذه التطورات من نتائج سلبية على أداء العهد والحكومة، التي تضم في شكل أو في آخر ممثلين لـ "حزب الله" وحركة "أمل" تمامًا كما تضم ممثلين عن "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" والحزب "التقدمي الاشتراكي" وحزب "الطاشناق"، الأمر الذي يمكن أن "يفخخ" العمل الحكومي، أو على الأقل جعل الحركة الحكومية بطيئة وغير متجانسة مع خطاب القسم أو البيان الوزاري، وذلك خوفًا من أن ينتقل توتر الشارع إلى توترات متقابلة عبر "المتاريس" السياسية داخل حكومة "الإصلاح والإنقاذ"، بحيث يصبح هذا الشعار مجرد شعار ليس إلا. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذه التلال التلال ا

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: سيسمح غدا للبنانيين بالوصول للقرى التي غادروها

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين 17 فبراير 2025، أنه سيسمح غدا للبنانيين بالوصول للقرى التي غادروها وهي كفركلا والعديسة والحولة وميس الجبل.

وقال الجيش في بيان له، "نستعد للبقاء لفترة طويلة في النقاط الخمس في لبنان، وسنبقى في النقاط الخمس بجنوب لبنان حتى يتضح أنه لم يعد هناك نشاط لحزب الله جنوب الليطاني".

وأضاف أنه "ستكون هناك محاولات لتنظيم مسيرات ورفع أعلام حزب الله وأعمال شغب قرب الحدود مع لبنان".

وتابع "سنقيم موقعا عسكريا قبالة كل بلدة إسرائيلية على الحدود مع لبنان".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية نتنياهو يتحدث عن اليوم التالي للحرب على غزة إسرائيل تكثف هجماتها في لبنان قبيل استكمال انسحابها المفترض الثلاثاء نتنياهو يريد إقالة رئيس جهاز "الشاباك" والأخير يرفض التعليق الأكثر قراءة سموتريتش: يجب تنفيذ خطوة حازمة لفتح الباب أمام تشجيع هجرة سكان غزة تفاصيل الاجتماع الموسع لغرفة العمليات الحكومية بشأن قطاع غزة كتائب القسام تؤجل تسليم الأسرى ونتنياهو يعقد مشاورات أمنية الرئيس عباس يجري تعديلات قانونية على منظومة الرعاية الاجتماعية عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • استمرار احتلال التلال الخمس: تداعيات ومخاوف
  • النقاط الخمس الحاكمة عودة لما قبل 2000؟
  • التلال الـ5 التي تحتلها إسرائيل.. هذا ما يجب أن تعرفه عنها
  • بيروت: استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من لبنان بمثابة احتلال
  • لبنان: أي وجود عسكري إسرائيلي هو احتلال
  • الجيش الإسرائيلي: سيسمح غدا للبنانيين بالوصول للقرى التي غادروها
  • الحمامص وبلاط الأبرز.. تعرف على التلال الخمس التي ستبقى إسرائيل بها في جنوب لبنان
  • سفير مصر في بيروت: نرفض استمرار احتلال إسرائيل لـ الأراضي اللبنانية
  • التلال الخمس لتحقيق منطقة عازلة.. تل أبيب لباريس: اقتراحاتكم مرفوضة