(حاجة شينة) و(ود النور) و(محمد علي المندراوي) لا يذكرون متي وصل أجدادهم من نيجريا ولا يعرفون غير بلدهم السودان وقد عاشوا فيه مواطنين لهم قيمة وفلحوا الأرض واشتهرت نسائهم بالاستقامة وبيع الفول ( المدمس ) و ( التسالي ) والصبر والاعتماد على النفس !!.
( حاجة شينة ) لم تكن شينة بالمعني الحرفي للكلمة ويتجلي جمالها من خلال جلستها علي ( البنبر ) الأنيق وهي تستند باستقامة علي العمود الاسمنتي برشاقة بائنة رغم أن قطار الشباب متوقع أن يبارح محطتها بين أي لحظة وحين .
وقربها علي العمود الاسمنتي الآخر كان يرابط شيخ وقور من بني جلدتها يجلس القرفصاء علي جزء من مفرش تحتل بضاعته معظم هذا المفرش وهي عبارة عن ( قورو ) و ( عروق ) كل عرق له مواصفات ويختص بعلاج مرض معين ومع التعليمات التي إذا اتبعت بصورة سليمة يمكن لهذه العروق أن تعالج حتي المشاكل المستعصية التي يعجز جهابذة علم النفس والاجتماع عن الاقتراب منها ... هذا الشيخ الوقور درج الناس علي مناداته باسم ( حاج إبرة ) وعندما تقل عنه حركة البيع او ينقطع الزبائن يمسك بكتاب ويقرا بصوت عال ولكن الي الان لم يعرف المارة ماذا يقول هذا الرجل لكنه يكون في قمة الانسجام ولا يحس بمن حوله وهو غارق في المطالعة ...
اتضح أن حاج ( إبرة ) هذا ليس مجرد تاجر ممن يسمونهم بالفريشة لأن بضاعتهم تنام علي الأرض وليس علي الارفف ... أنه بعد المغيب وحلول المساء لابد أن يجتمع برعاياه في هذه الحي الصغير عند أطراف المدينة الريفية الجميلة التي تتوسط المشروع الكبير ... أنه ( فريق فلاتة ) وقد تميز بحسن التخطيط... ويبدأ اجتماع المساء اليومي بحضور كل أفراد الفريق شيبا وشبابا ونساءا واطفالا وفي هذا الاجتماع الذي يترأسه حاج ( إبرة ) كبير القوم وهو بمثابة أمير المنطقة وكلمته مسموعة يتم تداول احداث اليوم ولكل شخص من الحضور إذا حصلت له مشكلة يمكن أن يبسطها بكل أريحية ومن أراد أن يقدم اقتراحا فعلي الرحب والسعة ويكون الحديث واعطاء الفرص في حرية تامة وديمقراطية عالية المستوي وبادب جم وتخاطب يراعي احترام الصغير وتوفير الكريم واحترام المرأة وفي الختام يستمعون الي آيات من الذكر الحكيم والدعاء بأن ينعموا بالأمن والأمان مع أهلهم في السودان الذين استضافوا أجدادهم منذ قديم الزمان واليوم أصبحوا جزء من نسيجه وصاروا معه كتلة واحدة وساهموا في الزراعة والثروة الحيوانية والصالح العام وتقريبا شاركوا في كافة الأنشطة ودخل أبناؤهم المدارس ومنهم من وصل إلي درجة الأستاذية وصاروا وزراء ووكلاء وأساتذة جامعات وسفراء .
نعود ل ( ود النور ) و ( محمد علي المندراوي ) وحاجة ( شينة ) وكل منهم تخصص في مهنته واجادها واخلص فيها خاصة في الزراعة التي تحتاج إلي الصبر والايمان والعزيمة الصادقة ورعي الحيوان ... كانوا زملاء لجدي حمزة محمد حمزة عملوا معه في مزرعة الأسرة التي كان مشرفا عليها وقد صاروا أكثر من أشقاء ولايري منهم غير الوفاء النادر والحب الكبير ...
وأهلنا هؤلاء الطيبون تجد في قلب السوق الكبير وفي جناح الحلاقين وفي عشته الجميلة الأنيقة المبنية بقش ( النال ) الذي يقطر عطرا إذا إصابته مياه الأمطار نجد عمنا حاج ( باكو ) وقد سجل التاريخ عنه أنه كان من امهر الحلاقين بالسوق وقد أطلق عليه هذا الاسم لأنه كان قصيرا وممتليء الجسم مثل باكو السجائر.
وقربه زميله حاج ادريس الذي جمع مابين الحلاقة وختان الاطفال وقد وثق فيه الآباء وقالوا إنه يجيد عمله في هذا المجال أكثر من المساعد الطبي في البلدة إضافة إلي أنه كان ورعا جميل الخصال .
كانت هنالك فريق من ضمن فرقان بلدتنا الريفية الجميلة التي تتوسط المشروع الكبير وسكنه أهل لنا نزح أجدادهم من زمان الي سوداننا الحبيب ونشأت منهم اجيال وأجيال هي منا ونحن منهم وقد تميزوا بالجد والاجتهاد وعشق الزراعة وتربية الحيوان ولهم كثير من المواهب ويدعم ممتدة مع أهلهم السودانيين في كل مكان بالبناء والتعمير ولا ننسي أن معظمهم يحبذون أن يرسلوا أبنائهم الي الخلاوي لحفظ القران الكريم ولذا نجد منهم الكثير من الأئمة والدعاء .
هذا هو سوداننا متنوع وقد أتته الهجرات منذ قديم الزمان وهذا التنوع فيه الثراء والقوة والنماء ولا بد لنا أن نكون كلنا علي قلب رجل واحد وكفانا هذه العنصريات وهذا التباغص فكلكم يا اهل التقوي والصلاح من سيدنا ادم و ادم من تراب فعلام هذه الضجة المفتعلة التي ليس لها أساس ... عودوا إلي طيبتكم واتركوا العنحهية وحلوا مشاكلكم علي هدي القران الكريم وسنة نبينا سيدنا محمد المطهرة ويجب أن نعيش جميعا في حب ووئام كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات .
حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
قلة فاسدة.. صفقة مشبوهة لموظفي محافظة القاهرة لتقنين أوضاع أراضي شق الثعبان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قلة فاسدة اطاحت بأحلام وطموحات ملاك الورش والمصانع ومعارض الرخام وكل من يملك قطعة أرض بالمنطقة الصناعية بشق الثعبان؛ فمنذ دخولهم المنطقة، يحلمون بتقنين أوضاعهم مع الدولة، عن طريق دفع مبالغ مالية مقابل مساحة الارض، حيث يقدر ثمن المتر حاليا بما يتجاوز ١٨٥٠ جنيها، ليبلغ مقابل التقنين ملايين الجنيهات التي لا يقدر ملاك الأرض علي دفعها، لتظهر قلة فاسدة مستغلة حاجة الاشخاص، ومناصبهم الحكومية والتلاعب بالأوراق من خلال وعد المٌلاك بإنهاء أوراق وعقود التقنين الرسمية، نظير ربع المبلغ المطلوب منهم، لينتهي المطاف بالمبالغ المالية تلك الى داخل جيوب المسئولين، بعيدا عن أعين أجهزة الدولة.
كشفت تحقيقات النيابة العامة أن ٣ من أصحاب المناصب العليا بمحافظة القاهرة، قاموا بالتلاعب بعقود تقنين أوضاع ملاك المصانع والورش بمنطقة شق الثعبان الصناعية.
تبين من التحقيقات أن المتهمين وهم " ي. ا " مدير عام الأملاك بالمحافظة و "ا. ع " مدير عام الشئون المالية والأملاك سابقا، "و. ز" مدير قسم الشئون العقارية بالأملاك، استغلوا رغبة الملاك في تقنين أوضاعهم مع المحافظة من خلال وسطاء، حيث يقوم وسيط إما من صغار الموظفين أو المواطنين ممن لهم صلة وثيقة بهم، بعرض الصفقة المشبوهه علي المالك كدفع مبلغ ٢ مليون جنيه، بدلا من سبعة ملايين، بعد ايهامهم باستخراج عقود رسمية تفيد تقنين الأراضي بشكل رسمي وأنها أصبحت حيازتهم، ثم يقومون بالاستيلاء علي المبالغ المتحصلة منهم، بعيدا عن المحافظة.
تلك الوقائع بدأت من سنوات بعيدة، ووقع تحت أيديهم عدد كبير من الملاك ممن زاغ بصرهم من الفرق الشاسع بين المبالغ المطلوبة منهم للتقنين والمبالغ التي طلبها منهم المتهمون.
وطلبت النيابة تحريات المباحث، حول الواقعة وعرض العقود المضبوطة علي لجنة من المختصين لفحص صحتها، واستدعاء المسئولين لسؤالهم حول الواقعة، وبيان باقي المتورطين، وكذلك أصحاب الأراضي المتورطين في الواقعة.
وكشفت التحقيقات أن سكرتير عام محافظة القاهرة اكتشف وقائع العقود المزورة أثناء مراجعتها، وتبين تلاعب المتهمين بالعقود.