سامح فايز يكتب: هل نحب ما ندرس حقا؟
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
قبل عقدين تقريبا منعني مكتب التنسيق من الالتحاق بكلية الآداب، في الحقيقة كنت ضعيفا دراسيا، والتحقت بكلية الحقوق، لأنها الكلية الوحيدة في تلك الفترة التي قبلتني.
ثم مضت السنوات وتخرجت بصعوبة بعد سبع سنوات من الرسوب.
أذكر أنني في أحد أيام الامتحانات اكتفيت بكتابة اسمي فقط في ورقة الإجابة، وبالطبع حصلت على صفر في تلك المادة.
وفي أثناء امتحانات الفرقة الرابعة مر أمامي أحد المعيدين المسؤولين عن المراقبة داخل لجنة الامتحانات، فاكتشفت أنّه زميلي عندما كنت في الفرقة الأولى، ويوما ما ذاكرنا سويا.
أنهيت دراسة الحقوق واكتفيت بوضع الشهادة في درج مكتبتي مقررا العمل في أي شيء غير المحاماة، ليس لأنها مهنة أقل، بالعكس، فهي مهنة مقدسة من وجهة نظري، تدافع عن المظلومين وتحفظ الحقوق، لكنني بكل بساطة لم أحبها.
غريبة تلك الكلمة، لم أحبها!
في مصر يتعامل أولياء الأمور مع التعليم كأنّه مسألة آلية لها درجات ثابتة غير متغيرة؛ فجميع الطلاب يجب أن يحصلوا على أعلى الدرجات في جميع المواد بعد أن يدرسوا بنفس الطريقة في كل الفصول كأنهم شىء واحد.
ثم يبدأ الصراع في الثانوية العامة أملا في كليات القمة -الطب أو الهندسة- وما غيرها باطل.
ونسينا أو شغلتنا الحياة أننا لا نشبه بعضنا، وأن ما أحبه أنا ليس من المفترض أن يحبه غيري، وأنّ الطريقة التي تصلح وسيلة للتعليم مع شخص قد تكون شديدة الضرر مع شخص آخر.
على الهامش من تلك الرحلة غير المجدية بدأت التدرب صحفيا أكتوبر 2012، فأحببت فكرة الصحافة، أحببت الكتابة، وأحببت رحلة البحث عن الإجابات التي تلهمنا إياها صاحبة الجلالة.
وتمنيت لو أنني اكتشفت ذلك الحب مبكرا، ربما درست الصحافة أو الإعلام بدلا من تلك السنوات التي أضعتها هدرا في دراسة لا أحبها.
ورأيتني أحب النقد وتحليل الخطاب.
أحبهما ولم أشرف بدراسة تلك العلوم.
فالمؤسسات التعليمية في مصر إلى جوار أولياء الأمور لا يهتمون كثيرا بما نحب، لكن يهتمون بما يرى الناس أنّه الأفضل لنا.
لذلك فالجميع يجب أن يصبحوا أطباء.
أما الصحافة، والنقد، والأدب، والفنون.. أشياء لا يعرفها أولياء الأمور.
حتى إنها أصبحت عقبة تقابلني عندما أكون مضطرا لتعريف نفسي في أي مقابلة سواء داخل مدارس أولادي أو في المؤسسات الحكومية؛ فعندما أخبرهم أنني أعمل كاتبا يتوقفون للحظة مستفهمين، فأضطر لتبسيط المسألة وأخبرهم أنني كاتب قصص، أقول بتبسيط مخلّ: «بكتب حكايات وقصص وكده».
وفي الغالب يكون الرد: «ودي حاجة بتكسب فلوس؟».
يطرحون السؤال في دهشة من فكرة أنّ الكتابة والقراءة ربما تكون مصدر دخل أحدهم، أو بمعنى أدق، أنها لا تصلح لأن تكون مصدرا للدخل من الأساس.
ذلك العالم غير المتزن الذي فرض علينا معاييره يعيش الآن في الماضي، يقف مشدوها أمام الأجيال التي ولدت من رحم منصات التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، عاجزا عن فهم أدمغتهم.. لاهثا خلفهم في محاولة استيعاب ما يحدث في جمهورية التيك توك وتطبيقات المشاهدة وأغاني الراب والتراب والتكنو شعبي.
يصف أصحاب تلك التجارب أنهم فشلة وأغلبهم لم ينهِ دراسته مثل أبنائهم الذين حصلوا على الدرجات الكبرى في مراحل التعليم المختلفة.
دون أن يفكر أولياء الأمور ولو للحظة طرح السؤال الأهم على أبنائهم: «هل تحبون دراسة معينة عن غيرها؟».
وهو السؤال الذي طرحته على نفسي قبل عام وأنا على أبواب العقد الخامس: «هل تحب الالتحاق بكلية الآداب وتجديد الحلم؟».
وهو ما حدث بالفعل عام 2024 وأنا الآن طالب بقسم الدراسات الفلسفية بكلية الحقوق جامعة عين شمس أدرس ما أحب، المحزن في المسألة أنّ أكثر من نصف زملائي في القسم لا يحبون دراسة الفلسفة، لا يحبون الوجود في الكلية من الأساس، وبعضهم يملك مشروعه الخاص أو عمله بالفعل.
لكنهم يجيبون إجابة تكاد تكون متطابقة: «إحنا بندرس عشان أهالينا عايزين يشوفوا معانا شهادة».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مكتب التنسيق كلية الآداب كلية الحقوق الصحافة أولیاء الأمور
إقرأ أيضاً:
الطاقة السعودي: ندرس إنشاء كيان مشترك مع مصر لإعادة تأهيل المباني الحكومية
عبر الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة بالمملكة العربية السعودية، عن صادق المشاعر تجاه مصر وقيادتها وشعبها، ومدى قوة وعمق العلاقات الأخوية الوطيدة بين المملكة ومصر على كافة المستويات.
وأشاد وزير الطاقة السعودي، في تصريحات على هامش فعاليات افتتاح مؤتمر ومعرض مصر الدولي الثامن للطاقة "إيجبس 2025"، بقيادة مصر وشعبها الحبيب موجهاً التحية لهم، مؤكداً أننا نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ من الوطن في مصر مثلما نعتبركم جزءاً لا يتجزأ من الوطن في المملكة.
وأشار وزير الطاقة بالمملكة، إلى حجم التعاون الوثيق بين مصر والسعودية في مجال الطاقة وتطوره بشكل متسارع مشيراً إلى عدد من المشروعات المهمة خلال الفترة الأخيرة ، حيث اننا نشهد اليوم تعزيز الشراكة بين البلدين في مجال كفاءة استخدام الطاقة والتعاون مع وزارتى البترول والكهرباء في مصر لوضع خطة تنفيذية لإنشاء برنامج وطنى شامل لكفاءة استخدام الطاقة في جمهورية مصر العربية لنقل تجربة المملكة الناجحة ودعم نقل اللوائح وبناء الكوادر وتطوير هذا القطاع في مصر.
وتابع وزير الطاقة بالمملكة العربية السعودية، أننا نعمل على دراسة إنشاء كيان مشترك بين البلدين متخصص في مشروعات إعادة تأهيل المباني الوطنية الحكومية لتحقيق كفاءة استخدام الطاقة .