صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي: حوار مع فابيان ويسترهايد
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
حوار غيث حلواني
في مقابلة موسعة، يشارك فابيان ويسترهايد، أحد أبرز الأصوات في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا ومؤسس مؤتمر "Rise of AI"، رؤاه حول تطور فعاليات الذكاء الاصطناعي، والدور الرائد لدولة الإمارات في هذا المجال، والحالة الراهنة وآفاق الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، والتطورات الأخيرة بين إيلون ماسك وOpenAI نستعرض فيما يلي الحوار مفصلاً أجريناه مع مؤسس مؤتمر Rise of AI:
مؤتمر "Rise of AI"
* هل يمكن أن تخبرنا عن قصة مؤتمر "Rise of AI"، ومكانته الحالية، وما الجديد لهذا العام؟
** أوضح فابيان أن المؤتمر بدأ كاجتماع متواضع بين عدد قليل من الرؤى المشتركة الذين كانوا يحلمون بدمج الآلة بالإنسان، لينمو تدريجياً ليصبح حدثاً مرموقاً يجمع حوالي 300 من العقول الرائدة في مجالات الأعمال والبحث والسياسة.
دور الإمارات في الذكاء الاصطناعي
* كيف ترى طريقة تعامل دولة الإمارات مع الذكاء الاصطناعي؟
** أشاد فابيان بدور الإمارات الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أوضح: "لقد كانت الإمارات من أوائل الدول التي عينت وزراء ومسؤولين متخصصين في هذا المجال واستثمرت بكثافة في رأس المال والتقنيات. لقد خلقت بيئة يتم فيها تعزيز الابتكار عبر استراتيجيات استثمارية متكاملة؛ سواء من خلال البنية التحتية المادية أو الرقمية، مما يضمن الوصول إلى أحدث التقنيات والأسعار التنافسية للطاقة." وأكد أن هذا النهج لا يجعل الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار في الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يشكل نموذجاً يُحتذى به للدول الأخرى عبر الاستفادة من المواهب والأفكار العالمية.
فهم الذكاء الاصطناعي العام (AGI)
* كيف تعرف الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهل ترى أن له حدوداً؟
** يشير فابيان إلى أن مفهوم الذكاء الاصطناعي العام يرتكز على فكرة الوصول إلى مستوى ذكاء بشري، بحيث يتمكن النظام من إجراء محادثة بطلاقة بحيث يصعب تمييزه عن الإنسان. لكنه يوضح أنه رغم التقدم الملحوظ في هذا المجال، لم نصل بعد إلى مرحلة تحقيق AGI الحقيقي. يقول: "أنظمة اليوم قد تخدعنا في بعض السياقات، لكن الذكاء الاصطناعي الذي يضاهي عباقرة العصر مثل أينشتاين أو هوكينج لا يزال بعيداً." وتستمر النقاشات حول ما إذا كان AGI يجب أن يتجاوز مجرد تقليد الذكاء البشري ليصل إلى مستويات تفوقه في بعض الجوانب.
وحول استخدام بعض اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي مصطلح "الذكاء الاصطناعي العام" مثل سام ألتمان الذي أكد أن أوبن إيه آي أصبحت قريبة من الوصول إليه أي إلى الـ"AGI".. قال فابيان:
الجميع يستخدمه من الأجل التسويق ليس أكثر، أننا بعيدون جداً للوصول إلى أن نقول أننا نمتلك ذكاء اصطناعي عام.
ديب سيك وأهمية البيانات في عالم الذكاء الاصطناعي
* نود أن نستفيد من خبرتك في تقييم نموذج ديب سيك. كيف ترى هذا النموذج مقارنةً بالنماذج الأخرى في السوق؟
** أرى أن ديب سيك يقدم نموذجاً منخفض التكلفة يُنافس أساسًا النماذج المفتوحة المصدر ذات الأسعار المنخفضة. إذا كان الهدف الحصول على أداء متميز في التطبيقات العملية، فإن الاعتماد على النماذج المدفوعة هو الخيار الأمثل.
النماذج مفتوحة المصدر تُعد أدوات ممتازة للتدريب والتعليم. لكنها غالبًا ما تفتقر إلى الاستقرار والدقة المطلوبة في تطبيقات سوق العمل، حيث تحتاج المشاريع الحقيقية إلى حلول أكثر موثوقية
* ما تأثير مصادر البيانات على أداء نماذج الذكاء الاصطناعي؟
** مصدر البيانات يلعب دورًا محورياً؛ فالنماذج التي تُدرب على بيانات صينية ستُظهر نتائج تعكس الثقافة والمنهجية الصينية، والعكس صحيح بالنسبة للنماذج الأميركية. هذا يُبرز الحاجة الماسة لتطوير نماذج عربية تعتمد على بيانات محلية لتقديم رؤى تتناسب مع السياق الثقافي العربي
* المنافسة الأميركية الصينية، وما هو مكان أوروبا على خريطة المنافسة؟
** أرى أن الصين تمتلك الإمكانيات للمنافسة بقوة، لكنها حتى الآن تحتل المركز الثاني بعد أميركا التي تهيمن على سوق الذكاء الاصطناعي. بالنسبة لأوروبا، هناك بالفعل نماذج أوروبية واعدة تستحق تسليط الضوء عليها. أنا أستطيع أن أقول أن أوروبا تحتاج إلى استثمارات أكبر، سرعة في التنفيذ، وانفتاح أوسع. أوروبا تمتلك الكوادر البحثية والبيانات والشركات، ومن خلال التعلم من تجارب ناجحة مثل الإمارات في تخصيص رأس المال والتخطيط المستقبلي، يمكنها تحقيق نقلة نوعية.
أنا متفائل بالحركة المتسارعة التي تشهدها الدول الأوروبية – فرنسًا على سبيل المثال تبذل جهودًا كبيرة – وأعتقد أن أوروبا قد تتجاوز الصين، لكن ذلك لن يحدث في المستقبل القريب وسيتطلب وقتًا أطول.
مناقشة التطورات بين إيلون ماسك وOpenAI
* ما رأيك في محاولة إيلون ماسك الاستحواذ على OpenAI؟
** وصف فابيان الموقف بأنه ليس صفقة تجارية بقدر ما هو مناورة تسويقية ولعبة قوى. أوضح قائلاً: "ما يحدث هو محاولة من إيلون ماسك لترسيخ نفوذه عبر توحيد نموذج تقني خاص به مع شبكة من المتخصصين والمستثمرين، بينما تجد OpenAI نفسها متأرجحة بين رؤية تحقيق الأرباح ورؤية الابتكار المفتوح." بالنسبة له، فإن هذا العرض ليس بمبادرة استحواذ حقيقية، بل هو خطوة استراتيجية للتأثير على مستقبل الذكاء الاصطناعي.
تحقيق التوازن بين الابتكار وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
* كيف ينبغي للشركات تحقيق توازن بين سرعة الابتكار والتنافس مع الالتزام بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟
** يرى فابيان أن مصطلح "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي" غالباً ما يختزل في مفهوم الامتثال للوائح والقوانين، موضحاً: "الأمر يتعلق بضمان دقة البيانات المستخدمة في تدريب النماذج وأن يتم بناء هذه النماذج بما يتوافق مع المعايير القانونية والاجتماعية." كما يؤكد على ضرورة تضمين المبادئ الأخلاقية منذ البداية – في عملية تصنيف البيانات وتدريب النماذج – لتفادي النتائج غير المقصودة التي قد تنجم لاحقاً.
نصائح للشركات الناشئة
* ما النصيحة التي تقدمها للشركات الناشئة الراغبة في ترك بصمة في مجال الذكاء الاصطناعي؟
** ينصح فابيان الشركات الناشئة بالانخراط في البيئة الدولية للذكاء الاصطناعي، قائلاً: "اعمل على تبني الأفكار الجديدة والتعاون مع شركاء متنوعين لضمان توافق رؤيتك مع الاتجاهات العالمية نحو الذكاء الاصطناعي المسؤول والمؤثر".
إعلان المؤتمر
ختاماً، وجه فابيان دعوة خاصة لكل من يرغب في التعمق في ثورة الذكاء الاصطناعي. سيُعقد مؤتمر "Rise of AI Conference 2025" في 13 و14 مايو 2025 بقاعة هومبولت كارّيه في برلين. يُعد هذا الحدث منصة تجمع أبرع العقول في مجال الذكاء الاصطناعي من مختلف أنحاء العالم، وسيُقدم بنموذج هجين يجمع بين الحضور الفعلي والبث المباشر المجاني.
لمزيد من التفاصيل حول التسجيل وجدول الأعمال، يمكن زيارة الموقع
https://riseof.ai
من خلال هذا الحوار، لم يقتصر فابيان ويسترهايد على مشاركة رؤيته لمستقبل الذكاء الاصطناعي فحسب، بل قدم أيضاً رؤى قيمة حول كيفية دفع الابتكار، والاستثمار الاستراتيجي، وتحقيق التعاون الدولي مع الحفاظ على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: حوار الذكاء الاصطناعي أوروبا الإمارات إيلون ماسك فی مجال الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی العام إیلون ماسک
إقرأ أيضاً:
هل يجعلك الذكاء الاصطناعي أقل ذكاءً؟ اكتشف الحقيقة الصادمة!
شمسان بوست / متابعات:
حذر الخبراء من الاعتماد بشكل مفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي لأداء المهام المعرفية حيث تهدد بالتبلد العقلي، مشيرين إلى أن إراحة أدمغتنا بالاعتماد على تقنيات متطورة بشكل متزايد يهدد قدرتنا على التفكير النقدي.
وأكد تقرير صحيفة ديلي تليجراف البريطانية، أن أهم الخسائر والأضرار الجانبية لثورة الذكاء الاصطناعي هو العقل البشري، لأنه بكل بساطة، تقول لنا أداة الذكاء الاصطناعي”دعني أتولى مهمة التفكير نيابة عنك”، وهذا من شأنه أن يصيبنا بالكسل والميل إلى الراحة في التفكير والنقد، وصولا إلى العجز عن الاعتماد على عقولنا في كل أمر.
وكان سقراط يخشى أن يؤدي الاعتماد على الكتابة إلى تآكل ذاكرتنا ويؤدي إلى فهم سطحي للحجج المهمة، وأدى ظهور الآلة الحاسبة الجيبية في سبعينيات القرن العشرين إلى حالة من الذعر في الفصول الدراسية حيث شعر المعلمون والآباء بالقلق من أن الأطفال لن يتعلموا الحساب بعد الآن.
والآن بدأ سباق التسلح بروبوتات الدردشة في الفصول الدراسية، حيث يساعد الطلبة على حل الواجبات المدرسية.
فمنذ إطلاق برنامج ChatGPT قبل عامين بقليل، أصبح الطلاب من بين أكثر مستخدمي برنامج الدردشة الآلي، ويعتمدون على الأداة التكنولوجية في كتابة الأبحاث التي كانوا ليضطروا إلى بذل الكثير من الجهد في كتابتها.
* حيل المعلمين
وقالت الصحيفة البريطانية إن بعض المعلمين وأساتذة الجامعات يلجأون لبرامج الذكاء الاصطناعي لمعرفة إن كان الطلبة يغشون باستخدام روبوت الدردشة أم لا، عن طريق اكتشاف حقيقة وجود نص منسوخ حرفيا، أم لا، في كتابة الواجبات المدرسية أو الأبحاث.
وفي دراسة لمعهد بيو للأبحاث في الولايات المتحدة، اعترف ربع الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا بأنهم يستخدمون ChatGPT لكتابة واجباتهم المدرسية، فيما يمثل ضعف نسبة الطلاب الذين أجروا نفس الشيء ذلك قبل عام.
وفي العام الماضي، وجد معهد سياسة التعليم العالي، أن واحدًا من كل ثمانية طلاب جامعيين، 13% كانوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي لكتابة الأبحاث، وأن 3% كانوا يسلمون مخرجات chatbot دون التحقق منها.
الغش مشكلة قديمة قدم الواجبات المدرسية، ولكن مع تزايد انتشار الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وقدرتها على القيام بمهامها، بدأ الباحثون الآن يتساءلون عما إذا كانت هذه التكنولوجيا تؤثر على كيفية تعلمنا وتفكيرنا، ليس فقط بالنسبة للطلاب الكسالى، بل وبالنسبة لبقية الناس.
* آثار سلبية في مختلف المجالات
وفي يناير، توصلت دراسة أجراها البروفيسور مايكل جيرليتش، عالم النفس السلوكي في سويسرا، إلى وجود ارتباط سلبي كبير بين الاستخدام المتكرر لأدوات الذكاء الاصطناعي وقدرات التفكير النقدي.
ووجدت الدراسة أن المستخدمين الأصغر سن الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاما، كانوا الأكثر اعتمادا على أدوات الذكاء الاصطناعي، وسجلوا درجات أقل في مؤشرات التفكير النقدي.
وفي المجال المهني الذي تأثر بشكل كبير ببرامج الدردشة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، قال بعض العاملين إنهم يشعرون الآن بالعجز دون أدوات الذكاء الاصطناعي.
وذكر أحد المبرمجين أنه تخلى مؤخرا عن مهمة برمجة على متن رحلة جوية حيث لم يكن لديه اتصال واي فاي يسمح له بالاستعلام عن مساعده الافتراضي، وقال أحد المبرمجين: “لم أعد قادرا على إجراء البرمجة بنفسي”.
* دعني أفكر لك
وأدى ظهور محركات البحث وسهولة الوصول إليها في أي وقت من خلال الهواتف الذكية إلى إثارة المخاوف بشأن “فقدان الذاكرة الرقمية”، وهي الفكرة التي تجعلنا ننسى الأشياء بمجرد إخبارنا بها، على ثقة من أن أجهزتنا ستكون قادرة على إنقاذنا لاحقًا.
ولكن الباحثين أشاروا إلى أن الذكاء الاصطناعي مختلف، ففي حين قد يسمح لنا جوجل والهواتف الذكية بتخزين المعلومات في مكان آخر وتحرير أدمغتنا للقيام بمهام أخرى، فإن الذكاء الاصطناعي يعد بالتفكير نيابة عنا.
وقال البروفيسور جيرليتش: “في الماضي، كنت أنقل المعلومات إلى مكان آخر، ولكن عندما تتمكن من نقل عملية التفكير بأكملها إلى التكنولوجيا، وتقول لك التكنولوجيا: “يمكنني التفكير نيابة عنك”، فهذا هو الفرق”.
وأضاف “إنه أمر مريح للغاية، حيث يمكنك طرح سؤال وتحصل على الإجابة مباشرة.
في الأسبوع الماضي، قدم باحثون في مايكروسوفت وجامعة كارنيجي ميلون أدلة على ما كان يشعر به الكثيرون بالفعل، فقالوا :”نحن نقوم بنقل أدمغتنا إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي”.
وفي دراسة أجريت على 319 من “عمال المعرفة”، وهم أشخاص يعملون في مجالات مثل علوم الكمبيوتر والتعليم والأعمال والإدارة، وجد الباحثون أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كان مرتبطًا بمستويات أقل من التفكير النقدي- القدرة على فهم الأفكار والبيانات والتشكيك فيها.
وبعبارة أخرى، كان العمال أقل ميلًا إلى استخدام أدمغتهم، وركنوا إلى الراحة بسبب الذكاء الاصطناعي.
وأشار الباحثون إلى أن الاستخدام غير السليم للتكنولوجيا قد يؤدي إلى تدهور القدرات المعرفية التي ينبغي الحفاظ عليها، وحذروا من أن الاعتماد على الألة يهدد بترك عضلاتنا المعرفية “ضامرة وغير مستعدة” عندما تكون هناك حاجة إليها.