حين يصبح الطريق حياة…لا تعطلوا الإسعاف
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
ما زلت أذكر ذلك المشهد الحضاري حين كنت أقود سيارتي في شوارع أمريكا: ما إن تنطلق صفارات الإسعاف، وتضيء أنوارها الحمراء، حتّى تنقسم السيارات تلقائيًا، كأن البحر ينشق ليفتح ممرًا للحياة. لا فرق بين زحام خانق، أو طريق ممتد؛ الجميع يدرك أن كل ثانية قد تنقذ روحًا، وأن تأخر الإسعاف لحظة واحدة، قد يعني فراقًا أبديًا.
أمّا في شوارعنا، فالصورة مؤلمة ومقلقة. كم من مرة رأيت سيارة إسعاف محتجزة وسط زحام، سائقها يتوسل ببوقه، والعيون حوله باردة، لا مبالية. كأن السيارة جزء من المشهد المزدحم، كأن من بداخلها ليس إنسانًا تتعلق حياته بدقيقة.
أخبرني صديق ذات يوم، بنبرة ساخرة، أنه يدعو الله ألّا يكون يومًا راكبًا في سيارة إسعاف في شوارعنا. ليس خوفًا من المرض، بل خوفًا من الطريق. لأنه يعلم أن تلك السيارة قد تبقى عالقة، بينما الحياة تتسرب من جسده مع مرور الثواني.
وما يزيد الطين بلّة، أن هناك من استغلوا سيارات الإسعاف، ك “كاسحة زحام”، يلاحقونها بجنون، يلتصقون بها، يتسللون خلفها وكأنهم في سباق، غير مكترثين بحياة المرضى، ولا بسلامة المسعفين. رأيت هذا بأم عيني في طرقات الرياض وجدة. سيارات تلاحق سيارات الإسعاف حتى المستشفى، أو إلى حين أن يتغير مسار الإسعاف إلى وجهة مختلفة عن طريق السيارات الملاحقة، بلا احترام للمرضى ولا تقدير لحرمة الحياة.
هذه ليست مجرد مخالفة مرورية، بل جريمة مكتملة الأركان. إنها عدوان صريح على حق الإنسان في النجاة، وعلى سلامة الطريق. فتعطيل وصول الإسعاف، أو إرغامه على التوقف، قد يعني وفاة شخص ينتظر الإغاثة، أو التسبُّب في حادث جديد يملأ الطريق بمزيد من الإصابات.
قرأت في أحد مقالات الرأي، عن نية هيئة الهلال الأحمر السعودي، تركيب كاميرات خلفية في سيارات الإسعاف لرصد الملاحقين والمستهترين، لكن حسب علمي، أنها في الواقع غير مطبَّقة حتى الآن. ما زلنا نرى هؤلاء المتهورين، وما زال المرور يقف عاجزا أمامهم، رغم انتشار رصد المخالفات للسرعة، والهاتف، وحزام الأمان.
أليس أولى أن تكون حياة الناس في مقدمة الأولويات؟ أليس من حق كل مواطن أن تصله الإسعاف بسرعة وأمان، بدل أن يتحول الطريق إلى حلبة صراع بين المسعفين والمطاردين؟
إنني أطالب بإجراءات صارمة. يجب تزّويد جميع سيارات الإسعاف بكاميرات أمامية وخلفية، مرتبطة مباشرة بالمرور. وأقترح فرض غرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال على كل من يعيق طريقها أو يلاحقها.
التوعية جيدة، لكنها وحدها لا تكفي. بعض السائقين لا يفهمون سوى لغة الغرامات. فلنحفظ طريق الإسعاف، لأنه ببساطة، طريق الحياة.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: بدر الشيباني سیارات الإسعاف
إقرأ أيضاً:
عمرو سعد يُشعل الغضب بمشهد صادم في "سيد الناس"
أثار مشهد من مسلسل "سيد الناس" للفنان عمرو سعد جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ظهر في أحد المشاهد وهو ينبش قبر ابنه، في لقطة درامية أثرت في المشاهدين، وأثارت أيضاً تساؤلات حول الفائدة الأخلاقية والفنية من هذا التصرف.
وظهر عمرو سعد خلال المشهد وهو يجسد شخصية "الجارحي أبو العباس"، حيث توجه إلى قبر ابنه، وفتح القبر، ثم نزل ليحتضن جثته، في مشهد مؤثر على أنغام أغنية "سلام يا حتة مني" للفنان أحمد سعد.
ورغم التأثير العاطفي العميق للمشهد، إلا أنه أثار ردود فعل متباينة بين المتابعين، ونقاشاً أوسع حول حدود الدراما وتأثيرها على الجمهور، ومدى مسؤولية صُنّاع الأعمال الفنية في تقديم محتوى يراعي القيم الدينية والاجتماعية.
وبينما رأى البعض أن الفن يجب أن يعكس المشاعر الإنسانية بكل تفاصيلها، رأى آخرون ضرورة وضع ضوابط في تناول الموضوعات الحساسة مثل الموت وحرمة القبور.
وهاجم عدد من المشاهدين المشهد، مؤكدين أنه يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي، حيث علّق أحد المتابعين على فيس بوك قائلاً: "مشهد نبش عمرو سعد لقبر ابنه مؤثر درامياً بلا شك، لكن هل يجوز شرعاً نبش القبور لأي سبب؟ حرمة الميت لا تزول حياً وميتاً، ومن غير اللائق الترويج لنبش القبور وانتهاك حرمة الموتى".
وأعرب آخرون عن استيائهم من تقديم مثل هذه المشاهد في الأعمال الدرامية، معتبرين أنها قد تساهم في تطبيع سلوكيات غير مقبولة اجتماعياً ودينياً.
في المقابل، دافع بعض المتابعين عن المشهد، معتبرين أنه يعكس معاناة الأب المكلوم وعمق الفقدان الذي يشعر به، حيث كتبت إحدى المتابعات: "المشهد مؤثر لأنه يعكس حالة أب فقد ابنه ولم يستطع حضور جنازته أو وداعه، فهو لم يجد وسيلة للتخفيف عن ألمه سوى هذه اللحظة العاطفية. المشهد درامي وليس واقعاً حقيقياً".
كما علقت متابعة أخرى قائلة: "هناك أشخاص في الحقيقة قد يقومون بأفعال مشابهة بدافع الحزن العميق، رغم أن ذلك ليس صحيحاً دينياً أو اجتماعياً، لكنه يُظهر مدى الألم النفسي الذي يمر به الشخص عند فقدان من يحب".
يُذكر أن مسلسل "سيد الناس" من بطولة عمرو سعد، ريم مصطفى، أحمد رزق، أحمد زاهر، وأحمد فهيم، وهو من تأليف وإخراج محمد سامي.