عربي21:
2025-03-25@22:57:51 GMT

ترامب والتدين المتوحش

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

قيل بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصبح أكثر تدينا هذه الأيام، وهو يقول بأنه بعد حادثة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خلال حملته الانتخابية الأخيرة شعر بأن "شيئا تغير في داخلي"، وأضاف في إفطار صلاة في مبنى الكابيتول الأمريكي " كنت أؤمن بالله، لكني أشعر به بقوة أكبر". وعلى هذا الأساس تم فتح ما يسمى بـ"مكتب الإيمان" في البيت الأبيض، وهو عبارة عن مؤسسة دعوية، وأعلن بالخصوص أنه "يتعين علينا إعادة الدين.

دعونا نعيد الله إلى حياتنا".

تكون العودة إلى الدين في الغالب، خاصة مع تقدم السن، علامة صحية تدفع بالمتدين نحو مراجعة حياته، والتقرب إلى الله بالتوبة النصوحة والإكثار من التأمل الروحي، لكن هناك من يكون تدينه مؤشرا سلبيا وأحيانا يكتسي طابعا كارثيا. وقد شهدنا في عالمنا الإسلامي أمثلة عديدة وخطيرة، وكانت تداعياتها مؤلمة على أكثر من صعيد. ويعود السبب في ذلك إلى نوعية الفكر الديني الذي يحمله الشخص ويفسر من خلاله المقدس وكيفية توظيفه.

هذا التدين الذي يسمح لأصحابه بارتكاب كل هذه الجرائم، هل يمكن أن يقبله السيد المسيح ضمن أتباعه؟ لا نعتقد أن سلوكا من هذا النوع يمكن أن يبرر من قِبل أي دين ومن أي رسول. والأغرب من كل هذا اعتقاد ترامب بأن سياسته هذه تقربه من الله، وتسرع في عودة المسيح، وفي إقامة مملكة الرب. كيف يستسيغ العقل مثل هذا الاعتقاد السخيف الذي يجعل من الإله جزءا من تراجيديا مأساوية ظالمة يذهب ضحيتها الشعب الفلسطيني برمته
يؤمن ترامب البالغ من العمر 78 عاما بالمسيحية الإنجيلية، ومتأثر بكنيسة الإصلاح الرسولي الجديد، وهي "حركة قومية مسيحية تدعو إلى وضع أدوات الحكومة والمجتمع تحت السيطرة المسيحية"، أي إخضاع السياسة والدولة للتأويلات الدينية، خلافا لمقولة فصل الدين عن الدولة. ولا تكمن المشكلة فقط في هذا التصور في العلاقة بين الديني والسياسي، ولكن أيضا في الربط العميق بين هذه العقيدة المسيحية المتطرفة وبين الصهيونية الدينية في بعدها الراديكالي. لهذا اعتبر الكاتب الإسرائيلي روجيل ألفر أن ترامب أصبح "وكيل الحاخام مائير كاهانا في البيت الأبيض"، بل وأصبح "قائدا أيديولوجيا له". وكاهانا هو الحاخام المتطرف الذي قتل عام 1990، وتقوم رؤيته على التهجير القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين.

يقوم البيت الأبيض الآن بدور الداعم والمحرض لإسرائيل على الإسراع بتنفيذ خطة ترامب المتعلقة بتهجير سكان غزة بكل الوسائل، بما في ذلك تشديد الحصار والتجويع. ولا علاقة لأمريكا اليوم بالسلام لا من قريب ولا من بعيد، حتى الإجراءات التي اتخذها سلفه ألغاها ترامب بما في ذلك بيع القنابل شديدة التدمير. لهذا أعلن بتسلئيل سموتريتش أنهم شرعوا في التحضير مع الأمريكيين لتنفيذ خطة التهجير "الطوعي" من قطاع غزة، والتي من أدواتها منع كل ما من شأنه إعادة بناء غزة والحيلولة دون تمكين أهلها من ضرورات الحياة. هذا ما صرح به نتنياهو، وتتولى أجهزته تنفيذه يوميا، كما شرع الجيش الإسرائيلي في القيام به من خلال استهداف المدنيين والشرطة داخل غزة حتى تجاوز عدد الشهداء المائة منذ سريان العمل باتفاقية وقف إطلاق النار.

هذه ليست سوى مقدمات لما هو أخطر، ويتعلق بما يسمى باليوم التالي، فالمعلوم أمريكيا وإسرائيليا أنه بعد انتهاء مسلسل تبادل الأسرى وتسلم آخر أسير لدى المقاومة، ستُستأنف الحرب لتكون على أشدها والتي وُصفت بفتح أبواب الجحيم، وبالتالي سد المنافذ في وجه الغزاويين مع فتح البوابة المصرية لمن أراد النجاة بنفسه.

يجب الاعتراف ضمن هذا السياق بأن الفلسطينيين في مأزق خطير، وأنهم يواجهون هذا النمط من "التدين المتوحش"، الذي يضعهم بين خيارين: إما التنازل عن الوطن ونسيانه، أو البقاء والموت. لكن مع ذلك لا يحق لأي كان، وبالأخص العرب، أن يضغطوا عليهم ويعملوا على كسر إرادتهم
هذا التدين الذي يسمح لأصحابه بارتكاب كل هذه الجرائم، هل يمكن أن يقبله السيد المسيح ضمن أتباعه؟ لا نعتقد أن سلوكا من هذا النوع يمكن أن يبرر من قِبل أي دين ومن أي رسول. والأغرب من كل هذا اعتقاد ترامب بأن سياسته هذه تقربه من الله، وتسرع في عودة المسيح، وفي إقامة مملكة الرب. كيف يستسيغ العقل مثل هذا الاعتقاد السخيف الذي يجعل من الإله جزءا من تراجيديا مأساوية ظالمة يذهب ضحيتها الشعب الفلسطيني برمته، مقابل معتقدات خرافية ذات أبعاد استعمارية قائمة على السرقة والجشع المحرم.

أصبح معلوما أن "ترامب لا يحب الأصدقاء الضعفاء، فهو يحترم القوة" حسبما جاء على لسان الرئيس الأكراني فولوديمير زيلينسكي. هو يتعامل مع الجميع وفق هذه القاعدة بمن فيهم الموالون للولايات المتحدة، لهذا لن تنفع معه لغة التنازلات التي بلا مقابل وبدون حدود. يرفع السقف عاليا، ثم يقبل ما يقدم له، ويعتبره جزءا من الحساب لا غير.

يجب الاعتراف ضمن هذا السياق بأن الفلسطينيين في مأزق خطير، وأنهم يواجهون هذا النمط من "التدين المتوحش"، الذي يضعهم بين خيارين: إما التنازل عن الوطن ونسيانه، أو البقاء والموت. لكن مع ذلك لا يحق لأي كان، وبالأخص العرب، أن يضغطوا عليهم ويعملوا على كسر إرادتهم وتشجيعهم على الاستسلام بحجة أنه لا بديل لهم عن ذلك. من ينتهج هذا الاختيار يصبح متورطا تاريخيا، لأن الأمر لا يتعلق بتسوية سياسية، وإنما بتصفية تامة ومذلة للقضية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الدين الإسرائيلي التهجير غزة الفلسطيني إسرائيل امريكا فلسطين غزة تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یمکن أن من هذا

إقرأ أيضاً:

[موديبو] يحتاج إلیٰ مٶدِب !!

ليس المقصود بهذا العنوان الزعيم المالی [موديبو كيتا] ولا زعيم قبيلة الماهرية الرزيقات الأول مادبو علی بن برشم من فرع أولاد محيميد، ذلك الذی أعلن العصيان علی عبد الله ود تور شين فقُبض عليه حيث قتله حمدان أبوعنجة فی الأُبيض عام 1886م، وكلمة (مادبو) هي إسمٌ، أو هو لقب أصله (المٶدبُ) أي معلم الصبيان لكن الإسم ينطق فی غرب أفريقيا مُحَرَّفاً فيُقال (موديبو) وتحول في السودان إلیٰ مادبو، وسيرة مادبو الأول المولود فی شكا بدارفور بدأت بمبايعته المهدي فی قدير عام 1882م ورجع لدارفور وقام بمهاجمة قوات سلاطين، لكنه انقلب علی الأمير كرم الله كركساوی، عامل المهدية علی شكا الذی قبض عليه وأرسله إلى الخليفة بأم درمان حيث قتله حمدان أبوعنجة فی الأبيض وأرسل رأسه فقط إلیٰ البقعة!! وخلفه ابنه موسی مادبو، الذی حبسه الخليفة عام 1895 بتهمة مساعدة صديقه سلاطين علی الهروب، ولم يشهد واقعة كرری، 1898م فقد هرب صباح ذلك اليوم مع أسرته، وقبض عليه المسيرية لمدة عام قبل أن يُطلقوا سراحه، ثم قبض عليه السلطان علی دينار وحبسه حتی عام 1901م،ثم آلت النظارة بعد وفاته عام 1920م لإبنه الناظر إبراهيم موسی مادبو،ثم خلفه أخوه محمود، الذی خلفه ابنه إبراهيم محمود موسی حتی وفاته عام 1994م،فخلفه سعيد موسی مادبو. ومن أبناء موسی الدكتور آدم وزير الدفاع الأسبق والد (الوِليد المُهَمَّش الوليد مادبو أو دكتور موديبو) !!

الناظر الحالي هو محمود موسی إبراهيم الذي كانت من أقواله (حميدتي خط أحمررر) وقال أيضاً مهدداً بإجتياح العاصمة (الخرطوم دي بنطويها فی ساعة) فاستخف قومه فأطاعوه، ولم تستطع قوات المليشيا وهي المسلحة بأحدث أنواع السلاح من صواريخ الجافلن والكورنيت الأمريكية الفتاكة من طي الخرطوم وقد وضعت القوات المسلحة يدها عليها غنيمة مستحقة بعد أن طوت صفحة مليشيا آل دقلو فی الخرطوم التی زعم ناظر المليشيا بطيها فی ساعات فطوتها يد الجيش في ساعة، وعينها علی الضعين فقد ضبطت النشكاة علی حدودها من أم ورقات وحتی الجلابي، وليس بين دونكي أبْ سكين، ودونكي أبْ عِمَّة، وكل محطات سوق أُم دَوَرْوَرْ الرُطْرطْ وأب سنيديره وقميلاية،،ألخ.

ولا يُعرف لناظر المتمردين أي إنجاز أو مشاركة فی قتال أو حرابة أو إنه قدم حلولاً لفض أي نزاع سویٰ إنه قدم تعازيه لزميله المحتار مختار، فی هلاك المتمرد جلحة الذی قال الأخ الأستاذ محمد محمد خير فی وصفه (جلحة جُراب الكُضُب) بينما الناظر محمود أحقّ بهذا الوصف من جلحة الذی زعم بأنه يستطيع تدمير السد العالي، وقال محمود إنه يستطيع أن يطوی الخرطوم فی ساعة.

وهكذا يتبين لنا إن موديبو أو هو مٶدبُ يحتاج إلیٰ مٶدبٍ!!والجيش كفيل بالقيام بذلك الواجب، لكن ياجيش، “السكران فی ذمة الواعی”.

-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حقائق-ما مدى أمان تطبيق سيجنال الذي استخدمه مساعدو ترامب لمناقشة خطط حرب؟
  • «الفن.. ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا»
  • العيد الذي نحتاجه
  • ندوة ثقافية بدار الكتب بطنطا بعنوان «المرأة بين الدين والتدين»
  • [موديبو] يحتاج إلیٰ مٶدِب !!
  • هذا الذي يدور في اليمن‬ .. ‫وهذا القادم‬ !
  • منظمة التعاون الإسلامي تُدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في النيجر
  • حشود في كيب تاون تستقبل سفير جنوب أفريقيا الذي طردته واشنطن.. ماذا قال؟ (شاهد)
  • الدعاء الذي لا يرد في رمضان
  • ما الذي تريده واشنطن من إملاء الشروط؟