عربي21:
2025-02-19@22:57:30 GMT

ترامب والتدين المتوحش

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

قيل بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصبح أكثر تدينا هذه الأيام، وهو يقول بأنه بعد حادثة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خلال حملته الانتخابية الأخيرة شعر بأن "شيئا تغير في داخلي"، وأضاف في إفطار صلاة في مبنى الكابيتول الأمريكي " كنت أؤمن بالله، لكني أشعر به بقوة أكبر". وعلى هذا الأساس تم فتح ما يسمى بـ"مكتب الإيمان" في البيت الأبيض، وهو عبارة عن مؤسسة دعوية، وأعلن بالخصوص أنه "يتعين علينا إعادة الدين.

دعونا نعيد الله إلى حياتنا".

تكون العودة إلى الدين في الغالب، خاصة مع تقدم السن، علامة صحية تدفع بالمتدين نحو مراجعة حياته، والتقرب إلى الله بالتوبة النصوحة والإكثار من التأمل الروحي، لكن هناك من يكون تدينه مؤشرا سلبيا وأحيانا يكتسي طابعا كارثيا. وقد شهدنا في عالمنا الإسلامي أمثلة عديدة وخطيرة، وكانت تداعياتها مؤلمة على أكثر من صعيد. ويعود السبب في ذلك إلى نوعية الفكر الديني الذي يحمله الشخص ويفسر من خلاله المقدس وكيفية توظيفه.

هذا التدين الذي يسمح لأصحابه بارتكاب كل هذه الجرائم، هل يمكن أن يقبله السيد المسيح ضمن أتباعه؟ لا نعتقد أن سلوكا من هذا النوع يمكن أن يبرر من قِبل أي دين ومن أي رسول. والأغرب من كل هذا اعتقاد ترامب بأن سياسته هذه تقربه من الله، وتسرع في عودة المسيح، وفي إقامة مملكة الرب. كيف يستسيغ العقل مثل هذا الاعتقاد السخيف الذي يجعل من الإله جزءا من تراجيديا مأساوية ظالمة يذهب ضحيتها الشعب الفلسطيني برمته
يؤمن ترامب البالغ من العمر 78 عاما بالمسيحية الإنجيلية، ومتأثر بكنيسة الإصلاح الرسولي الجديد، وهي "حركة قومية مسيحية تدعو إلى وضع أدوات الحكومة والمجتمع تحت السيطرة المسيحية"، أي إخضاع السياسة والدولة للتأويلات الدينية، خلافا لمقولة فصل الدين عن الدولة. ولا تكمن المشكلة فقط في هذا التصور في العلاقة بين الديني والسياسي، ولكن أيضا في الربط العميق بين هذه العقيدة المسيحية المتطرفة وبين الصهيونية الدينية في بعدها الراديكالي. لهذا اعتبر الكاتب الإسرائيلي روجيل ألفر أن ترامب أصبح "وكيل الحاخام مائير كاهانا في البيت الأبيض"، بل وأصبح "قائدا أيديولوجيا له". وكاهانا هو الحاخام المتطرف الذي قتل عام 1990، وتقوم رؤيته على التهجير القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين.

يقوم البيت الأبيض الآن بدور الداعم والمحرض لإسرائيل على الإسراع بتنفيذ خطة ترامب المتعلقة بتهجير سكان غزة بكل الوسائل، بما في ذلك تشديد الحصار والتجويع. ولا علاقة لأمريكا اليوم بالسلام لا من قريب ولا من بعيد، حتى الإجراءات التي اتخذها سلفه ألغاها ترامب بما في ذلك بيع القنابل شديدة التدمير. لهذا أعلن بتسلئيل سموتريتش أنهم شرعوا في التحضير مع الأمريكيين لتنفيذ خطة التهجير "الطوعي" من قطاع غزة، والتي من أدواتها منع كل ما من شأنه إعادة بناء غزة والحيلولة دون تمكين أهلها من ضرورات الحياة. هذا ما صرح به نتنياهو، وتتولى أجهزته تنفيذه يوميا، كما شرع الجيش الإسرائيلي في القيام به من خلال استهداف المدنيين والشرطة داخل غزة حتى تجاوز عدد الشهداء المائة منذ سريان العمل باتفاقية وقف إطلاق النار.

هذه ليست سوى مقدمات لما هو أخطر، ويتعلق بما يسمى باليوم التالي، فالمعلوم أمريكيا وإسرائيليا أنه بعد انتهاء مسلسل تبادل الأسرى وتسلم آخر أسير لدى المقاومة، ستُستأنف الحرب لتكون على أشدها والتي وُصفت بفتح أبواب الجحيم، وبالتالي سد المنافذ في وجه الغزاويين مع فتح البوابة المصرية لمن أراد النجاة بنفسه.

يجب الاعتراف ضمن هذا السياق بأن الفلسطينيين في مأزق خطير، وأنهم يواجهون هذا النمط من "التدين المتوحش"، الذي يضعهم بين خيارين: إما التنازل عن الوطن ونسيانه، أو البقاء والموت. لكن مع ذلك لا يحق لأي كان، وبالأخص العرب، أن يضغطوا عليهم ويعملوا على كسر إرادتهم
هذا التدين الذي يسمح لأصحابه بارتكاب كل هذه الجرائم، هل يمكن أن يقبله السيد المسيح ضمن أتباعه؟ لا نعتقد أن سلوكا من هذا النوع يمكن أن يبرر من قِبل أي دين ومن أي رسول. والأغرب من كل هذا اعتقاد ترامب بأن سياسته هذه تقربه من الله، وتسرع في عودة المسيح، وفي إقامة مملكة الرب. كيف يستسيغ العقل مثل هذا الاعتقاد السخيف الذي يجعل من الإله جزءا من تراجيديا مأساوية ظالمة يذهب ضحيتها الشعب الفلسطيني برمته، مقابل معتقدات خرافية ذات أبعاد استعمارية قائمة على السرقة والجشع المحرم.

أصبح معلوما أن "ترامب لا يحب الأصدقاء الضعفاء، فهو يحترم القوة" حسبما جاء على لسان الرئيس الأكراني فولوديمير زيلينسكي. هو يتعامل مع الجميع وفق هذه القاعدة بمن فيهم الموالون للولايات المتحدة، لهذا لن تنفع معه لغة التنازلات التي بلا مقابل وبدون حدود. يرفع السقف عاليا، ثم يقبل ما يقدم له، ويعتبره جزءا من الحساب لا غير.

يجب الاعتراف ضمن هذا السياق بأن الفلسطينيين في مأزق خطير، وأنهم يواجهون هذا النمط من "التدين المتوحش"، الذي يضعهم بين خيارين: إما التنازل عن الوطن ونسيانه، أو البقاء والموت. لكن مع ذلك لا يحق لأي كان، وبالأخص العرب، أن يضغطوا عليهم ويعملوا على كسر إرادتهم وتشجيعهم على الاستسلام بحجة أنه لا بديل لهم عن ذلك. من ينتهج هذا الاختيار يصبح متورطا تاريخيا، لأن الأمر لا يتعلق بتسوية سياسية، وإنما بتصفية تامة ومذلة للقضية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الدين الإسرائيلي التهجير غزة الفلسطيني إسرائيل امريكا فلسطين غزة تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یمکن أن من هذا

إقرأ أيضاً:

العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏

 

 

صانع المعجزات في الحروب والتفجيرات الشهيد عماد مغنية ”
في الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد الحاج رضوان عماد فائز مغنية الحاج ربيع رضوان الله عليه ” حزب الله أصبح أجيالاً ومجتمعاً لا يمكن إزالته”.
الحاج رضوان:
الاسم الذي نال رضا الله ” لقد رضي الله عن المؤمنين”، راضياً الله في مناهضة العدو الإسرائيلي، والاستكبار العالمي الذي يقف مع الكيان اللقيط، مُذل العدو الإسرائيلي ،العاصف الذي لا يعرف الهدوء مع العدو الإسرائيلي، المطل على التلال مستهدفاً المواقع الحيوية للعدو على الشريط الحدودي ،الباطش للعدو، والذي كان له الدور الأبرز في عملية أسر الجنديين الإسرائيليين على الحدود، رجل العمليات الميدانية للمقاومة، القائد الجهادي الأسطوري الكبير في حزب الله، المرهق استخباراتياً لـ ٤٢دولة.
الحاج رضوان:
الذي وضع السياسات والإجراءات التي تتعلق باستراتيجية إزاله إسرائيل من الوجود، الصانع لحالة توازن الردع مع العدو الإسرائيلي، خاطف الطائرات، والعقل المدبر لتفجير السفارات، قائد العمليات الخارجية.
عماد :-
اسم يعني العمود الذي يشكل الدعم والقاعدة، العمود الذي قام عليه حزب الله، العمود الطويل إلى ما لا نهاية به أصبح حزب الله طويلاً إلى مالا نهاية، عماد الشريف العالي المكانة في قومة، المعلم لهم، قائد الانتصارين، عنواناً للنصر، التطور الذكي، والإبداعي، والعسكري، والأمني في هذه المقاومة .
العماد:
رمزاً ونموذجاً للقدرة والنصر على العدو الأكبر في تاريخ المناضلين من أجل الحرية، الثائر على الاستكبار، فاتح عهد الاستشهاديين، العقل المدبر وراء أول العمليات الاستشهادية، المفجر لمقرات المارينز، المهدد الحقيقي للكيان الإسرائيلي، بطل الكاتيوشا، والذي كان له الفضل بعد الله في تحويل غزة من بقعة محتلة إلى قلعة حصينة ضد الاحتلال.
عماد :-
القاهر الأول للعدو الإسرائيلي في الأراضي العربية، محقق انتصار أيار عام ٢٠٠٠م، المفجر للبارجة الحربية الإسرائيلية في حرب تموز، محقق انتصار تموز ٢٠٠٦م، صانع الكثير من الانتصارات، الصامت الذي هز الاستكبار العالمي، مسؤول عن بناء القوة العسكرية لحزب الله، ورجل التخطيط الأول في حزب الله، المنفذ لكل أوامر الأمين العام لحزب الله الشهيد الأقدس حسن نصر الله رضوان الله عليه ،.
فالعماد هو مالك الأشتر في عصره، العماد الذي لا مثيل له بالبلاد.
فائز :
الفائز دنيا وآخرة الفوز العظيم، المجاهد المتفوق، المفلح، الناجح، المنتصر على أعدائه، الظافر بالأماني والخير، الرجل الثاني في حزب الله، البائع نفسه لله والجهاد في سبيل الله وعمره ١٣ عاماً إلى جانب الفصائل الفلسطينية المسلحة، السراج المنير في حركة فتح، رئيس حركة الجهاد الإسلامي، رئيس المجلس الجهادي في حزب الله، مهندس المعارك المطور للقدرات العسكرية لحزب الله، مؤسس كتائب الرضوان، المغير لمعادلات الصراع من لبنان إلى فلسطين، المدرب للأجيال في حزب الله ،” ذلك هو الفوز العظيم”.
مغنية:-
اسم قائداً بالفطرة ،الرجل المتواضع الذي كان عمله، وعقله، وشجاعته تخضع لسيطرة إيمانه، العاشق للعلم والمعرفة والبصيرة والجهاد ،الحليم الوقور في كلامه ،القائد العطوف ،والحريص على المجاهدين ،المحقق الاستقلال السياسي ،والثقافي للمقاومة ،ومن عوامل انطلاق مغنية في العمل الجهادي هو تأثره ُفي الحروب الأهلية اللبنانية ،وفهمه الهدف منها ومن يقف وراءها وهي قوى الاستكبار العالمي ،وتأثر مغنية أيضاً بشخصية الإمام الخميني قدس الله سره مقتدياً به ،وقد قام مغنية بالحفاظ على كثير من الشخصيات من عملية الاغتيالات منهم السيد فضل الله، المتصدي لجيش العدو الإسرائيلي في منطقة خلدة ،وهو أول من أسس العمل المقاوم ضد العدو الإسرائيلي ،الحامي للمسيحيين في لبنان، مغنية اسم غني على التعريف.
اغتاله الموساد الإسرائيلي بعد أكثر من ٢٥ عاماً من الملاحقة الاستخباراتية لدول قوى الاستكبار العالمي ،حيث استشهد عام ٢٠٠٨م ،في سيارة مفخخة في دمشق، ولم يمت عماد بل أصبح حياً يرزق مخلفاً الآلاف من المجاهدين يحملون روحية عماد ليصبح منشأة عماد ٥ ،عماداً للمقاومة والتضحية ،وبشارة النصر الحاسم وربيع النصر ،هنيئاً وطوبا للحاج ربيع هذا الفضل من الله ،وعهداً منا للحاج رضوان أننا على نهجه ماضون ومستمرون في إفشال المشروع الاستعماري الذي تسعى له دول قوى الاستكبار العالمي في الشرق الأوسط التي صرح بها المجرم الكافر ترامب ،وتحرير المقدسات ..

مقالات مشابهة

  • العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏
  • ما الذي يدور في عقل ترامب؟
  • صورة: ما هو الحيوان الذي يصوم رمضان 2025 ؟
  • العثور على جثة التيك توكر الذي ألقى بنفسه في مياه البحر
  • الدعاء الذي لا يرد في رمضان
  • الألوسي الذي أحب العمانيين والعمارة العمانية
  • حماس تثمن بيان القمة الأفريقية الذي أدان الحرب على غزة
  • ستيف ويتكوف.. "رجل الصفقات" الذي يعيد تشكيل السياسة الأمريكية
  • المستعمر الأمريكي الذي خلع قناع الوساطة