يمانيون:
2025-02-19@22:13:44 GMT

“ساعة للتاريخ”.. شهادة من قلب السياسة اليمنية

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

“ساعة للتاريخ”.. شهادة من قلب السياسة اليمنية

م. صلاح الدين عبدالله

في خضم الأحداث المتسارعة التي شهدتها اليمن عبر العقود الماضية، يبرز كتاب “ساعة للتاريخ” كشهادة حية على مرحلة مفصلية في التاريخ السياسي اليمني؛ الكتاب ليس مجرد توثيقٍ للأحداث، بل نافذةٌ يطلُّ منها القارئ على كواليس الصراع السياسي، والمناورات التي دارت بين القوى المحلية والدولية، من خلال تجربة شخصية غنية بالتحولات والصراعات.

لماذا هذا الكتاب؟

يستند “ساعة للتاريخ” إلى سلسلة من الحوارات التي أجريت مع الأستاذ محمد النعيمي- عضو المجلس السياسي الأعلى، أحد الفاعلين السياسيين الذين كانوا جزءًا من المشهد اليمني بكل ما فيه من تقلبات؛ فهو ذو القول الصادق، والرأي الصائب، والرؤية العميقة التي تجمع بين الهوية الإيمانية، والهوى الوطني والهواية المدنية، بعيداً عن الأهواء الذاتية والمناطقية والفئوية الضيقة؛ وتمتد الحوارات التي بُني عليها الكتاب إلى عمق الأحداث، فتتجاوز السرد التقليدي لتقدم تحليلًا معمّقًا لتاريخ اليمن الحديث، بدءًا من الصراع بين الملكيين والجمهوريين، مرورًا بتشكُّل الأحزاب السياسية، وصولًا إلى التدخلات الخارجية التي لم تزل تحاول رسم مسار البلاد حتى اليوم.

في مقدمة الكتاب، يوضح المحاور “الأستاذ/ عبدالرحمن الأهنومي- معد ومقدم برنامج ساعة للتاريخ الذي عُرض على قناة المسيرة الفضائية” أن الفكرة انطلقت من رغبةٍ في تقديم قراءة موضوعية لتاريخ اليمن السياسي من وجهة نظر شاهد عيان، وليس مجرد باحث يقرأ من الكتب؛ وهذا ما يجعل الكتاب مختلفًا عن غيره من الدراسات، فهو شهادة شخصية تخاطب القارئ بلسان من عاش التجربة، وليس فقط من حللها.

محتوى الكتاب.. بين السياسة والتأريخ

يقدم الأستاذ النعيمي رؤية تفصيلية لمراحل الصراع السياسي في اليمن، ويركز على أبرز المحطات التي شكلت المشهد العام، ومنها:

– الصراع بين الملكيين والجمهوريين، وكيف بدأت الحرب السياسية ودور القوة الثالثة، ومن كان اللاعب الأكبر في تحديد مصير اليمن في تلك الفترة؟.

– التأثير الإقليمي والدولي، وكيف لعبت السعودية دورًا في تشكيل المشهد السياسي اليمني؟.

– نشأة وتطور حزب “الاتحاد”، وكيف ظهر هذا الحزب؟، وما علاقته بالقوى السياسية الأخرى؟.

– الوحدة اليمنية والتحديات التي واجهتها، ولماذا لم تكن الوحدة كما تخيلها الكثيرون؟، وما الذي قد يعرقل نجاحها؟.

– التحولات الكبرى والثورات، وكيف تأثرت الأحزاب والتيارات المختلفة بالأحداث المفصلية؟.

– التحرر من التبعية والارتهان، وكيف صمد الشعب اليمني العظيم في مواجهة العدوان؟.

– الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وكيف يمكن لليمن أن تواكب التطورات العالمية حتى تصبح منافسة لتلك التطورات؟.

ما يميز الكتاب أنه لا يكتفي بعرض الوقائع، بل يسعى إلى فهم الخلفيات السياسية والاجتماعية التي دفعت باتجاه تلك الأحداث، مما يجعله مصدرًا مهمًا للباحثين، وصنّاع القرار، وحتى المواطن العادي الذي يريد فهم ما جرى بعيدًا عن الخطابات الرسمية والمواقف المعلبة.

لماذا يجب أن يُقرأ هذا الكتاب؟

لأنه شهادة تاريخية من الداخل، فليست كل الكتب السياسية تروي الأحداث من منظور من عاشها، لكن هذا الكتاب يحمل تجربة شخصية موثقة.

لأنه يكشف كواليس السياسة اليمنية، فيتناول قضايا لم تكن تُطرح بشكل مباشر، ويوضح كيف جرت الأمور خلف الأبواب المغلقة.

لأنه يقدم قراءة عميقة للأحداث، فالكتاب ليس مجرد أرشيف زمني، بل تحليل للأخطاء والدروس المستفادة، ما يجعله دليلًا لفهم مستقبل اليمن.

في الختام.. «هذا الكتاب» لا يُفوّت

يوضح الأستاذ النعيمي أهمية التوثيق السياسي، وكيف يمكن لهذه الشهادات أن تضيء الطريق للأجيال القادمة؛ فالتاريخ ليس مجرد ماضٍ يُحكى، بل دروسٌ تُستخلص، وتجاربٌ تكرَّر.

«ساعة للتاريخ” هو أكثر من مجرد كتاب سياسي، إنه وثيقة تنبض بالحياة، تأخذ القارئ إلى دهاليز السياسة اليمنية، حيث الحقيقة ليست دائمًا كما تبدو، ولكنها دائمًا تحمل أثرها على المستقبل.

إن اختيار عبارة “علينا أن نتعض من دروس التاريخ وعبره وعضاته” على واجهة الكتاب يعكس أسلوبًا غير تقليدي أكثر إثارة، لأنها توضح أن الكتاب يجمع بين الدرس والعبرة والأثر المؤلم الذي تتركه الأحداث في الذاكرة الجمعية؛ فكلمة “نتعض” تحمل في طياتها معنى التأثر العميق والاستفادة من التجارب بطريقة تتجاوز الإدراك العقلي إلى الإحساس الحقيقي بوقع الماضي؛ أما استخدام “عضاته” بدلًا من “عظاته”، فيكسر النمطية المعتادة في الحديث عن التاريخ، حيث يبرز الوجه القاسي له، ذلك الذي يعضّ الأمم والشعوب إن هي تجاهلت دروسه، ويجعل القارئ يتفاعل معه على مستوى أعمق، كأنه يستشعر الألم والتحذير المخفي وراء كل تجربة.

وبهذا التكوين، يصبح الكتاب أكثر تأثيرًا، فهو لا يكتفي بدعوة باردة لاستخلاص العبر، بل يدفع القارئ دفعًا إلى الشعور بأن التاريخ ليس مجرد روايات تُسرد، بل أحداث تُعيد تشكيل الواقع، إما بإلهام يقود للتغيير، أو بندوب تظل شاهدة على أخطاء لم يُتعظ منها.

هل تبحث عن قراءة مختلفة في التاريخ السياسي اليمني؟ “ساعة للتاريخ” هو الكتاب الذي تحتاجه.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هذا الکتاب لیس مجرد

إقرأ أيضاً:

ما هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا

أكد الكاتب الإسرائيلي نيتسان كوهن، أن الاحتلال دفع ثمنا باهظا في الجانب الاقتصادي بسبب الحرب ضد غزة، قائلا: "حين نتحدث عن حرب بحجم الحرب التي نشبت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر يتوجب أن نتحدث أيضا عن الكلفة المالية الهائلة لها".

وأوضح كوهن في مقال له نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" أنه "في واقع الأمر نحن نتحدث عن أنواع مختلفة من الكلفة، وتوجد الكلفة المباشرة لوزارة الدفاع (الحرب) تتمثل بالدفع عن أيام الاحتياط، والدفع على الذخائر وتعبئة المخزونات الوقود وغيرها، كما توجد أيضا الكلفة الاقتصادية للحرب وهذا يعني أنه يجب أن يدخل الى الحساب فقدان الناتج، كلفة تشويش الحياة اليومية الطبيعية وغيرها".


وقال "كيفما نظرنا الى الأمور، نجد كلفة اقتصادية لا بأس بها، وقبل أن ندخل إلى الأرقام يجدر بنا أن نذكر أن الاقتصاد الإسرائيلي دخل الحرب وهو في حالة جيدة، هذا يعني أنه كانت لحكومة نتنياهو مصادر تستمد منها المال دون تلقي مساعدات خارجية بتعابير دولارية، وماذا يعني هذا؟ أولا وقبل كل شيء، نسبة دين إسرائيل كانت متدنية بحيث كان ممكنا اقتراض المال حتى وإن كان بأسعار عالية".

وذكر أن "بنك إسرائيل يحافظ على أرصدة عملة أجنبية عالية، كانت تدور حول 215 مليار دولار، وهذا يتيح لإسرائيل سيولة من العملة الأجنبية، ما يعني أنه عندما كانت حاجة للدولارات لشراء الذخائر في الخارج كانت تلك الدولارات موجودة، وعندما يذعر المستثمرون الأجانب من الحرب ويريدون سحب أموالهم – يكون هذا الرصيد موجودا وهذا معطى هام جدا للإبقاء على سير حرب لا تجر الاقتصاد إلى التدهور".

جملة سيناريوهات
بشكل مبدئي، أكد الكاتب أن "البحث الشامل والأكثر مصداقية حول كلفة الحرب هوو إجراه بنك إسرائيل – والمقصود هو دائرة البحث في البنك التي يترأسها عدي برندرن اقتصادي ذو قامة، وثمة غير قليل من السيناريوهات للحرب وكل سيناريو يحتاج إلى تعبير اقتصادي لكن بنك إسرائيل استوعب الحدث، وفصله إلى شواكل ووصل إلى عدد 255 مليار شيكل (71 مليار دولار) أي كل يوم يمر دون أن تنتهي الحرب يكلف بائع الضرائب الإسرائيلي 315 مليون شيكل (88 مليون دولار).

وأكد "نعم، هذه كلفة الحرب صحيح حتى اليوم وحتى نهاية العام 2025، لكن توجد هنا "لكن" كبيرة، هذه الكلفة لا تأخذ بالحسبان سيناريو حرب شاملة مع ايران، وهنا تقدر محافل اقتصادية مطلعة على التفاصيل بأنه لن تكون كلفة اقتصادية عالية جدا لمثل هذه الحرب إذ إنه في ضوء التجربة المتراكمة في جهاز الأمن من هجومين إيرانيين على إسرائيل وهجوم إسرائيلي مضاد فإننا نتحدث عن معركة يفترض أن تكون قصيرة نسبيا".

وأشار إلى أن "سيناريو آخر لا يأخذ بالحسبان واشتعال إضافي مع حزب الله، لكن هنا أيضا، انتزع الجيش من حزب الله الذي يقف على حدودنا الشمالية غير قليل من القدرات التي كان يفترض أن تخفض جدا كلفة هذا السيناريو".


وبين ان "سيناريو ثلاث لا يؤخذ الآن في الحسبان الاقتصادي هو اشتعال الجبهة الجنوبية، وهنا أيضا نزع الجيش غير قليل من قدرات المنظمات في غزة، وعليه فان حربا بقوة عالية لن تكون مثلما رأينا في بداية الحرب وهنا أيضا الميزانية المالية لن تكون مشابهة، وكذا سيناريو تشتعل فيه كل الجبهات بالتوازي لم يؤخذ بالحسبان بتعابير اقتصادية".

وبين ان "ما أُخذ حقا بالحسبان هو استمرار الحرب في الجبهة الجنوبية والشمالية بقوى متغيرة – أي اشتعال، هدوء واشتعال متجدد، وهذا يعني أنه لن تجند كل قوة الاحتياط التي جندت في بداية الحرب، ومن هنا بان يستخدم الجيش الذخائر استخداما اقل وهكذا دواليك".

وأضاف أن "هذا السيناريو يأخذ بالحسبان تأهب وحدات احتياط كبيرة لكن ليس في مداها الأقصى. يأخذ بالحسبان تشوش جزئي جدا للحياة في الجبهة الداخلية ومن هنا أيضا فان فقدان الإنتاج سيكون محدودا ومن هنا أيضا فقدان المداخيل من الضرائب للدولة وهكذا دواليك".

وختم أنه "الآن ينبغي أن نفهم الوضعية، إسرائيل توجد في مستوى عال من انعدام اليقين، وكل سيناريو لم نفكر فيه يمكن أن يفاجيء، لكن الأن أيضا، الاقتصاد الإسرائيلي قوي، والجبهة الإسرائيلية الداخلية قوية، وإسرائيل معتادة على الانتقال السريع من الحياة الطبيعية إلى الطوارئ ومن ثم إلى الحياة الطبيعية، وعليه فيجب أن يقال كل شيء بتحفظ، كل الجهات الاقتصادية تعيش بسلام مع سيناريوهات بنك إسرائيل التي أخذت بالحسبان كل احتياجات الجيش كما عرضت ومع هوامش أمان معقولة".

مقالات مشابهة

  • اختبار الحمل المنزلي: متى وكيف تحصلين على نتيجة دقيقة؟
  • الصادق الرزيقي: الوجوه التي تسلقت سيقان البلاهة العجفاء في نيروبي، جاءت لتكتب شهادة وفاة لمشروع بائس
  • غروندبرغ: اليمن يواجه تحديات هائلة بينها حملة الاعتقالات التي تشنها جماعة الحوثي
  • هزة أرضية ثانية خلال 72 ساعة يشعر بها سكان وسط اليمن
  • وزير الخارجية اليمنية: لا رؤية للسلام في اليمن
  • كم هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا
  • ما هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا
  • القوات: انتهى الزمن الذي كانت إيران تعتبر فيه بيروت إحدى العواصم التي تسيطر عليها
  • ستيف ويتكوف.. "رجل الصفقات" الذي يعيد تشكيل السياسة الأمريكية
  • صدور كتاب ” ساعة للتاريخ مع محمد صالح النعيمي – عضو المجلس السياسي الأعلى”