لجريدة عمان:
2025-03-22@18:12:53 GMT

شفافية المؤسسات سبيل للتكامل المجتمعي

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

ردود أفعال مختلفة وتفاعل رقمي ملحوظ تابعه الجميع بعد عقد الادعاء العام مؤتمره السنوي بتاريخ 4 فبراير 2025م بعنوان «الشعور بعدالة الإجراء»، الذي استعرض أهم مؤشرات وإحصائيات القضايا التي تعامل معها، وأبرز القضايا والقرارات والأوامر القضائية والأحكام المنفذة، وتوظيف التقنية الحديثة في أعماله، والتوعية القانونية لعام 2024، وما ذاك إلا انعكاس لمبادئ الشفافية ومشاركة المعلومة، وإذ نصل لهذه النتيجة ونتشارك ذلك اليقين فلا أقل من أن تغدو هذه البيانات والإحصائيات المعلنة رسميا بداية لكثير من التحليلات والأبحاث اللاحقة الممهدة لوضع تصورات ممكنة لمشاريع تغيير وتنمية مستقبلية، ولعل المؤتمر قدّم كثيرا من الإحصائيات والأرقام التي قد تبدو مقلقة ظاهريا دون التعمق في تأثير التوعية في الإبلاغ عما يمكن أن يكون مسكوتا عنه من قبل.

في سياق استبطان المعلومة الإحصائية وصحة تحليلها أذكر أنني أثناء عملي في متابعة متعلقات قضايا إنسانية صادفت حضور جلسة محكمة أتت بعد إجازة القضاء، صدمني خلالها عدد قضايا التحرش بالأطفال حد التوتر والظن بأنها ظاهرة مرعبة متفشية، وإذ لم يتغير اليقين بأثرها المدمر لنفسية الطفل، ثم سلبياتها العامة على المجتمع ككل، غير أني أيقنت بعد استبطان متعمق ومراس أن الزيادة في عدد القضايا تعني كذلك زيادة الوعي في ضرورة الإبلاغ عن المتحرش بعد سنوات من الصمت ظنا أن في الإبلاغ فضيحة للضحايا، وخطوة لإقصائهم مجتمعيا بعد تعريضهم للتنمر والإدانة، يقينا أن الأمر كذلك مع الزيادة المطردة في بعض القضايا المتعلقة بالمال العام وجرائم غسيل الأموال، وقد تضمّن المؤتمر تأكيدا ذلك بالحديث عن التعاون المشترك بين الادعاء العام وجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عبر العمل على مدار الساعة وبشكل متواصل للنظر في القضايا التي ترد إليهم من الجهات المبلغة، والتقييم المباشر لها، ولا ننسى في هذا المعرض الجهد الجلي للمؤسستين في التوعية المجتمعية والتثقيف القانوني والإداري، وتشجيع العامة والجهاز الإداري معا على ضرورة الإبلاغ ومشاركة المعلومة لتيسير عملية البحث والتحقق قبل الجزاء والمحاسبة إن ثبتت التهمة بتوافر الأدلة والقرائن.

مع قراءة ما بين السطور لا بد من وقفة على بعض الأرقام والإحصائيات والإجراءات، التي نذكر منها على سبيل المثال ارتفاع عدد الجرائم الواقعة على الأطفال العام الماضي إلى 1325 قضية، موزعة بين التحرش وهتك العرض وممارسة أي شكل من أشكال العنف، وتعريض الحدث للجنوح، والمخيف في ذلك أن هذا العدد لا يعكس الواقع الحقيقي لهذه التجاوزات على الطفولة وما هي إلا بعض من كل لم تصل به وسائله إلى الإبلاغ والتوثيق، خصوصا مع ما يمكن تخيله وسبق ذكره من قبل الادعاء أو المحامين أو حتى الأطباء المختصين مع استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الرقمية لإغراء وجذب الأطفال تحت عوامل كثيرة أسرية، اقتصادية واجتماعية.

ومع كل هذه الحقائق ترتفع ضرورة حماية الأطفال من كل هذه المهددات بتأكيد ثوابت التواصل الأسري، والاستقرار العائلي، وتعزيز القيم المتمثلة في الصدق والقناعة والإبلاغ عن أي شبهة، التوعية بالمفهوم الحقيقي للتربية بالقدوة والتوجيه، بالحوار بعيدا عن الإغراق المادي والعزل الاجتماعي، لا بد من يقين بأن أطفال اليوم مختلفون تماما عن أطفال الأمس وما يمكن أن يتعرضوا له من مخاطر يومية يفوق بمراحل ما كان يقلق آباء الأمس، من حيث السياق المختلف والوسائل المتنوعة، والسبل الأسرع لوصول الخطر إليهم حتى وهم في عقر دورهم بين أهليهم، وضمن هذا السياق المرتبط بالأحداث والأطفال ورد في المؤتمر كذلك حديث عن الموافقة على وثيقة مسقط لقواعد التعامل وحماية الطفل خلال مرحلة التحقيق بصفتها إلزامية بعد مناقشة أصحاب المعالي والسعادة نواب العموم والمدعين العامين بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تضمن المؤتمر موضوع التحقيق مع الأطفال المجني عليهم أو الأحداث الجانحين بتأكيد مراعاة ظروفهم بإيجاد غرفة خاصة للاستجواب في محافظة مسقط كتجربة أولى تضعهم في وضع أكثر أريحية للتقليل من تأثير سرد تفاصيل القضية عليهم، هذه التجربة التي نرجو تعميمها على جميع المحافظات من باب عدالة الإجراء عملا بالمساواة بعيدا عن المركزية، كما نرجو الأخذ بضرورة متابعة الأطفال والأحداث بعد صدور الأحكام، إذ لا ينبغي الاعتقاد بأن الاستقرار النفسي والصحة السلوكية توافرت مباشرة بمجرد إدانة المتهم في قضايا التحرش والعنف ضد الأطفال ليترك هؤلاء لمواجهة مصيرهم مع الاكتئاب والانطواء وتدمير الذات، ولعل تحقق ذلك بالتعاون بين مؤسسات مختلفة كالادعاء العام والقضاء والتنمية الاجتماعية والصحة النفسية.

كثير مما يتعلق بأرقام وإحصائيات الجرائم المرتبطة بالمال، وأخرى بتزايد الوافدين وثالثة بالاحتيال ورابعة بنسبة الذكور إلى الإناث، كل تلك الإحصائيات منطلقات لدراسات مستقبلية تأخذ كل هذه المعلومات بعين الاعتبار سعيا لتحليل واقعها وتبين مبرراتها، واقتراح وسائل تغييرها سواء بمعالجة أسبابها المادية والنفسية والاجتماعية، أو بسد الثغرات المكنة المتاحة لتعبر مثل تلك الجرائم عبر مراجعة التشريعات الإدارية والقانونية، وتفعيل الحوكمة الإدارية ومتابعة توصيات الادعاء العام وجهاز الرقابة وكل المؤسسات المعنية بالمشهد الجرمي أسبابه ونتائجه.

ختاما: لا بد من الثناء على كل خطوة مؤسسية في طريق الشفافية وتبادل ومشاركة المعلومة، فما ذلك إلا انعكاس جليّ لحرص الجميع وقوفا على تحديات المرحلة بتبيان واقعها قبل وضع الخطط لتخطيها وتجاوزها، حينها نصل لتفعيل المشاركة سبيلا لتكامل مجتمعي وطني منشود، شركاء في المعلومة شركاء في تدارسها، شركاء في تحويلها حافزا إيجابيا لغد أفضل.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الادعاء العام

إقرأ أيضاً:

«الرعاية الصحية» تحتفي بفعاليات الأسبوع العالمي لسلامة المرضى بمنشآت التأمين الشامل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شاركت الهيئة العامة للرعاية الصحية، برئاسة الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، من خلال منشآتها بفعاليات الأسبوع العالمي لسلامة المرضى، وذلك بمشاركة الإدارة العامة للجودة ومكافحة العدوى برئاسة الهيئة وإدارات الجودة بفروع ومنشآت الهيئة الصحية بمحافظات تطبيق التأمين الصحي الشامل.

وأوضح بيان هيئة الرعاية الصحية، شهدت الفعاليات مشاركة 105 منشأة صحية من المستشفيات والمراكز والوحدات التابعة للهيئة، من خلال أنشطة توعوية وتدريبية تهدف إلى تعزيز ثقافة السلامة، وتحسين جودة الرعاية الصحية، فضلًا عن تشجيع الإبلاغ عن الأحداث العارضة كوسيلة لتحليل المخاطر وتقليل الأخطاء الطبية.

وفي ذات السياق، أطلقت الهيئة خلال الفعاليات استقصاءً للرأي حول الأحداث العارضة تحت عنوان "قرارك مهم لحياة إنسان"، بمشاركة نحو 6000 من العاملين بالقطاع الطبي، وذلك بهدف رفع الوعي الطبي بأهمية الإبلاغ عن الأحداث العارضة لتعزيز ثقافة الأمان وتحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمرضى وتحسين تجربة المريض داخل منشآت هيئة الرعاية.

ولفت الدكتور السبكي، إلى أن نتائج التقرير السنوي لـ OVR للإبلاغ عن الأحداث العارضة (OVR) لعامي 2023-2024، والتي أظهرت ارتفاعًا بنسبة 200% في الإبلاغ عن الأحداث البسيطة، مما يعكس زيادة وعي الفرق الطبية بأهمية الإبلاغ عن الأخطاء كأداة رئيسية لتحليل المخاطر، وتطوير استراتيجيات الوقاية، وتعزيز بيئة طبية أكثر أمانًا داخل المنشآت الصحية.

وأشاد بتطور المنظومة الإلكترونية للإبلاغ عن الأحداث العارضة (OVR) في المنشآت الصحية التابعة للهيئة (E-OVR) كأحد المشروعات الرقمية للهيئة، والتي تعكس التحسن المستمر في مؤشرات جودة الرعاية وسلامة المرضى داخل المنشآت الصحية التابعة للهيئة.

وأشار إلى أن هذا التحسن في ثقافة الإبلاغ أسهم في انخفاض نسبة الأحداث الهامة بنسبة 75%، كنتيجة مباشرة لتطبيق برامج التدريب والتوعية حول التصنيف الصحيح للأحداث، وتحليل الأسباب الجذرية، واتخاذ التدابير الوقائية، بما يضمن تحسين جودة الرعاية وتقليل المخاطر الطبية.

وأضاف السبكي، أن التقرير أبرز ارتفاع ثقافة الإبلاغ عن الأحداث الجسيمة بنسبة 500%، مما يعكس تطورًا في دقة الإبلاغ عن الحالات الحرجة، وتحليل البيانات بشكل أعمق، مما ساعد في توجيه استراتيجيات السلامة بشكل أكثر كفاءة، وأسهم في تعزيز برامج الوقاية والتدخل المبكر لتقليل هذه المخاطر، من خلال تطبيق معايير أكثر صرامة لمتابعة المرضى، وتحسين إجراءات تعريف المرضى، وتعزيز تدابير منع السقوط.

ولفت إلى إطلاق الهيئة عدة مبادرات، من بينها "افهم ملفك"، التي تهدف إلى تدريب الأطباء والتمريض والصيادلة على التوثيق الطبي الدقيق، إلى جانب إنتاج محتوى توعوي يسهم في نشر ثقافة السلامة داخل المنشآت الصحية، بالإضافة إلى مبادرة "Patient Safety Bundles"، التي تركز على وضع بروتوكولات وقائية موجهة لمواجهة أكثر الأحداث تكرارًا، مع متابعة دورية لمدى كفاءة الإجراءات المتخذة في الحد من المخاطر الطبية.

واختتم الدكتور أحمد السبكي، بأن هيئة الرعاية الصحية ماضية في جهودها لتعزيز ثقافة السلامة داخل منشآتها، من خلال دعم بيئة الإبلاغ الفعّال، وتحليل المخاطر الصحية، وتطبيق الحلول الاستباقية، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 في تطوير القطاع الصحي، وتقديم نموذج متكامل للرعاية الصحية بمعايير عالمية.

IMG-20250322-WA0030 IMG-20250322-WA0029 IMG-20250322-WA0026 IMG-20250322-WA0025 IMG-20250322-WA0027 IMG-20250322-WA0028 IMG-20250322-WA0024 IMG-20250322-WA0023 IMG-20250322-WA0022 IMG-20250322-WA0021 IMG-20250322-WA0020 IMG-20250322-WA0019 IMG-20250322-WA0017 IMG-20250322-WA0015 IMG-20250322-WA0014 IMG-20250322-WA0012 IMG-20250322-WA0013

مقالات مشابهة

  • من جولة محافظ إدلب محمد عبد الرحمن في بلدات كفرنبل وحاس وكفروما للاطلاع على الواقع الخدمي فيها، والتعرف على الاحتياجات التي تسهّل عودة الأهالي إليها
  • الرعاية الصحية تحتفي بالأسبوع العالمي لسلامة المرضى
  • «الرعاية الصحية» تحتفي بفعاليات الأسبوع العالمي لسلامة المرضى بمنشآت التأمين الشامل
  • الإبلاغ عن اختفاء شاب من آل زعيتر في بعلبك
  • في محاضرته الرمضانية التاسعة عشرة قائد الثورة : التحرك في سبيل الله قائمٌ على أساس الالتجاء إلى الله والاستعانة به
  • المقاطعة الاقتصادية.. موقف عملي وجهاد في سبيل الله
  • البعثة الأممية تبحث سبل الحد من «العنف المجتمعي» 
  • تعرف على كامل مجلس وزراء ترامب.. ما موقفهم من إسرائيل والمسلمين وأهم القضايا؟
  • وكيل المالية : مبادرة سودانية للتعاون مع قطر للتكامل الاقتصادي العربي الافريقي
  • ‏ضمن البرنامج الحكومي وتوجيهات نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط .. شركة تعبئة وخدمات الغاز : ارتفاع أعداد المركبات التي تعمل بوقود الغاز