حرب الرسوم الجمركية.. أوروبا تتجهز لمواجهة قرارات ترامب
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
الثورة نت/..
أخذ الصراع التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا، اتجاها تصاعدياً بعد إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرارًا بزيادة الرسوم الجمركية، على البضائع الأوروبية، وهو ما قد يؤدي برأي أوروبيين إلى تغيير قواعد التجارة العالمية وإعادة تشكيل التحالفات الاقتصادية.
بعد أيام قليلة على أوامره التنفيذية برفع الرسوم الجمركية على الواردات من الصين والمكسيك وكندا، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا آخر يتعلق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 10% أو 20%، وهي الزيادة التي قد تكلف أوروبا 1% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وقال ترامب إن “الاتحاد الأوروبي لا يشتري السيارات أو المنتجات الزراعية الأمريكية، ولا يشتري أي شيء تقريبًا”، مشيرًا إلى أن أمريكا تشتري كل شيء من دول الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي يُنبئ باتجاه الجانب الأمريكي، إلى شن حرب تجارية جديدة تجاه الجانب الأوروبي.
ووسط الترقّب للشكل، الذي ستتخذه قرارات “السوط” الجمركي الأخيرة، التي أطلقها المقامر ترامب، ارتفع الصوت الأوروبي الرافض لهذه القرارات والداعي لمواجهة هذا التحدي الجديد.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، إن الرسوم الجمركية الأمريكية “غير المبررة” لن تمر من دون رد، متوعدة بالرد عليها “بإجراءات مضادة حازمة ومتناسبة”.
وإذ لفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي سوف يتحرك لحماية مصالحه الاقتصادية، أكدت “سنحمي عمالنا وشركاتنا ومستهلكينا” وبلهجة تهديد واضحة.
وألمحت رئيسة الاتحاد الأوروبي بإمكانية أن تولّى أوروبا وجهها شطر الصين، إذ صرّحت بالقول: “لقد حان الوقت لإعادة التوازن إلى علاقاتنا مع الصين بروح من الإنصاف والمعاملة بالمثل “.
وقبل ذلك أطلقت المفوضية الأوروبية تحذيرًا ضد الولايات المتحدة، وتعهدت بالرد “على الفور” إذا نفذ الرئيس ترامب تعريفات جمركية تطابق تلك التي يفرضها شركاء أمريكا التجاريون.
بدوره وزير الخارجية الفرنسية، جان نويل بارو، وجه تهديدا مبطناً من توجه الأوروبيين إلى شركاء جدد، لافتاً إلى أن أوروبا تعمل منذ سنوات على تنويع شركائها التجاريين، وإن هذه العملية سوف تتسارع بسبب فرض واشنطن للقيود الجديدة.
وإذ نوّه بأن ترامب فرض خلال ولايته السابقة رسوماً جمركية طالت دول الاتحاد الأوروبي، ذكّر بالرد عليها آنذاك، قبل أن يؤكد “سنرد الآن مرة أخرى”، مضيفاً أن القرار سيكون بيد بروكسل.
صمت الأوروبيون لم يستمر طويلا فقد اقترحت رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان الأوروبى ، أورور لالوك ، استراتيجية أخرى تتمثل فى فرض الضرائب على الشركات الأمريكية الكبرى مثل “جوجل، وأبل، وفيسبوك، وأمازون، ومايكروسوفت”.
وفي مقابل الآراء السابقة، أكدَّ المستشار الألماني ، أولاف شولتز، أن الولايات المتحدة “إذا لم تترك لنا أي خيار، فإن الاتحاد الأوروبي سيرد موحداً”، مضيفاً في كلمة أمام البرلمان أن “الحروب التجارية تؤدي في نهاية المطاف دائماً إلى تكلفة الرخاء لكلا الجانبين”.
وبين هذا وذاك، سرّبت معلومات عن رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بيرند لانغه، مفادها بأن بروكسيل مستعدّة لمواجهة صراع تجاريّ محتمل مع واشنطن؛ هذه المرة، مقارنة بفترة ولاية ترامب الأولى .
ويؤكد بيرند لانغه أن هناك فريق عمل يتبع للمفوضية يتعامل بجدّية مع توجّهات الإدارة الأميركية لفرض التعريفات المحتملة، بالإضافة إلى قانون جديد ضد التدابير الاقتصادية القسرية الأميركية معدّ ضمن لائحة، مما يُتيح فرضها بسرعة، بينها تعليق براءات الاختراع واستبعاد دول ثالثة من العقود العامة.
عملياً وعلى وقع قرارات واشنطن المتعلقة بالرسوم الجمركية، كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” اليوم الأحد، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم منع استيراد بعض المواد الغذائية المصنعة وفق معايير مختلفة في محاولة لحماية مزارعيه، وهو ما يتماشى مع سياسة التجارة القائمة على أساس المعاملة بالمثل التي ينتهجها الرئيس الأمريكي.
وقالت الصحيفة نقلا عن ثلاثة مسؤولين لم تسمهم إن المفوضية الأوروبية ستوافق هذا الأسبوع على دراسة فرض قيود أكثر صرامة على الواردات.
ولفتت إلى أن الأهداف المبكرة قد تشمل المحاصيل الأمريكية مثل فول الصويا المزروع باستخدام المبيدات الحشرية التي لا يُسمح للمزارعين في الاتحاد الأوروبي باستخدامها.
ويرى المتابعون والخبراء أن سياسة ترامب التجارية ستؤول إلى الفشل وستعود على أمريكا بأضرار هائلة خصوصًا في حال اتخذت الدول الأوروبية، إجراءات انتقامية تستهدف الصادرات الأمريكية التي تعتمد على السوق الأوروبية.
وبناءً على ذلك، يشدد الخبراء أن منطق الأحادية الذي يسير به ترامب، متجاهلًا قواعد المعاملة بالمثل ومتغافلًا عن طبيعة العلاقات التجارية التي تقوم على المصالح المتبادلة، لن يجد طريقًا للاستمرار أمام جدار الممانعة الأوروبي.
وأمام هذا المشهد، يبقى المؤكد بحسب الخبراء أن الرد الأوروبي إزاء التصعيد الأمريكي لن يقابل بالصمت أو الخنوع، بل بإجراءات مضادة ستعيد الحسابات في البيت الأبيض.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحذيرات فانس في ميونيخ.. هل أصبحت أمريكا تهديداً للديمقراطية الأوروبية؟
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، مقالا، للصحفي جدعون رتاتشمان، قال فيه إنه: "عندما صعد جيه دي فانس على المنصة في مؤتمر ميونيخ للأمن، الأسبوع الماضي، أصدر تحذيرا صارما. إذ قال نائب الرئيس الأمريكي، للسياسيين والدبلوماسيين المجتمعين إنّ: حرية التعبير والديمقراطية تتعرضان للهجوم من قِبَل النخب الأوروبية".
وأبرز المقال الذي ترجمته "عربي21"، قول دي فانس: "إن التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر في مواجهة أوروبا ليس روسيا، وليس الصين، بل التهديد من الداخل".
وتابع المقال: "إذا كان فانس يأمل في إقناع جمهوره، بدلا من إهانته ببساطة، فقد فشل. والواقع أن خطابه أتى بنتائج عكسية بشكل مذهل، حيث أقنع العديد من المستمعين بأن أميركا نفسها تشكل الآن تهديدا لأوروبا". وفي الحشد خارج قاعة المؤتمر، قال سياسي ألماني بارز لكاتب المقال: "كان ذلك هجوما مباشرا على الديمقراطية الأوروبية".
وقال دبلوماسي كبير: "من الواضح جدا الآن أن أوروبا وحدها". وعندما سأله الكاتب عما إذا كان ينظر الآن إلى الولايات المتحدة باعتبارها خصما، أجاب: "نعم".
وقال: "إن الحكم الأكثر إيجابية الذي سمعه بشأن الخطاب هو أنه "هراء صبياني"، لكنه يستهدف جمهورا أمريكيا وبالتالي يمكن تجاهله بأمان. ولكن إذا ما فكّكنا خطاب فانس، ووضعناه في سياق قرار دونالد ترامب بالتعامل مع فلاديمير بوتين، مع تهميش أوكرانيا وأوروبا، فسوف يتضح لنا أن الحروب الثقافية الأمريكية والأمن الدولي والسياسة الأوروبية لم يعد من الممكن فصلها".
وأشار إلى أنّ: "ما فعله فانس كان تقويض أفكار الحرية والديمقراطية والقيم المشتركة التي دعمت التحالف الغربي لمدة 80 عاما. وفي عالمه لم تعد معركة الحرية في أوروبا تدور حول ردع روسيا الاستبدادية والعدوانية، كما كانت الحال مع هاري ترومان أو رونالد ريغان. إن معركة فانس من أجل الحرية هي معركة لإنقاذ "الحضارة الغربية"، كما حددها إيلون ماسك وآخرون، من التهديدات المزدوجة المتمثلة في الهجرة الجماعية و"فيروس العقل المستيقظ".
وشدد على أنّ: "الواقع هو أن أيديولوجية إدارة ترامب تعني أنها تشعر الآن، في جوانب مهمة، بقدر أعظم من التقارب مع بوتين مقارنة بفولوديمير زيلينسكي. ويُنظَر إلى بوتين باعتباره محاربا يقاتل من أجل بلاده ومن أجل القيم المحافظة؛ في حين يُنظَر إلى الأوكراني باعتباره متطفلا لديه كل الأصدقاء الخطأ في أوروبا".
كذلك، استنتج كاتب المقال أنّ: "إدارة ترامب تنظر إلى أقصى اليمين الأوروبي باعتباره حليفها الحقيقي. وفي مناشدته أمثال حزب البديل من أجل ألمانيا بالترحيب به في الحكومة، يدعو فانس أوروبا إلى التحول إلى نسخة أكبر من المجر تحت حكم فيكتور أوربان -دولة استبدادية ناعمة مع نقطة تقارب مع روسيا بوتين-. وكان من الواضح أن فانس وجد الوقت في ميونيخ للقاء أليس فايدل، الزعيمة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا، ولكن ليس مع المستشار أولاف شولتز".
وقال إنه: "قبل أن نفكر في العواقب المترتبة على ما قاله فانس على أوروبا، ينبغي لنا أن نتوقف لنلاحظ نفاقه العميق. فقد حاول ترامب الإطاحة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020. ويفترض نائبه أن يلقي محاضرة على الأوروبيين حول احترام الديمقراطية؟".
وأشار إلى أنّ: "حجج فانس كانت عبارة عن "ماذا عن" كلاسيكية على الطريقة الروسية، حيث إنّه صرف الانتباه عن هجوم إدارة ترامب على المؤسسات الديمقراطية الأمريكية والخيانة الوشيكة لأوكرانيا -مع حكايات عن الاضطهاد المزعوم للناشطين المناهضين للإجهاض في بريطانيا-. سواء كان يعتقد أن أيّ من هذا له أهمية نفسية بحتة. إن العواقب الاستراتيجية لأوروبا هي المهمة".
وذكر أنه: "من الواضح أن ترامب ينوي عقد صفقة بشأن أوكرانيا مع بوتين على رؤوس زيلينسكي والأوروبيين. وقد يؤدي ذلك إلى عواقب مأساوية على أوكرانيا، التي قد يُطلب منها قريبا قبول خسارة الأراضي دون ضمانات أمنية للمستقبل. والبديل هو محاولة الاستمرار في القتال دون مساعدة أميركية".
وأكد المقال على أنّ: "العواقب على بقية أوروبا مثيرة للقلق أيضا. ولكن ماذا عن أوروبا؟ إن بوتين يريد سحب قوات حلف الناتو من كامل الإمبراطورية السوفييتية السابقة. ويعتقد المسؤولون الأوروبيون أن ترامب من المرجح أن يوافق على سحب القوات الأمريكية من دول البلطيق وربما أبعد إلى الغرب، مما يترك الاتحاد الأوروبي عُرضة لجيش روسي تحذر حكومات حلف الناتو من أنه يستعد لصراع أكبر خارج أوكرانيا".
ورأى الكاتب أنه: "من الواضح أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر حليفا موثوقا به للأوروبيين. ولكن طموحات إدارة ترامب السياسية لأوروبا تعني أن أميركا أصبحت الآن أيضا عدوا، تهدّد الديمقراطية في أوروبا وحتى الأراضي الأوروبية، في حالة غرينلاند".
إلى ذلك، تساءل: "فماذا علينا أن نفعل إذن؟" وردّ بالقول: يتعين على الأوروبيين أن يبدأوا في الاستعداد بسرعة لليوم الذي يتم فيه إزالة الضمان الأمني الأمريكي لأوروبا بشكل نهائي. ويجب أن يتضمن ذلك بناء صناعات دفاعية مستقلة. وينبغي أن يعني هذا أيضا إبرام ميثاق دفاعي أوروبي متبادل، خارج حلف الناتو، يمتد إلى ما هو أبعد من الاتحاد الأوروبي ــ ليشمل بريطانيا والنرويج وغيرهما.
وفي السياق نفسه، لم يستبعد الكاتب أن ترامب سوف يستخدم أي نفوذ لديه لإجبار حلفاء أميركا الأوروبيين على الامتثال في قضايا تتراوح من التجارة والأمن إلى سياساتهم الداخلية. وهذا يعني أن أوروبا لابد أن تبدأ الآن العملية المؤلمة المتمثلة في "إزالة المخاطر" من علاقتها بالولايات المتحدة، والبحث عن مجالات الاعتماد الخطير على أميركا وإخراجها من النظام.
وقال إنّ: "إسناد البنية الأساسية الحيوية إلى ماسك من شأنه أن يخلق ثغرة جديدة ضخمة. كما أن إدارة ترامب ستضع ضغوطا هائلة على الأوروبيين لشراء المزيد من الأسلحة الأمريكية. وفي ظل الظروف الحالية سيكون هذا حماقة".
وخلص المقال الذي ترجمته "عربي21" إلى أنّ: "العديد من الأوروبيين سوف يرفضون هذه الأفكار، ويرفضونها باعتبارها مستحيلة. لكنهم بحاجة إلى أن يفهموا أن حريتهم أصبحت الآن على المحك. وكان فانس محقا في ذلك. ولكن ليس بالطريقة التي كان يعتقدها".