الجدعان: الدعم السعودي مرتبط ببرامج «النقد الدولي» لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، إن العالم يواجه تحديات كبيرة في تعبئة المصادر اللازمة لدعم التنمية، وإن بلاده ستواصل مساعداتها التنموية لدول عدة رغم تخصيص ميزانيات كبيرة لتحقيق أهداف «رؤية 2030»، مبيناً أن جزءاً كبيراً من تلك المساعدات رُبط ببرامج «صندوق النقد الدولي» لضمان استخدامها بشكل مستدام يدعم الإصلاحات الاقتصادية لتؤثر إيجاباً على شعوب تلك الدول ولتنويع اقتصاداتها.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان: «الديون المرتفعة والحيز المالي المنخفض» في «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة»، الأحد، شارك فيها أيضاً وزير مالية الاتحاد الروسي، أنطون سيلوانوف، ووزير المالية والتخطيط الوطني في جمهورية زامبيا، سيتومبيكو موسوكوتواني، ووزير المالية السابق في كولومبيا، ماوريسيو كارديناس.
ووفقاً لـ “الشرق الأوسط” تابع الجدعان أن الدول التي تعاني صعوبات حادة في إدارة ديونها السيادية تحتاج بشكل ملح إلى الدعم متعدد الأطراف للتعامل مع تلك الأزمة.
أخبار قد تهمك «مؤتمر العُلا»… شراكات اقتصادية لمواجهة تحديات الأسواق الناشئة 16 فبراير 2025 - 9:58 مساءً ملتقى مجالس الجمعيات الأهلية يشهد جلسات حوارية إثرائية متنوعة 13 فبراير 2025 - 5:49 صباحًاوأوضح أن التقارير الصادرة عن «صندوق النقد الدولي» و«مجموعة البنك الدولي» بشأن الدول ذات الدخل المنخفض وبعض الاقتصادات الناشئة، تظهر أنها «تنفق أكثر على خدمة ديونها مقارنة بما تنفقه على التعليم والصحة معاً، وهو أمر غير مستدام».
وأضاف أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو «الإطار المشترك» لإعادة هيكلة الديون السيادية، مؤكداً أن «تقدماً كبيراً أُحرزَ رغم البداية البطيئة، حيث كانت الدول تتعلم خلال العملية».
كما شدد على أهمية استخدام المؤسسات التنموية متعددة الأطراف في توفير المساعدات، «حيث تتمكن من مضاعفة التأثير المالي والمساعدة في تقديم الدعم الفني المهم لهذه الدول لتكون أكثر استدامة، وبالتالي تقليل الحاجة إلى المساعدات في المستقبل».
الدين العام
وخلال الجلسة، تحدث وزير المالية والتخطيط الوطني في جمهورية زامبيا، سيتومبيكو موسوكوتواني، عن الوضع الاقتصادي الذي واجهته البلاد في عام 2021 وقال: «كانت وضعية الدين العام كارثية، حيث بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 108 في المائة. ومن كل دولار جرى جمعه من الضرائب، كانت 60 سنتاً تُخصص لتسديد الدين الخارجي، وليس الدين المحلي فقط. كما وصلت مخصصات رواتب موظفي الخدمة العامة إلى نحو 45 سنتاً من كل دولار».
وأضاف موسوكوتواني أنه «لا توجد آلية رسمية لحل مشكلات الديون، ولكن كان هناك إطار عمل مشترك صُمّم من قبل (صندوق النقد الدولي) و(البنك الدولي) وبعض المؤسسات الثنائية الأخرى. ضمن هذا الإطار. كان على الدول، مثل زامبيا، أن تجد طريقة للتفاوض مع الدائنين».
سياسة مالية حذرة
من جانبه، قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، إن بلاده على استعداد لإعادة هيكلة ديون الدول الأجنبية، وإن مواجهة أزمة الديون تكون باعتماد سياسة مالية حذرة، مشيراً إلى أنه على مدار السنوات الـ25 الماضية، أعيدت هيكلة ديون 22 دولة بقيمة نحو 30 مليار دولار. إلى جانب مبلغ مماثل عبر اتفاقيات ثنائية.
واستطرد الوزير الروسي: «الوصول إلى موازنة متوازنة ليس سهلاً في ظل الأوضاع الحالية، لكن الأمر يعود هنا إلى احترافية وزارة المالية ليس فقط في وضع سياسة مالية حذرة… وإنما أيضاً الإشراف على تنفيذها… تجب علينا معالجة المرض وليست الأعراض».
التقشف الذكي
بدوره، تطرق وزير المالية السابق في كولمبيا، ماوريسيو كارديناس، إلى تبني بلاده فكرة «التقشف الذكي» بصفتها استراتيجيةً لمعالجة الصدمة التي واجهت البلاد خلال عام 2014؛ «حيث جرى التعامل مع الفارق البالغ 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عبر 3 محاور: أولاً، معالجة نقطة مئوية واحدة من خلال زيادة مؤقتة في العجز المالي. ثانياً: زيادة الإيرادات الضريبية عبر فرض ضرائب جديدة. وأخيراً: خفض نفقات الحكومة بنقطة مئوية واحدة».
وبشأن تخفيض النفقات، شدد كارديناس على «أهمية أن تكون هذه التخفيضات مدروسة وألا تكون عشوائية، مع ضرورة أن تعكس أولويات الحكومة والدولة»، مؤكداً أنه في «أوقات الأزمات، من المهم مراجعة النفقات الحكومية غير الفعّالة التي استمرت لأسباب تاريخية».
وفي سياق الوضع الحالي، خصوصاً في الاقتصادات الناشئة، أشار كارديناس إلى «ضرورة الانتباه إلى ضبط مالي محكم»، محذراً من «ميل بعض الدول نحو زيادة العجز المالي رغم الظروف الاقتصادية المواتية، مما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات للحد من هذا الاتجاه لضمان استدامة المالية العامة».
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: رؤية 2030 وزير المالية السعودي محمد الجدعان وزیر المالیة النقد الدولی
إقرأ أيضاً:
كيف تلغي الدول أو تستبدل عملاتها؟ ولماذا تنوي إسرائيل إلغاء فئة الـ200 شيكل؟
أثار إعلان إسرائيل نيتها إلغاء تداول فئة الـ 200 شيكل جدلا واسعا لدى المواطنين والتجار داخل قطاع غزة، وسط مخاوف من تداعيات اقتصادية معقدة، فأي إجراء من هذا النوع من دون تنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطِرة، فضلا عن كونه يمس الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
وبادر وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر إلى الدعوة باتخاذ هذه الخطوة، قبل أن يُبدي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تأييده لها واصفا إياها بـ"الممتازة"، وأعلن نيته مناقشة الأمر مع محافظ البنك المركزي، حسبما كشفت عدة وسائل إعلام عبرية أخيرا.
وتثير الخطوة كثيرا من التساؤلات، من أبرزها:
كيف تستبدل الحكومات فئات عملاتها أو تلغيها؟ ولماذا؟ وما انعكاسات استبدال فئة عملة على الأسواق؟ وما الخطوات المتبعة عند استبدال أو إلغاء فئة عملة ما؟ وما أثر القرار الإسرائيلي على قطاع غزة؟ وهل يحق لإسرائيل تنفيذ هذا القرار؟هذه الأسئلة وغيرها هي ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التقرير استنادا إلى عدد من المصادر المتخصصة مثل صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، و"مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" وشبكة "إن بي آر" (npr.org)، ومنصة "أكاديميا" (academia.edu) ومنصة "إنفستوبيديا" وغيرها.
لدى معظم البلدان عملتها الخاصة التي تشكل جزءا مهما من هويتها الوطنية، رغم أن بعضها قد ينتمي إلى اتحاد دولي، ويتقاسم عملة مشتركة مع أعضاء الاتحاد الأوروبي كمثال؛ بينما تستخدم بلدان أخرى عملة بلد آخر، غالبا ما يكون أكبر حجما وأكثر قوة، مثل العديد من الدول التي تستخدم الدولار أو اليورو داخل بلدانها، وفي بعض الأحيان، قد تضطر دولة ما إلى إلغاء عملة نقدية أو استبدال عملة جديدة بها، في إجراء يهدف إلى الإصلاح الاقتصادي، وفقا لصندوق النقد الدولي.
إعلانوإلغاء عملة ما أو استبدالها هو عملية تجريد وحدة نقدية من صفتها عملة قانونية، ويحدث ذلك كلما طرأ تغيير على العملة الوطنية لأسباب مختلفة، ويُسحب الشكل أو الأشكال النقدية الحالية من التداول ليُستبدل غالبا بها أوراق نقدية أو عملات معدنية جديدة، وفي بعض الأحيان، تستبدل الدولة عملة جديدة بالعملة القديمة بجميع فئاتها، وفقا لمنصة "إنفستوبيديا".
وتلغي الدول فئات من عملاتها أو تستبدلها لأسباب متعددة، تتعلق غالبا بالظروف الاقتصادية، والسياسات النقدية، والتطورات التقنية.
وإليكم أبرز هذه الأسباب مدعومة بأمثلة واقعية:
1- مكافحة التضخم
عندما تفقد العملة جزءا كبيرا من قيمتها بسبب التضخم أو التضخم المفرط أو التزييف الواسع للعملة الحالية، وفقا لصندوق النقد الدولي، تلجأ الدول إلى ما يسمى بإعادة التقييم النقدي (Redenomination) لتبسيط المعاملات المالية وتقليل عدد الأصفار في الفئات النقدية.
على سبيل المثال أعادت أذربيجان عام 2006 تقييم عملتها وأصبح "1 مانات" جديد يعادل 5 آلاف مانات قديم، بهدف تسهيل العمليات المحاسبية وتعزيز الثقة في العملة الوطنية.
2- مكافحة التزوير وتحسين الأمان
تُصدر بعض الدول فئات نقدية جديدة بتصاميم وتقنيات أمان متقدمة لمكافحة التزوير. على سبيل المثال، في عام 2016، أعلنت الهند سحب فئات 500 و1000 روبية من التداول واستبدالها بفئات جديدة تحتوي على ميزات أمان محسنة، وذلك كجزء من حملة مكافحة التزوير والفساد.
3- التحول إلى عملة جديدة أو التحديث الاقتصادي
عند اعتماد عملة جديدة أو تحديث النظام النقدي، قد تُستبدل الفئات القديمة، وعلى سبيل المثال في عام 2002، تبنت العديد من الدول الأوروبية عملة اليورو، مما استدعى سحب العملات الوطنية القديمة من التداول واستبدال اليورو بها، وفقا للبنك المركزي الأوروبي.
4- تقليل تكاليف الإنتاج والتداول
قد تُسحب الفئات النقدية ذات القيمة المنخفضة عندما تصبح تكلفة إنتاجها أعلى من قيمتها الاسمية، على سبيل المثال، في عام 2012، قررت كندا سحب عملة البنس (1 سنت) من التداول بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجها مقارنة بقيمتها.
إعلان5- أسباب سياسية أو اقتصادية
في بعض الحالات، تُستخدم عملية إلغاء أو استبدال الفئات النقدية كأداة سياسية أو اقتصادية. على سبيل المثال، خلال الحرب العالمية الثانية، سحبت الحكومة البلجيكية في عام 1944 الأوراق النقدية التي تزيد على 100 فرنك من التداول كجزء من إجراءات اقتصادية بعد التحرير.
6- تشجيع الاقتصاد الرقمي وتقليل الاعتماد على النقد الورقي
تسعى بعض الدول إلى تقليل الاعتماد على النقد الورقي وتشجيع المعاملات الرقمية، وفي هذا السياق، أعادت نيجيريا في عام 2023 تصميم فئات نقدية بهدف تعزيز استخدام المدفوعات الرقمية وتقليل تداول النقد الورقي.
كيفية إلغاء أو استبدال فئة من العملات؟
تُعد عملية إلغاء أو استبدال فئة من العملات إجراء نقديا دقيقا، وثمة خطوات لا بد منها لإجراء هذه العملية أو إعداد المسرح بشكل سليم وفقا لصندوق النقد الدولي، من أبرزها:
1- التخطيط والإعلان الرسمي: يبدأ البنك المركزي بوضع خطة شاملة تتضمن الجدول الزمني، وآلية الاستبدال، وفترة السماح بتداول الفئة القديمة.
2- التصميم والإنتاج: تُصمم الفئة الجديدة مع مراعاة عناصر الأمان الحديثة، ثم تطبع أو تُسك العملة الجديدة وفقا للمعايير المعتمدة دوليا.
3- التوزيع والتوعية: يوزع النقد الجديد عبر الشبكات المصرفية، مع إطلاق حملات توعية لتثقيف الجمهور في الفئة الجديدة وطرق استبدال الفئة القديمة.
4- سحب الفئة القديمة: يحدد البنك المركزي فترة زمنية يسمح فيها بتداول الفئة القديمة، وبعدها تفقد الصفة القانونية وتُسحب من السوق.
وعلى سبيل المثال أكملت تركمانستان بنجاح عملية إدخال عملة جديدة عام 2008 حيث قامت بحملة توعية واسعة، وأنشأت خطا ساخنا للإجابة عن استفسارات المواطنين.
ما انعكاسات استبدال فئة عملة على الأسواق؟ثمة تحديات وآثار ترافق استبدال عملة جديدة بأخرى قديمة وبعض هذه الآثار إيجابي وبعضها سلبي، إذ تتفاوت انعكاسات هذا الإجراء على الأسواق بحسب السياق الاقتصادي والتنفيذي في كل بلد.
وإليكم أهم التأثيرات الإيجابية والسلبية وفقا لصندوق النقد الدولي ومنصة "إنفستوبيديا":
التأثيرات الإيجابية المحتملة الحد من الاحتيال والتهرب الضريبي: إلغاء عملة أو استبدالها قد يُقلل من الممارسات المالية الاحتيالية، إذ لن يتمكن الأفراد من تبادل العملات غير القانونية مع البنوك. ويشمل ذلك أيضا الحد من التهرب الضريبي، مما يُسهم في ضخ إيرادات إضافية في اقتصاد الدولة. قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي على الأمد الطويل بسبب زيادة الإيرادات الضريبية التي يتم إعادة استثمارها في الدولة. سد الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق غير الرسمي مما يرفع من كفاءة نظام الأسعار، ويعزز من النظام الاقتصادي الكلي للبلاد. تطور النظام المصرفي: يُظهر إلغاء التداول النقدي الورقي المادي أيضا تطور النظام المصرفي، إذ أصبحت العملات الرقمية أكثر سهولة في الوصول إليها، وأكثر أمانا في التخزين، وأسهل في نقل الملكية، وغالبا ما تستفيد الصناعات والشركات المنظمة استفادة قصوى من سهولة الانتقال. تبسيط المعاملات المالية: يُسهم تقليل عدد الأصفار في عملة بلد ما في تسهيل العمليات المحاسبية والمالية، مما يعزز الكفاءة في الأنشطة الاقتصادية.وفي غزة وفي سياق قلق المواطنين والتجار من توجّه الحكومة الإسرائيلية لإلغاء قيمة فئة الـ 200 شيكل ثمة أسئلة تطرح نفسها، ومن أهمها:
هل يحق لإسرائيل اتخاذ هذا القرار؟من الناحية القانونية، يتمتع بنك إسرائيل بصلاحية إصدار أو إلغاء العملات النقدية، ويجب أن يتم ذلك بناء على مبررات مهنية واضحة، وأكد بنك إسرائيل في بيان رسمي، أنه لا يعتزم إلغاء الورقة النقدية من فئة 200 شيكل، مشيرا إلى أنه لا توجد مبررات مهنية كافية لاتخاذه وفقا لما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
لكن أي إجراء أحادي الجانب من إسرائيل في هذا الشأن يُعتبر مساسا بالحقوق الاقتصادية للفلسطينيين، خاصة في ظل غياب التنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية، مما قد يُعد انتهاكا للاتفاقيات الدولية، وبالذات بروتوكول باريس الذي وقعته إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية إثر اتفاقية أوسلو عام 1993.
ما التأثير المنتظر على غزة؟تشكل فئة الـ200 شيكل نحو 70% من النقد المتداول في قطاع غزة، نظرا لقيمتها العالية وسهولة استخدامها في المعاملات الكبيرة، وإلغاء هذه الفئة من دون توفير بدائل مناسبة سيؤدي إلى آثار عديدة، وفقا لتقرير سابق للجزيرة نت ومن أهمها:
نقص حاد في السيولة النقدية تُعمق من الأزمة في القطاع، وهو ما سيعد ضربة إضافية للواقع الهش. سيفقد التجار والمواطنون رؤوس أموالهم، كونها تتكون أساسا من هذه الفئة من الشيكل، لأنها الأكبر في قيمتها. تأثير سلبي هائل على الاقتصاد المحلي في غزة قد يُفاقم من الأزمة الاقتصادية ويزيد من معدلات الفقر والبطالة في القطاع الذي دمرته الحرب. إعلانوعموما سيؤدي اتخاذ قرار إلغاء فئة 200 شيكل دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية خطِرة في قطاع غزة.