يمانيون:
2025-02-19@22:02:23 GMT

تراجُعُ ترامب انتصارٌ للمقاومة

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

تراجُعُ ترامب انتصارٌ للمقاومة

أنس عبدالرزاق

عندما يُعلن سياسيٌ مثل دونالد ترامب – المعروف بخطابه الصدامي وعدم تراجعه العلني غالبًا – عن تراجعٍ غير مُتوقَّع عن تهديداته، فَــإنَّ ذلك يشير إلى تحوُّلٍ في المعادلة يستحق القراءة بعمق. فتراجعه عن تهديد “الجحيم” للمقاومة الفلسطينية، أَو تعديل لهجة الخطاب تجاه تهديدات اليمن، ليس مُجَـرّد تغيير تكتيكي، بل هو اعتراف ضمني بفشل استراتيجية الترهيب، وانتصار رمزي للمقاومة يُعيد تشكيل ديناميكيات الصراع الإقليمي والدولي.

أسباب التراجع: ضغوط متشابكة وخسائر مُحتمَلة:

الضغوط الداخلية الأمريكية:
قد يكون تراجع ترامب محاولة لتجنب تفاقم أزمات داخلية، مثل انتقادات الإعلام أَو الكونغرس لخطابٍ يزيد من تعقيد الملفات الخارجية في وقتٍ تُركز فيه الإدارة الأمريكية على تحديات أُخرى (كالصراع مع الصين أَو الأزمة الأوكرانية). فالتهديدات العسكرية المباشرة تُهدّد بفتح جبهاتٍ جديدة تُثقل كاهل الاقتصاد الأمريكي.

المكاسب الميدانية للمقاومة:
نجاح المقاومة الفلسطينية في تحرير أسرى، أَو صمود اليمن في مواجهة التحالف المدعوم أمريكيًّا، يُظهر أن التهديدات الأمريكية لم تُحقّق أهدافها، بل عزَّزت من شرعية الخصوم. التراجع هنا محاولة لتجنب مزيد من “الإحراجات” الاستراتيجية.

المخاوف من تفاقم الأزمة الإقليمية:
خشية واشنطن من أن تؤدي التهديدات إلى تصعيد غير محسوب (كاستهدافات موسعة من قبل أنصار الله، فصائل المقاومة العراقية، أَو حزب الله)، مما يُعطّل مصالحها في المنطقة، خَاصَّة مع وجود قواعد عسكرية أمريكية عُرضة للاستهداف.

تراجع ترامب ليس مُجَـرّد “تراجع لفظي”، بل هو انتصار استراتيجي للمقاومة لثلاثة أسباب:

أثبتت المقاومة أن التهديدات الأمريكية ليست قدرًا مُحتَّمًا، وأن الضغوط الشعبيّة والميدانية قادرة على إجبار القوى العظمى على المراجعة.

يُرسل التراجع رسالةً للقوى الإقليمية (مثل إيران وحلفائها) بأن التصميم يُنتج نتائج، مما قد يُعزز تحالفاتٍ مضادة للنفوذ الأمريكي.

لقد نجحت المقاومة في تحويل الصمود الأخلاقي (مثل قضية الأسرى) إلى سلاحٍ فعَّال ضد الآلة العسكرية، وهو نموذجٌ يُلهم حركاتٍ أُخرى حول العالم.

إن تراجع ترامب أمام تهديدات اليمن (المتمثلة في استهداف المصالح الأمريكية عبر هجمات مسيّرة أَو صواريخ) لا يُعتبر سابقةً معزولة، بل هو جزء من تحوُّلٍ عالمي أوسع:

، حَيثُ أثبت أنصار الله أن الأدوات غير التقليدية (كالهجمات المسيّرة أَو حرب الموانئ) قادرة على تعطيل مصالح القوى الكبرى بكلفةٍ أقل، مما يُجبرها على إعادة حساباتها.

النموذج اليمني يُظهر للدول الصغيرة والمجموعات المقاومة أن المواجهة غير المتكافئة ممكنة عبر استراتيجيات مرنة، كاستهداف النقاط الحيوية للخصم دون الدخول في مواجهة مفتوحة.

التكتل العالمي ضد الهيمنة الأمريكية: هل نحن أمام نظام دولي جديد؟

تراجع ترامب ليس حدثًا معزولًا، بل هو مؤشر على تحوُّلٍ في موازين القوة العالمية، يتمثَّل في:

تآكل الشرعية الأخلاقية للغرب:
فشل السياسات الأمريكية في فلسطين واليمن والعراق أفقدها دور “الشرطي العالمي”، مما فتح الباب لقوى مثل الصين وروسيا لتعزيز تحالفاتها مع الدول الرافضة للهيمنة الغربية.

صعود تحالفات ما بعد القطبية الأحادية:
تشكيل تحالفات إقليمية ودولية خارج الإطار الغربي (مثل تحالف الصين مع إيران، أَو تعزيز العلاقات الروسية مع فنزويلا وكوبا) يُظهر أن العالم لم يعد يخضع لمعادلة القطب الواحد.

القوة الجديدة للشعوب:
الضغط الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحملات المقاطعة العالمية (مثل BDS)، أجبرت حكومات غربية على مراجعة سياستها؛ مما يُضعف القدرة الأمريكية على فرض إملاءاتها.

الخلاصة: تراجع ترامب بداية النهاية لأوهام الهيمنة

التراجع الأمريكي ليس نهاية المطاف، بل هو بداية مرحلةٍ جديدة تُعيد تعريف قواعد اللعبة الدولية:

فالدول الصغيرة والمجموعات المقاومة لم تعد عبئًا يُمكن تهميشه، بل فاعلًا قادرًا على تغيير المعادلات.

وأن الهيمنة الأمريكية لم تعد مطلقة في عالمٍ تتصارع فيه القوى العظمى على النفوذ، وتتزايد فيه كلفة الحروب غير المحدودة.

فالشرعية الأخلاقية أصبحت سلاحًا استراتيجيًّا تُدار به المعارك في عصر المعلومات، حَيثُ تُحاكم السياسات ليس فقط بالنتائج الميدانية، بل بالرواية الإعلامية والضمير العالمي.

هكذا، يُصبح تراجع ترامب درسًا للعالم: أن عصر الإملاءات انتهى، وأن القوة الحقيقية لم تعد في التهديدات، بل في القدرة على تحويل الصمود إلى مشروع تحرّر.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: تراجع ترامب

إقرأ أيضاً:

مقارنة بولايته الأولى.. تراجع منشورات ترامب المؤثرة على الأسواق

أظهر مسح أجراه بنك جيه.بي مورغان تراجع عدد منشورات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤثرة على الأسواق على وسائل التواصل الاجتماعي منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة لفترة ثانية مقارنة بفترة ولايته الأولى.

ووجد محللو البنك أن 10% فقط من 126 منشوراً نشرها ترامب هذه المرة عن موضوعات حساسة مثل الرسوم الجمركية والعلاقات الخارجية والاقتصاد تسببت في تحركات واضحة في سوق العملة.

Trump 2.0: Fewer Social Media Posts Have Spooked Markets@nitingokhale @SuryaGangadha13 @amitabhprevi @s_jkr #Trump #tariffshttps://t.co/2umBzr0eAX

— StratNewsGlobal (@StratNewsGlobal) February 18, 2025

وقال البنك في مذكرة، الإثنين "من بين موضوعات متنوعة، كانت المنشورات المتعلقة بالرسوم أكبر محرك للسوق"، مضيفاً أن ما يقرب من ثلث تلك المنشورات كانت مؤثرة على السوق.

وكان التأثير الأكبر حتى الآن هو انخفاض البيزو المكسيكي بنسبة تزيد عن 2% والدولار الكندي 1% وكان ذلك في بداية فبراير (شباط) عندما أعلن ترامب عن حالة طوارئ لفرض رسوم جمركية 25% على المكسيك وكندا، وهي الخطوة التي أرجأها بعد يومين.

وانخفض اليوان بعد أن هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على إمدادات الفنتانيل بعد فترة وجيزة عودته للبيت الأبيض مجدداً.

لكنه عاود الارتفاع في منتصف يناير (كانون الثاني) بعد أن قال الرئيس الأمريكي إنه أجرى مكالمة هاتفية "جيدة جداً" مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وبينما تراجع عدد منشورات ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي المؤثرة على الأسواق، فقد كثف تواصله المباشر من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض من خلال جلسات أسئلة وأجوبة شبه يومية مع الصحافيين.

مقالات مشابهة

  • استطلاع: تراجع شعبية ترامب في الولايات المتحدة
  • متى سنستخدم أسباب قوتنا لمواجهة العربدة الأمريكية؟
  • الدولار يتراجع عالميا بفعل تعريفة ترامب الجمركية ‏
  • مقارنة بولايته الأولى.. تراجع منشورات ترامب المؤثرة على الأسواق
  • حكومة المليشيات المتوقع تكوينها هي بنت الهزيمة وليست بنت الانتصار
  • تراجع ترامب عن تهديداته.. قوة الردع تُعيد رسمَ المعادلات
  • محافظة الفدرالي الأميركي: نحتاج إلى تراجع التضخم قبل خفض الفائدة
  • قبل المحادثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا..أسعار النفط تواصل التراجع
  • المحاكم الأمريكية..خط المقاومة الأخير ضد ترامب وماسك
  • محلل سياسي: تراجع ملحوظ في السياسة الأمريكية بشأن تهجير الفلسطينيين