نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن المحادثة الهاتفية التي جمعت بين الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي أشير خلالها إلى العلاقات الاستراتيجية القوية بين روسيا وسوريا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشرع ناقش مع بوتين الوضع الراهن في سوريا، فضلاً عن "خارطة الطريق السياسية" لبناء سوريا الجديدة.



وأضافت الصحيفة أن الرئيس الروسي أشار خلال المحادثة إلى "ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، داعيا رئيس وزارة الخارجية السورية إلى زيارة رسمية إلى روسيا". وفي وقت سابق، أفادت الخدمة الصحفية للكرملين بأن المحادثة كانت بناءة وعملية وموضوعية، اتفق خلالها زعماء البلدين على مواصلة الاتصالات.

ونقلت الصحيفة عن المقاتل السابق في قوات جمهورية لوغانسك الشعبية، ألكسندر أفرين، أن مسألة القواعد العسكرية الروسية الدافع وراء تقرب روسيا من الإدارة السورية الجديدة. لقد جرت محادثة فلاديمير بوتين مع أحمد الشرع بعد منع السلطات السورية الجديدة قافلة عسكرية روسية من دخول القاعدة في طرطوس، المشكلة التي تحتاج إلى حل.

تعتمد السلطات السورية الجديدة بشكل كبير على تركيا، لذا إذا وافق أردوغان على ذلك، لن يمانع الشرع استعادة العلاقات مع روسيا. وحسب المحلل السياسي ميخائيل نيجماكوف فإن جميع المفاوضات التي يجريها رئيس الدولة تسبقها عادة أعمال تحضيرية تقوم بها الوكالات الدبلوماسية والخدمات الخاصة. وفي أواخر شهر كانون الثاني/يناير 2025، زار وفد روسي مشترك بين الإدارات بقيادة نائب وزير الخارجية الروسي، الممثل الخاص للرئيس إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف دمشق.


وبناء على حضور وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة ماهر الشرع في هذه المفاوضات، فمن المرجح التطرق إلى بعض القضايا الإنسانية وأيضاً إلى جوانب معينة في مجال استخدام الموانئ السورية، وربما إمدادات الغذاء لتلبية احتياجات سوريا. والجدير بالذكر أن رئيس الشيشان رمضان قديروف أشار بالفعل في نهاية سنة 2024 إلى إمكانية "توفير الكمية اللازمة من القمح" لتلبية احتياجات سوريا في ظل السلطات الجديدة.

وعليه، من المرجح تناول هذه المواضيع بشكل أكبر خلال المحادثات الهاتفية التي جمعت فلاديمير بوتين وأحمد الشرع، لا سيما في ظل إشارة الخدمة الصحفية للكرملين إلى مناقشة "عدد من القضايا الراهنة للتعاون العملي" في المجال التجاري والاقتصادي.

ويرجح نيجماكوف تفعيل القيادة الروسية لهذه الاتصالات إلى افتراضها أن التوقف المؤقت في مسألة بناء العلاقات مع سادة دمشق الجدد، يتطلب استثماراً كبيراً للموارد وتوسع التزامات الحكومة السورية الحالية تجاه الهياكل الغربية. وهو يتوقع أن يكون مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا القضية الأكثر صعوبة في التفاوض، معتبرا أن المهمة الأساسية بالنسبة لروسيا الاتفاق على إمكانية مواصلة استخدام الموانئ السورية من قبل السفن الروسية.

قد يكون هناك تمهيد لاتخاذ الحكومة المؤقتة في سوريا بعض الالتزامات بشأن التخلي عن تقديم الدعم للقادمين من دول ما بعد الاتحاد السوفييتي الذين شاركوا في القتال إلى جانب "هيئة تحرير الشام"، وقد يرغبون في العودة إلى دول رابطة الدول المستقلة، بما في ذلك روسيا، لمواصلة أنشطتهم ضد السلطات الروسية. ومع ذلك، حتى لو قدم أحمد الشرع بعض الالتزامات فيما يتصل بهذه المشكلة، تبقى مسألة تنفيذها على أرض الواقع محل تساؤل. ورغم هذا، تبذل موسكو محاولات لتحقيق التعاون مع الحكومة المؤقتة في دمشق في هذا الشأن.


ويرى نيجماكوف أن أحمد الشرع يسعى إلى تنويع علاقاته الدولية، بما في ذلك من أجل تعزيز موقفه خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مرجحا لعب أنقرة دوراً في إقامة اتصالات بين روسيا والإدارة الجديدة في دمشق.

وبحسب نيجماكوف فإن الإدارة الجديدة في دمشق مهتمة بتوريد المواد الغذائية والأدوية، وربما أيضًا بالاستثمارات الروسية. ومع ذلك، فإن المشاركة في المشاريع الاستثمارية في سوريا حاليًا تنطوي على مخاطر، لا سيما بالنظر إلى أن أحمد الشرع نفسه يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على السيطرة حتى على المناطق التي تقع ضمن نطاق نفوذه حاليًا.

وأفاد نيجماكوف بأن المواقف التفاوضية لرجب طيب أردوغان تعززت بعد الإطاحة ببشار الأسد. وعليه، سيعتمد التوازن المستقبلي على العديد من العوامل، بدءًا من تطور الأزمة الأوكرانية، وصولًا إلى ديناميكيات العلاقات بين أنقرة وواشنطن في ظل رئاسة دونالد ترامب ومدى استقرار موقف الإدارة الجديدة في دمشق.

بخصوص تداعيات إقامة علاقات مع السلطات السورية الجديدة، يستبعد نيجماكوف رفع القيادة الروسية سقف توقعاتها بشأن أحمد الشرع ورفاقه. ومن بين التهديدات التي تواجهها روسيا والمرتبطة بتغيير السلطة في دمشق، نمو نفوذ الجماعات المتطرفة المستعدة للقيام بأنشطة تخريبية لا فقط في الشرق الأوسط، وإنما أيضا في الفضاء ما بعد السوفياتي. إلى جانب ذلك، يتمثل عامل الخطر الإضافي في تهريب الأسلحة إلى دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، وهي الأسلحة التي كانت مخزنة سابقًا في المستودعات الحكومية خلال حكم بشار الأسد. وقد تقع هذه الأسلحة في أيدي المتطرفين أو الجماعات الإجرامية، مما يشكل تحديات أمنية جديدة في دول الاتحاد السوفيتي السابق.

وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن موسكو بعد الزيارة التي أداها رئيس وزارة الخارجية الأوكرانية أندريه سيبيغا إلى سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2024 تسعى لاستكشاف الوضع عن كثب لمتابعة تطور العلاقات بين البلدين، وربما محاولة التصدي لها في بعض الحالات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الشرع بوتين روسيا سوريا الأسد سوريا الأسد روسيا بوتين الشرع صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السوریة الجدیدة أحمد الشرع الجدیدة فی فی سوریا فی دمشق

إقرأ أيضاً:

من ضبط أسلحة فلول النظام السابق لاستعادة حركة المطارات.. الإدارة السورية الجديدة: تأمين البلاد وتشغيل المرافق الحيوية

البلاد – دمشق
تسعى الإدارة السورية الجديدة لتحقيق هدفين أساسيين في طريقها لإعادة بناء الدولة: ضبط الأمن وكبح جماح فلول النظام السابق، واستعادة الخدمات الحيوية وتشغيل المرافق الأساسية مثل المطارات. يجمع هذا النهج بين القضاء على بقايا النظام المخلوع وتعزيز الحياة اليومية للمواطنين في بيئة آمنة ومستقرة.
في محافظة حمص، شهدت عمليات ضبط الأمن نجاحًا ملموسًا بعد أن تمكنت إدارة الأمن العام من تفكيك شبكة تسليح كانت تُخطط لنقلها إلى مناطق أخرى لتنفيذ هجمات ضد القوات الحكومية.
وضبطت الأجهزة الأمنية، أمس الأحد، كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل بئر ببلدة المضابع بريف حمص الشرقي، مما يعكس قدرة الدولة على التصدي لمحاولات زعزعة الاستقرار. وتأتي هذه العملية في إطار حملة وطنية مستمرة لكبح جماح فلول النظام المخلوع التي لا تزال تسعى لإثارة الاضطرابات باستخدام ترسانة أسلحة دفينة.
يأتي هذا بعدما ضبطت إدارة الأمن العام مستودع أسلحة تابعًا لفلول النظام المخلوع، السبت، في مدينة القرداحة، يحتوي على صواريخ وقذائف هاون ودبابات، فيما تم استلام أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة. وتبرز هذه الجهود التكتيكية التزام الأجهزة الأمنية بتأمين الدولة ومنع استغلال أسلحة الماضي لشن هجمات جديدة ضد مؤسسات الدولة والقوات الأمنية.
وفي إطار استعادة الخدمات والمرافق في سوريا، أولت الإدارة الجديدة اهتمامًا خاصًا بإعادة تشغيل المرافق الحيوية التي تعد شريان الحياة للمواطنين. فقد تم استكمال التجهيزات الفنية والإدارية في مطار حلب الدولي، مما مهد لاستئناف الرحلات الجوية الرسمية بعد توقف دام 14 عاماً. وشهد المطار الأحد انطلاق رحلة تجريبية ضمت وفدًا من الجهات المختصة في الملكية الأردنية والطيران المدني الأردني، لتأكيد جاهزية المطار لاستقبال الرحلات واستعادة النشاط المدني المعتاد.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة الملكية الأردنية سامر المجالي، أن رحلات رسمية ستنطلق إلى مطار حلب الدولي في سوريا اعتبارًا من الشهر المقبل، وذلك بعد استكمال التجهيزات الفنية والإدارية.
واستأنفت الملكية الأردنية رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي الشهر الماضي، حيث تُسيّر حاليًا 11 رحلة أسبوعية إلى المطار، فيما أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني السوري إعادة تشغيل مطار حلب الدولي أمام حركة الطيران، اعتبارًا من 18 مارس الجاري، مؤكدةً جاهزيته لاستقبال الرحلات الجوية بعد استكمال جميع التجهيزات الفنية والإدارية.

مقالات مشابهة

  • ما أسباب الغموض الأميركي تجاه الإدارة السورية الجديدة؟
  • ما مصير الإدارة السورية الجديدة في حال سقط أردوغان؟!
  • خريطة سوريا الجديدة.. 25 مطلباً من الكورد إلى الشرع (خاص)
  • من ضبط أسلحة فلول النظام السابق لاستعادة حركة المطارات.. الإدارة السورية الجديدة: تأمين البلاد وتشغيل المرافق الحيوية
  • محلل سياسي: سوريا الجديدة تسعى للتعاون مع موسكو من أجل الاستقرار
  • السورية للبريد… تواصل تقديم خدماتها في كل الفروع والمكاتب ‏
  • رغم توقيعها الاتفاق مع دمشق.. لماذا تعتقل قسد أبناء العشائر العربية بمناطق سيطرتها؟
  • مفاجأة في العلاقات السورية الروسية: "الشرع" يطلب من بوتين هذا الأمر بشأن بشار الأسد
  • بريطانيا: موسكو تجبر أوكرانيين على الجنسية الروسية
  • الشرع يقدم طلبا رسميا لبوتين بتسليم الأسد لمحاكمته في سوريا