زيادة رقعة إصابة الإسرائيليين بـاضطرابات ما بعد الصدمة بسبب حرب غزة
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
أبرزت العديد من الدراسات الإسرائيلية أن العديد من الجنود والضباط باتوا يعانون حالات من التوتر المستمر والاكتئاب والضغوط النفسية، صحيح أن الحرب وضعت أوزارها، لكن المرحلة القادمة سيزداد فيها تعب الإسرائيليين: المادي والروحي.
نيتا إنبار سابين، الطبيبة النفسية، مؤلفة كتاب "فسيفساء بشرية.. منظور نفسي للظلال التي تشكل "شعب إسرائيل"، ذكرت أن "الهدوء في غزة ولبنان وسوريا يعطي إشارات بأن الأيام القادمة سيدفع فيها الجنود والضباط أثماناً نفسية وعائلية ومهنية باهظة، لأنهم عاشوا في حالة حرب لفترات طويلة، لأن الدولة كلها بأكملها مرّت بصدمة، وما زال العديد من المستوطنين والجنود لا يستطيعون تحمل المزيد من المعاناة المترتبة على تلك الحرب".
وأضافت في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "العديد من الإسرائيليين فقدوا أغلى ما لديهم، من المختطفين والجنود والنازحين، ولا تزال دوائر عديدة منهم في صدمة أولية، عاجزة عن البدء في عملية معالجتها، والتعافي منها، بل يعانون توترا مستمرا، مما يجعلهم يعيشون حالة اضطراب ما بعد الصدمة، وباتوا يبلغون عن صعوبة إعادة الاندماج بمكان العمل، والانخراط في حياتهم الجديدة، وصعوبة التواصل مع الأسرة والأصدقاء".
وأوضحت أن "الجنود العائدين من المعارك في غزة ولبنان، يؤكدون أنهم شاهدوا مشاهد صعبة للغاية، وشاركوا في معارك مؤلمة، وفقدوا أصدقاء، وكانوا في خطر وجودي يهدد حياتهم، وباتت الأفكار الوسواسية تغمر أذهانهم، وأسئلة عديدة تطرح نفسها في كل ساعات النهار والليل، بما يصعب عليهم العودة للحياة الطبيعية، والقدرة على الاستمتاع، واستثمار طاقتهم لمحاربة مظاهر التوتر".
وكشفت أن "صعوبات الجنود والمستوطنين في إعادة نسج استمرارية حياتهم الموجودة قبل الحرب، ستصبح مزمنة، وقد تصل حالة من اضطراب ما بعد الصدمة، ولا يمكن القول بأن العودة ستكون بلا عواقب أو تكاليف، بل إن العديد منهم لن يتمكنوا من تحقيق هذا التحول بمفردهم، مما يستدعي من جميع الجهات المختصة التعامل مع هذا الوضع الصعب المتمثل بعودة العديد من الجنود والمستوطنين من الحرب وهم يعانون من أعراض نفسية تجعل حياتهم اليومية صعبة".
وأشارت إلى أنه "من الأهمية بمكان تذكر أن من عانوا من صدمة نفسية في مثل هذه الحرب الطويلة، بعد أيام من الخدمة الاحتياطية، يعانون مما يُطلق عليها أحيانًا "الإصابة الشفافة"، لأن الجندي العائد من المعارك دون أن تظهر عليه جروح في جسده، فإن الإصابة قد تكون مخفية عن أعيننا، لكنها خطيرة للغاية، وكفيلة بأن تغير حياته وحياة أطفاله وأفراد أسرته، والمقصود هنا الجروح النفسية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال أمراض نفسية حرب غزة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدید من
إقرأ أيضاً:
بين الصدمة واليقظة… كيف تحمي أطفالك من التحرش؟
أعادت قضية الطفل المصري "ياسين"، ضحية التحرش الجنسي في محافظة البحيرة، تسليط الضوء على واحدة من أخطر القضايا المجتمعية وأكثرها حساسية: التحرش بالأطفال. لم يعد الأمر مجرد احتمال مرعب في مخيلة الآباء، بل أصبح واقعًا مؤلمًا يتكرر بصور متعددة، ويتسلل غالبًا من أكثر البيئات التي يُفترض أنها آمنة: العائلة، الجيران، المدرسة، أو المحيط الاجتماعي القريب.
وفي ظل تزايد الحالات التي يُستدرج فيها الأطفال وينتهك فيها براءتهم، باتت الحاجة ملحّة إلى نشر الوعي المجتمعي بأساليب الحماية، ورفع ثقافة التبليغ، وتدريب الأهل على قراءة المؤشرات المبكرة، لا سيما أن الجناة في كثير من الأحيان يكونون أشخاصًا محل ثقة، يصعب توقع تورطهم في جريمة من هذا النوع.
هزت قضية الطفل "ياسين"، الذي تعرض لاعتداء جنسي في محافظة البحيرة، مشاعر المجتمع المصري، بعد انتشار تفاصيل الجريمة البشعة التي ارتكبها رجل مسن يبلغ من العمر 79 عامًا، في واحدة من أبشع صور استغلال ضعف الطفل وقلة حيلته. وبعدما تحوّلت الحادثة إلى قضية رأي عام، أصدرت محكمة جنايات إيتاي البارود حكمًا بالسجن المؤبد بحق الجاني، وهو ما قوبل بارتياح واسع في الأوساط الشعبية، واعتُبر انتصارًا للعدالة.
اللافت في القضية، أن الطفل ياسين حضر جلسة النطق بالحكم مرتديًا زيّ "الرجل الوطواط"، محتضنًا والدته، في صورة مؤثرة جسّدت بوضوح ما تحمله الطفولة من هشاشة، وما تتحمله الأمهات من صبر وقوة في مواجهة هذه الجرائم.
دراما تحاكي الواقعبالتزامن مع تطورات القضية، استعاد الجمهور مسلسل "لام شمسية" الذي عُرض في رمضان الماضي، والذي تناول بشكل درامي دقيق جريمة تحرش جنسي يرتكبها شخص مقرب من العائلة. وقد أشاد الجمهور والنقّاد بالطريقة التي تم بها تناول القضية، مؤكدين أن الفن يلعب دورًا كبيرًا في توعية المجتمع ومناهضة الصمت حيال هذه الانتهاكات.
المسلسل، الذي كتبته مريم نعوم وأخرجه كريم الشناوي، قُدّم بأسلوب إنساني مؤثر، ونجح في دفع النقاش المجتمعي حول التحرش بالأطفال إلى الواجهة، خاصة عبر شخصية الطفل "أدهم"، الذي أدّاه ببراعة الطفل "علي البيلي"، ووالدته التي لعبت دورها الفنانة "أمينة خليل"، والتي قررت كسر الصمت واللجوء إلى القضاء، متحدّية المجتمع وأسرتها.
لماذا ترتفع حالات التحرش بالأطفال؟يُجمع الخبراء على أن ارتفاع معدلات التحرش بالأطفال في المجتمعات العربية لا يعكس بالضرورة ازدياد عدد الجرائم فقط، بل أيضًا تراجع ثقافة التبليغ، والخوف من الفضيحة، وجهل الأهل بكيفية التعامل مع الطفل الضحية. في كثير من الحالات، يتأخر اكتشاف الجريمة لأن الطفل لا يعرف كيف يُعبّر عمّا حدث له، أو يخاف من العقاب أو عدم التصديق.
ويؤدي هذا التخاذل المجتمعي إلى تفاقم الأذى النفسي الذي يتعرض له الطفل، وظهور مشكلات مزمنة في شخصيته وسلوكياته، كفقدان الثقة بالنفس، القلق المزمن، الصمت الاجتماعي، الخرس الاختياري، أو حتى الانحراف لاحقًا.
دور الأهل في الوقايةشدد خبراء في الصحة النفسية على أهمية دور الأهل في الوقاية من التحرش، مشيرين إلى ضرورة اتباع الآتي:
1. التوعية المبكرة للطفل: من خلال تعليمه أسماء أجزاء جسده، وشرح الفرق بين اللمسة الجيدة والسيئة بطريقة تناسب عمره.
2. خلق بيئة حوار آمنة: تجعل الطفل يشعر بالأمان عند الحديث عن أي شيء غريب يتعرض له دون خوف من العقاب أو التشكيك.
3. مراقبة التغيّرات السلوكية: مثل الصمت غير المعتاد، التبول اللاإرادي، اضطرابات النوم، الخوف المفاجئ من أشخاص معينين، أو الحديث بألفاظ لا تناسب عمره.
4. الحد من انفراد الكبار بالأطفال: خاصة إذا كانوا غير أقارب مباشرين أو ليس بينهم علاقة موثوقة.
5. تعليم الطفل الرفض والابتعاد: وتنمية مهاراته الدفاعية وجرأته في قول "لا" لأي تصرف غير مريح.
التحرش بالأطفال ليس قضية فردية تخص أسرة الضحية وحدها، بل هو تهديد مجتمعي واسع، يتطلب وقفة جماعية واعية، تشمل التشريع الصارم، والإعلام المسؤول، والتعليم الوقائي، والدعم النفسي، والفني، والأهلي.
فكما كشفت دراما "لام شمسية"، فإن الصمت ليس حلاً، بل هو بيئة مثالية لتكرار الجريمة. ومثلما فعلت والدة "ياسين"، فإن المجاهرة بالحقيقة والسعي للعدالة هما أول الطريق نحو حماية الطفولة من هذا الخطر الزاحف.
علامات تدل على تعرض ابنك للتحرشمن جانبه، شدد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، على ضرورة أن يولي الوالدان اهتمامًا بالغًا لأي تغيرات نفسية أو سلوكية تظهر على الطفل، والتي قد تكون مؤشرًا واضحًا على تعرضه لاعتداء أو تحرش، خاصة إذا كان المعتدي من الدائرة القريبة المحيطة به، كالعائلة أو المدرسة أو المحيط الاجتماعي المباشر.
وأضاف هندي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الطفل الذي يقع ضحية للاعتداء يمر غالبًا بعدة مراحل، تبدأ بمحاولة الجاني كسب ثقته تدريجيًا، من خلال اللعب معه أو مشاركته أنشطة معينة، بما يخلق بيئة وهمية من الأمان تُمهد لتنفيذ الجريمة.
وأشار إلى أن من أبرز العلامات السلوكية التي قد تظهر على الطفل وتستوجب القلق، رفضه المفاجئ للذهاب إلى مكان معين أو الجلوس مع شخص بعينه، أو امتناعه عن زيارة أماكن يرتبط بها هذا الشخص، كونه لا يريد استرجاع مشاهد مؤلمة أو صادمة تعرض لها هناك.
وأضاف أن الطفل بطبيعته يميل إلى الحكي ومشاركة ما يدور في ذهنه، لكن عند تعرضه لاعتداء نفسي أو جنسي، يتحول هذا السلوك إلى صمت غير معتاد، وقد يصل إلى ما يُعرف بـ "الخرس الاختياري"، إذ يحاول كبت مشاعره وتجنب الحديث عن الحادثة، مع ظهور مظاهر القلق والشرود عليه، إلى جانب العودة لسلوكيات الطفولة المبكرة مثل مص الأصابع، التبول اللا إرادي، واضطرابات الطعام، التي غالبًا ما تتمثل في تناول كميات زائدة بهدف تعويض شعوره بانعدام الأمان.
وأكد هندي أن الاعتداء يؤدي غالبًا إلى تغييرات جذرية في شخصية الطفل، منها الخوف من أشياء لم يكن يخشاها من قبل، أو تطرفه السلوكي بين التمرد الشديد والطاعة العمياء، فضلًا عن رفضه خلع ملابسه أمام والديه خوفًا من انكشاف آثار جسدية لما تعرض له، وكذلك ابتعاده عن الأماكن العامة، والتحدث بألفاظ جنسية غير لائقة لا تتناسب مع سنه، أو التعبير عن أمور تتجاوز إدراكه الطبيعي، مما قد يدل على تعرضه لمعلومات أو ممارسات غير مناسبة.