نشر موقع "بوليتيكو" تقريرًا تناول فيه تدهور منظمة التجارة العالمية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي، حيث إنّها أصبحت غير قادرة على مواكبة التحديات الحالية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن العالم يقف على حافة حرب تجارية، تضع أوروبا في مرمى نيرانها.

وأوضح الموقع أن منظمة التجارة العالمية نجت بالكاد من الولاية الأولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنها تواجه الآن تهديدات برسوم "متبادلة" وانتقام تجاري، مما يزيد الغموض الجيوسياسي ويضعف النظام التجاري العالمي.

ومع اقتراب مؤتمر ميونيخ للأمن، بات من الضروري إعادة تقييم منظمة لم تعد تفي بالغرض.

وأضاف الموقع أن الحرية والنجاح الاقتصادي مترابطان بشكل وثيق، فكلما قلّت حرية النظام الاقتصادي، تراجع نجاحه. والاستثناء الأبرز هو الصين، حيث يجمع نموذجها بين الرأسمالية المُعززة وسيطرة الدولة، والتي استفادت لسنوات من منظمة التجارة العالمية.

وأفاد الموقع أن الصين استغلت منظمة التجارة العالمية لتوسيع نفوذها بطرق غير عادلة، ما جعلها جزءًا من المشكلة وليست الحل. فقد أضعفت الاقتصادات الحرة وعززت صعود أنظمة غير ديمقراطية، لتصبح حصان طروادة للتجارة غير الحرة.


وذكر الموقع أن منظمة التجارة العالمية تأسست في مراكش سنة 1994. وأدى تأسيسها إلى وضع قواعد للخدمات والملكية الفكرية. وفي السابق، كانت اتفاقية "الجات" تنظم التجارة الدولية في السلع منذ سنة 1947 بدعم 23 دولة، وارتفع العدد إلى 128 بحلول سنة 1994

وتابع الموقع أن "الجات" أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لمنع حروب التعريفات الجمركية في عشرينات القرن الماضي، لكنها تحولت إلى منظمة التجارة العالمية، التي باتت غير فعالة وتحتاج إلى إعادة نظر جذرية.

وأشار الموقع إلى أن أعضاء منظمة التجارة العالمية يتعهدون بالالتزام بثلاثة مبادئ أساسية في علاقاتهم التجارية الدولية: التجارة دون تمييز، والمعاملة بالمثل كأساس للتفاوض، وإزالة التعريفات الجمركية والعوائق التجارية. ويتعين على الدول الأعضاء منح بعضها البعض المزايا ذاتها، كما يفرض مبدأ عدم التمييز أن تُمنح أي امتيازات أو دعم لدولة واحدة لجميع الأعضاء تلقائيًا.

وأضاف الموقع أن منظمة التجارة العالمية تمنح امتيازات للدول التي تصنف نفسها "نامية"، كما فعلت الصين عند انضمامها. وتشمل المزايا المهل الزمنية الأطول لتنفيذ الالتزامات أو سهولة الوصول إلى الأسواق. ولكن الامتياز الأهم هو التزام الأعضاء بحماية مصالحها - وهو ما حافظت عليه الصين منذ انضمامها.

وبين الموقع أن الصين انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية مرارًا على مدى سنوات، مثل: نقل التكنولوجيا القسري والدعم الضخم غير المعلن وتشويه المنافسة عبر الشركات المملوكة للدولة.


وللوصول إلى السوق الصينية، اضطرت العديد من الشركات الأجنبية إلى كشف معلومات تكنولوجية قيّمة، ما كلف الشركات الدولية مليارات الدولارات. وفي المقابل، تمكنت الشركات الصينية في بعض القطاعات من اللحاق سريعًا برواد الصناعة وأصبحوا هم أنفسهم قادة السوق.

وذكر الموقع مثالًا مؤلمًا لذلك ما حدث مع ألمانيا في صناعة الطاقة الشمسية، التي لم تكن موجودة في الصين حتى سنة 2005، لكنها استحوذت على أكثر من 80 بالمائة منها بحلول سنة 2022 بفضل الابتكار المنسوخ والدعم الحكومي.

وقال الموقع إن الصين تنظر إلى أوروبا على أنها متجر للخدمة الذاتية. فهي تشتري ببراعة كبيرة التكنولوجيا المتطورة، وغالبًا ما يكون ذلك عن طريق "أبطال خفيين" أقل شهرة. وتستخدم قوانينها لمكافحة الاحتكار لمعاقبة الشركات الأجنبية على الابتكار.

وأضاف الموقع أن الأسواق الصينية لم تنفتح كما يُدّعى، فحتى سنة 2021 مُنعت الشركات الأجنبية من دخول قطاعها المالي. كما أن غياب الشفافية يعيق الأعمال التجارية، فلم تنجح أي شراكة أجنبية في الاتصالات، وحُظر فيسبوك وتويتر منذ سنة 2009.

وذكر الموقع أن الشركات الصينية تقوم بأعمالها التجارية دون عوائق في الأسواق الغربية، بينما تضع بكين قواعدها لتعزيز نفوذها، في ظل عجز أو تهاون منظمة التجارة العالمية، ما يجعل مبدأ المعاملة بالمثل وهمًا.


في الواقع، تنهار منظمة التجارة العالمية، إذ تتسامح مع المعايير المزدوجة وتسمح للأعضاء باتباع قواعد مختلفة، مما يكرس عدم التوازن بدلًا من المعاملة بالمثل.

وأفاد الموقع أن الانبعاثات الكربونية تشكل متغيرًا آخر شهد ارتفاعًا هائلًا في الصين منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، حيث زادت بأكثر من 200 بالمائة. وهذا الارتفاع يفوق بكثير تراجع الانبعاثات في بقية العالم. ففي سنة 2021، كانت الصين مسؤولة عن نحو ثلث الانبعاثات العالمية، متجاوزةً إجمالي انبعاثات الولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان وإيران، أكبر خمسة ملوثين بعدها.

وخلص الموقع إلى أن أزمة المناخ العالمية تعزز الحاجة لمواجهة الأنظمة الاستبدادية مثل الصين. فالمشكلة الحقيقية ليست في الرحلات السياحية، بل في عجزنا عن التأثير على أكبر ملوث للكربون، وسعيه لأجندة سياسية مختلفة، إضافةً إلى مساهمتنا غير المباشرة عبر تصدير التلوث إلى الصين وغيرها.

واعتبر الموقع أن قبول الصين كعضو كامل في منظمة التجارة العالمية كان خطأ جوهريًا نابعًا من سياسات تجارية يغلب عليها التمني. فبرغم حسن النوايا، أدى ذلك إلى اختلال تفاقم على مر السنوات، مما أضر بشدة باقتصادات السوق الديمقراطية.

واعتبر الموقع أن الخطأ الأكبر كان ضم دولة غير ديمقراطية ثقيلة اقتصاديًا لا تلتزم بقواعد التجارة الحرة، والأشد غرابة منحها وضع "الدولة النامية" رغم كونها ثاني أكبر اقتصاد، مما خلق منافسة غير عادلة.

وكانت النتيجة متوقعة: حقق الجميع نموًا اقتصاديًا سريعًا، لكن على المدى البعيد، اختل التوازن لصالح طرف واحد، ما خلق تبعية غير متكافئة. وأدى تهاون الولايات المتحدة وأوروبا إلى إضعاف قوتهما الاقتصادية وتقويض منظمة التجارة العالمية نفسها.


واختتم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن منظمة التجارة العالمية وصلت إلى طريق مسدود، وأصبحت كيانًا معطلًا وعاجزًا، ومجرد ظل لما كانت عليه، وهذا يقود إلى استنتاج لا لبس فيه: يجب حل منظمة التجارة العالمية. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي منظمة التجارة العالمية الاقتصاد العالمي ترامب الصين الصين منظمة التجارة العالمية الاقتصاد العالمي ترامب المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموقع أن

إقرأ أيضاً:

برلماني: التعاون مع الشركات العالمية في الطاقة يعزز الاستدامة الاقتصادية لمصر

أشادت النائبة مرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بجهود الدولة المصرية في تعزيز التعاون الدولي في مجال الطاقة، مؤكدة أن توقيع اتفاقيات تعاون مع قبرص على هامش مؤتمر "إيجبس 2025" يعكس رؤية مصر الاستراتيجية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة. وأكدت أن هذه الشراكات تساهم في تعظيم الاستفادة من موارد الغاز الطبيعي وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.

وأوضحت “الكسان” في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية يؤكد مدى اهتمام مصر بتعزيز الشراكات مع كبرى الشركات العالمية في مجال الطاقة، مما يوفر فرصًا استثمارية جديدة ويعزز من معدلات النمو الاقتصادي. وأشارت إلى أن استمرار الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة يعكس ثقة الشركات العالمية في استقرار الاقتصاد المصري ووضوح سياسات الدولة في هذا القطاع الحيوي.

 تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة

وأكدت الكسان أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر وقبرص يعد خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، حيث يسهم في تعزيز قدرات الشبكة الكهربائية المصرية، ويساعد على تأمين احتياجات مصر من الطاقة على المدى الطويل. كما أشارت إلى أن هذه المشروعات الطموحة تعزز من قدرة مصر على تصدير الفائض من الطاقة إلى الدول المجاورة، مما يسهم في دعم الميزان التجاري وتقليل الفجوة التمويلية.

وشددت على أن الدولة المصرية تعمل بخطى ثابتة لتحقيق الاستدامة المالية في قطاع الطاقة، حيث تسعى إلى تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية. وأكدت أن النجاح في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، وزيادة العوائد المالية للدولة، ودعم مشروعات التنمية الشاملة.

واختتمت النائبة تصريحها بالإشارة إلى أن الاهتمام العالمي بمؤتمر "إيجبس 2025" يعكس أهمية مصر كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الدولي، مؤكدة أن استمرار الحكومة في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وتوسيع الشراكات الدولية هو السبيل الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة وضمان مستقبل أكثر استقرارًا لأجيال المستقبل.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، قد شهد توقيع عدد من اتفاقيات التعاون في مجال الطاقة، وهو ما يؤكد على العلاقة التاريخية الوثيقة بين البلدين.

 وشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، افتتاح فعاليات مؤتمر ومعرض مصر الدولي الثامن للطاقة "إيجبس 2025" في مركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة.

 وتنظم وزارة البترول والثروة المعدنية فعاليات النسخة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة "إيجبس 2025"، خلال الفترة من 17 إلى 19 فبراير 2025 تحت شعار " بناء مستقبل آمن ومستدام للطاقة "  بحضور الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس بدعوة من الرئيس السيسي.

كما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للبترول، على هامش معرض مصر الدولي للطاقة "إيجبس 2025".

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن رئيس شركة إيني الإيطالية استعرض نتائج أعمال الشركة في مشروعاتها في مصر خلال الفترة الماضية، وخطط الشركة الحالية والمستقبلية لإستكشاف وإنتاج الغاز في مصر.

وأكد حرص الشركة على علاقتها الاستراتيجية مع مصر، في ضوء الدور المصري المحوري كمركز إقليمي لتداول وإنتاج الطاقة والغاز المسال، وبالنظر الى الفرص الواعدة والإمكانات الضخمة التي تذخر بها مصر في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • المملكة ترأس المجلس العمومي لمنظمة التجارة العالمية لعامي 2025 – 2026
  • بعد نشر منظمة مؤيدة للفلسطينيين صورهما..جنديان إسرائيليان يهربان من أمستردام
  • كيف يهدد ترمب التجارة العالمية؟
  • هذا تأثير النفط والغاز على الدبلوماسية العالمية.. أدوات ضغط
  • موقع صهيوني: العولمة مكنت اليمن من ممارسة نفوذ تحتكره القوى العظمى
  • أماكن سقوط الأمطار المتوقعة حتى نهاية الأسبوع.. هل تصل إلى القاهرة الكبرى؟
  • منظمة الصحة العالمية: حان الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن الأوبئة
  • الصحة العالمية: توصية بتعديل الاعفاءات في الأردن
  • برلماني: التعاون مع الشركات العالمية في الطاقة يعزز الاستدامة الاقتصادية لمصر
  • عرقاب يستقبل وفدًا من منظمة التجارة الخارجية اليابانية