أظهرت المقاومة الإسلامية في فلسطين درجة عالية من الثقة والوعي الذي يفتقده كثير من دوائر الحكم في الوطن العربي، وردت على مقترحات ترامب بتهجير الفلسطينيين ردًّا عبقريًّا زلزل أركان الحكم في تل أبيب وواشنطن على حد سواء.
ترامب قال إنه سيقوم بالاستيلاء على غزة، وطرد الفلسطينيين وهدد بأنه سيفتح على غزة والمنطقة أبواب الجحيم إذا لم تفرج المقاومة عن كل الأسرى التسعة لديها قبل الثانية عشرة من ظهر السبت الماضي، وبدلاً من الخوف والرعب والدخول في هيسيتريا التخبط قالت المقاومة إنها لن تفرج عن الأسرى يوم السبت حتى تلتزم إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية وخاصة البيوت المتحركة والوقود والمعدات الثقيلة لإزالة الركام وفتح الطرق، واستخراج جثث الشهداء من تحت البيوت التي دمرتها القوات الإسرائيلية بالأسلحة الأمريكية.
وقال المرتعدون إن حماس تغامر بتدمير غزة، وكأنهم قد فقدوا البصر والبصيرة ولم يشاهدوا هذا الجحيم المذهل الذي لم يبق على شيء في غزة أو أنهم أرادوا أن يغلفوا دعمهم لإسرائيل وخشيتهم من ترامب بدواعي الحفاظ على شعب غزة الذي لم يناصروه ساعة في حياتهم.
وبعد أن تلا أبو عبيده قرار المقاومة الفلسطينية بدأت دوائر داخل إسرائيل تحذر حكومة نتنياهو من الانجرار خلف هذا المجنون الفاشل والذي لا يعرف شيئًا عن الشعب الفلسطيني وإصراره وتحدياته وصموده تبارى قادة كانوا في أجهزة استخبارات العدو يطالبون نتنياهو بتنفيذ مطالب المقاومة على الفور، وقبول الإفراج عن ثلاثة فقط من الأسرى كما تريد حماس مع إدخال هذه المساعدات التي كانت جزءًا من الملف الإنساني وكان على نتنياهو إدخالها منذ اليوم الأول لتنفيذ اتفاق الهدنة، ولكنه تلاعب وأخلف وعده وأدخلها مجبرًا عندما أعلنت المقاومة أن إسرائيل لن ترى أسراها إلا إذا دخلت تلك المساعدات إلى جنوب ووسط وشمال غزة، والغريب أن إسرائيل التي دخلت في أكبر حالة نشوة في تاريخها بعد تهديدات ترامب عادت لتطلق عليه كلابها، لتنهشه باعتباره رجلاً فاشلاً يريد أن يقضي على أسرى العدو بيد المقاومة..
انتصرت إذًا إرادة الصمود على لعبة ترامب- نتنياهو واتضح أنهم اعتادوا استخدام سلاح الرعب كي نسلم خانعين مستسلمين دون تفكير أو تردد وكشف موقف المقاومة عن طريقة ترامب في الحكم حيث يستخدم الرجل أعلى درجات الابتزاز والتهديد كي يحصل على ما يريده، ولا يستحي من التراجع عن تلك القرارات التي يزلزل بها العالم وأيضًا إلى درجة تخرج عن نطاق العقل والتصور، فالرجل الذي قرر تهجير شعب غزة، وإبادة المقاومة والاستيلاء على أرضها وتحويلها إلى جحيم خرجت علينا إدارته، لتقول إن ترامب يطمع في أن تقوم المقاومة بالإفراج عن ستة من الأسرى يحملون الجنسية الأمريكية الإسرائيلية تقديرًا له.
إنه العبث المذهل، ويبدو أننا نحتاج إلى قرار عربي شامل ترفض فيه أمتنا العربية أن تحكم المنطقة، ويقرر مصيرها وفقًا للأفكار العبثية أو أن تغير خريطتها تحت التهديد والوعيد، ويبدو أيضًا أننا أمام مرحلة تاريخية يجب أن نحدد فيها ما إذا كنا أمة واحدة قادرة على الحياة، أو أننا أصبحنا بقايا أمة لا تصلح للحياة.
المقاومة قالت كلمتها إننا قادرون على هزيمة هذا العبث الأرعن وبقي أن تقول الأمة كلمتها في قمتها العربية بالقاهرة الأسبوع المقبل.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تنشيء مديرية خاصة لترحيل الفلسطينيين لتطبيق خطة ترامب
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي أنشأت مديرية خاصة لتسهيل "هجرة" الفلسطينيين من غزة. وجاء التحرك الإسرائيلي بعد تبني نتنياهو لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسكان القطاع المدمر.
وتشمل العروض الجديدة للمغادرة من بين عدة أمور أخرى، ترتيبات خاصة للمغادرة عن طريق البحر والجو والبر.
يظهر ذلك، بحسب الصحيف، كيفية استغلال نتنياهو اقتراح ترامب، الذي قال فيه إن أمريكا ستتولى بموجبه السيطرة على القطاع الذي مزقته 15 شهرا من الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى إن المديرية ستشرف على إنشائها وزارة الحرب وستكون تابعة لها، وبخاصة أن الوزارة هي من ينفذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتسيطر على جميع نقاط الدخول والخروج من وإلى قطاع غزة.
وفي خطاب ألقاه في نهاية الأسبوع أمام الجماعات اليهودية الأمريكية في القدس، وصف نتنياهو اقتراح ترامب بأنه "استراتيجية مشتركة"، ونفى أن يكون بمثابة تطهير عرقي. لكنه رفض القول فيما إن كان سيسمح للمدنيين الفلسطينيين الذين سيغادرون القطاع المدمر بالعودة، مما أثار شبح النزوح الدائم وأزمة لاجئين جديدة لمصر والأردن.
وقالت الصحيفة إن خطة ترامب التي حظيت بإدانة واسعة في العالم العربي، قد عززت من مكانة نتنياهو السياسية لدى السياسيين اليمينيين المتطرفين الذين يدعمون ائتلافه الحاكم، والذين يرون أن البيت الأبيض يدعم موقفهم الهامشي سابقا والداعي إلى ضرورة طرد الفلسطينيين من أرضهم لضمان أمن "إسرائيل".
وفي الوقت نفسه، تواصل حكومته أيضا الانخراط في محادثات وقف إطلاق النار التي يأمل المؤيدون أن تجلب السلام الدائم وإعادة الإعمار في غزة، مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين الذين تم أسرهم خلال هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على "إسرائيل".
وأرسلت "إسرائيل" وفدا على مستوى عال إلى القاهرة للتفاوض على المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار وتحويله إلى هدنة طويلة الأمد مع حماس. وعقدت الحكومة الأمنية المصغرة اجتماعا طويلا في صباح الثلاثاء لمناقشة الموضوع.
وتعلق الصحيفة أن أهداف نتنياهو المتضاربة أدت لحالة من عدم اليقين حول ما إذا كانت "إسرائيل" وحماس قادرتان على استكمال جميع مراحل الهدنة المؤقتة الحالية التي سمحت بإطلاق سراح عدد من الأسرى بعد ما يقرب من 500 يوم في أسر المقاومة.
وتشير الصحيفة إلى الدمار الواسع الذي خلفته "إسرائيل" على غزة وأتلف البنية التحتية وهدم المنازل وجعلها عير صالحة للعيش، وأثار مخاوف نكبة جديدة مثل نكبة عام1948.
وفي الوقت نفسه، عبرت حماس عن استعدادها لمواصلة المحادثات الهادفة لوقف الحرب، مكررة تصريحاتها بأنها ستترك الحكم، مع أنها هددت بإفشال وقف إطلاق النار بسبب استمرار خرق "إسرائيل" لشروطه وعدم السماح بدخول المساعدات والبيوت المتنقلة والخيام لحوالي مليوني نسمة.
ولكي يتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى قبل انتهاء المرحلة الأولى في غضون أسبوعين، فسيتعين على "إسرائيل" وحماس التوصل إلى اتفاق يسمح للجيش الإسرائيلي بمغادرة غزة، في حين يظل مئات، إن لم يكن آلاف، من مقاتلي حماس على قيد الحياة.
وقد أظهرت العناصر الباقية من ألوية حماس المسلحة قدرتها على الصمود في عروض القوة المنظمة بعناية أثناء إطلاق سراح الأسرى، الذي دخل الآن أسبوعه الرابع، حيث استعرضوا أسلحتهم والأسرى في احتفالات تلفزيونية مرتبة بدقة.
وقد أدت هذه العروض إلى تعميق المطالب من جانب حلفاء نتنياهو من أقصى اليمين بالتخلي عن وقف إطلاق النار ومواصلة محاربة حماس، على الرغم من الخطر الذي يهدد العشرات من الأسرى الذين ما زالوا في الأسر في غزة.