16 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: في أروقة الجامعات العراقية، حيث كانت الألقاب الأكاديمية تُكتسب بالجهد والمثابرة، باتت اليوم تُشترى كما تُشترى البضائع في الأسواق.

شهاداتٌ مستوردة تملأ الساحة التعليمية، وأسماء جديدة بألقاب الدكتوراه والماجستير تتساقط على المؤسسات الأكاديمية كالمطر، حتى باتت الألقاب تفوق عدد المقاعد الدراسية الفعلية.

ومع تصاعد الجدل حول التعديلات الجديدة على قانون “تعادل الشهادات”، تجد المؤسسات التعليمية نفسها أمام موجة من الخريجين الافتراضيين الذين لم تطأ أقدامهم قاعات المحاضرات.

في عام 2020، فتح العراق الباب واسعاً أمام طلاب وسياسيين وموظفين حكوميين للحصول على شهادات أكاديمية من جامعات خارج البلاد، بعدما أقر البرلمان قانون “تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والأجنبية”، والذي خفف من شروط الحصول على الشهادات العليا.

وخلال السنوات الماضية، تدفقت أعداد كبيرة من الطلبات على جامعات في دول مثل لبنان والهند وإيران، والتي باتت توفر الشهادات مقابل مبالغ مالية زهيدة، حيث يمكن الحصول على شهادة الماجستير مقابل 3000 دولار، وشهادة الدكتوراه مقابل 5000 دولار، دون الحاجة لحضور المحاضرات أو إجراء البحوث العلمية المطلوبة.

وقال مصدر أكاديمي عراقي إن “بعض الجامعات الخارجية باتت بمثابة مكاتب لإصدار الشهادات أكثر من كونها مؤسسات تعليمية حقيقية”، مضيفاً أن “بعضها يمنح شهادات عليا خلال أشهر فقط، وهذا ما يضرب رصانة التعليم في مقتل”. بينما تحدث الباحث الاجتماعي قاسم الفاضلي عن “الأثر المدمر لهذه الفوضى على سوق العمل، حيث بات من السهل على أي موظف أو سياسي أن يضع لقب (دكتور) قبل اسمه، دون أن يمتلك أي رصيد علمي حقيقي”.

في أروقة البرلمان، يبدو أن هناك توجهاً لتخفيف القيود أكثر، حيث تسعى بعض الكتل السياسية إلى تعديل قانون التعادل ليشمل فئات جديدة من الموظفين الحكوميين، ما يتيح لهم الدراسة والحصول على شهادات عليا من الخارج دون موافقة دوائرهم الرسمية. واعتبر مواطن يدعى علي الربيعي أن “التعديلات الجديدة ستفتح الباب أمام مزيد من التلاعب بالشهادات”، مضيفاً في تغريدة على منصة “إكس”: “لا يمكن لأي دولة أن تنهض بشهادات مصنوعة في الخارج على الطلب، لا علم ولا بحث، فقط ألقاب تباع وتشترى”.

من جهة أخرى، دافع بعض النواب عن هذه التعديلات، معتبرين أنها “تتيح فرصاً أكبر للتعليم أمام شريحة واسعة من العراقيين”، لكن مصادر أكاديمية رأت أن التعديلات جاءت لإرضاء بعض السياسيين الذين يسعون للحصول على شهادات ترفع من مكانتهم الاجتماعية. وقال أستاذ جامعي من بغداد، رفض الكشف عن اسمه: “كيف يمكن لأستاذ يحمل شهادة دكتوراه حصل عليها في ستة أشهر فقط أن يدرّس في جامعة محترمة؟ هذه إهانة للتعليم”.

في المقابل، حذر تقرير  من أن العراق يتجه نحو “انهيار أكاديمي” إذا لم تتم إعادة النظر في ملف الشهادات المستوردة. وأفادت تحليلات بأن “العراق قد يتحول إلى مركز لتصدير الشهادات الوهمية، حيث يمكن لأي شخص الحصول على شهادة من الخارج مقابل المال فقط”.

وبينما يسير القانون الجديد نحو الإقرار، تتحدث مصادر عن احتمالية استغلاله بشكل أوسع، إذ تشير التوقعات إلى أن السنوات المقبلة ستشهد تضاعف أعداد الحاصلين على الشهادات العليا من الخارج، ما يعني أن المؤسسات الأكاديمية في البلاد قد تصبح ممتلئة بأساتذة غير مؤهلين علمياً، مما سيؤثر على جودة التعليم الجامعي لعقود قادمة.

أما المواطنون، فقد عبروا عن سخطهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قالت مواطنة تُدعى رنا السعدي في منشور على فيسبوك: “الشهادات في العراق أصبحت مجرد ديكور.. احصل على المال، تَحصل على الدكتوراه”، بينما علّق آخر: “المشكلة ليست فقط في الشهادات، بل في الوظائف التي ستذهب لأصحاب الشهادات المزيفة على حساب أصحاب الكفاءة الحقيقية”.

توجد تقديرات تقول إن عدد الطلاب المسجلين في جميع الجامعات العراقية يتجاوز 1.8 مليون طالب، على الرغم من أن هذا الرقم قد يختلف قليلاً بناءً على بيانات السنوات المختلفة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: حرب “7 أكتوبر” كلفتنا مبالغ مالية ضخمة

الثورة نت/..

تطرق الباحث “الإسرائيلي” نيتسان كوهين إلى التكاليف الباهظة التي تكبدها العدو “الإسرائيلي” جراء عدوانه على غزة ولبنان، مشيرًا الى أنّهم يدفعون ثمنًا باهظًا من الناحية الاقتصادية، وقال: “عندما نتحدث عن حرب بحجم “الحرب” (العدوان) التي اندلعت في 7 أكتوبر، يجب أن نتحدث أيضًا عن تكلفتها المالية الضخمة. هنا نحن نتحدث عن أنواع مختلفة من التكاليف، فهناك التكاليف المباشرة لـ”وزارة الأمن” (وزارة الحرب الصهيونية) والجيش وهي: الدفع مقابل أيام الاحتياط، الدفع مقابل الذخائر، تعبئة المخازن بالذخائر، الوقود وما إلى ذلك”، مضيفًا أنّ: “هناك أيضًا التكلفة الاقتصادية للحرب، وهذا يعني أنه يجب الأخذ في الحسبان فقدان الناتج، تكاليف تعطيل الروتين وغيرها”.

وفي تقرير نشرته صحيفة “إسرائيل هَيوم الإسرائيلية” أردف كوهين: “بغضّ النظر عن كيفية النظر إلى الأمور، فنحن نتعرض لتكلفة اقتصادية غير ضئيلة. قبل أن ندخل في الأرقام، يجدر بنا أن نتذكر أن الاقتصاد “الإسرائيلي” دخل الحرب وهو في وضع جيد، هذا يعني أنّ حكومة بنيامين نتنياهو كانت لديها مصادر لسحب الأموال منها دون الحصول على مساعدة خارجية بالدولار” على حد قوله.

ووفقًا لكوهين، أجرى “بنك إسرائيل” البحث الأكثر شمولًا وموثوقية حول تكلفة الحرب، والمقصود هو “قسم الأبحاث في البنك” برئاسة عادي برنر، حيث جمع البنك الحدث، وحوّله إلى شواكل ووصل إلى رقم 255 مليار شيكل، أي أنّ كل يوم يمر دون انتهاء “الحرب” (العدوان) يكلف دافع الضرائب “الإسرائيلي” 315 مليون شيكل.

مقالات مشابهة

  • الحكيم: يمكن تصدير غاز العراق
  • “دبليو كابيتال” تبيع فيلا في نخلة جبل علي مقابل 20 مليون درهم
  • عوائد مجزية من البنوك.. أفضل شهادات ثلاثية قبل اجتماع المركزي
  • تحذيرات من تحويل المتظاهرين العراقيين إلى “بندقية للإيجار”
  • الاطار التنسيقي يوضح حول “الضغوط الإيرانية” لتمرير قانون العفو العام
  • صحيفة عبرية: حرب “7 أكتوبر” كلفتنا مبالغ مالية ضخمة
  • العراق يأمل استئناف تصدير نفط كردستان “خلال أسبوع”
  • “التجارة” و “هيئة النقل” تحثان على الطلب المبكر من المتاجر الإلكترونية لضمان تجربة سلسة وخدمات موثوقة
  • “التجارة” و”هيئة النقل” تحثان على التخطيط المبكر للشراء من المتاجر الإلكترونية
  • عوائد الـ 100 ألف جنيه.. أعلى 3 شهادات ادخار في مصر