ألقى الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، كلمة خلال ندوة "بناء الإنسان.. بناء الأوطان"، التي استهدفت طلاب مدارس محافظة الإسكندرية وعُقدت في مدرسة كلية النصر، بحضور الدكتورة إيمان محمد حسن، رئيس الإدارة المركزية للأنشطة الطلابية بوزارة التربية والتعليم، والدكتور عربي أبو زيد، مدير المدرسة، وذلك في إطار نشاط فضيلته المكثف في توعية وتثقيف طلاب المدارس والجامعات في عدد من محافظات مصر.

واستهل مفتي الجمهورية، كلمته بتقديم الشكر للدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، وأسرة محافظة الإسكندرية، وأسرة مديرية التربية والتعليم، والدكتور عربي أبو زيد، مدير المدرسة، والدكتورة إيمان حسن، رئيس الإدارة المركزية للأنشطة الطلابية، مرحبًا بجميع الحضور، ومؤكدًا أهمية هذه اللقاءات في تعزيز الوعي لدى الأجيال الناشئة.

أكد في كلمته أن الإسلام قد كرّم الإنسان تكريمًا عظيمًا، فأسجد الله له ملائكته، وجعله خليفة في الأرض، وسخّر له الكون بأسره، موضحًا أن قانون التسخير يقوم على أن الأدنى في الكون مسخر للأعلى، حيث سخر الله الجماد للنبات، والنبات للحيوان، والحيوان للإنسان، والإنسان لعبادة الله وإعمار الأرض وفق منهج إلهي دقيق. مشيرا إلى أن نهضة أي مجتمع تعتمد على بناء الفرد بناءً متكاملًا علميًّا وأخلاقيًّا، بما يحقق النفع للوطن والبشرية.

كما شدد مفتي الجمهورية على أهمية العلم، موضحًا أنه الركيزة الأساسية لبناء الإنسان والمجتمعات، وأنه لا يقتصر على المعرفة النظرية، بل هو نورٌ وعاملٌ جوهري في تهذيب الروح وتنظيم الفكر وتوجيه السلوك، مشيرا إلى أن الإسلام جاء متميزًا عن الرسالات السابقة، حيث بدأ بأمر "اقرأ".

وأوضح أن الإرشادات الإلهية لا تقتصر على الكتاب المسطور (الوحي الإلهي)، بل تشمل الكتاب المنظور وهو الكون الفسيح المشحون بالآيات التي أمر الله تعالى بالسير والتأمل والنظر فيها، وكلاهما يعكسان حكمة الله في الخلق. مشيرًا إلى أن بناء الإنسان بناء معرفيًّا إنما يقوم على التفكير والتدبر، مستدلًّا بقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18].

كما أكد أن العلم لا يثمر إلا إذا اقترن بالأخلاق، مشددًا على أن الدين ليس مجرد طقوس وشعائر ظاهرة، بل هو التزام أخلاقي وسلوك تطبيقي. واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي بيَّن فيه الغاية من بعثته فقال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، محذرًا من الاقتصار على العبادة دون مراعاة الأخلاق.

وأشار إلى خطورة الشائعات والمعلومات المغلوطة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، داعيًا الطلاب إلى التفكير النقدي والتحقق من صحة المعلومات قبل تصديقها أو نشرها. 

كما شدد على أن الله تعالى قد ميَّز الإنسان بالعقل، وجعل المحافظة عليه من مقاصد الشرع، فهو أداة التمييز والسيطرة، مشيرًا إلى أن ذلك يؤدي إلى بناء فكر سليم يحمي المجتمع من الانحراف والتضليل والأفكار الهدامة.

وفي جانب آخر، تحدث المفتي، عن أهمية بناء الجسد، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالصحة الجسدية يجب أن يكون متوازنًا مع تحصيل العلم والالتزام الأخلاقي.

كما تناول البناء العقدي، موضحًا أن العقيدة الصحيحة هي أساس حياة الإنسان، وأن الله مع عباده بعلمه وإحاطته وقدرته، واختتم كلمته قائلًا: " إننا أمام واقعٍ جديد، وغدٍ مشرق، وأملٍ فسيح، لا يتحقق إلا بإنسانٍ جديد يحافظ على عقله ونفسه وجسده ودينه ووطنه".

وقال المفتي مخاطبًا الطلاب: "إننا نعوّل عليكم بالعلم للقضاء على الجهل والتخلف، والعودة بالحضارة إلى ركب التقدم، فأنتم الأمل في بناء مستقبلٍ مشرق يقوم على المعرفة والأخلاق والعمل الجاد".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشائعات العلم الإسلام الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية محافظة الإسكندرية المزيد مفتی الجمهوریة ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يدعو لإنشاء رابطة عالمية مستقلة لتعزيز تقارب المذاهب

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي بالعاصمة البحرينية المنامة، أن الحوار بين طوائف المسلمين لم يكن يومًا ترفًا فكريًا، بل هو ضرورة إيمانية وفريضة شرعية لتحقيق وحدة الأمة، كما تجلى عبر تاريخها في لحظات الاختلاف الكبرى، مشيرًا إلى أن أزمة الخطاب الطائفي اليوم تستوجب العودة إلى نهج الحوار الذي أرساه الإسلام منذ وثيقة المدينة.

وأشاد المفتي بوثيقة المدينة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم، باعتبارها أنموذجًا مبكرًا لمفهوم المواطنة العادلة، حيث اعترفت بالتنوع، وأفسحت لكل جماعة مكانها ضمن كيان واحد، بما يرسخ قيم العيش المشترك دون إقصاء أو تمييز، مشددًا على أن غياب مفهوم المواطنة العادلة كان السبب الأبرز في انتشار التعصب الطائفي، إذ يؤدي فقدان الشعور بالانتماء للوطن إلى البحث عن ملاذات بديلة تغذي الانقسامات، مما يحوّل المجتمعات الآمنة إلى ساحات صراع واقتتال، ويجعلها عرضة للتدخلات الخارجية تحت ذرائع زائفة.

إنشاء رابطة عالمية مستقلة

وفي سياق تصحيح المفاهيم المغلوطة، أكد مفتي الجمهورية أن مفهوم الولاء والبراء في الإسلام يدعو في جوهره النقي إلى حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ونصرة الحق، لكنه تعرّض لتحريف خطير استخدمته بعض الطوائف لتكفير مخالفيها واستباحة دمائهم، مما يتناقض مع مقاصد الشريعة الداعية إلى الوحدة والتراحم، وتضمنت الكلمة عددًا من التوصيات المهمة لتعزيز التقارب الإسلامي، أبرزها:

1- إنشاء رابطة عالمية مستقلة تضم المؤسسات العاملة في مجال التقريب بين المذاهب، بهدف دعم التفاهم المشترك، وتعزيز قيم المواطنة، وإرساء دعائم الوحدة الإسلامية بعيدًا عن أي أجندات طائفية.

2- تعزيز العمل الإنساني المشترك بين الطوائف الإسلامية، وخاصة في مجالات الإغاثة، والتعليم، ومحاربة الفقر والجهل، لصرف الجهود نحو القضايا الإنسانية الجامعة بدلًا من الخلافات الفكرية والمذهبية.

3- الاستثمار في الإعلام والفنون لتعزيز ثقافة التسامح، من خلال الدراما والسينما والمهرجانات الثقافية التي تجمع أصحاب المواهب المختلفة، مما يسهم في بناء جسور الفهم المشترك.

4- تعزيز دور المؤسسات التعليمية في نشر ثقافة التعايش، عبر تضمين المناهج الدراسية مواد تكرّس قيم الاعتدال والاحترام المتبادل بين الطوائف والمذاهب.

واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالتأكيد على أن المرحلة الراهنة تتطلب تكاتفًا حقيقيًا لإعادة بناء الثقة بين مكونات الأمة، ونبذ خطاب الكراهية، والعمل على تأسيس بيئة حوارية تضمن مستقبلًا آمنًا للأجيال القادمة، كما قدم الشكر للملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، على رعايته لهذا المؤتمر، وللإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الشريف، ولسمو الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بدولة البحرين، ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر، وللمستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، على جهودهم في تنظيم هذا المؤتمر في هذه المرحلة الدقيقة.

400 شخصية في المؤتمر

شهد المؤتمر حضورًا واسعًا ومميزًا لنخبة من الشخصيات البارزة والعلماء وقادة الفكر الديني، حيث تجاوز عدد المشاركين 400 شخصية من مختلف دول العالم، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الحدث ومكانته في تعزيز الحوار والتعاون بين الثقافات والحضارات، وقد ضم الحضور نخبة من كبار رجال الدين الإسلامي، ورؤساء المجامع، وقيادات المؤسسات الدينية والفكرية، مما أضفى على المؤتمر زخمًا علميًا ومعرفيًا، وأسهم في إثراء النقاشات حول القضايا الجوهرية المطروحة.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يدعو لإنشاء رابطة عالمية مستقلة لتعزيز تقارب المذاهب
  • مفتي الجمهورية يشارك في الجلسة الرئيسية لمؤتمر الحوار الإسلامي
  • مفتي الجمهورية يشارك في مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي بالبحرين
  • مفتي الجمهورية يتوجه إلى البحرين للمشاركة في مؤتمر الحوار الإسلامي
  • مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره في كرواتيا سبل التعاون المشترك
  • مفتي الجمهورية ينعى مستشار ومساعد محافظ جنوب سيناء
  • فقرة إذاعية عن صلاح جاهين في طابور الصباح بجميع مدارس الجمهورية.. غدا
  • مع قدوم الشهر المبارك.. تعرف على طقوس النبي وأصحابه في رمضان
  • هل تصفد كل الشياطين في رمضان؟.. مفتي الجمهورية السابق يجيب
  • جوزيف عون: لبنان لا يقوم على مكون واحد .. ويجب تضافر كل الجهود لإعادة بناء الثقة