شريان الحياة الخفي
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
شريان الحياة الخفي
د. الفاتح يس
بالرغم من أن الأراضي الرطبة تغطي 6% من سطح الأرض، إلا أنها تأوي 40% من تنوع الكائنات الحية في العالم، و بمثابة شريان الحياة.
الأراضي الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئياً؛ سواءً كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة، وبداخل هذه الأراضي الرطبة نظم بيئية متعددة، وتلعب هذه النظم دورا رئيسياً في دورة المياه ونقاؤها، والمحافظة على الكائنات الحية الموجودة فيها، وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية نظراً لفوائدها التي لا حصر لها وللخدمات الإيكولوجية التي تقدمها منذ قرون بعيده، ولو لا الأراضي الرطبة لما نما ولا إخضّرَ زرع ولا ضرع، ولما وُجدت مراعي ولا غذاء، ولا عاش حيوان ولا إنسان
مؤتمر الأراضي الرطبة ذو الأهمية الدولية، والذي يعرف أيضًا باسم مؤتمر رامسار Ramsar؛ عرَّف الأراضي الرطبة بأنها تشمل البحيرات والأنهار، المستنقعات والسبخات، الأراضي العشبية الرطبة وأراضي المخثات، الواحات، مصبات الأنهار، دلتا الأنهار وسهول المد، المناطق البحرية القريبة من الساحل وأشجار المنغروف.
يجب الحفاظ على الأراضي الرطبة لأنها تقدم حلاً طبيعيًا للتهديد العالمي لتغير المناخ الذي بات من مهددات العصر الحديث، فهي تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، ولذا فهي تساعد على تقليل وإبطاء من ظاهرة الإحتباس الحراري وتقليل التلوث، وبالتالي فغالبًا ما يشار إليها باسم ”كلى الأرض”، وتخزن أراضي الخث (أحواض تخزين الكربون) وحدها ضعف كمية الكربون التي تخزنها جميع غابات العالم مجتمعة.
يحتفل العالم، في الثاني من فبراير من كل عام، باليوم العالمي للأراضي الرطبة
(WWD) World Wetland Day
بهدف زيادة الوعي بالأهمية الكبرى التي تمثلها الأراضي الرطبة في حياة الإنسان ووظائفها الحيوية بالنسبة لكوكب الأرض. ويعتبر هذا اليوم العالمي أيضًا مناسبة لتخليد ذكرى توقيع اتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة في مدينة رامسار الإيرانية سنة 1971.
المحافظة على الأراضي الرطبة بالعمل على منح حماية شرعية ورسمية من قبل السلطات الحكومية ووكالات حكاية البيئة للمواقع الطبيعية؛ ولابد أن تُستمد هذه القوانين والتشريعات من القوانين الدولية الإقليمية والعالمية.
وأيضاً لابد من وضع قوائم حمراء للأنواع المادية والحيوية المهددة بالندرة والانقراض، ولابد من وضع خطط واضحة المعالم للمواقع الطبيعية ذات الأهمية الأيكولوجية المعتبرة، ووضع أدوات تُحافظ على المحميات الطبيعية؛ بمشاركة الجهات المختصة مثل المجلس الأعلى للبيئة ووزارة الزراعة والغابات والثروة الحيوانية ووزارة التخطيط العمراني وشرطة حرس الصيد والحياة البرية وغيرها.
السودان به مساحات كبيرة من الأراضي الرطبة مثل نهر النيل وشواطئه وحتى الأنهار الموسمية مثل نهر عطبرة ومجاري النيل وروافده والخيران (خور أبوعنجة) ومجاري السيول والفيضانات؛ وللأسف الشديد تتعرض للتلوث عن طريق رمي النفايات بها وغسيل السيارات وتصريف مياه الصرف الصحي والصناعي بها، والبناء العمراني فيها وفي مجاري السيول، بالإضافة إلى النشاطات الصناعية مثل إستخراج المعادن والممارسات الشخصية السالبة مع المياه والأراضي الرطبة؛ وكل هذه تعتبر مهددات للبيئة وللأراضي الرطبة؛ وتعمل على تدهور النظام البيئي الإيكولوجي؛ الذي بدوره يؤدي إلى تهديد وإنقراض الكائنات البحرية والتي تعيش في هذه البيئات الرطبة، والتي تتغذي عليها بعض الكائنات البحرية الغذائية مثل الأسماك؛ وبالتالي يحدث كسر او خلل في السلسلة الغذائية ومستوياتها؛ الذي بدوره يقلل من تكاثر ونمو الثروة السمكية؛ وبالتالي تحدث أزمة في الغذاء، وحتماً ستؤثر في الإقتصاد بصفه عامه؛ ومن هنا نناشد المجلس الأعلى للبيئة بالإهتمام بالأراضي الرطبة بوضع وسنّ وتنفيذ قوانين واضحة المعالم وسهلة التنفيذ وعقوبات رادعة، وووقف كل الممارسات التي تهدد الأراضي الرطبة والبيئة.
*أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والإستدامة.
[email protected]
الوسومالأراضي الرطبة العالم الخفي الفاتح يس حمايةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأراضي الرطبة العالم الخفي الفاتح يس حماية
إقرأ أيضاً:
"في ظلال الحياة".. توثيق دقيق لمسيرة حمود البوسعيدي
مسقط- الرؤية
شهد جناح محافظة شمال الشرقية، ضيف شرف معرض مسقط الدولي للكتاب لهذا العام 2025م، توقيع كتاب "في ظلال الحياة" لمؤلفه حمود بن أحمد بن علي البوسعيدي، الذي يُعد توثيقًا لمسيرة مُميزة من العطاء والاجتهادات التي امتدت عبر أجيال مختلفة.
جاء الكتاب ليحكي عن حياة الكاتب الحافلة، موثقًا أعماله وذكرياته بالوثائق والصور، وعلاقاته مع العديد من العلماء والشخصيات البارزة التي عايشها على مدار حياته. كما يعكس الكتاب عمق التجارب التي خاضها الكاتب، والتي تُبرز إسهاماته الفكرية والثقافية والاجتماعية، مقدّمًا سجلًا غنيًا بالأحداث والمواقف التي ألهمته في مسيرته.
صدر الكتاب عن مكتبة "رؤى الفكرية" التي أكدت على أهمية هذا الإصدار باعتباره مرجعًا ثريًا يعكس إرثًا ثقافيًا وشخصيًا يعزز من قيمة التوثيق الأدبي، وسيرة ذاتية لرجل عايش فترة انتقالية في تأريخ عُمان، بل هي فترة مفصلية، كان قريبًا من الأحداث المهمة، بصفته الاجتماعية وبصفته الوظيفية، والتقى بالرموز الكبرى فيها، وهي مسيرة مليئة بالأفكار والأحداث والمعالم الحضارية، وشاهدة على التحولات الكبرى في تأريخ عُمان الحديث.
وفي كلمته أثناء التوقيع، أعرب حمود البوسعيدي عن شكره وتقديره لمحافظة شمال الشرقية على احتضانها لهذه الفعالية، مؤكدًا أن هذا الكتاب يمثل خلاصة تجارب عاشها على مدار حياته، وأضاف: "هذا الكتاب يروي قصصًا وإنجازات ساهمت في تشكيل هويتي، وأتمنى أن تكون مصدر إلهام لكل قارئ يتطلع إلى الاستفادة من تجارب الآخرين".
يضم الكتاب ستة فصول: في ظِلال الأسلاف، في ظِلال الغربة، في ظِلال الوطن، في ظِلال النهضة، في ظِلال الولايات، وفي ظِلال التقاعد والشعر، حرص فيها الكاتب على إبراز هويته الأسرية ووصف قريته الأخضر بسمد الشأن، ومظاهر الحياة اليومية والعادات والتقاليد وطريقة التعليم، والعمل في سن مبكرة والتنقل ما بين القرية والعاصمة مسقط، ومزاولة التجارة فيها، كما أبرز حقبة الغربة ورحلته الشاقة إلى مملكة البحرين، واصفًا الرحلة بأدق التفاصيل، ثم العودة للوطن والعمل في جهاز البرقية قبيل نهضة عُمان الحديثة، والتي أسهب فيها؛ بذكر أحداثها والالتقاء بالسلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-وجملة من الشخصيات لعلَّ أبرزهم صاحب السمو السيد فهر بن تيمور، قبل أن يعرج على صفته الوظيفية كنائب والٍ ثم والٍ في العديد من ولايات سلطنة عُمان، مبرزاً مجموعة من الشخصيات التي تعامل معها أو التقى بها كصاحب السمو السيد طلال بن طارق وصاحب السمو السيد تركي بن محمود والعديد من المسؤولين من الولاة والقضاة والعلماء، مختتمًا كتابه بحياته ما بعد التقاعد، واهتمامه بالشعر ولقائه بالعديد من الشعراء والأدباء.
حظيت الفعالية بحضور لافت من زوار المعرض، وشخصيات بارزة، وتغطية إعلامية، حيث شهد ركن محافظة شمال الشرقية تفاعلًا كبيرًا مع الكاتب وإقبالًا على اقتناء نسخ موقعة من الكتاب، مما يعكس أهمية الحدث كجزء من الفعاليات الثقافية التي تُقدمها المحافظة لضيوف المعرض هذا العام.