بقلم شعيب متوكل

 

عاش كاريان الطيبي سيدي معروف، بتراب جماعة عين الشق، على إيقاع قطرات أمطار الخير، التي تهاطلت على المدينة بشكل زخات تصحبها رياح قوية، وذلك يوم السبت 15 فبراير 2025 , وأدت الأمطار إلى إغراق بعض أزقة دوار الطيبي، التي يفتقر إلى مسالك الصرف وهشاشة البالوعات، العاجزة عن امتصاص كميات الماء، التي تشكل بركا على مستوى الزقاق الضيقة، حيث أن المياه غمرت بعض المنازل، ليتدخل سكان الدوار في محاولة لإنقاد ما يمكن إنقاده، وذلك بأبسط الإمكانيات المتوفرة.

وتأتي الأمطار التي عرفتها مدينة الدار البيضاء ليلة الأحد، لتكشف البنية التحتية الهشة التي طالما وعد المنتخبون بإصلاحها،وجعلوها شعارا لحملاتهم الانتخابية، وتعيد السيناريو الروتيني الذي يعيشه سكان دور الصفيح مع حلول فصل الشتاء، ومعاناتهم في التنقل إلى أشغالهم اليومية، ناهيك عما يسببه تراكم المياه في أزقة دوار الطيبي الغير مجهزة بمجاري الصرف الكافية، بالإضافة إلى الشوارع الرئيسية التي تحيط بالدوار، والتي تعاني بدورها من هشاشة على مستوى التجهيز، وهذا يسبب عرقلة كبيرة لساكنة.

مشاكل عديدة تتسبب فيها تساقطات أمطار الخير في كل سنة، بكريان الطيبي المنسي خصوصا، وبدور الصفيح عموما، وهذا لا يخفى على أحد، و لا تسلط عليه الأضواء، لأنه يفضح العشوائية في تسيير الشأن العام، و يعد دوار الطيبي البؤرة السوداء بسيدي معروف، والتي طالما أسالت مداد الصحفيين والمؤترين والحقوقيين الغيورين عن المنطقة. وذلك لعدم توفره على بنية تحتية تصمد أمام فصل الشتاء.

وهذا ما يضع أمام الغيورين عن المنطقة ألف علامة استفهام، حول دور المسؤولين في تدبير الشأن العام، لهذه الفئة التي تسكن (الكارينات) و تعاني من الهشاشة على جميع المستويات، وتعاني في صمت.

والأصابع توجه أيضا إلى المنتخبين الذين لا يتذكرون سكان ( الكارينات) إلا في المواسم الانتخابية، وبعدها يتركون المواطنين يواجهون مصيرهم أمام الأزمات، ويكونون ضحية لأي اضطراب جوّي تعيشه البلدة.

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

رحيل (فطين) بعد آمنة (ساكنة الفؤاد) والفاتح

في العشر الأواخر من رمضان، رحلت إلى دار البقاء ، الأستاذة فاطمة حسن الهدي ( بكسر الهاء وفتح الدال) في مدينة الأُبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان بالسودان، وهي شقيقة زوجي إشراقة.
أؤمن، وهي تؤمن ، ويؤمن كثيرون، إيمانا راسخا ، بقضاء الله وقدره ، وقوله تعالى (وما كان لنفس أن تموت إلا باذن الله كتابا مؤجلا)
لكن الحزن من طبيعة البشر، ومشاعر الحزن و الفرح من نعم الله على الإنسان.
رحيلها موجع للأسرة والأهل، وخصوصا لبنتيها رانيا وزاريا، وإبنها محمد ، ولأختيها محاسن وإشراقة، فقد فقدتا خلال سنة الأخت الكبرى آمنة، وكنت نعيتها بمقال بعنوان ( آمنة ساكنة الفؤاد ترحل ) في 7 يونيو 2024.
بعد آمنة، رحل شقيقهما، الفاتح ، و نعيته بمقال بعنوان ( الفاتح.. نبكيك بحزن القلب ودمع العين ) في 14 أغسطس 2024.
رحيل فاطمة في 20 مارس 2025 أضاف حزنا جديدا وشديدا.
كانت فاطمة معلمة، تربوية، تخرجت في كلية المعلمات، وقدمت خدمات جليلة لأجيال من الأبناء والبنات في مدارس إقليم كُردفان بغرب السودان .
كانت معلمة مؤهلة تُحب مهنتها، ومديرة ناجحة، وخبيرة تربوية متميزة، بحكم سنوات عملها في عدد من المدارس.
أخواتها وأهلها يحبون أن ينادونها باسم فطين ( بكسر الفاء وفتح الطاء) تعبيرا عن محبتهم لها .
( فطين) كانت سيدة محترمة، تُقدر وتحترم الإنسان، خصوصا من ترى وتلمس فيه نبضا انسانيا، شفافا، من دون تعقيدات أو انتفاخ وغرور.
كانت صاحبة وجدان جميل، وقلب حيوي..
تميزت بالطيبة والبشاشة والكرم.
أختها، إشراقة ، هزها نبأ الرحيل، أوجعها ، لكنها احتضنت في مُناخ الحزن كتاب الله ، وهي حافظة للقرآن الكريم.
صدمها الخبر، تلقته مباشرة عبر الهاتف من بنت أختها في القاهرة.
أبكاها ، فهي كاي إنسان يحزن ويفرح .
أبكى رحيل فاطمة العائلة ، وأهلها في دول الشتات السوداني. ثم رفعوا الأكف يدعون الله أن يرحمها رحمة واسعة.
سالت دموع حزن غزيرة على هذا الرحيل.
الحزن على رحيل الأحباب والحبيبات في هذا الزمن السوداني بات أكثر ايلاما، إذ تفرق شمل العائلات بسبب الحرب، وصار عسيرا، بل مستحيلا على الناس أن يسافروا إلى السودان ، لتلقي العزاء في الراحلين، هذا مصدر وجع إضافي، لأي انسان فقَد حبيبا أو حبيبة.
هذا ثمن الشتات المُر، في زمن الحرب الضروس.
من دون أدنى شك، يتحمل مسؤولية الحرب وتبعاتها ولعنات الناس الموجوعين، مَن أشعلوا نيرانها، ويصرون على استمرارها، كما يتحمل مسؤولية ارتفاع معدلات الوجع السوداني أي إنسان سكب ويسكب الزيت على نيرانها، أو تسبب مع سبق الإصرار في اندلاع نيرانها.
رفضت ( فطين) الخروج من مدينة الأبيض، التي عانى انسانها وما زال يعاني كغيره من أهل السودان من مخاطر الحرب وافرازاتها الدامية، المميتة، التي نشرت الخوف والجوع والمرض.
صمدت فاطمة مع الصامدين، المغلوبين على أمرهم ، ولم تغادر إلى أي مكان آمن، أو أقل خطورة.
تحملت مع أسرتها أهوال الحرب.
عاشت في أجواء تسقط فيها ( الدانات) على البيوت ورؤوس الناس الأبرياء كما تتساقط حبات المطر، مع البون الشاسع بين لهيب الحرب وأمطار الخير.
الناس في السودان حاليا ضحايا أجواء تسودها الشراسة والوحشية ، وشلال الدم، والخوف الشديد، وأوضاع البؤس، ومن مظاهرها السيئة تردي الخدمات الصحية.
رفضت فقيدتنا الخروج من مدينتها، موقع سكنها، مدينة الأبيض ، التي دفعت وتدفع كغيرها من مدن و قرى السودان أثمان العراك والصراع الدموي بين اللاهثين ، الراكضين وراء ( الكرسي) الساخن الذي لن يسيطروا عليه، طال الزمن أو قصر، بدون إرادة الشعب، المكلوم، الصابر.
لم تغادر فاطمة مدينة الأبيض، لتنجو بنفسها ، رغم نداءات تلقتها من أفراد في أسرتها، تقديرا للظروف الصحية لزوجها الأخ العزيز المهندس حسن الصافي، الذي يعاني من ظروف صحية صعبة ، ولا يحتمل أعباء السفر، شفاه الله.
حُزن أختيها، محاسن في الإمارات و إشراقة في بريطانيا من دون حدود، بعدما فقدتا خلال سنة واحدة ، آمنة، والفاتح، ثم فاطمة.
الأهل، ومن عرفوها، والزميلات والزملاء، داهمهم وجع الفراق برحيل سيدة فاضلة ، كانت ( خفيفة الدم) تحب ( الونسة) والنكتة، وحديث القلب إلى القلب.
رحلت بسبب مرض الُسكري ، أي ارتفاع السُكر في الدم، لكنه اليوم المكتوب.
نسأل الله أن يتغمد العزيزة فاطمة حسن رحمة واسعة ويسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
التعازي لزوجها المهندس حسن الصافي ، ولإبنها محمد، وبنتيها دكتورة رانيا و المهندسة زاريا ،والأسرة، ولاختيها محاسن وإشراقة والأهل .
( إنا لله وإنا إليه راجعون)

modalmakki@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • الركراكي: ما حدث أمام النيجر كان مؤسفا
  • وزير الخارجية: يجب التركيز على الحلول التي تضمن بقاء السودان موحدا ومستقرا
  • رحيل (فطين) بعد آمنة (ساكنة الفؤاد) والفاتح
  • جوتيريش يطرح عدة طرق للتغلب على التهديدات التي تواجه التعددية في العالم
  • مصطفى بكري: التحديات التي تواجه مصر تتطلب الوقوف خلف القيادة السياسية.. ومتمسكون برفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  • وزير الكهرباء يكشف لمصراوي أبرز المشكلات التي تواجه الوزارة
  • حصيلة أوليّة... هذا ما تسبّبت به الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت منزلاً في تولين
  • الجيش عثر على المنصات التي أُطلقت منها الصواريخ باتّجاه إسرائيل... وهذا ما أعلنه
  • عقيلة صالح يبحث مع رئيس مؤسسة النفط التحديات التي تواجه القطاع
  • «عقيلة صالح» يبحث المشاكل والعراقيل التي تواجه مؤسسة النفط