صدر حديثا.. ديوان "أقدام على الحافة" للشاعر مصطفى الملح
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
صدر عن دائرة الثقافة بالشارقة ديوان جديد موسوم بعنوان: (أقدام على الحافة) للشاعر والروائي المغربي مصطفى ملح.
ويمثل الديوان تتويجا لمسيرة شعرية تأثثت بالمجموعات الشعرية الآتية: دم الشاعر ٢٠٠٦، عصافير الطفولة ٢٠٠٩، رماد الشمس ٢٠١٤، أمواج في اليابسة ٢٠١٥، أجراس بعيدة ٢٠١٦، سماء لا تسع السرب ٢٠١٦، لا أوبخ أحدا ٢٠١٩، بين الكاف والنون ٢٠٢٠، أرض لا تصلح للحب ٢٠٢١.
وأخيرا أقدام على الحافة ٢٠٢٣ الذي قدم له الشاعر عبد الحق ميفراني مدير دار الشعر بمراكش، وهي المؤسسة المشرفة على الديوان بتنسيق مع دار الثقافة بالشارقة. وقد عنون الشاعر ميفراني توطئته بعنوان لافت: القصيدة بوعي أنطلوجي. ونقتطف من كلمته ما يلي: (أقدام على الحافة، ديوان جديد للشاعر مصطفى ملح، أحد أبرز شعراء التسعينيات في المغرب، والذي راكم ضمن مساره الإبداعي منجزا شعريا وسرديا غنيا، جعله أحد أهم الأصوات الشعرية الحاضرة بقوة في المشهد الشعري الحديث بالمغرب)
ويتشكل الديوان من ١٥٣ صفحة من الحجم المتوسط، كما تقتسم الديوان ستة فصول وردت كالآتي:
الفصل الأول: شهوة الصعود إلى الهاوية.
ويتضمن ثلاث قصائد: من سفك دم هند؟/ الكائن المنسوج من عدم/ أقدام على الحافة.
الفصل الثاني: الوهم أقل التباسا من الحقيقة.
ويتضمن قصيدتين: الفأر الإلكتروني/ لسان العرب.
الفصل الثالث: البرزخ وطن غير بعيد.
ويتضمن قصيدتين: مثل أسنان مشط/ الجحيم.
الفصل الرابع: الحلم بعيون نيتة.
ويتضمن ثلاث قصائد: كنت أحلم في صغري/ بكاء شاعر يسيل/ السم في كأس سقراط.
الفصل الخامس: الحب بقلب آيل للكسر.
وتمثله قصيدة واحدة: إلى امرأة ستولد قريبا.
الفصل السادس: فخاخ لصيد الزمن.
ويتضمن أربعة عشر نصا شعريا: ثلاثة عشر فخا/ الفخاخ/ الحقيبة/ الكفن/ العريس/ الظل/ الفراغ/ الحمار/ نساء/ شهرزاد/ السرك/ القصيدة/ القناص/ القفص.
وجدير بالذكر أن الشاعر مصطفى ملح اختار قصيدة التفعيلة في قصائده كما لو كان يعيد للعالم غير المنضبط وذي الإيقاع المنكسر، يعيد إليه بعضا من إيقاعه المفقود، وذلك باعتماد قصيدة التفعيلة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ديوان
إقرأ أيضاً:
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقافي السوفياتي بالروسية؟
كان اسم شمشاد عبد اللهيف ذاته تقاطعًا بين الثقافات، حيث يجمع بين اسم فارسي ("شجرة تشبه الصنوبر")، ولقب عربي ("عبد الله")، والنهاية السلافية "يف" التي تعني ببساطة "من".
هذه التوليفة الثقافية كانت ممكنة في قلب طريق الحرير العظيم السابق، وتحديدًا في أوزبكستان السوفياتية السابقة، الدولة الواقعة في آسيا الوسطى والتي ارتبطت -في الحقبة السوفياتية- بالمأساة السياسية وعمالة الأطفال في صناعة القطن.
بمظهر يشبه نجمًا سينمائيًا إيطاليًا متقدمًا في العمر وسلوك أرستقراطي رفيع، كان شمشاد عبد اللهيف، الذي توفي هذا العام بسبب السرطان عن عمر ناهز 66 عامًا، شاعرًا وكاتبًا يبدع بالروسية. إنتاجه الأدبي كان متواضعًا، عدة كتب صغيرة من الشعر والمقالات، وسيناريو لفيلم لم يُنتج، ولكنه ساعده في شراء شقة في مدينة فرغانة الأوزبكية في أواخر الثمانينيات.
رغم افتقاد قصائده للقافية والوزن الثابت، فإن حياته وأعماله تقدم إجابات على أسئلة شائكة تواجه الفنانين اليوم: هل يمكن للفن أن يكون مسؤولا عن الحروب والإمبريالية؟ وكيف يمكن إزالة الاستعمار من ثقافتك إذا كنت تكتب بلغة المستعمر السابق؟ ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية في عامها الثالث، يبرز سؤال آخر: إلى أي مدى يجب أن ترفض اللغة والثقافة الروسية؟ خاصة إذا كانت هذه اللغة هي أداة التعبير الفني لشخص غير سياسي يكره الاستبداد، وليس له أصول روسية، وتعرض للنقد لعدم اتباعه التقاليد الشعرية الروسية.
إعلانونشر عبد اللهيف أول مجموعة شعرية له بعنوان "الفجوة" في سانت بطرسبورغ عام 1994 من خلال مجلة Mitin. لاقت المجموعة إشادة نقدية واسعة وحصلت على جائزة أندريه بيلي في العام نفسه، وهي واحدة من الجوائز الأدبية الأكثر أهمية في روسيا.
فرغانةيرتبط اسم "فرغانة" بالنسبة لمعظم من يعرفون آسيا الوسطى السوفياتية السابقة بوادي يقطنه 16 مليون شخص، وهو المنطقة الأكثر خصوبة وكثافة سكانية بين الصين وإيران وروسيا. لعب هذا الوادي دورًا محوريًا في طريق الحرير العظيم، حيث جمع بين الثقافات والأديان والتكنولوجيا. ورغم تقسيمه بين أوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان، أصبح موقعًا للتوترات السياسية والمجازر بعد الحقبة السوفياتية.
لكن عبد اللهيف جعل من اسم "فرغانة" رمزا لمزيج ثقافي غير تقليدي من خلال كتاباته. ففي سبعينيات القرن الماضي، جلب عبد اللهيف تيارات الحداثة الغربية المحظورة إلى الشعر الروسي، وأسس عبد اللهيف "مدرسة فرغانة الشعرية" عام 1990 إلى جانب الشعراء الأوزبكيين حميد إسماعيلوف وهمدام زاكيروف. تميزت هذه المدرسة بتركيزها على كتابة الشعر باللغة الروسية واعتبارها أداة للحوار الثقافي بين الشعوب ما بعد السوفياتية.
الظهيرة – مشدود – بجلد ليلكي (لون زهر الليلك)
تشق على طول طية، تكشف عن طريق إلى التفتح،
العش يشعر بثقل، والموت
لا يغرق في إناء من العسل المتقزح الألوان"
(من قصيدة "الظهيرة، 1975″، مترجم بواسطة أليكس سيغال)
"النجم الشرقي"تميز أسلوب عبد اللهيف بالهروب الداخلي الذي كان مناهضًا لنبرة ولغة وأسلوب الأدب السوفياتي الرسمية، واستطاع الابتعاد عن رقابة السلطات بفضل موقع فرغانة النائي عن موسكو. أصبحت المدينة الهادئة، المغطاة بأشجار الجميز، مهدًا للإبداع غير التقليدي بعيدا عن رادار المسؤولين الشيوعيين والخدمات السرية التي أجبرت الكتاب الأكثر تسييسًا -والحائزين جائزة نوبل في المستقبل- ألكسندر سولجينتسين ويوسف برودسكي على الخروج من الاتحاد السوفياتي.
إعلانوفي فرغانة قدم موسيقيون وفنانون مثل إنفر إزمايلوف وسيرجي أليبكوف إبداعات مميزة، حيث طور الأول أسلوبًا فريدًا في العزف على الجيتار، بينما دمج الأخير بين الفن الأوروبي والآسيوي.
ظهرت أعمال عبد اللهيف فقط بعد إصلاحات البيريسترويكا التي فتحت الاتحاد السوفياتي للعالم. ومنذ عام 1991، عمل عبد اللهيف محررًا للشعر في المجلة الأدبية "زفيزدا فوستكا" ("النجم الشرقي")، ونشرت المجلة أعمال الحداثيين الغربيين التي كانت محظورة، إلى جانب الترجمة المنقحة للقرآن الكريم، وأعمال الفلاسفة الصوفيين، والفلاسفة الطاويين الصينيين، والشاعر السوري أدونيس.
برز شمشاد عبد اللهيف كأيقونة بين الفنانين غير التقليديين في الجمهوريات السوفياتية السابقة، في حين قوبل بازدراء من قبل الكتّاب المحافظين.
يقول دانييل كيسلوف، أحد أتباع عبد اللهيف الذي أصبح لاحقًا محررًا للموقع الإخباري المؤثر "فيرجانا.رو" ومحللًا لشؤون آسيا الوسطى: "في الثمانينيات، كان شمشاد قد بدأ بالفعل في استخدام لغة شعرية جديدة اخترعها بنفسه، مما أثار استياء جميع التقليديين في الأدب الروسي".
في عام 1994، حصل عبد اللهيف على جائزة تحمل اسم الشاعر الروسي البارز أندريه بيلي، وهي جائزة ثقافية مضادة يتمثل رمزها في كأس من الفودكا وتفاحة، كان على الفائز تناولها أمام لجنة التحكيم والجمهور الأدبي. ورغم أن عبد اللهيف لم يكن من هواة الكحول، فقد أجبر نفسه على "قبول" الجائزة.
شهدت مجلة "زفيزدا فوستكا" قفزة هائلة في شعبيتها، حيث بلغ توزيعها رقمًا مذهلا وصل إلى 250 ألف نسخة، معظمها بيعت في روسيا المستقلة والجمهوريات البلطيقية.
صديقي ومرشديفي تلك الفترة، تعرفت إلى شمشاد عبد اللهيف وأصبحنا صديقين. على الفور، أقنعني بترجمة عدة قصائد من الإنجليزية والإيطالية. كنت طالبًا في التاسعة عشرة من عمري أدرس الأدب الإنجليزي، وسعدت برؤية اسمي منشورًا في مجلة "جادة".
إعلانلاحقًا، بعد أن حصلت على وظيفة مكتبية، توليت كتابة عشرات من قصائده على الحاسوب لإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى ناشريه وأصدقائه المنتشرين على مسافات تبعد آلاف الكيلومترات.
كان عبد اللهيف يكرر لي مقولته الشهيرة: "مركز العالم ليس في أي مكان، وهو في كل مكان"، مؤكدًا أن الأدب من الطراز العالمي قد يُنسى في أماكن نائية من آسيا الوسطى.
لكن مجلة أدبية رائدة لم تكن شيئًا يمكن لرئيس أوزبكستان السلطوي إسلام كريموف أن يتسامح معه. ففي عام 1995، أمر بفصل جميع أعضاء هيئة تحرير مجلة "زفيزدا فوستكا".
شاعر بلا عملأصبح عبد اللهيف شاعرًا عاطلًا عن العمل، يعيش في حالة رثة قريبة من الفقر، لكنه ظل يسافر بشكل متكرر إلى مهرجانات أدبية في الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا والولايات المتحدة.
مثل مئات الفنانين ذوي الفكر المستقل، الذين يتجنبون رعاية الدولة وضجيج الإعلام والسياسة، جسد عبد اللهيف بشكل رمزي استعادة الفن الراقي لنقائه الأصلي.
بين التضحيات والإمبراطورياتيتطلب الفن الراقي عقودًا من التفاني في شكل فني – سواء كان موسيقى أو أدبًا أو رسمًا – ويستند إلى قرون من التقاليد. ورغم ذلك، فإنه يزدهر غالبًا في البلدان الغنية التي عادة ما تكون إمبراطوريات، إذ تقوم هذه الدول أحيانًا بتلميع سجلها الملطخ بالدماء من خلال دعم الفنون.
كان "المؤلف" الأول المعروف في التاريخ هو الشاعرة الأكدية الأسطورية إنخيدوانا، التي جعلها والدها سرجون الأكدي الكاهنة الكبرى لإله القمر "نانا"، بينما كان يوحد إمبراطورية قديمة كبرى بالشرق الأوسط.
في روما القديمة، أغدق الإمبراطور أغسطس بالذهب على الشاعر الروماني فيرجيل، الذي أصبحت قصيدته الطويلة "الإنيادة" محور الأدب اللاتيني، وجاءت هذه الثروات من غنائم حروب الإمبراطورية في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وبالنسبة للإيرانيين، تمثل "شاهنامه"، الملحمة التي كتبها الفردوسي، الروح الوطنية الإيرانية. لكن هذه الملحمة دُعمت ماليًا من قبل السلطان محمود الغزنوي، الذي غرق في بحور من الدماء خلال حملاته شمال شبه القارة الهندية وما يعرف الآن بباكستان.
إعلان الفنانون المستقلون ودروس التاريخمع ذلك، لم يكتب فنانون مثل فنسنت فان جوخ، ومعلم الهايكو الياباني ماتسو باشو، والشاعر الفرنسي شارل بودلير، وعبد اللهيف، أناشيد مدح للحكام. لم ينحنوا أمام السلطة، ولم يقبلوا بالعمولات الغنية أو المعاشات الحكومية، ودفعوا ثمن صدقهم بحياتهم:
"أغنية الطائر المحاكي تتسرب إلى طعم الكرز الأسود
خاصة هنا في ساحة الأب والأم
حيث للمرة الأولى يُسمع السؤال
والجواب بالتناغم
انتعاش المناطق النائية المختفية في
نهاية القرن عندما
تشبه المرحلة النهائية لأي كون صغير فجرًا طويلًا."
(من قصيدة "العائلة"، ترجمة أليكس سيجال).