انطلاق الحلقة التطويرية نحو إطار وطني للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
انطلقت اليوم أعمال الحلقة التطويرية بعنوان "نحو إطار وطني للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي"، التي تنظمها وزارة الإعلام بالتعاون مع وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" التي تستمر حتى 25 فبراير الجاري، وتهدف إلى صياغة سياسات واستراتيجيات فعّالة لمواجهة التحديات الرقمية، مع التركيز على تربية الأبناء في عصر الإعلام الرقمي وتعزيز وعي المجتمع بالاستخدام الآمن لمنصات التواصل الاجتماعي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040" في بناء مجتمع واعٍ بمخاطر الفضاء الإلكتروني ويستفيد من مزاياه.
تعكس الحلقة التطويرية الاهتمام المتزايد بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على النسيج المجتمعي العماني، وتأتي استجابة عملية للنطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه- الذي شدد على أهمية دور الأسرة والمجتمع في توجيه الأبناء نحو الاستخدام الرشيد لهذه الوسائل. كما تمثل امتدادًا لمشروع بحثي تبنته وزارة الإعلام شمل دراسات معمقة واستطلاعات رأي بالتعاون مع جهات رسمية، بهدف وضع إطار وطني شامل يواكب التطورات المتسارعة في المشهد الرقمي.
وأشار سعادة محمد بن سعيد البلوشي وكيل وزارة الإعلام إلى أن هذه الحلقة التطويرية هي استكمال للجهود التي بذلتها المؤسسات المعنية لدراسة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. بدأ هذا العمل بحلقة عمل نظمتها الوزارة بالتعاون مع وحدة متابعة تنفيذ "رؤية عمان 2040" وجامعة السلطان قابوس في ديسمبر 2022، والتي أثمرت عن مجموعة من التوصيات اعتمدتها اللجنة الثقافية بمجلس الوزراء .
وأضاف: إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا رئيسيًا من منظومة الاتصال الحديثة، حيث وفرت القدرة على التواصل العالمي بلمسة زر، لكن هذا التحول أفرز تأثيرات عميقة على العلاقات الاجتماعية.
وأكد البلوشي، أن وسائل التواصل الاجتماعي رغم فوائدها الكبيرة، فإن لها تبعات سلبية تشمل تفشي العزلة والانفصال عن الواقع، وزيادة معدلات الاكتئاب والقلق، إضافة إلى تحديات أخلاقية واجتماعية مثل التنمر الإلكتروني، والتحرش، والخداع، وانتشار الإشاعات والتضليل الإعلامي. وهذا يجعل من الضروري وضع إطار وطني متكامل يضمن الاستخدام الآمن لهذه الوسائل ويحمي المجتمع، خاصة فئة الناشئة.
من جانبها أكدت الدكتورة أمل بنت محمد النوفلية، المدير العام للإعلام الإلكتروني ورئيسة الفريق، أن التطورات السريعة في بيئة الاتصال والإعلام فرضت ضرورة تبني إطار وطني شامل يعزز الاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي ويحافظ على الهوية الوطنية والقيم العمانية.
وأضافت: إن وزارة الإعلام، من خلال ورشة العمل الحالية، تهدف إلى معالجة التحديات الناجمة عن الاستخدامات الرقمية وتحويلها إلى فرص لتعظيم الفوائد والحد من الآثار السلبية.
وأشارت النوفلية إلى أن الحلقة تركز على وضع استراتيجية وطنية للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي لدى الأسرة والناشئة، وتستهدف رفع وعيهم بالاستخدام المسؤول لهذه المنصات من خلال حملات وبرامج توعوية، بالإضافة إلى ترسيخ مفاهيم المواطنة الرقمية والأخلاقيات الإعلامية. كما تسعى الحلقة إلى وضع آليات مؤسسية مستدامة لمعالجة الآثار الاجتماعية والصحية المرتبطة بالاستخدام المفرط لهذه الوسائل، فضلاً عن تعزيز الصناعات الرقمية المحلية.
من جانبها أكدت شيخة بنت ناصر البطاشية، مشرفة مرتكز الممكنات العامة في الحلقة التطويرية، أن الممكنات العامة تشكل ركيزة أساسية لتمكين المرتكزات الأربعة الرئيسية للورشة. وأضافت: إن المحاور الرئيسة للممكنات تشمل المؤشرات الإحصائية وقياس الأثر، التشريعات والقوانين، ومنظومة الإبلاغ والتعامل.
وأوضحت البطاشية أن محور المؤشرات الإحصائية يركز على استدامة الدراسات والاستطلاعات، حيث نفذ المركز الوطني للإحصاء والمعلومات استطلاعًا حول استخدام العمانيين لوسائل التواصل الاجتماعي في 2019، وأجرى استطلاعًا آخر في 2024 لقياس التحولات الرقمية.
كما تطرقت إلى محور التشريعات والقوانين الذي يتناول الإطار القانوني لتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وحماية الأطفال، فضلاً عن التشريعات التي تجرم الممارسات الرقمية الضارة. وركزت على أهمية تعزيز منظومة الإبلاغ والتعامل مع البلاغات المتعلقة بالمخاطر المرتبطة باستخدام الأطفال لهذه الوسائل.
وفيما يتعلق بمحور استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح حفص بن راشد السعدي، عضو اللجنة الفنية بوزارة الإعلام، أن الفريق يعمل على تعزيز التعلم الذاتي واكتساب المهارات الرقمية، بالإضافة إلى تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بهوية عمانية. وأوضح أن الفريق يطور منصة تعليمية للناشئة لدعم التعلم الذاتي وتنمية المهارات الرقمية، كما يسعى إلى تطوير ألعاب إلكترونية تعزز الهوية الوطنية.
وأشارت أحلام بنت عبدالرب البلوشية أخصائية منصات رقمية ومديرة مشروع الذكاء الاصطناعي في وزارة الإعلام، إلى أهمية "تجذير الهوية الوطنية والسمت العماني في البيئة الرقمية"، حيث يتم العمل على دمج القيم العمانية في الفضاء الرقمي وتعزيز الهوية العمانية من خلال مبادرات ومشاريع مبتكرة. وأكدت أن هذا المحور يشمل تعزيز القيم الأخلاقية، واحترام الآخر، وتنمية التفكير النقدي، ونشر الثقافة العمانية بأساليب حديثة، مع التركيز على تعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية.
وفي ختام الجلسات أكد الأزهر بن حسن الشقصي مشرف مرتكز المواطنة الرقمية، أن المحور يركز على التربية الإعلامية للناشئة، التصدي للتضليل الإعلامي والشائعات، وبناء قدرات رقمية تعتمد على الوعي التقني، موضحًا أنه سيتم الإعلان عن المبادرات ذات الأولوية التي ستشكل إطارًا عمليًا لتعزيز المواطنة الرقمية في ختام أعمال الحلقة التطويرية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی وزارة الإعلام إطار وطنی
إقرأ أيضاً:
العيد في عُمان .. احتفاء بالتقاليد والابتكار الرقمي
العيد في عُمان مناسبة للفرح والتآلف الاجتماعي واستعادة التقاليد العريقة، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح، أيضا، لحظة للتعبير الرقمي. ومن أبرز مظاهر العيد اليوم في سلطنة عُمان وسم بات حديث الجميع، وهو #لقطة_عمانية_في_العيد، الذي يبدو أنه ساهم في تغيير الطريقة التي يحتفل بها العُمانيون بالعيد ويشاركون عبرها تجاربهم. وتحول والوسم، الذي ينشد في كل عيد، من منصة لعرض مظاهر الاحتفال، إلى ظاهرة رقمية تجسد الإبداع العُماني على وسائل التواصل الاجتماعي. وهو مثال حيٌّ على كيفية استخدام العُمانيين لمنصة «إكس» (تويتر سابقًا) لترويج ثقافتهم وتراثهم، ولكن أكثر من ذلك، لابتكار تقاليد جديدة تشمل الجميع، رجالا ونساء وأشخاصا من ذوي الإعاقة على حد سواء.
اكتسب وسم #لقطة_عمانية_في_العيد زخمه منذ عدة سنوات كوسيلة للعُمانيين لمشاركة لقطات من احتفالاتهم بالعيد. في البداية، كان يُستخدم في الغالب لنشر صور تجمعات العائلات، والأزياء التقليدية، ووجبات العيد الخاصة. لكن بمرور الوقت تحول إلى جزء لا يتجزأ من العيد في عُمان، ينتظره الناس بحماس داخل البلاد وفي أرجاء الخليج العربي. لقد أصبح الوسم بمثابة ألبوم رقمي جماعي يجمع العُمانيين من مختلف المناطق، ما يخلق حالة من الاحتفاء الوطني بالعيد لم يكن من الممكن تحقيقها قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي.
ما يجعل #لقطة_عمانية_في_العيد مميزًا هو مزجه بين التقاليد والتفاعل الرقمي الحديث. فمن خلال هذا الوسم، يوثق العمانيون احتفالاتهم بالعيد، ويساهمون، في الوقت نفسه، بالحفاظ على التراث وابتكار أساليب جديدة للاحتفال. فالتقاليد العُمانية، مثل إعداد الشواء وارتداء الدشداشة والعباية، وأداء صلاة العيد، تحظى بإبراز واحتفاء واسعين. وفي الوقت ذاته، تنشأ عادات جديدة كالتحديات الإبداعية في التصوير الفوتوغرافي، والتعبيرات الفنية عن فرحة العيد، وحتى سرد القصص الرقمية عن تاريخ العائلات.
وقد أثبت العُمانيون على منصة « إكس» أنهم مبدعون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للترويج الثقافي. فمن خلال الوسم نجحوا في تحويل اللحظات الشخصية إلى ذكريات جماعية، مما ساعد الجميع، حتى من يعيشون في الخارج، على الشعور بالارتباط بوطنهم وبتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم. علاوة على ذلك، شجع هذا الوسم الأجيال المختلفة على التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة هادفة، حيث يظهر في العديد من المنشورات كبار السن الذين قد لا يكونون نشطين رقميًا، ما يعكس الروابط بين الأجيال وانتقال التقاليد.
ومن الجوانب البارزة الأخرى في #لقطة_عمانية_في_العيد هو شموليته، حيث يستخدمه العمانيون من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية، بما في ذلك الرجال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة. لقد وفر هذا الوسم منصة للأشخاص ذوي الإعاقة لمشاركة تجاربهم وإبراز دورهم كجزء لا يتجزأ من المجتمع العُماني. فبعض المنشورات تسلط الضوء على احتفالات العيد المهيأة للجميع، حيث تبذل العائلات والمجتمعات جهودا لضمان أن تشمل الاحتفالات الجميع. بينما تبرز منشورات أخرى إبداعات الفنانين وصناع المحتوى من ذوي الإعاقة، مما يثبت أن الفضاءات الرقمية يمكن أن تكون أدوات تمكين للجميع.
وبطرق عديدة، يعكس نجاح هذا الوسم قوة التماسك المجتمعي في عُمان، فهو لا يقتصر على عرض الصور الجميلة فحسب، بل يتمحور حول المشاركة والفخر الوطني. كما أن التفاعل الكبير مع الوسم كل عام يؤكد على أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون قوة توحيدية، تجمع العُمانيين معا بغض النظر عن أماكن وجودهم أو وضعهم الاجتماعي.
إن العيد في عُمان هو احتفال بالأسرة والتقاليد، لكنه في العصر الرقمي أصبح أيضا احتفالا بالإبداع والتواصل. وقد أصبح وسم #لقطة_عمانية_في_العيد جزءا أساسيا من مظاهر العيد، مما يثبت أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تُستخدم ليس فقط لمشاركة التراث الثقافي، بل للمساهمة في تشكيله أيضا. ومن خلال هذا التقليد الرقمي السنوي، أظهر العُمانيون كيف يمكن أن تكون منصة أكس أداة قوية للحفاظ على الثقافة، والابتكار. ومع اقتراب العيد يترقب العُمانيون بفارغ الصبر المشاركة في هذا الحراك الرقمي، مما يضمن استمرار ازدهار التقاليد القديمة والجديدة في عالم رقمي دائم التطور.
د. نجمة بنت جعفر الزدجالية أكاديمية في جامعة السلطان قابوس