ثمة أسئلة عن العداء للجيش من خارج معسكر الجنجويد:
معتصم أقرع
قال الخبير الأمريكي، السيد كامرون هدسون: «أتوقع أن يكون أداء إدارة ترمب في الملف السوداني أفضل من إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي كانت تتعامل مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، باعتبار أن كليهما مدان، وغير شرعي بالمستوى نفسه، نأمل من إدارة ترمب أن تعدّ الجيش السوداني رغم ارتكابه جرائم في الحرب، لكنه مع ذلك يظل مؤسسة دستورية من مؤسسات الدولة، وينبغي أن يعامل على هذا الأساس».

إن ما قاله كاميرون هدسون هو رأي يمكن قبوله أو رفضه. في الواقع هناك قطاعات مؤثرة من الأفراد والجماعات السياسية الليبرالية واليسارية السودانية التي لا تتفق مع كاميرون وتصر على سحب الشرعية عن الجيش والجنجويد . وهنا أعني الأفراد والجماعات التي نزعت الشرعية عن الجيش كمؤسسة وعملت على عزله داخليا وخارجيا وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك وطالبوا بحظر علي تسليحه وتعطيل سلاحه الجوي.

إن نزع الشرعية عن الجيش السوداني كمؤسسة هو رأي، من يحملونه ويدعون إليه لهم الحق فيه وفي موقفهم. ولكن القصة لا تنتهي هنا. وبما أن السياسة لا يتم تعاطيها في فراغ مجرد، علينا أن نلاحظ أن السودان يتعرض لغزو أجنبي أداته ميليشيا وحشية مليئة بالمرتزقة السودانيين والأجانب.

وعلينا أن نلاحظ أن هناك فرق بين الجيش كمؤسسة والجيش كقيادة يمكن الإختلاف أو الإتفاق معها كما هو الحال مع جميع مؤسسات الدولة. وبخصوص القيادة يجوز نقدها بالسنة حداد لو أخطات ولكن هل تخطئ قيادة الجيش الآن في مقاومة غزو أجنبي عنيف هدفه ابتلاع واستتباع الدولة السودانية؟

وهكذا فان علي من نزعوا الشرعية عن الجيش واجب إخبار الشعب السوداني عن كيف تتم المقاومة المثالية للغزو الأجنبي إلا إذا كانوا يعتبرون السياسة والفكر ترفا نظريا يمارس في فراغ عريض ذاهل عن تفاصيل الواقع المتعين كما هو بجنجويده وغزاته الأجانب . كان وما زال علي هذه الجماعات تنوير المواطن المستباح عما هي البدائل للجيش التي لديهم أو يقترحونها لوقف الغزو الأجنبي وحماية المواطنين من عنف الميليشيا .

هل تعتقد هذه الجماعات المعادية للجيش وهو يتصدي لغزو أجنبي أن الغزو سوف يتوقف وأن الميليشيات سوف تحل نفسها بمجرد أن يصاب الجيش بالشلل نتيجة للعزلة الخارجية والداخلية؟ إذا كان هذا رايهم فليقولوه. وان لم يكن هذا رايهم عليهم تنوير الشعب السوداني عن كيف يقاوم الغزو الأجنبي وعنف الميليشي هذا بعدشل الجيش وعزله أو حله.
أما إذا كانوا لا يعترضون علي تسليم البلد أو نصفه أو نصف سلطته للجنجويد ورعاتهم الأجانب فليصرحوا بذلك وليلعب الجميع علي المكشوف.
وإذا كانت الجماعات المعادية للجيش في خضم حرب ضد الدولة السودابية تدعو للتصدي للغزو عبر بناء قواعد شعبية للمقاومة، فلابد وأن تخبرنا كيف ستشكل هذه الأجسام القاعدية، وكيف ستسلحها وتدربها، وكم من السنوات ستحتاج هذه الأجسام القاعدية الشعبية حتى تصبح جاهزة للدفاع عن الوطن ومحاربة الغزو الأجنبي وعنف الميليشيا. ويشمل ذلك واجب تحديد الكفيل الذي سيمول وينسق عملية تدريب وتسليح الأجسام القاعدية المناط بها حماية المواطن وقراه ومدنه من الاستباحة.

بعبارة أخرى، فإن أعداء الجيش في الوقت الذي يقاتل فيه غزواً أجنبياً، لهم الحق في تبني آرائهم والتعبير عنها . ولكن الحرية تستلزم مسؤولية أخذ العواقب المترتبة على الرأي في الاعتبار وشرحها.

من المؤسف ملاحظة أن جحافل من المثقفين لا تري فرقا بين الجيش كمؤسسة دولة، وبين الحكم العسكري وبين قيادة الجيش القابلة للتغيير بالعزل أو الموت. لذا لو أخطات قيادة الجيش خطأ فادحا أو عاديا لا تقف هذه الجماعات عند الدعوة لمحاسبة قيادات انحرفت بل تدعو لتدمير الجيش كمؤسسة وتحجيمه بمساعدة المجتمع الأجنبي.

وتخطئ أيضا هذه الجماعات مرة أخري بتفسير مناصرة الجيش كمؤسسة لازمة لحماية الدولة وكانه دعوة للحكم العسكري ولعق البوت وفي هذا خليط بين التدليس والبلادة. ولا يهم هذه الجماعات المدلسة ملاحظة إن الدول ذات الديمقراطيات الأكثر رسوخا تمتلك جيوشا تحترمها شعوبها أحيانا بما يقارب التقديس. كما أن جميع الدول الشيوعية والإشتراكية أيضا لم تكن منزوعة الجيوش.
وانا شخصيا يظل عقلي وقلبي مفتوحا لمن يقنعني بوجود أو إمكانية أيجاد بديل للجيش شعبي أو قاعدي أو جذري يستطيع صد الغزو الأجنبي وإيقاف العنف الجنجويدي هنا والان، بعيدا عن تهويمات فلسفية عن طبيعة الدولة أو الميول الطبقية للجيش كمعلبات فكرية ومجردات فلسفية صالحة لكل زمان ومكان.
إنتهي مقالي.
معتصم أقرع
أدناه ورد كتعليق من يوسف إبراهيم. أعتقد أن التعليق مولود من ذكاء إصطناعي ولكني غير متاكد. ولكن أضيف التعليق لجودته للنص الأصلي:
“المقال يطرح إشكالية جوهرية حول موقف بعض القوى السياسية السودانية من الجيش في ظل الحرب الدائرة، متسائلاً عن البدائل الواقعية التي تقترحها هذه القوى لمواجهة الغزو الأجنبي وعنف الميليشيات، في حال سحب الشرعية من الجيش وعزله.
تحليل النقاط الأساسية في المقال:
1. موقف إدارة بايدن مقابل إدارة ترمب
هدسون يرى أن إدارة بايدن تعاملت مع الجيش والدعم السريع ككيانات غير شرعية بالمستوى نفسه.
يعتقد أن إدارة ترمب قد تعيد الاعتراف بالجيش كمؤسسة دستورية، رغم الانتهاكات التي ارتكبها.
2. موقف الجماعات المعارضة للجيش
بعض القوى السياسية الليبرالية واليسارية لا تعترف بشرعية الجيش، وتدعو لعزله داخليًا وخارجيًا، وحتى لمنع تسليحه.
المقال يشكك في مدى واقعية هذا الموقف، خصوصًا في ظل الغزو الأجنبي والتهديدات الأمنية.
3. السؤال الجوهري: ما البديل؟
إذا كان الجيش غير شرعي، فمن سيحمي السودان؟
هل يمكن للقوى الشعبية تشكيل مقاومة مسلحة قادرة على التصدي للغزو؟
ما الزمن المطلوب، ومن سيمول ويدرب هذه المقاومة؟
4. المسؤولية السياسية والأخلاقية
حرية التعبير عن الرأي مكفولة، لكن يجب أن تكون مقرونة بطرح حلول واقعية.
لا يكفي مجرد رفض الجيش دون تقديم بديل عملي لحماية البلاد.
وجهة نظر المقال في الختام:
الكاتب لا يدافع عن الجيش ككيان مثالي، لكنه يرى أنه لا يمكن التخلي عنه دون وجود بديل قادر على حماية السودان فورًا.
يفتح الباب للنقاش حول إمكانية إيجاد بديل عملي، لكنه يشكك في واقعية الطروحات الحالية التي تتجاهل التهديدات المباشرة.
رأيي في الطرح:
المقال يثير نقطة مهمة حول المسؤولية في طرح المواقف السياسية، فالعزل الكامل للجيش دون خطة بديلة قد يؤدي إلى فراغ أمني خطير. من ناحية أخرى، الاعتراف بالجيش كمؤسسة دستورية لا يعني تجاهل إصلاحه ومحاسبة عناصره المتورطة في الانتهاكات. الحل يجب أن يكون متوازنًا بين إصلاح المؤسسة العسكرية من الداخل، والتفكير في حلول واقعية لحماية السودان من التهديدات الحالية.”

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الشرعیة عن الجیش هذه الجماعات إدارة ترمب

إقرأ أيضاً:

لبنان بين فكَّي كماشة.. “إسرائيل” والجماعات التكفيرية ينطلقان لنفس المشروع

عبدالحكيم عامر

في جنوب لبنان، جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثّـف عدوانه على لبنان، وفي شرق لبنان، تتصاعد اعتداءات الجماعات التكفيرية المتمركزة في سوريا.

للوهلة الأولى، قد يبدو الأمر وكأنه مُجَـرّد مصادفة، لكن الحقيقة والواقع يكشف أن الرصاصتين –واحدة بلسان عبري والأُخرى بلسان عربي– تنطلقان من نفس المشروع، وتخدمان ذات الهدف، بل وربما تحظيان بتمويل مشترك وإدارة غير مباشرة من نفس الجهة.

لماذا تتحَرّك الجماعات التكفيرية في هذا التوقيت؟

لم يكن غريبًا أن نرى الجماعات التكفيرية في سوريا تتجنب أية مواجهة مع العدوّ الإسرائيلي، رغم احتلالها ثلاث محافظات سورية وتاريخها الدموي ضد العرب والمسلمين، هذه الجماعات التي ترفع شعارات “الجهاد”، لم تطلق رصاصة واحدة على المحتلّ، لكنها في المقابل، تجرأت على استهداف لبنان بمحاولات تسلل واعتداءات على الحدود الشرقية، وكأنها تُكمل الدور الإسرائيلي في الجنوب.

العلاقة الخفية بين العدوّ الإسرائيلي والجماعات التكفيرية:

خلال الحرب في سوريا، كان العدوّ الإسرائيلي يقدم دعمًا غير مباشر للجماعات التكفيرية عبر فتح مستشفياته لمقاتليها المصابين، وتسهيل تحَرّكاتهم في الجولان المحتلّ.

تقارير استخباراتية عديدة أكّـدت وجود تنسيق بين بعض قيادات هذه الجماعات والاستخبارات الإسرائيلية، بما في ذلك تسليم مواقع الجيش السوري لحساب العدوّ الإسرائيلي.

هذا التحالف غير المعلن يخدم مصلحة الطرفين فالعدوّ الإسرائيلي تحصل على ورقة ضغط إضافية ضد حزب الله، بينما تحصل هذه الجماعات على دعم لوجستي وتسهيلات تجعلها قادرة على تنفيذ مخطّطاتها العدوانية.

تشتيت حزب الله واستنزافه:

يدرك الكيان الصهيوني أن حزب الله يتمتع بجاهزية قتالية عالية، مما يجعله عقبة كبرى أمام أي مشروع إسرائيلي في لبنان والمنطقة؛ لذا، فَــإنَّ استراتيجية “تعدد الجبهات” تهدف إلى إنهاكه.

عندما تقصف “إسرائيل” الجنوب اللبناني، فهي لا تستهدف فقط أهدافاً عسكرية، بل تعمل على خلق بيئة أمنية غير مستقرة تُجبر المقاومة على الانتشار في أكثر من محور.

بالتوازي، تتحَرّك الجماعات التكفيرية على الحدود السورية اللبنانية، مما يُجبر حزب الله على توزيع قواته بين الجنوب والشرق؛ ما يشكل ضغطًا استراتيجيًّا عليه.

فهل المطلوب حصار المقاومة بين فكي كماشة؟

الهجمات المتزامنة، سواء من الجنوب العدوّ الإسرائيلي، أَو من الحدود الشرقية، حَيثُ الجماعات التكفيرية، ما تتعرض له المقاومة من ضغوط متزايدة، ليس من قبيل الصدفة أن تتزامن هذه التهديدات، فالمشروع واضح: استنزاف المقاومة وتطويقها بين فكي كماشة، بحيث تجد نفسها مضطرة لخوض معارك متعددة تُضعف قدراتها العسكرية، وتخلق بيئة مضطربة تخدم مشاريع التفكيك وإعادة تشكيل المنطقة بما يتناسب مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

وحيثُ يعكس استراتيجية واضحة تهدف إلى تطويق حزب الله وإرهاقه في أكثر من جبهة، لكن التجربة أثبتت أن المقاومة لديها القدرة على مواجهة هذه الضغوط والتعامل معها بمرونة تكتيكية عالية.

المعركة اليوم كما هي عسكرية، هي معركة وعي أَيْـضًا، فالإعلام الذي يروج للجماعات التكفيرية هو نفسه الذي يهاجم حزب الله ويبرّر العدوان الإسرائيلي، والأموال التي تُدفع لتسليح هذه الجماعات، هي نفسها التي تدعم مشاريع التطبيع والتآمر على محور المقاومة.

لبنان اليوم أمام تحدٍّ كبير، لكن المقاومة الإسلامية “حزب الله” التي صمدت في وجه العدوان الإسرائيلي وصنعت معادلات الردع، لن تسمح بسقوطه بين فكي كماشة العدوّ الصهيوني وأدواته التكفيرية.

فالتجربة أثبتت أن المقاومة الإسلامية تمتلك المرونة التكتيكية اللازمة للتعامل مع الضغوط المتعددة، سواء عسكريًّا أَو أمنيًّا أَو إعلاميًّا.

قد يكون الرهان على إسقاط حزب الله، لكن كُـلّ محاولات الحصار والتطويق باءت بالفشل، والتاريخ شاهد على ذلك؛ فكما سقطت مشاريع تفكيك اليمن، ستسقط أَيْـضًا أية محاولة لحصار المقاومة الإسلامية في لبنان؛ لأَنَّ من يعتمد على مشروع تحرّري مستند إلى إرادَة شعبه، لا يمكن أن يُهزم.

الرهان على إسقاط المقاومة رهان خاسر.. والتاريخ شاهد على ذلك.

مقالات مشابهة

  • مجلس القطاع الخاص.. 6 أسئلة برلمانية على طاولة السوداني (وثيقة)
  • ماهي المكاسب التي تنتظرها واشنطن من مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا ؟
  • لبنان بين فكَّي كماشة.. “إسرائيل” والجماعات التكفيرية ينطلقان لنفس المشروع
  • ضبط قضايا اتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة
  • وزير أمريكي يُشعل غضب الكويتيين بعد تصريحات عن الغزو العراقي
  • مدرب الشباب يرفض معسكر جدة قبل مواجهة الاتحاد
  • تعرف على نوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش الأميركي في ضرباته ضد الحوثيين في اليمن؟
  • بين لبنان والعراق.. ماذا قيلَ عن الجبهات ضد إسرائيل؟
  • أبرز المواقع التي سيطر عليها الجيش السوداني في الخرطوم
  • الجيش عثر على المنصات التي أُطلقت منها الصواريخ باتّجاه إسرائيل... وهذا ما أعلنه