كيان.. استحلى رضاع الكذب
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
طبعًا بما أن عنوان هذا المقال هو عن أولئك الذين استحلوا رضاع الكذب، اتصفوا به، أحب أن أشارككم خبرتي في أنني أخفقت تمامًا في أن أكون واهمًا أو كاذبًا، لأنني كنت منذ طفولتي -وربما لا زلت- شخصًا أحب واقعي الأُسَرِي، مجتمعي الذي يقدس الصدق ويسعى إليه وقناعاتي، حين أتعرض لموقف مبني على وهم أو هرطقة سرعان ما تفضحني ردت فعل واقعي وذاتي، بمجرد أن أتوهم ولو وهمًا للمرح سرعان ما أرى الاستهجان ويشتعل وجهي، يصيبني ذلك بالإحساس بأنني "انكشفت"!
توجهت مبكرًا للكتابة عن واقعي المقدس للصدق، ما يدور في محيطه، لفهم العالم الواهم الذي لا أجيد التواصل معه، ولفهم نفسي أيضًا.
أخلاقيًا.. معروف أن الكذب يعد في أغلب المجتمعات من النقائص، وحظت على تجنبه الشرائع والأديان، حين نَسِمُ المجتمع الصهيوني، فنحنُ نصفُهُ بأنه مجتمع استحلى رضاعة الكذب، يعلن غير ما يبطن، ويصعب فطامه، كما نستحسن في سلوك المجتمعات الغربية صدقها مع نفسها ومع الآخرين، لارتباطها بكذب وخداع ورياء ونفاق اليهود الصهاينة..
أظن أنه، رغم تأثيم الكذب في كافة الأديان وعلى مستوى المرجعيات الثقافية المختلفة، هناك رغبة فطرية ما توجه اليهود الصهاينة، وخصوصًا قطعان الكيان اللقيط تجاه الكذب، ليس فقط من أجل مخالفته الشرائع والقوانين، لكن أحيانًا من أجل التعالي والغطرسة، لأن قطعانه الواهمين أصحاب خيال واسع، يحبون إيهام العالم بغير الواقع.. أظن أن اليهود بشكل خاص لا ينفع معهم التوجيه والترشيد لأنهم كذبوا على الله وقتلوا أنبيائه ورسله، توهموا بأنهم الشعب المختار، تمردوا على واقعهم.. الخيال والتباهي وغيره من الأسباب جعلتهم ميالون لرضاعة الكذب، ولعله لهذا السبب نجدهم منذ الأزل لم تجد البشرية حلًا لتفسير عالمهم إلا من خلال الأساطير والأوهام، هذه العلاقة تشير إلى أن الأساطير التي ابتدعوها وفسروها أنها تعليمات سماوية.
تحولت أساطيرهم إلى عقيدة دينية، أصبحت من توراتهم، رغم توجيه العقيدة المسيحية الانتقاد لهم، ظلت لأساطيرهم سحرها الخاص وتأثيرها في واقع المجتمعات الغربية.. الثابت هنا أن كذبهم الفاضح وخيالهم الجامح، كانت له سطوة كبيرة على واقع هذه المجتمعات، لا زالت حتى اليوم هناك قداسة لكذب الكيان اللقيط في واقع الصهيونية العالمية بشكل خاص، الذي بدأ بنوع من الخرافة والخيال الجامح في الحياة الاجتماعية، وظهرت اتجاهات سردية وسمت بالكذب، سرعان ما وجدت واقعًا في عالم غربي، يستحلي رضاع الكذب.
أود هنا أن أقول إنني استلهمت عنوان المقال من كتاب بالغ الأهمية لكاتب ومفكر فرنسي اسمه "رينيه جيرارد"، عنوانه "الكذبة الرومانسية والحقيقة الروائية"، هذا المفكر الكبير له نظرية تعرف باسم "مثلث الرغبة" تقول إن رغبات البشر كلها ترتبط بمثلث يتكون من الراغب وموضوع الرغبة والوسيط، وأن العلاقة بين الثلاثة هي التي تحدث الصراع في العالم، له كتب عديدة مهمة منها أيضًا "العنف والمقدس" الذي ترجم للعربية، لكنه في كتابه الخاص بالكذبة الرومانسية أراد ان يطبق فكرة مثلث الرغبة، ولمن لم يقرأ عمله هذا فإن القصة تدور في ما بعد العصور الوسطى، في زمن عرف وانتشر فيه الخيال، والأطوار الغريبة للواقع والخروج عنه، لتحقيق رغبات كاذبة واهيه، مقلدة من خرافات وأساطير، لم تكن رغبة أصيلة واقعية، لكن المشكلة بين رغبة الواقع ورغبة الوهم، أن عقل هذا الأخير ممتلئ بالضلالات، يرى تهيؤات لا يراها سواه.. لذا نجد أن اخفاقات الصهاينة الواهمين ليس لضعف إمكاناتهم؛ بل لأنهم أرادوا تحقيق رغبات لا وجود لها إلا في خيالهم الكاذب، كانوا قد استلهموها من أساطيرهم التي قدسوها، وكيانهم اليوم هو مجرد مقلد لتلك الأكاذيب والخرافات، وحتى الصهيونية العالمية أو داعمي كيانهم اللقيط، قد يبدو بالنسبة لكثير من القرّاء هو واقع مقابل عالم واهم بفطام الصهيونية عن الكذب، يرى أنها أيضًا ضحية مثلث الرغبة، والوسيط فيها هو الكيان اللقيط نفسه، لأن اليهودية الصهيونية هي من روجت الأساطير والخرفات في بيئة المجتمعات الغربية، مدفوعًا بكونه مثلًا ونموذجًا يحتذى به، في الكذب وسرد الأساطير والخرافات، وستبقى ساحة الفكر الرحبة، تتصارع فيها المبادئ وتجاذب الأفكار، وتقف مجتمعاتنا العربية والإسلامية شامخة، تحمل راية الصدق والعدل والمساواة، مهما امتدت يد خرافات وأساطير الصهيونية، متباهية برضاعتها للكذب، لأن مجتمعاتنا هي الأقرب إلى جوهر الإنسان، وأعدل في موازين الحق.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تسونامي إدمان المخدرات
#تسونامي #إدمان #المخدرات
فايز شبيكات الدعجة
يشير الواقع إلى تمدُّد ظاهرة المخدرات واتساع رقعة الإدمان، بغضِّ النظر عن البيانات والتصريحات المخالفة لهذه الحقيقة المحسوسة، التي لا تخفيها محاولاتُ التصغير الإعلاميِّ المضلِّل لتشويه المشهد الاجتماعيِّ المريض.
مكافحةُ هذه الظاهرة عملٌ أمنيٌّ بحت، يخضع بالدرجة الأولى للمعايير الإدارية، ويتأثر بمن يمسك بالمقود القياديِّ، حيث يُحدِّد الاتجاه العامَّ للظاهرة، سواء بالمدِّ أو الجَزْر. وفي المجتمعات المستورِدة لهذه المواد تقوم الجيوش بالمساعدة في منع التهريب في سياق واجباتها لحماية البلاد من العدوان العسكريِّ الخارجي. ووفقًا لهذه القاعدة الراسخة، فإنَّ مكافحة المخدرات تُعَدُّ واجبًا فرعيًّا لا يقع ضمن إطار مهامِّها الرئيسية، إذ تحرص على تماسك وحدتها القتالية، ولا يمكنها تشتيت جهودها في عملٍ جنائيٍّ يخصُّ مؤسسات الأمن الداخلي.
يُعَدُّ فقدانُ حلقةِ تتبُّعِ حركة التهريب بالأساليب الاستخبارية من دول المنشأ وحتى وصولها إلى البلاد، بالإضافة إلى عدم كفاية وسائل الملاحقة الداخلية السببَ الرئيسَ وراء تفشِّي الظاهرة، واستفحالها بهذا الشكل المتنامي الذي بات يبعث على الفزع، ويؤدِّي في النهاية إلى فشلٍ ذريعٍ في التصدِّي لها.
مقالات ذات صلة حربٌ تلفِظ أنفاسها الأخيرة 2025/03/16ثمَّةَ تذمُّرٌ وشكوى اجتماعيةٌ صامتةٌ من الإدمان الشعبيِّ العام، حيث يدفع الخوفُ من الملاحقة القانونية، وارتباطُ الإدمان بالعيب الاجتماعيِّ بالمواطنين إلى إخفاء مشكلاتهم العائلية، مما يؤدِّي إلى صمتٍ مريب يُخفي الجزءَ الأعظمَ من المشكلة. ويؤكِّد المتابعون وذَوُو الاختصاص الأمنيِّ أنَّ المشكلةَ لا تكمن في أجهزة مكافحة المخدرات، التي تعمل بكامل إمكانياتها، وتبذل جهودًا كبيرةً لتحقيق أهدافها، وإنَّما تتجسَّد التحدياتُ في منغِّصات العمل، وعلى رأسها ضعفُ الإمكانيات، وافتقارُها إلى الدعم من الجهات الأمنية العليا.
تسونامي إدمان يضرب الشباب وقصص عائلية تجعل الولدان سيبا ناجمة عن الانشغالُ بالواجبات والمهامِّ الثانوية، على حساب قضايا بالغةِ الأهمية كالمخدرات،ما يُعَدُّ خللًا قياديًّا واضحًا يستوجب الرصدَ، وإعادةَ التقييم، والتعمُّقَ في فحص المرجعيات المسؤولة عن هذه الملفات.
عندما تستقرُّ ظاهرةُ المخدرات في حالةِ مدٍّ دائم، ترتفع وتيرةُ خداع القيادات العليا عند رفع التقارير وتقديم الإيجازات، التي تتحدَّث عن إنجازاتٍ وبطولاتٍ غيرِ موجودة، في حين أنَّ الشمس هنا تكشف الحقيقة، ولا يمكن تغطيتُها بـ”لا” النافية، التي تُستخدَم بكثرةٍ في سياق إنكار الحجم الكبير لهذه الظاهرة.
هذا هو الحال في كلِّ المجتمعات التي يعصف بها الإدمان.