جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-19@20:15:34 GMT

كيف يخدم الإعلام أكاذيب إيلون ماسك؟

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

كيف يخدم الإعلام أكاذيب إيلون ماسك؟

 

 

 

د. يوسف الشامسي

 

قبل أيام وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض، سألتْ صحفيةٌ الملياردير والوزير بالإدارة الأمريكية إيلون ماسك عن معلوماتٍ كاذبةٍ أوردها في تصريحاتٍ سابقة له، فكان ردّه: "إن بعض ما أقوله قد يكون غير صحيح، وينبغي أن يُصحح".

لكن ما الذي سيتركه وما الذي سيصححه له الإعلام وكثير من تصريحاته "أمحلُ من حديث خُرافة"؟! بل، وهل يأبه أصلًا ترامب وماسك بتصحيح أكاذيبهم المكشوفة؟

لنعترف أولًا أن الكذب ليس بدعًا في "بروبوجندا" السياسة، وللفلاسفة من عهد أفلاطون، إلى ميكيافيللي، إلى يومنا هذا -كمايكل والزر وغيره- مذاهب ومبررات للساسةِ أحيانًا؛ فهنالك ما يسمى بـ"الكذب النبيل" و"الخداع لمصلحة الشعب" وأشباهها من المبررات، ويكون الكذب تارة متواريًا لا ينكشف إلّا بجهد من التحقيق، كتبرير جورج بوش لغزو العراق بدعوى امتلاكه لأسلحة نووية، وأحيانًا ظاهرًا جليًّا يدركه أتباع السياسيّ الكاذب حتى قبل خصومه، ومثال الرئيس ترامب وإيلون ماسك أكبر شاهدٍ على هذا النوع من الكذب المفضوح.

قبل الانتخابات الأمريكية الأخيرة انخرط ماسك في أكبر حملة تضليل لدعم مرشحه ترامب، مسخّرا منصته "إكس X" بخوارزمياتها لدعم حزبه، ونَشَر عبر حسابه مرة تصريحًا لمتحدث الحزب الجمهوري بالكونجرس يدّعي فيه أن الحزب الديمقراطي "يسعى لاستيراد المهاجرين غير الشرعيين بضمّهم للحزب ودعمهم لترشيح كامالا"، بينما لا يجهل أبسط مواطن أمريكي أن المهاجرين لا يحق لهم التصويت في الانتخابات الفيدرالية ما لم يحصلوا على الجنسية!

كذلك قبل أيام اتهم الصحفي المتطرف إيان مايلز في حسابه بمنصة "إكس X" عضوة مجلس النواب الأمريكي إلهان عمر، بعقد ندوات لمهاجرين غير شرعيين لمساعدتهم على تجنب الترحيل، مرفقًا مقطع فيديو مجتزأً، فأيد إيلون ماسك هذا الادعاء مُتهمًا إياها بانتهاك القانون؛ لكن إلهان سرعان ما نفتْ حضورها الحدث، مؤكدة أن الفيديو مُفبرَك. كما اتهمت ماسك بانتهاك القوانين الأمريكية عبر إساءة استخدام بيانات المواطنين. ومع ذلك، أعاد ماسك مشاركة المقطع مرة أخرى!

أمثال هذه الأكاذيب وغيرها قد تثير استفزاز الخصوم للرد عليها، فعلى سبيل المثال نشر قبل فترة الداعية الأمريكي المعروف د. عمر سليمان مقالًا يُفنّد فيه الادعاءات التي أطلقها ماسك عبر منصته بربط "عصابات التغرير الجنسي" في المملكة المتحدة بالمجتمعات المسلمة، وتوظيفه لها في خطابه الإعلامي والسياسي لخدمة أجندات عنصرية مؤازرة لليمين المتطرف. وكذلك نشرت العديد من وسائل الإعلام مثل (بي بي سي BBC) و(دويتشه فيله DW) وبلومبرج تحقيقات مُفصِّلة ومُفنِّدة لأكاذيب ماسك أثناء الانتخابات الأخيرة كالتي أشرتُ لها سلفًا.

 

ولكن، رغم أن تصويب الأكاذيب ضرورةٌ أحيانًا لتوعية الناس بالحقيقة -هل تساءلت- عزيزي القارئ- كيف لمثل هذا النوع من الكذب الفجّ أن يخدم الساسةَ إعلاميًا وهم يدركون قطعًا أن لا أحد سيصدّق ما يتفوهون به من ادعاءات باطلة؟ الإجابة على هذا التساؤل يختزلها حوار الإعلامي الساخر جودان كليبر في برنامج "ذا دايلي شو"، ففي إحدى الحلقات، سأل كليبر أحد مؤيدي ترامب: "هل تعتقد أن ترامب يكذب أحيانًا؟"، ليجيب الرجل: "بالطبع، كل السياسيين يكذبون". يتابع كليبر: "إن كنت تعلم أن ترامب يكذب، فلماذا تدعمه إذن؟"، فيأتي الرد: "لأنه يضحك على النظام، وهذا ما نحتاجه!".

هنا يلتقط كليبر جوهر التناقض: الاعتراف بالكذب لا يُضعف التأييد؛ بل يُعاد تفسيره كـ"ذكاء تكتيكي" أو "معركة ضد النخبة". هذا بالضبط ما تُقرِّره أبحاث الإعلام السياسي ونظرية "التنافر المعرفي" لعالم النفس ليون فستنغر؛ فالجماهير تتجنب تغيير مواقفها في الغالب إذا ما اكتشفت حقائق جديدة تتعارض وأحكامها المسبقة.

هذا من جانب التأثير على الجمهور، أما إعلاميًا فيؤكد أستاذ الإعلام السياسي إيفور جايبر بجامعة ساسكس أن بعض هذه الأكاذيب الصارخة والمكشوفة عندما تصدُر من القادة السياسيين تكون في الأصل ضمن خطة ذات بُعد استراتيجي؛ فالكذبُ يهدفُ للتأثير فحسب دون الاهتمام بتداعيات الكذبة، وكلما حظيتْ بالنقاشِ وترأستْ محاور الأخبار -ولو على سبيل دحضها- استطاعتْ تحقيقَ الهدف. الكذب مثلًا حول ضم المهاجرين غير الشرعيين لترشيح الحزب الديمقراطي يدفعُ لمزيد من النقاش لـ"دحض" هذه الكذبة بسهولة، وفي المقابل كثرة الردود من الخصوم تُعزِّز قناعات المؤيدين لماسك وترامب بشأن المهاجرين غير الشرعيين بفعل ما يطلق عليه "تأثير النتائج العكسية"، وهكذا في سائر الأكاذيب.

لذلك كان رد إيلون ماسك للصحفية هو محاولة تأكيد منه على هذا الهدف؛ فردود الإعلاميين وتخصيص الوقت في البرامج والأخبار لتصحيح أكاذيبه تضمن لحزبه حيّز الظهور وتضرب له عدة عصافير سياسية في الداخل الأمريكي بحجر واحد!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إيلون ماسك يكشف عن نموذج غروك 3 بذكاء غير مسبوق

في منشور على منصة إكس، أعلن إيلون ماسك أن شركته للذكاء الاصطناعي "إكس إيه آي" (xAI) ستطلق روبوت الدردشة "غروك 3" (Grok 3) الجديد، الذي وصفه بأنه "أذكى روبوت ذكاء اصطناعي على وجه الأرض"، وفقا لموقع رويترز.

وقال ماسك إنه سيطرح "غروك 3" خلال عرض تجريبي الثلاثاء المقبل في تمام الساعة السابعة صباحا بتوقيت مكة، إذ لمّح الأسبوع الماضي لهذا العرض عندما قال إن روبوت الدردشة الخاص به والذي يتحدى "شات جي بي تي" في المراحل النهائية من التطوير وسيعلن عنه قريبا.

وفي مكالمة فيديو خلال القمة العالمية للحكومات في دبي، قال ماسك "إن نموذج (غروك 3) يمتلك قدرات استدلال قوية جدا، وفي الاختبارات التي أجريناها حتى الآن، نستطيع القول إن نموذجنا يتفوق على أي نموذج موجود حتى الآن- وهذه بشرى جيدة".

وذكر أن النموذج مُدرّب على بيانات اصطناعية وقادر على التفكير في الأخطاء التي يرتكبها من خلال العودة إلى البيانات ويمكنه التفاعل معها لتحقيق تناسق منطقي.

ويأتي إطلاق "غروك 3" في الوقت الذي تسارع فيه الدول لتقديم نموذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورا والأرخص تكلفة، إذ إن ظهور شركة "ديب سيك" الصينية بوصفها منافسا أجنبيا وتغيير سام ألتمان رئيس "أوبن إيه آي" لسياسته بتوحيد نماذج الذكاء الاصطناعي، جعل ماسك ينظر إلى نموذج جديد أكثر تميزا يقوده إلى الصدارة.

إعلان

يُذكر أن ماسك تعاون مع ألتمان في تأسيس شركة "أوبن إيه آي" عام 2015 لتكون منظمة غير ربحية، ولكنه غادر الشركة عام 2019 بسبب خلافه مع ألتمان، وفي عام 2023 أسس ماسك شركة "إكس إيه آي" للذكاء الاصطناعي ليتمكن من المنافسة في أكثر تكنولوجيا متقدمة حتى الآن.

ومن المثير للاهتمام أن ماسك اعترف منذ سنتين بأنه يخشى من اليوم الذي يتفوق فيه الذكاء الاصطناعي على البشر، معتبرا إياه أكبر تهديد على الحضارة الإنسانية، وفي خطاب مفتوح دعا الباحثين وخبراء الذكاء الاصطناعي ورؤساء الشركات التكنولوجية للتوقف عن تطوير نماذج اللغة الكبيرة، بهدف إتاحة الفرصة لتقييم مخاطرها على البشر ووضع قوانين تُنظمها قبل احتداد التنافس بين شركات التكنولوجيا، والتي تهدف جميعها لإطلاق "النموذج الأحدث" مما قد يترتب عليه تبعيات لا يمكن السيطرة عليها.

مقالات مشابهة

  • قرار هام من ترامب يخص إيلون ماسك
  • عشيقة إيلون ماسك تفجّر فضيحة جديدة
  • ترامب: الفضاء محظور على إيلون ماسك
  • قاضية أمريكية ترفض طلبا يمنع إيلون ماسك من فصل موظفين والوصول لبيانات وكالاتهم
  • البيت الأبيض: إيلون ماسك لا يتمتع بسلطة رسمية لاتخاذ القرارات الحكومية
  • البيت الأبيض: إيلون ماسك ليس موظفاً رسمياً ولا يملك سلطة اتخاذ القرارات
  • إيلون ماسك يشكك في مدفوعات الضمان الاجتماعي: فساد مالي أم حملة سياسية؟
  • الكشف عن اسم وتفاصيل برنامج رامز جلال.. ما علاقة إيلون ماسك؟
  • إيلون ماسك يكشف عن نموذج غروك 3 بذكاء غير مسبوق
  • إيلون ماسك يثير الجدل بـ «الطفل الـ 13»