وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان كتاباً مفتوحاً الى رئيس الجمهورية جوزاف عون، جاء فيه: مع كامل المحبة والحرص، فخامتكم تعلمون أن هذا البلد مرّ بتاريخ هائل وصعب مما فرضته صراعات الإقليم والعالم، ومع ذلك عاشت مكوّناته الوطنية كعائلة وطنية تصرّ على وحدتها وطبيعة ثقافتها التاريخية والوطنية، ولم تمنع الخصوصية الطائفية من بناء وحدة وطنية عابرة للطوائف، ومع توغّل السياسات الدولية بواقع هذا البلد وضمن فترة حساسة انتهى لبنان بحرب أهلية مجنونة انكشفت عن كوارث هائلة، إلا أنّ لبنان بقي وبقيت طوائفه، والآن البلد على حافة برميل من البارود، واللعبة الخارجية تريد توظيف البلد بمشاريع صفقاتها الدولية والإقليمية، وهذا أمر شبه مستحيل، إلا إذا لم يبق جيل سيادي ممانع وأعني بذلك كل قوى لبنان وطوائفه التي تعتقد بسيادة هذا البلد، وأي خطأ جسيم (لا سمح الله) سيضعنا بقلب خرائط حرب أهلية ستكون نتائجها كارثية وكبيرة على هذا البلد المظلوم، وإسرائيل رغم شراكة أميركا والأطلسي - والتي لم تستطع التخلص من قطاع غزة- ليس بمقدورها التخلص من قيمة وصميم قوة لبنان، وللتاريخ: لبنان عصي على إسرائيل، وأسوأ ما يمكن أن تضعنا فيه واشنطن مع حلفها هو حرب أهلية ستنتهي، ويبقى لبنان ويبقى طوائفه، وهذا ما لا نريده على الإطلاق، وأنتم جزء مركزي من ضمانة هذا البلد وحمايته، وفخامتكم تعلم أن لبنان قوة وقدراته السيادية أكبر مما يُرسَم على الخرائط، واللحظة لكم فخامة الرئيس، وأنت إبن المؤسسة العسكرية وابن الجنوب المصقول بأقدس تضحيات وطنية تاريخية نادرة، ومنذ عقود ودماء الجيش والمقاومة والشعب تختلط ببعضها لتزيد من عظمة القيمة الوطنية السيادية لهذا البلد الذي لم تتركه أساطيل العالم بمنأى عن سياساتها الإستنزافية والتدميرية، وأنتم  ليس حكماً فقط بل قدرة دستورية تعيد توظيف قوة لبنان الداخلية والخارجية بالسلم الأهلي والعائلة الوطنية وخلق مناخ يساعد المشروع الوطني على تطوير نفسه وتوسيع قدرات صموده وثباته وتضامنه الشامل، وهذا يمر بتأكيد أُبوّة الدولة لشعبها بعيداً عن لعبة الندية معه، أو الإصرار على خيارات تتعارض بشدة مع التضحيات الوطنية التي تشهد لها الملاحم الأسطورية في كل من الجنوب والضاحية والبقاع وكل لبنان، وهي التي هزمت الجيش الأسطورة على تخوم الخيام، وما تحملته المقاومة وما تتحمله الآن لا تستطيع دول كثيرة القيام به، والمطلوب من فخامتكم التعامل مع هذه التضحيات بصفة أبوية، وموقع رئيس الجمهورية جدير بذلك، واللحظة للتاريخ، لأن ما يحدث غريب للغاية، وبعض المواقف الحكومية تحتاج إلى تفسير مقنع ولا أعتقد أنها تصبّ بالصالح الإستراتيجي لهذا البلد، خاصة أن أشلاء قرابين هذا البلد السيادي ما زالت تحت الأنقاض، والتعزية الحكومية لأبناء وطنها التضحويين لا تكون بهذه الطريقة، والإعتقاد بأن الجنوب والضاحية والبقاع أراضٍ لبنانية لا يكون بهذه المواقف النديّة مع شعبها وناسها، والأكيد بالنسبة لكم أنّ الجنوب أقرب للحكومة من واشنطن، لذا فإنّ بعض المواقف الحكومية والتي تتعارض مع صرخة الدماء السيادية تضعنا بقلب كارثة، ومعكم الرئيس نبيه بري وهو ركن وطني وثيق وذاكرة تاريخية وضامن استراتيجي وسيادي لواقع هذا البلد، وتصميم الإستراتيجيات لا بدّ أن يمرّ به كقوة سيادية ووطنية ومؤسسة دستورية لانتشال هذا البلد من أزماته التي تعيد اجترار كوارث العالم، ولذلك الحكومة مطالبة بتأكيد ميزانها الوطني ومصالح شعبها".



وتابع: "الحل باعتماد خيارات وطنية تحمل دماء هذا الوطن وتعين على رفع أنقاضه وأوجاعه، وأنتم فخامة الرئيس تملكون القدرة على ذلك، ولا نريد من لبنان الرسمي مواجهة العالم بل أن يقوم بواجبه بحفظ لبنان وشعبه وسيادته من خناجر العالم، وإبن المؤسسة العسكرية والجنوب يملك من القدرة الوطنية والشجاعة السيادية ما يضمن ذلك، وشعب لبنان توّاق للمحبة والإلفة ونبذ الإنقسام الوطني وتأكيد الروح الجماعية لإنقاذ هذا البلد، وهذا يمرّ بتأكيد الإلفة الوطنية وميثاقيته السيادية وواقع تضحياته التاريخية، وما نريده لهذا البلد تأكيد وحدته وسلمه الأهلي وأبوّته الوطنية وقدراته على إدارة مصالحه بعيداً عن إملاءات العالم، وبعبدا بوجودكم قادرة على إدارة سياسة استباقية ميثاقية تسحب فتيل أزمات هذا البلد وتحمي لبنان من مشاريع التمزيق والتحريق والفتن والفوضى والفلتان، وهذا يفترض وضع مؤسسات الدولة بخدمة إنسانها وليس بوجه من بقيت أشلاء قرابينهم السيادية تحت الأنقاض، وضمير لبنان وأشلاء قرابينه الأكابر بين أيديكم، ولحظة التاريخ تنتظركم، وما أعتقده أنّ أولوية لبنان بوحدته الوطنية وسلمه الأهلي وقدرته السيادية رمز القضايا التي تتشكّل في الفترة الأولى من قيادتكم للبنان. اللهم فاشهد فقد بلغت".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذا البلد

إقرأ أيضاً:

تقرير : البحرية الأمريكية في مأزق وجودي بالبحر الأحمر.. استنزاف غير مسبوق وتكلفة لا يمكن تحملها

يمانيون../
تعرض البحرية الأمريكية لأزمة عميقة في البحر الأحمر، حيث تواجه عمليات استنزاف متواصلة تضعف قدراتها الدفاعية، وتفرض عليها واقعًا عسكريًا جديدًا غير متكافئ مع القوات اليمنية. تقرير جديد نشره موقع Medium للخبير العسكري د. آدم تبريز، يكشف أن واشنطن باتت أمام مأزق استراتيجي وجودي بسبب تكاليف العمليات الهائلة، ونفاد مخزون الصواريخ، وغياب القدرة على الاحتفاظ بتفوقها البحري.

نزيف مالي مستمر: 50 صاروخًا أمريكيًا ضد كل طائرة مسيرة يمنية!
يشير التقرير إلى أن التكلفة الاقتصادية باتت أحد أكبر تحديات البحرية الأمريكية، حيث يعتمد اليمن على صواريخ ومسيرات منخفضة الكلفة لكنها ذات فاعلية عالية، في حين تضطر الولايات المتحدة إلى استخدام صواريخ اعتراض مكلفة مثل SM-3 وSM-6، والتي تتراوح تكلفة الواحد منها بين 10 و30 مليون دولار.

ويكشف التقرير أن البحرية الأمريكية تطلق ما يقارب 50 صاروخًا في كل مواجهة ضد طائرات مسيرة يمنية لا تتجاوز قيمتها بضعة آلاف من الدولارات، مما يخلق نزيفًا اقتصاديًا لا تستطيع واشنطن تحمله على المدى الطويل.

أزمة إعادة تحميل الصواريخ.. نقطة ضعف قاتلة
واحدة من أكبر المشكلات التي تواجهها البحرية الأمريكية، وفقًا للتقرير، هي عدم قدرتها على إعادة تحميل صواريخها وسط البحر. هذا يعني أن أي سفينة تستهلك مخزونها من الصواريخ تحتاج إلى العودة إلى القواعد العسكرية لإعادة التسلح، وهو ما يستهلك وقتًا طويلًا، ويضعف الكفاءة العملياتية، ويجعل السفن الأمريكية عرضة للخطر في حال استمرت الهجمات.

كما أن عمليات الاستبدال والإمداد محدودة، حيث تعاني واشنطن من تآكل مخزونها الصاروخي، خاصة مع استمرار التوترات في مناطق استراتيجية أخرى مثل المحيط الهادئ في مواجهة الصين، ما يفرض ضغوطًا إضافية على وزارة الدفاع الأمريكية.

البحرية الأمريكية في معركة استنزاف خطيرة.. ومخاوف من تقليص التواجد
يرى التقرير أن استمرار استنزاف القوات الأمريكية في البحر الأحمر قد يدفع واشنطن إلى إعادة النظر في وجودها العسكري بالمنطقة.

ويوضح التقرير أن البحرية الأمريكية تواجه أزمة غير مسبوقة، حيث لم تتوقع واشنطن أن تتمكن القوات اليمنية من فرض معادلة ردع فعّالة بهذا الشكل، مما قد يجبرها على اتخاذ قرارات صعبة مثل:

تقليص عدد السفن الحربية في البحر الأحمر لتقليل الاستنزاف.

إعادة تقييم العمليات العسكرية والبحث عن بدائل دفاعية أقل كلفة.

اللجوء إلى خيارات سياسية أو دبلوماسية لتجنب التورط في صراع غير محسوم.

اليمن يفرض قواعده.. وواشنطن أمام مأزق غير متوقع
يقرّ التقرير بأن الولايات المتحدة لم تحسب حساب قدرة اليمن على الصمود بهذا الشكل، مشيرًا إلى أن القوات اليمنية استطاعت خلال السنوات الماضية بناء قدرات عسكرية متطورة مكنتها من تغيير معادلات القوة في البحر الأحمر.

ويخلص التقرير إلى عدة نقاط رئيسية:

القوات اليمنية نجحت في استنزاف القدرات العسكرية الأمريكية بشكل غير مسبوق.

التفوق العسكري الأمريكي لم يعد مستدامًا بسبب ارتفاع التكاليف ونقص المخزون الصاروخي.

واشنطن عالقة في معركة لا يمكنها حسمها عسكريًا، مما قد يجبرها على تقديم تنازلات سياسية.

البحرية الأمريكية قد تضطر إلى تقليص وجودها في البحر الأحمر، مما يمنح صنعاء نفوذًا أكبر في رسم مستقبل المنطقة.

ختامًا: هل تقترب واشنطن من الانسحاب؟
التقرير يضع صورة قاتمة لمستقبل الوجود الأمريكي في البحر الأحمر، حيث تواجه البحرية الأمريكية ضغطًا اقتصاديًا وعسكريًا غير مسبوق، في حين تثبت صنعاء أنها أصبحت لاعبًا رئيسيًا في رسم قواعد الاشتباك.

وإذا لم تجد الولايات المتحدة استراتيجية جديدة لمواجهة هذا التحدي، فقد تجد نفسها أمام خيار وحيد وهو الانسحاب التدريجي من المنطقة، تاركة المجال مفتوحًا أمام قوى جديدة لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • تقرير : البحرية الأمريكية في مأزق وجودي بالبحر الأحمر.. استنزاف غير مسبوق وتكلفة لا يمكن تحملها
  • قبلان: ما تقوم به إسرائيل استباحة خطيرة للسيادة
  • رئيس الجمهورية: لا تسامح مع الممارسات التي تمس بالوحدة الوطنية وتقسم الجزائريين
  • برلماني: الدراما الحالية تعكس أسوأ الظواهر.. والمجتمع بحاجة إلى محتوى يعزز الهوية الوطنية
  • حصيلة أوليّة... هذا ما تسبّبت به الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت منزلاً في تولين
  • الوضع هش للغاية... هكذا علّقت اليونيفيل على أحداث الجنوب
  • غارات وقصف يستهدف بلدات في الجنوب... وهذا ما أمر به نتنياهو
  • الجيش عثر على المنصات التي أُطلقت منها الصواريخ باتّجاه إسرائيل... وهذا ما أعلنه
  • أمريكا والحشد الشعبي.. هل يمكن أن تكشف أسرار قاعدة البيانات التي تعيق الملاحقة؟
  • أمريكا والحشد الشعبي.. هل يمكن أن تكشف أسرار قاعدة البيانات التي تعيق الملاحقة؟ - عاجل