أثارت التقارير المحلية والدولية عن استقرار المليشيات المنسحبة من سوريا في العراق، العديد من التساؤلات حول أسباب إيواء الحكومة العراقية لهؤلاء في وقت تتحدث فيه عن سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة، وما مستقبلهم، وتداعيات بقائهم على الواقع العراقي؟

التقارير تحدثت عن إيواء العراق لمليشيات "زينبيون" الباكستانية، و"فاطميون" الأفغانية، التي أسسها الحرس الثوري الإيراني، ودفع بهم للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد، إبان اندلاع الثورة السورية عام 2011، حتى ساعة سقوطه في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.



"ملف خطير"
وفي تحذير هو الأول من نوعه بالعراق، قال المرشح السابق لرئاسة الحكومة، والنائب الحالي في البرلمان العراقي، عدنان الزرفي، إن "الحكومة العراقية تأوي فصائل مسلحة أجنبية مصنفة على قوائم الإرهاب العالمي، وترفض بلدانهم الأصلية استقبالهم أفرادا أو جماعات".

وأضاف الزرفي خلال تدوينة على منصة "إكس" الأربعاء، أن "تمركز هؤلاء في معسكرات حكومية رسمية يعد تهديدا للأمن القومي العراقي الذي يمر بأدق حالاته مع متغيرات سياسية وأمنية متسارعة في الشرق الأوسط، وهو ما يطرح كما من الأسئلة عن دور الحكومة والدولة سابقا و لاحقا بهذا الملف الخطير؟".

وعلى الصعيد ذاته، ذكرت قناة "وان نيوز" العراقية، الأربعاء، أن هذه المليشيات وتعدادها بالمئات استقرت في العراق من انسحابهم من سوريا، وتشغل حاليا 6 معسكرات للحشد الشعبي، في بغداد وديالى.

وحذرت القناة العراقية من قيام إيران بتسليحهم وزجهم في معارك جديدة بالمنطقة، بالتالي تكون الأراضي العراقية منطلقا لهم، وهذا يؤثر سلبا على البلد الذي يريد الاستقرار والتهدئة والابتعاد عن الحروب.

وفي تقرير نشره "معهد واشنطن" نهاية الشهر الماضي، أكد فيه أن بعض أفراد "فاطميون" و"زينبيون" دخلوا في كانون الأول 2024، إلى العراق عبر منطقة القائم التي يسيطر عليها القيادي في الحشد الشعبي (اللواء 13) قاسم مصلح، وهي قوات ممولة من الحكومة العراقي.

وبحسب التقرير، فإن "في حال قررت بغداد رسميا استضافة (فاطميون) و(زينبيون)، فإن وجودهما إما أنه يمثل انتهاكا للحظر الدستوري العراقي ضد المليشيات غير الحكومية، أو أنه يعكس موافقة حكومية على قيام إيران بنشر قواتها على الأراضي العراقية، وأنه يتحتم على واشنطن أن تسأل أي من هذه الاحتمالات هي الصحيحة".


وعلى الصعيد ذاته، أفادت وكالة "بغداد اليوم" العراقية بأن "عناصر من مليشيات زينبيون وفاطميون، يوجدون في محافظة ديالى العراقية المحاذية لإيران، بعد عودتهم من سوريا؛ إذ طلبت طهران من حلفائها في العراق التأني في إرسالهم وإعادتهم إلى بلدانهم".

وأوضح تقرير الوكالة في 22 كانون الثاني الماضي، أن "هذه المليشيات استقرت في معسكر أشرف بمحافظة ديالى، الذي كانت توجد فيه قوات مجاهدي خلق المعارضة لإيران قبل ترحيلهم من العراق عام 2013".

"بُعدان للمشكلة"
من جهته، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، أحمد الشريفي، لـ"عربي21" إن "الزرفي عندما يتحدث بهذا الموضوع، فلا شك أن قد يمتلك معلومات، لكن تأكيدها حتى الآن غير واضح، لأن مثل هذه الأمور تجري في سرية تامة ولا تصل إلى الرأي العام وتصبح معلومة متاحة".

وأضاف الشريفي: "إذا كانوا (المليشيات الاجنبية) موجودة بالفعل داخل العراق، فإنها تخلق مشكلة للحكومة العراقية في بعدين، الأول في مسألة الانفتاح إقليميا والتعامل مع المتغير الذي حصل في سوريا".

ورأى الخبير العراقي أن "إيواء هؤلاء، قد يخلق أزمة بين البلدين في مرحلة نحن بأمس الحاجة لتطبيع العلاقات حرصا على حصانة الجبهة الحدودية بين العراق وسوريا، فضلا عن أنها سترتب أثرا كبيرا على علاقة العراق بالولايات المتحدة، والتي بموجبها يجب أن يفك العراق ارتباطه مع إيران".

البعد الآخر، بحسب الشريفي، فإن "احتضان العراق لهذه الجماعات المسلحة بهذا الشكل السري، يدل على أن هناك تعاونا سريا قد يكون أوسع بكثير من مسألة وجودهم، وأن هذا الأمر يطرح فرضية خطرة عن احتمالية تحولهم إلى جهات معارضة في وقت نحن بحاجة إلى التصالح إقليميا".

وفي المقابل، قال المحلل السياسي العراقي، أثير الشرع، لـ"عربي21" إن "مثل هذه الأنباء يراد منها خلق فجوة بين الحكومة العراقية وبين الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يأتي انسجاما مع الحديث عما يسمى مشروع التغيير في الشرق الأوسط".


وأوضح الشرع أن "سياسة الحكومة العراقية وتحركاتها الخارجية خلال هذه المرحلة واضحة جدا، وهو النأي بالعراق عن التطورات والأزمات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط".

وتابع: "إذا كانت مثل أنباء وجود جهات مسلحة أجنبية داخل العراق صحيحة، فإن الحكومة ستتعامل معها بشكل مهني حتى تُبعد كل الأخطار عن البلد، وبالتالي لا تكون ذريعة للاستهداف الأمريكي والإسرائيلي".

وتوقع الشرع أن "يكون هؤلاء عادوا أو هم بصدد العودة إلى بلدانهم، وأن بقاءهم في العراق لا جدوى منه، لأن الحكومة العراقية حاليا تفاوض الجماعات المسلحة العراقية من أجل تسليم سلاحها وتنخرط في الأجهزة الأمنية، ووصلت الأمور إلى مرحلة متقدمة جدا".

وشدد المحلل العراقي على أن "الحديث عن وجود مقاتلين أجانب في معسكرات الحشد الشعبي، أمر غير صحيح لأن مثل هذه الأنباء تهدف إلى جعل العراق فريسة للطائرات الإسرائيلية".

وخلص الشرع إلى أن "سياسة الحكومة تهدف إلى درء كل ما يهدد أمن واستقرار العراق، خصوصا أن هناك قمة عربية في بغداد، مقرر لها أن تنعقد في نهاية نيسان/ أبريل المقبل، بالتالي تناقل مثل هذه الأخبار محاولة لإبعاد البلد عن محيطه العربي والإقليمي".

ورغم تناقل الإعلام العراقي على نطاق واسع أنباء تواجد جماعات مسلحة أجنبية على الأراضي العراقية، وتحذير شخصيات سياسية من الخطورة الأمنية على البلد، لكن الحكومة العراقية لم تصدر- حتى وقت كتابة التقرير- أي توضيح بخصوص الموضوع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراق الحكومة الإرهاب المليشيات الاجنبية العراق الحكومة الإرهاب الحرس الإيراني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة العراقیة الحکومة العراقی فی العراق من سوریا مثل هذه

إقرأ أيضاً:

الأمن العراقي يكشف عن وثيقة مزيّفة تتحدث عن تورط عمال سوريين بتسميم الطعام بالمطاعم

24 مارس، 2025

بغداد/المسلة: انتشرت في العراق وثيقة مسربة تزعم تورط عمال سوريين في مؤامرة لتسميم الطعام داخل مطاعم عراقية، ما أثار حالة من القلق ودفع القوى الأمنية إلى اتخاذ إجراءات سريعة لملاحقة المتهمين المفترضين.

لكن سرعان ما اتضح أن هذه الوثيقة لا أساس لها من الصحة، إذ نفت قيادة عمليات بغداد في بيان رسمي أي توجيهات باعتقال عمال سوريين أو اتهامهم بمخطط يستهدف الأمن الغذائي في البلاد. وأكدت القيادة أن الخبر مجرد شائعة لا تمت للحقيقة بصلة، داعية إلى توخي الدقة والاعتماد على المصادر الرسمية.

الوثيقة المفبركة جاءت في توقيت حساس، حيث شهدت الفترة الماضية تصاعداً في التوترات ضد العمال السوريين في العراق. ففي حادثة لافتة، تعرض عدد من السوريين العاملين في العراق لاعتداءات من قبل مجموعة ملثمة تُنسب إلى فصيل يحمل اسم “تشكيلات يا علي الشعبية”، ما أثار إدانات واسعة.

المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية صباح النعمان أكد تشكيل فرق خاصة لتعقب المسؤولين عن هذه الاعتداءات، مشدداً على التزام السلطات العراقية بحماية جميع العاملين الأجانب على أراضيها. كما أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً تدين فيه ما وصفتها بـ”الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان” بحق مواطنيها في العراق.

تأتي هذه الأحداث بعد نحو ثلاثة أشهر من سقوط النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، وهو ما دفع السلطات العراقية إلى تشديد المراقبة على الحدود المشتركة، وسط مخاوف من تسلل عناصر إرهابية أو فلول النظام السوري السابق إلى الداخل العراقي.

على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسمت الآراء بشأن الوثيقة المسربة. بعض المستخدمين اعتبروها محاولة مكشوفة لإثارة النعرات وتأجيج المشاعر ضد العمال السوريين، بينما رأى آخرون أنها قد تكون مؤشراً على توترات أمنية صامتة لم يُكشف عنها بعد.

وسط هذه الأجواء المشحونة، يواجه العراق تحديات معقدة في ضبط الأمن الداخلي ومنع انتشار الأخبار المزيفة التي قد تسهم في تأجيج العنف المجتمعي. ويرى مراقبون أن استمرار تداول مثل هذه الشائعات قد يعكس هشاشة الثقة بين المواطنين والسلطات، في وقت يحتاج فيه البلد إلى استقرار أكبر.

 

شائعة تسميم الطعام في بغداد.. ما حقيقتها؟

توترات ضد العمال السوريين في العراق.. ما خلفياتها؟

بعد سقوط الأسد.. هل يتغير وضع السوريين في العراق؟

السلطات العراقية تحذر من الشائعات وتدعو إلى التحقق

جدل في العراق حول وثيقة مسربة بشأن الأمن الغذائي

حملات تحريض ضد السوريين في العراق.. ماذا يحدث؟

العراق ينفي مزاعم مخطط تسميم الطعام في المطاعم

وثائق مسربة وأخبار مفبركة.. كيف تدار الحرب الإعلامية؟

بين الشائعات والحقائق.. من يستهدف العمال السوريين في العراق؟

 

 

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • احتجاجات أمام السفارة العراقية في عمّان بسبب نفاد تذاكر مباراة العراق وفلسطين
  • ماهي أهداف وخفايا زيارة رئيس الوزراء العراقي الاسبق عادل عبد المهدي اليمن؟
  • السلطات العراقية تعلق على مزاعم تسميم سوريين للطعام
  • الأمن العراقي يكشف عن وثيقة مزيّفة تتحدث عن تورط عمال سوريين بتسميم الطعام بالمطاعم
  • الحكومة العراقية تستمع لتقرير من شركة اجنبية لتأسيس مصرف جديد
  • العراق بين الحياد والتصعيد.. تداعيات حرب اليمن
  • داعش بين التراجع وإعادة التفعيل.. كيف يُوظَّف الإرهاب في المشهد السياسي العراقي؟
  • داعش بين التراجع وإعادة التفعيل.. كيف يُوظَّف الإرهاب في المشهد السياسي العراقي؟ - عاجل
  • جهاز المخابرات الوطني العراقي والمهمة الصعبة
  • التّقيّة السياسيّة العراقية تجاه دمشق بين الشراكة والتوجّس!