كيف تتحول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى قاطرة الاقتصاد والابتكار؟
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
أجرت "عُمان" استطلاعًا صحفيًا مع رجال أعمال وخبراء اقتصاديين حول تأثير هذه المشاريع على دعم الابتكار وتوسيع قاعدة التوظيف، وأجمعوا على أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تؤدي دورًا حيويًا في تعزيز الاقتصاد الوطني، حيث تسهم في إيجاد فرص عمل جديدة، وتحفيز الابتكار، وتعزيز التنافسية في الأسواق.
وأكدوا لـ"عُمان" أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي جزء من منظومة اقتصادية متكاملة تدعم التنمية المستدامة، وتسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتحفيز الإنتاج المحلي، وفتح أسواق جديدة للتصدير.
قال الخبير الاقتصادي الدكتور قيس السابعي: إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تُعد ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، لأنها تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في رفد الناتج المحلي، حيث تساعد على البحث والابتكار، وتشجع على التنافس في ريادة الأعمال والمشاريع الشبابية، وتوفر فرص عمل للباحثين عن عمل، وتسهم في تجويد المنتجات العُمانية، كما تساعد في تحقيق قاعدة التنويع الاقتصادي، وتعزيز القدرات الإنتاجية لسلطنة عُمان، ومنع الاحتكار.
ويرى الدكتور قيس السابعي أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تؤدي دورًا محوريًا في رفد الاقتصاد الوطني، إذ إنها توفر بيئة خصبة للإبداع والابتكار، مما يعزز روح الريادة لدى الشباب العُماني، وأضاف بقوله: "المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي جزء من منظومة التكامل الاقتصادي، حيث ترتبط بالمشاريع العملاقة والشركات الكبرى، مما يسهم في تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إضافة إلى أنها توفر فرصًا لتحسين جودة الحياة، وترسخ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المجتمع".
وأشار السابعي إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعتمد على رؤية اقتصادية بعيدة المدى، مما يجعلها من الأدوات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، فهي تعتمد على نموذج اقتصادي قائم على الاستمرارية والاستثمار طويل الأجل، وتدعم جهود تنمية المحافظات في سلطنة عُمان من خلال توفير وظائف وإسناد أعمال جديدة للمؤسسات المحلية.
تأثير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إيجاد فرص عمل
أوضح الدكتور قيس السابعي أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة توفر قاعدة متنوعة من فرص العمل، حيث تحتاج إلى مهارات وكفاءات متعددة في مختلف القطاعات، واستطرد بقوله: "أحد أهم أدوار هذه المؤسسات هو استثمار رأس المال البشري، فهي تعتمد على الأيدي الماهرة وتسهم في تدريب وتأهيل الشباب، مما يعزز الإنتاجية والكفاءة، إضافة إلى أنها تشجع الابتكار والتكنولوجيا، وهو ما يفتح أبوابًا جديدة للوظائف في مجالات التقنية والتصنيع والخدمات الذكية".
وأشار السابعي إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تسهم أيضًا في تنويع فرص العمل من خلال تعدد أنشطتها، حيث تستوعب مختلف التخصصات، مما يساعد في إيجاد فرص وظيفية لشريحة واسعة من الشباب العُماني، ودعم التنمية المحلية، حيث إن استغلال الموارد المحلية في مختلف القطاعات يحد من الهجرة إلى المدن الكبرى، ويوفر فرصًا اقتصادية في المحافظات.
كما تسهم هذه المؤسسات في تحفيز ريادة الأعمال من خلال تشجيع الشباب على تأسيس مشاريعهم الخاصة، مما يزيد من الفرص الوظيفية ويسهم في توسيع السوق.
التحول من الاستيراد إلى التصدير
وتابع السابعي قائلًا: كما تسهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التكامل مع المؤسسات الكبرى، حيث إن إسناد بعض الأعمال والمناقصات من قبل الشركات العملاقة إلى هذه المؤسسات يعزز فرص التشغيل ويوفر مصدرًا مستدامًا للدخل، إضافة إلى التحول من الاستيراد إلى التصدير، أي أنه عندما تصل هذه المؤسسات إلى مستوى إنتاجي متقدم، فإنها تفتح أسواقًا جديدة محليًا ودوليًا، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة.
ونوه السابعي إلى أهمية تقديم دعم حكومي شامل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مثل توفير التمويل والموارد اللازمة، وتقديم برامج تدريبية وتطويرية للشباب، وتحسين بيئة الأعمال عبر تسهيل الإجراءات الإدارية، ودعم الوصول إلى الأسواق العالمية من خلال الترويج والتصدير، حيث إن جميع هذه العوامل تجعل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة محركًا رئيسيًا لإيجاد فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في سلطنة عُمان.
وفي السياق ذاته، قال رجل الأعمال سعيد بن أحمد بيت سعيد: "المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لها دور مهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنميته؛ فهي تحفّز النمو الاقتصادي، وترفع مستوى المنافسة في الأسواق، كما تدفع عجلة الابتكار إلى الأمام، وتطوّر العديد من القطاعات مثل قطاعات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا، مما يعني تحسين كفاءة المنتجات والخدمات، وزيادة الرفاهية، وهو ما يرفع بالضرورة مستوى الاقتصاد الوطني في الدولة".
وأفاد رجل الأعمال سعيد بن أحمد بيت سعيد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة في المحافظات، سواء في تنمية الصادرات من خلال الإسهام في التخفيف من حدة عجز الميزان التجاري، أو استخدام أفضل أنواع فنون الإنتاج، وإنتاج مكونات السلع التي تتوجه إلى التصدير، فنتحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة، كما تحقق هذه المؤسسات التكامل الاقتصادي مع المؤسسات الكبيرة، لأنها تحتاج إليها لتنفيذ بعض أنشطتها وأعمالها.
وأشار رجل الأعمال إلى أن ريادة الأعمال تُعد مصدرًا رئيسيًا لإيجاد فرص العمل من خلال تأسيس الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث يتم توفير فرص عمل جديدة للشباب والخريجين، مما يقلل من معدلات الباحثين عن عمل، ويسهم في استقرار الاقتصاد. واستطرد بقوله: "على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل نسبة كبيرة من إجمالي الأيدي العاملة في العديد من الدول".
تحقيق خطط التنمية المستدامة
من جهتها، قالت الدكتورة حبيبة المغيرية، خبيرة اقتصادية وأكاديمية: إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تؤدي دورًا حاسمًا في تحقيق خطط التنمية المستدامة لدول العالم، بما فيها سلطنة عُمان، وتتوافق إسهامات هذه المؤسسات مع ركائز وخطط التنويع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والاستدامة البيئية، التي تُعد ضرورية لتحقيق "رؤية عُمان 2040".
وأضافت: إن هذه المؤسسات تسهم في تنويع الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز القطاعات غير النفطية، مثل السياحة والتكنولوجيا والصناعة والخدمات المالية واللوجستية، وغيرها من القطاعات الحيوية، وإيجاد فرص العمل، وصقل مهارات القوى العاملة المختلفة، ودفع الابتكار والقدرة التنافسية، واستحداث تقنيات ونماذج عمل متقدمة، ودعم سلاسل التوريد المحلية.
وأوضحت الدكتورة حبيبة المغيرية أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعمل بشكل كبير على توظيف الشباب من خلال إيجاد فرص العمل في الكثير من المجالات، كما توفر فرصًا للتدريب واكتساب المهارات المختلفة، وتعزز قطاع ريادة الأعمال، قائلة: "على سبيل المثال، يسهم وجود حوافز دعم الأجور، والحوافز الضريبية، ودعم المبادرات لتدريب الشركات التي تقوم بتوظيف الشباب من الخريجين الجدد".
وأضافت: إن وجود مسرعات الأعمال، والحاضنات، والمبادرات لريادة الأعمال يساعد على دعم تطور المشاريع التي يديرها الشباب المؤسسون، ويُسرِّع من عملية تنميتها وتوسيعها، كما أن التحول الرقمي يشجع الشباب على العمل عن بُعد، وأشارت بقولها: "رغم وجود التحديات في تأسيس واستدامة هذه المشاريع، فإن الدعم الحكومي، وإصلاحات التعليم بمختلف مراحله، ووضع وتحديث السياسات الصديقة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يسهم في تعزيز قدرتها على استيعاب عدد أكبر من الشباب".
وأشارت الدكتورة حبيبة المغيرية إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تدفع عملية الابتكار في مختلف القطاعات، لكونها أسرع في التكيف مع توجهات السوق الحديثة واستخدام التقنيات الناشئة المتطورة، مما يجعلها أكثر استعدادًا للعمل على إيجاد وتطوير حلول مبتكرة لمشاريعها.
وتابعت حديثها قائلة: "مؤسسو المشاريع الصغيرة والمتوسطة أغلبهم من فئة الشباب الشغوفين بالعمل الحر، وهذه الفئة تسعى غالبًا إلى تبني الأفكار المبتكرة التي تعزز قدراتهم التنافسية في الأسواق، كما أن هناك تعاونًا مع الجامعات والمؤسسات البحثية التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز من الإسهام في تنفيذ التقنيات المختلفة في هذه المشاريع".
وأضافت: "تسهم الشراكة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجهات والهيئات الحكومية، والشركات الكبرى، والأكاديميات المختلفة في تطوير حلول مبتكرة لهذه المؤسسات، وتدريب وتمكين رواد الأعمال، وتسويق منتجات وخدمات مؤسساتهم، مما يسهم في توسيع هذه المشاريع واستدامتها".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المشاریع الصغیرة والمتوسطة التنمیة المستدامة الاقتصاد الوطنی ریادة الأعمال هذه المشاریع هذه المؤسسات فرص العمل إیجاد فرص فی تعزیز فرص عمل من خلال یسهم فی تسهم فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
العيد في عُمان .. احتفاء بالتقاليد والابتكار الرقمي
العيد في عُمان مناسبة للفرح والتآلف الاجتماعي واستعادة التقاليد العريقة، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح، أيضا، لحظة للتعبير الرقمي. ومن أبرز مظاهر العيد اليوم في سلطنة عُمان وسم بات حديث الجميع، وهو #لقطة_عمانية_في_العيد، الذي يبدو أنه ساهم في تغيير الطريقة التي يحتفل بها العُمانيون بالعيد ويشاركون عبرها تجاربهم. وتحول والوسم، الذي ينشد في كل عيد، من منصة لعرض مظاهر الاحتفال، إلى ظاهرة رقمية تجسد الإبداع العُماني على وسائل التواصل الاجتماعي. وهو مثال حيٌّ على كيفية استخدام العُمانيين لمنصة «إكس» (تويتر سابقًا) لترويج ثقافتهم وتراثهم، ولكن أكثر من ذلك، لابتكار تقاليد جديدة تشمل الجميع، رجالا ونساء وأشخاصا من ذوي الإعاقة على حد سواء.
اكتسب وسم #لقطة_عمانية_في_العيد زخمه منذ عدة سنوات كوسيلة للعُمانيين لمشاركة لقطات من احتفالاتهم بالعيد. في البداية، كان يُستخدم في الغالب لنشر صور تجمعات العائلات، والأزياء التقليدية، ووجبات العيد الخاصة. لكن بمرور الوقت تحول إلى جزء لا يتجزأ من العيد في عُمان، ينتظره الناس بحماس داخل البلاد وفي أرجاء الخليج العربي. لقد أصبح الوسم بمثابة ألبوم رقمي جماعي يجمع العُمانيين من مختلف المناطق، ما يخلق حالة من الاحتفاء الوطني بالعيد لم يكن من الممكن تحقيقها قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي.
ما يجعل #لقطة_عمانية_في_العيد مميزًا هو مزجه بين التقاليد والتفاعل الرقمي الحديث. فمن خلال هذا الوسم، يوثق العمانيون احتفالاتهم بالعيد، ويساهمون، في الوقت نفسه، بالحفاظ على التراث وابتكار أساليب جديدة للاحتفال. فالتقاليد العُمانية، مثل إعداد الشواء وارتداء الدشداشة والعباية، وأداء صلاة العيد، تحظى بإبراز واحتفاء واسعين. وفي الوقت ذاته، تنشأ عادات جديدة كالتحديات الإبداعية في التصوير الفوتوغرافي، والتعبيرات الفنية عن فرحة العيد، وحتى سرد القصص الرقمية عن تاريخ العائلات.
وقد أثبت العُمانيون على منصة « إكس» أنهم مبدعون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للترويج الثقافي. فمن خلال الوسم نجحوا في تحويل اللحظات الشخصية إلى ذكريات جماعية، مما ساعد الجميع، حتى من يعيشون في الخارج، على الشعور بالارتباط بوطنهم وبتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم. علاوة على ذلك، شجع هذا الوسم الأجيال المختلفة على التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة هادفة، حيث يظهر في العديد من المنشورات كبار السن الذين قد لا يكونون نشطين رقميًا، ما يعكس الروابط بين الأجيال وانتقال التقاليد.
ومن الجوانب البارزة الأخرى في #لقطة_عمانية_في_العيد هو شموليته، حيث يستخدمه العمانيون من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية، بما في ذلك الرجال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة. لقد وفر هذا الوسم منصة للأشخاص ذوي الإعاقة لمشاركة تجاربهم وإبراز دورهم كجزء لا يتجزأ من المجتمع العُماني. فبعض المنشورات تسلط الضوء على احتفالات العيد المهيأة للجميع، حيث تبذل العائلات والمجتمعات جهودا لضمان أن تشمل الاحتفالات الجميع. بينما تبرز منشورات أخرى إبداعات الفنانين وصناع المحتوى من ذوي الإعاقة، مما يثبت أن الفضاءات الرقمية يمكن أن تكون أدوات تمكين للجميع.
وبطرق عديدة، يعكس نجاح هذا الوسم قوة التماسك المجتمعي في عُمان، فهو لا يقتصر على عرض الصور الجميلة فحسب، بل يتمحور حول المشاركة والفخر الوطني. كما أن التفاعل الكبير مع الوسم كل عام يؤكد على أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون قوة توحيدية، تجمع العُمانيين معا بغض النظر عن أماكن وجودهم أو وضعهم الاجتماعي.
إن العيد في عُمان هو احتفال بالأسرة والتقاليد، لكنه في العصر الرقمي أصبح أيضا احتفالا بالإبداع والتواصل. وقد أصبح وسم #لقطة_عمانية_في_العيد جزءا أساسيا من مظاهر العيد، مما يثبت أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تُستخدم ليس فقط لمشاركة التراث الثقافي، بل للمساهمة في تشكيله أيضا. ومن خلال هذا التقليد الرقمي السنوي، أظهر العُمانيون كيف يمكن أن تكون منصة أكس أداة قوية للحفاظ على الثقافة، والابتكار. ومع اقتراب العيد يترقب العُمانيون بفارغ الصبر المشاركة في هذا الحراك الرقمي، مما يضمن استمرار ازدهار التقاليد القديمة والجديدة في عالم رقمي دائم التطور.
د. نجمة بنت جعفر الزدجالية أكاديمية في جامعة السلطان قابوس