يمن مونيتور:
2025-02-19@19:47:07 GMT

كيف نضحك أمام القتلة؟ وقصائد أخرى

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

كيف نضحك أمام القتلة؟ وقصائد أخرى

1- حنين

الحزن قد يقذفُ بي إلى البئر

لا أحدَ من الأحياء يسمعُ صراخي

سأبقى وحيدًا في العتمة

أحلمُ بامرأةٍ لا أراها

أتذكّرُ الأشجارَ حين تبكي خوفًا

من وصولِ البشر فجرًا بالحبال

لتغدو غصونُها مشانقَ

للأغنامِ الهاربةِ من بهجةِ الأعياد.

2- دمُ الفراشة

أخذتُ من الفراشةِ

الوردةَ والدم

وكانت تلك

ليلتي الأخيرة على الأرض.

انصتي قبلَ النوم

قبلَ رحيلِكِ الأبديّ

إلى حديثِ الوردةِ الغافية

انصتي في سَيْرِكِ البطيءِ إلى الموت.

سيأخذكِ النسيانُ بعيدًا عنّا

الشمسُ زرقاءُ بلونِ الطفولة

زرقاءُ بلونِ الحب.

3- أتحدّثُ عن الزهرة

عن الزهرةِ أتحدّث

على بابِ البيتِ وهي تذوي

مثلما يذوي الزمنُ بي

ونغدو معًا في اليباسِ وفي اليباب.

هي الأسرعُ في الرحيل

الأكثرُ جمالًا وبراءةً ونقاء

اختارَها الملكُ

وأبقاني أذبلُ رويدًا رويدًا.

ذاتَ يوم سيطرقُ باب بيتي ملك

لا أراه ولا يحدّثني

فقط يقتادني صامتًا إلى الموت

لأرى الزهرة تنتشر في الكون

عبقًا وجمالًا لا يُضاهَى.

أتحدّثُ عن الزهرة

عمّا يعودُ ولا يفنى

أتحدّث أنا الراحل دون عودةٍ إلى التراب.

4-كيف نضحك أمام القتلة

امرأةٌ تتأمّل ملامحها في المرآة

خوفًا من رحيل الجمال

أمام مرور الزمنِ الغامض.

*

لم يجد الدموعَ

التي تجعلُهُ قادرًا على النسيان.

*

كل شيء مطفأ

كالرياح وهي تواجه عبث الأيام.

*

يرحل الحصان الميت

عن البيت الذي يختبئ به الألم والهجر

عن نوافذ المطر المبللة باللوعة والفراق.

*

يعود المهاجر إلى وطنه غريبًا

يشعل نارًا في ساقية الجفاف

ينتظر الرياحَ والمطرَ والغناءَ السحري

ينتظر بكاء الأمهات الذي افتقده في الرحيل.

*

ليس لتلك الطرق الموحشة

في الجبال البعيدة

غيرُ الحنين

غيرُ الجمالِ اللامرئي.

*

تعود المياه الجبلية متدفقة في القلب

تعود الرياح الجبلية حاملة ضوء الليل

موقظةً في الأرضِ الطلعَ والنسغَ

محبّةَ الشجرِ إلى النار.

*

يسير في شوارعها الغرباء

موتَى الندم وحنينُ الشجرِ إلى الماء.

*

لكنّكِ جميلةٌ في الهدوء الصامت

لم أركِ أبدًا جميلةً في الصخب.

*

يبقى لنا الحجرُ الجبليّ

وسادةَ الرأسِ

اللغةَ المقدسةَ للصمت

غطاءَ الأبديةِ

دمْعَ الأشجارِ خالقةِ الحب.

*

وحيدة في شرفات العتمة

في الطرق المظلمة إلى الحب وإلى الموت.

*

لا يسير الموتى إلى البحر

غَرِقوا في الحُفَرِ العميقةِ للأرض

حجرٌ وترابٌ كثيف

غطّى فُتات عظامهم.

*

وكنتُ كالدمعة

التي سقطَتْ على التربة…

وانطفأَت.

*

كم الحياة عابرة وقاسية

كغبار الرمال الزاحف على القرى

لا نرى بعده الماءَ والنخيل

لا نسمعُ الأنينَ والصّراخ.

*

لقد جعلتْنِي البحيرةُ عطشَى

إلى كأسِ نبيذ

والموسيقى أعطت قلبي

مزيدًا من الفرح والحزن في آن.

*

إلهي الذي يراني وحيدةً وعطشى إلى الحب

مَن أُحِبُّ خلف سياجٍ من الحديد

لن أصلَ إليه أبدًا.

*

أتحدّثُ: لِمَ تركَني الله وحيدًا بعد رحيل أمي؟

ليس في الأرض غيرُ الحنينِ إليها

بقعُ دمٍ تتناثر في أغطيةٍ صفراء

موتى وغرباء ونوارس

يجرفُها البحرُ إلى النسيان.

*

الشمسُ من حمل المحبّة

بعيدًا تركتْنا في ليلِ الأبدية.

*

تَبْدينَ أكثرَ جلالًا في الغياب

هادئةً كعصفورٍ ميّت.

*

امنحيني بعضَ بكائكِ

أيتها الحرية

امنحيني دمَ الغزالة

امنحيني جناحَ الطيرِ المهاجر

عبر البحارِ إلى المجهول.

*

لن أعود إليكِ أيّتها المدن الغبية

أيتها المدن حاملةُ الكآبة والعدم واللصوص

والمشوّهين من رداءةِ الأعماق.

*

التقيتُها وهي صبيّةٌ في جبال الجنوب الخضراء

في ذلك المساء الذي اختفتْ من ذاكرتي تفاصيله

بقيَ منه سمارُ لونِها وعذوبةُ ابتسامتِها

بقيَ مطرُ الجبالِ الناعم

يكسو قلبي بفراقٍ قادمٍ لا محال.

*

مع المطر يأتي صوتُ الصغيرة الغائبة

الصبية التي لن تعود

ولن يعود معها مطرُ الحقول.

 

*شاعر عُماني.

المصدر: ضفة ثالثة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الأدب الشعر أتحد ث

إقرأ أيضاً:

حبٌّ زمن الإنسانيَّة المتحوِّلة

يحين وقت عيد الحبّ من كلّ سنةٍ، فتهتزّ أرض العرب، وتكثر الورود والدباديب ويسود الاحمرارُ، وتعلو المحبَّة، وهو أمرٌ مُقَدَّرٌ مرغوبٌ، ولكن أيّ تقارب يسود هو تقاربٌ مشوبٌ مشبوه، لا صفْوَ فيه، ولا أحبُّ أن أدخل في تاريخيَّة عيد الحبّ، وفي سيرة القدِّيس فالنتاين، وفي تحوُّله إلى رمز للحبّ، ولكن أريد أن أنبِّه القارئ العربيَّ أنّ الحبَّ عند العرب مشدودٌ إلى فضاءٍ معجميٍّ وحقلٍ دلاليّ يغلب عليه العذاب والحرقة واللّظى والفراق والألم والمعاناة والمقاساة، ولذلك، نقول «نار الحب»، ولا نُجْري في استعمالنا «جنّة الحب»، ونقول «عذاب الحب»، ولا يكثر استعمالنا لـ«نعيم الحب»، وفي إطلالة بسيطة إلى تراثنا العربيّ الشعريّ والنثري، يُمكن أن نقدّم صورة عن وَقْع الحبّ.

يُعرّفُ ابن حزم الأندلسيّ الحبَّ بقوله: «الحبّ -أعزّك اللّه- أوَّله هزْل وآخره جدّ، دقّت معانيه لجلالتها عن أن تُوصَف، فلا تُدْرَك حقيقتها إلاَّ بالمعاناة، فيحدُّه بالمعاناة، ويعْرِضُ إلى آفات الحبّ، وهو مثْبِتٌ له، كأنّه لا يتحقَّق ولا يكون إلاّ بألم وعذاب وهجْرٍ وعلّةٍ صعبة المداواة، فـ«لا بدّ لكلّ محبّ صادق المودَّة ممنوع الوصْل، إمَّا ببيْن وإمَّا بهجْرٍ، وإمَّا بِكتمان واقعٍ لمعنى، من أن يؤول إلى حدِّ السقام والضَّنَى والنّحول، وربَّما أضْجعه ذلك، وهذا الأمر كثير جدًّا موجود أبدا، والأعراض الواقعة من المحبَّة غير العلل الواقعة من هجمات العلل»، فما هذا الحبُّ الذي نحتفي به ونحتفل وهو مورِّثٌ في خلايانا كلّ السّقام، ومُنْبِت الأمراض والعلل بما لا يقدر عليه طبيبٌ ولا دواء؟ وقِسْ على ذلك ما تراكَم من أشعار الغزِلِيين العرب، نارًا وفُرْقَةً وبيْنًا، ورغبةً في الموت، فحتَّى المحبوبة -أحيانًا- تتحوَّل إلى هامشٍ، تفقد جوْهرَها حضورًا جُثمانيًّا، ويعيش المُحبَّ هوس الحبِّ في ذاته ولذاته، ولذلك، رأيْنا المجنون يُعْرِضُ عن ليلى ويعيش حال الحبّ لذاته، ولا يهتمّ بها عندما انغمس في حال الوجد، ينصرف عنها حتّى في حال وجودها، ويطلب الحبّ، لا ليلى! كلّ شعر العشّاق الحقيقيين في تاريخ الأدب العربيّ، هو شعرٌ مليءٌ بالألم والهجْر والمعاناة والموت والجنون، لا أمل فيه، ولا زهور تغزوه، ولا حلوَ ولا حلويّات، وإنّما مرارة وعلقم، والدّاخل فيه مبتل، وصائرٌ إلى الفناء ضرورةً. ولذلك، فقد وجدنا المصنّفات النثريّة العارضة للعشق والعشَّاق تُبين الألم لا السعادة والرّاحة، وتبحث في الحيرة لا في الهدْأة والسّكون، الحبّ مصْرعٌ ومقتَلٌ، وقد صنّف ابن السرّاج كتابًا عنْونَه بـ«مصارع العشّاق» يستهلّه ببيان ماهيَّة العشق، دون أن يخرج عن حدِّ ابن حزم عمومًا، فأوَّله لعبٌ وآخره عَطبٌ، وهو مثير مصارع العاشقين، ونهايتهم بالموت، ذاكرًا في ذلك أخبارًا عديدة.

عبْء تاريخيٌّ مليء بالدّموع والألم والموت والنّار، فهل الواقعُ مختلفٌ؟ وهل الحبُّ اليوم سعادةٌ وورودٌ وحلو وحلويّات؟ لا أعرف الحقّ، ولكن ما أدركه جيِّدًا أنّ الحبّ وأنصاره في العالم العربيّ يعيش كما كان دومًا عوائق وإحنا ومحنا، فلا مؤسَّسة الزواج قائمة على سعادة وحبّ، وإنَّما الغالب الأعمّ نافرٌ منها، واقعٌ في مساوئها، باحثٌ عن تخطّي الروتينيّ اليوميّ، ولا مشاعر الحبِّ واجدة فضاءً للحياة والبقاء، وإنّما الكلّ دائرٌ في قوالب الشكليَّات والمظاهر، فما زال الحبّ ممنوعًا ومُدانًا، وما زال الزَّواج خاضعًا لمقاييس اجتماعيّة مثقلة أخلاقيًّا وماديًّا وأسريًّا، فهل فعلا نحن شعوبٌ تحتفل بالحبّ وتحترم مظاهره وتسعد به؟

في الوجه الثاني من الوجود البشريّ، هنالك مسألةٌ وجوديَّة عميقة الأثر، لا نثيرها نحن العرب بالعمق الذي تستحقُّه، وهي قضيَّة الإنسانيَّة العابرة أو ما بعد الإنسانية Transhumanism، وهي الموضوع الذي يُؤرِّق الفلاسفة الآن، وخاصَّة فلاسفة الأخلاق، وفلسفات العلوم، فكيف هي منزلة المشاعر الإنسانيَّة في عالم ينحو نحو التحوّل التقني، من خلال تطوير الإنسان، وإقامة بنية بشريَّة أفضل ممّا هي عليه الآن؟ بطبيعة الحال هذا التوجّه السّائد الآن، يدعو إلى تخلُّص الإنسان من كينونته التي طالما رافقته، ومن طبيعته، وتسمح للعلم بالتدخّل في جيناته، بعيدًا عن الأخلاق وعن الأديان وعن سلطة المجتمع، هي توجّه علميٌّ ثقافيٌّ، فلسفيٌّ، يشتغل عليه عدد مهمٌّ من العلماء والمُنظِّرين، وتُموِّله دُول كُبرى، يقول الفيلسوف لوك فيري هي فكرة الانتقال من الطبِّ العلاجي إلى طبّ تحسيني، الفكرة الأساس فيه جعل الإنسان أكثر قوّة وأقلَّ عطَبًا ومرَضًا وعطالةً، وأبْقَى عُمرًا، توجُّهٌ نحو صناعة بشريَّةٍ ثانيَّة تتمتّع بصحة وخالية من الأمراض بحثًا عن الخلود أو البقاء الأطول، وهذا التوجّه تمثِّله أيديولوجيا قويَّة جدًّا اليوم، مركزها وادي السيلكون بأمريكا، وهذه البشريَّة الثانيّة، أو الإنسانيّة المواليّة للبشر الطبيعيّ لا تحمل مشاعر الخوف أو الضعف أو الوهن، هي بشريَّة قويّة، لا يُضْعفُها حبٌّ ولا كره، عاملةٌ، عازمة، خاضعةٌ للتطوّر التقني والمعلوماتي، يُتدَخَل في جيناتها لتحويل طبيعتها وتغيير سمْتها وما عليه جُبِلت، هي بشريّة مصنوعة، والعهد بذلك قريب، بدأ هذا العصر بالتحقّق ووضع له العلماء وقتًا للسيادة والهيمنة، وهو أربعينيّات هذا القرن، تحقيقًا لحلم الإنسان الأبديّ بالقوّة والخلود، ولكنّه يتحوَّل إلى آلةٍ، فهل سيفقد الإنسان المتحوِّل يوم احتفائه بعيدٍ للحبّ، ويحتفل بعيد الإنشاء الجديد؟

مقالات مشابهة

  • «مش عايزين نضحك على حد».. 7 رسائل من محافظ الدقهلية للمسؤولين لخدمة المواطنين
  • حبٌّ زمن الإنسانيَّة المتحوِّلة
  • ضمن مبادرة حماة تنبض من جديد.. إزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد أمام مبنى الأمن العسكري سابقاً على طريق حمص حماة
  • في المنتدى السعودي للإعلام.. ملف كأس العالم 2034 وثيقة الحلم التي يراها العالم لأول مرة
  • محامي سفاح الإسكندرية: إرتفاع حصيلة الشقق الذي استأجرها المتهم إلى 25 شقة بعد العثور على أربع شقق أخرى له
  • الزعاق يوضح سبب بطء حركة كوكب الزهرة عندما يدور حول نفسه؟ ..فيديو
  • عون أكد أمام لازارو ادانته للاعتداء الذي تعرض له اليونيفيل: : الامن خط احمر
  • القوات: انتهى الزمن الذي كانت إيران تعتبر فيه بيروت إحدى العواصم التي تسيطر عليها
  • أمام الكنيست.. عائلات الرهائن تطالب بعدم استئناف الحرب
  • تعقيباً على قوله “خُرافة” المليون عامل؛ أتحدّى أن يطلعنا وزير العمل على عدد العمالة غير الأردنية.!