على بُعد خطوات من حىّ الجمالية العريق الذى وُلد به نجيب محفوظ فى قلب القاهرة القديمة، اجتمع 20 فناناً بلوحاتهم الفوتوغرافية التى تجسد تفاصيل آخر أعمال الأديب الراحل فى متحف يحمل اسمه، مكان ضخم يسع الكثير من الأعمال المدهشة التى تسرق الزائر إلى عوالم أخرى صنعها الخيال الفنى، ومستوحاة من سطور وتفاصيل حكاياته، وكل فنان يقدم رؤيته التى استغرقت شهوراً حتى تكتمل عن «أحلام فترة النقاهة».

أحلام «محفوظ» فى «فترة النقاهة»

الكاتب والفنان أحمد داود مشرف المعرض، يحكى فى حديثه لـ«الوطن» أن سبب اختيار المعرض تحت عنوان «أحلام فترة النقاهة» وتحويل القصة الشهيرة إلى لوحات فنية فوتوغرافية، لأنها آخر إبداعات أديب نوبل، وتتميّز أحلام محفوظ بأسلوب فريد يجمع بين التأملات الفلسفية والرمزية العميقة، كما أنها مجموعة رؤى قصيرة تجسّد حياة «النجيب» كاملةً وتمثّل حصاد عمره، وتعكس شوقه إلى عصرٍ مضى لا أمل فى استعادته، ومن خلال تفاصيل الرواية التى عبّر فيها «محفوظ»، بأسلوب تلغرافىّ ولغة موحية، عن تأملاته فى الحياة والموت والحب والسلطة والزمن والإنسان، إضافةً إلى الأوجاع والأوهام والمرأة، استلهم الفنانون لوحاتهم التى استغرقت قرابة 8 شهور حتى تكتمل، موضحاً: «قبل المعرض كان فيه 8 شهور استعداد بين ورش وقراءات تحليلية لنصوص الكتاب، ومعايشة لحى الجمالية حيث ولد نجيب محفوظ وورش فى وسط البلد، ونقد فنى، ولأ دى مش معبرة ونرجع نعمل لوحات من تانى علشان تظهر اللوحات بشكل احترافى».

وأضاف «داود» أنه فى المعرض الفوتوغرافى، حاول الفنانون استلهام هذه الأحلام والتحليق فى فضاءاتها المفتوحة، بعد قراءتها بعمق، وفكّ رموزها، والتفاعل مع نصّها الأدبىّ بلغته الموجزة والمحيّرة، ثمّ تحويل الانفعالات والأحاسيس إلى تكوينات بصرية وصورٍ فنية ذات دلالات مرئية، تعكس الأجواء النفسية الغامضة للأحلام المشحونة بالرموز والفلسفة العميقة، وذلك برؤية خاصة ولمسة إبداعية لكلّ مصوّر، ويستمر المتحف فى عرض اللوحات حتى يوم 27 فبراير الجارى.

ربط الأدب بالفوتوغرافيا

الفنانة هبة عاطف، إحدى المشاركات فى معرض «أحلام فترة النقاهة» داخل متحف نجيب محفوظ، قالت إنها المرة الأولى التى تشارك فيها بمعرض خاص بنجيب محفوظ، وأبدت إعجابها بفكرة ربط الأدب بالفوتوغرافيا: «فكرة لطيفة جداً لأنها محاولة لربط كل الفنون ببعضها وتجبر الفوتوغرافى على الاطلاع والمعرفة لصقل موهبته».

.تأثرت «عاطف» بكتاب «أحلام فترة النقاهة» لأنها ليست مجرد أحلام أو أضغاث فى تعبيرها، لكنها حرّكت بداخل كل فنان نوعاً من المشاعر أو لمست فيه شيئاً: «بالنسبة لى كل الأحلام التى لها علاقة بالذكريات والمسكن القديم هى ما أثرت فيا وطلعت العملين اللى شاركت بيهم، لأن الإنسان لما بيرتبط بأشخاص كانوا معه فى ذكرياته ويُخذل بسببهم تتشوه ذكرياته وتقل ثقته فيمن حوله ويضطر للانعزال والوحدة والأفضل محاولة الخروج من هذه الوحدة وخلق مجتمع جديد».

أفكار نجيب محفوظ تعكس عمق الزمن

وفى ركن آخر أعمال الفنانة حنان مأمون، خريجة الفنون الجميلة قسم ديكور سينما ومسرح، التى سعدت بمشاركتها الأولى فى عمل مستوحى من كتب نجيب محفوظ، لكن سبق أن قدمت عملاً مستوحى من لوحة عبدالهادى الجزار، وفيما يخص اختيار الموضوع ومدى قراءتها لنجيب محفوظ قالت إن له أسلوباً فريداً، ورغم قِصَر كتاب «أحلام فترة النقاهة»، فقد احتوى على أفكار فلسفية عميقة عن الزمن، والهوية، والذكريات، ما يجعله مصدراً غنياً يمكن ترجمته إلى رؤية فوتوغرافية.

وتحكى «مأمون» عن تأثير الكتاب وكيف عبّرت عنه من خلال صور، أنها عند قراءة الكتاب فكرت فى كيفية تجسيد فلسفته بصرياً، ومن هنا وُلدت فكرة تطور الزمن على الإنسان وذكرياته، ثم جاءت فكرة الاسم «بقايا من الماضى»، ويجسد العمل الفنى أشخاصاً تحركهم مشاعر الحنين، بين الأزقة القديمة والبيوت التى احتضنت لحظاتهم الأولى بين طفولة تلهو، وقلب يخفق بحب قديم لا يزال نابضاً، وبين شباب وشيخوخة تراكمت فيها ذكريات لا تزول.

وعبّرت «مأمون» عن رأيها فى فكرة المعارض المستلهمة من أعمال أدبية، قائلة إنها منذ أيام دراستها فى الكلية وهى تحلل السيناريو والنصوص الأدبية إلى ديكور وأزياء للمسرح أو السينما، لكن التحدى هذه المرة هو كيف تقتبس فكرة أو إحساساً من نص أدبى، وتحوله إلى عمل فنى يعتمد على الفوتوغرافيا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أحلام فترة النقاهة نجيب محفوظ متحف نجيب محفوظ نجیب محفوظ

إقرأ أيضاً:

بمشاركة 26 فنانا.. تفاصيل انطلاق الدورة الأولى من سمبوزيوم أسوان الدولي

أكدت الدكتورة نرمين شمس، منظمة سمبوزيوم أسوان الدولي للرسم، أن الدورة الأولى من سمبوزيوم أسوان الدولي للرسم التي انطلقت اليوم يشارك فيها 26 فنانا مصريا وعالميا وتستمر فعالياتها حتى 24 فبراير.

وقالت  الدكتورة نرمين شمس، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية رشا مجدي، والإعلامي أحمد دياب في برنامج «صباح البلد» المذاع على قناة «صدى البلد»، إن الاستعداد بدأ لهذه الفعالية منذ 3 أشهر، واليوم نستقبل الفنانين لأسوان، مشيرًا إلى أنه تم اختيار أسوان لأنها بلد فن النوبة.

وأضافت، أن فن النوبة يطلق عليه فن الفطرة وهم ليسوا دارسين، لكنهم مبدعين، ومن هنا جاءت الفكرة أن سمبوزيوم الفن في أسوان لا تعرف عنه أوروبا شيئًا.

وأوضحت: «سمبوزيوم هو مرحلة إعداد الفنان للعمل الفني، وهذا يتيح الفرصة لتواجد الفنانين سويًا لمرحلة إعداد اللوحة، ويكون على مدار 5 أو 4 أيام، وهناك يومان لتنفيذ اللوحات وهما الخميس والجمعة».

وتابعت:«من الفنانين المشاركين فنانين النوبة، وهناك أيضًا من إنجلترا وأمريكا ولبنان والأردن والسعودية».

مقالات مشابهة

  • بالفيديو .. السلطات الإيرانية تعتقل فنانا في طهران بسبب إهانة بشار الأسد .. ماذا قال؟
  • السلطات الإيرانية تعتقل فنانا في طهران بسبب إهانة بشار الأسد.. ماذا قال؟ (شاهد)
  • ‎همسون وهتلر.. لماذا أهدى الأديب النرويجي ميدالية نوبل للنازيين؟
  • “كنت رئيسًا لمصر”.. مذكرات محمد نجيب بين الرواية والتاريخ
  • بمشاركة 26 فنانا.. تفاصيل انطلاق الدورة الأولى من سمبوزيوم أسوان الدولي
  • ليبيا: انقسامات سياسية وفساد مؤسسي يعوقان الطريق نحو انتخابات حقيقية
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: التسامح الممنهج
  • بكلمة واحدة.. نجيب ساويرس يعلق على تدوينة لإعلامي مصري حول تحصين الجبهة الداخلية
  • اليوم.. «ثرثرة فوق النيل» ضمن عروض المسرح الغنائي بمهرجان إبداع
  • جائزة نوبل 1906.. لماذا فاز بها جوزويه كاردوتشي؟