سواليف:
2025-04-14@11:45:01 GMT

كيف يخدعنا التكرار و يشكل قناعاتنا؟

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

سعيد ذياب سليم
نسمع كثيرًا عن قصص الزواج التقليدي، حيث يختار الرجل فتاة لم يكن يعرفها مسبقًا، لكن التفاعل والتعايش اليومي قد يؤديان إلى بناء رابطة نفسية تجعلها شريكة حياته التي لا يتخيل العيش بدونها. في المقابل، نلاحظ كيف تبث القنوات الفضائية نفس الإعلانات التجارية مرارًا وتكرارًا، مما يجعل المنتجات مألوفة لدينا، وأحيانًا نندفع لشرائها دون وعي.

بينما في رواية 1984 لجورج أورويل، يستخدم ‘الأخ الأكبر’ التكرار الدعائي لترسيخ أفكار معينة في عقول الجماهير، حتى تبدو وكأنها حقائق لا تقبل الجدل، مما يعكس كيف يمكن للتكرار أن يشكّل القناعات دون أن نشعر.
هذه الأمثلة تَكشف عن قوة التكرار في تَشكيل أفكارنا وقناعاتنا، سواء عبر الألفة الناتجة عن التعرض المستمر أو عبر ترسيخ المعلومات حتى لو كانت زائفة. في كتابه التفكير السريع والبطيء، يشير دانيال كانيمان إلى أن “الألفة تولّد الإعجاب”، موضحًا كيف يمكن أن يجعلنا التكرار أكثر تقبلًا لمعلومة ما، حتى دون أن نتحقق من صحتها. لكن لماذا يحدث هذا؟ وكيف يؤثر التكرار على قراراتنا دون أن نشعر؟
التكرار ووهم الحقيقة
يبدو أن القليل من التكرار كافٍ لجعل التجربة الجديدة مألوفة، مما يمنحها طابعًا من المصداقية، حتى لو لم تكن كذلك في الأصل. فوفقًا لعلماء النفس، فإن تكرار رسالة إعلامية عدة مرات، حتى لو كانت مضللة، يجعلها تبدو وكأنها حقيقة راسخة. هذا التأثير يُعرف بـ وهم الحقيقة، حيث يؤدي التعرض المتكرر للمعلومة إلى شعور زائف بالثقة في صحتها، حتى لو كانت خاطئة. فلو انتشر خبر عن شخص أُُتُّهِم باختلاس أموال كان مؤتمناً عليها، ثم ثبتت براءته لاحقًا، فلا تَعجب إذا ذُكر اسمه عرضا ونعته أحدهم بـ”ذاك المختلس”، إذ إن تأثير التكرار يتلاعب بالإدراك. ومع كل إعادة، تتراجع مقاومة العقل لهذه الفكرة، مما يزيد من احتمال تقبلها دون تفكير نقدي.
التكرار ليس مجرد أداة للإقناع التجاري أو الأدبي، بل هو سلاح فعّال في تشكيل الإدراك السياسي. فكما يمكن لإعلان أن يجعلنا نفضل منتجًا دون وعي، يمكن لوسائل الإعلام أن تعيد صياغة الواقع عبر التكرار المستمر لروايات معينة. وهذا ما نراه في السرديات التي تُروَّج حول غزة، حيث يتم تكرار أفكار مثل “التهجير كأمر واقع” أو “ضرورة الحلول البديلة” حتى تصبح مألوفة لدى المتلقي، بغض النظر عن مدى زيفها. ومع مرور الوقت، يبدأ الرأي العام، دون وعي، في التعامل معها كخيار مطروح للنقاش، مما يؤدي إلى تشويه الحقائق وتضليل الإدراك الجمعي.
لكن مهما تكررت الأكاذيب، فإنها لن تصمد أمام التحليل المنطقي والمعايير القانونية الدولية. فغزة ليست مجرد قضية قابلة للمساومة، بل وطن لأهله الذين عاشوا فيه منذ آلاف السنين، ولا يمكن لأي خطاب مُضلل أن يمحو هذه الحقيقة. هنا، تكمن أهمية مواجهة التكرار بتكرار مضاد: أن تتكرر الحقائق بنفس القوة، لأن الحقيقة، إن لم تتم حمايتها، قد تضيع وسط الضجيج.
الأسطورة بين التكرار والحقيقة
في عصر التدفق المعلوماتي السريع، أصبحت الأساطير والمعتقدات الخاطئة تنتشر بسهولة، مما يخلق وهم الحقيقة الذي يؤثر على قراراتنا وحياتنا اليومية. من أبرز الأمثلة على ذلك الاعتقاد بأن “العسل شفاء لكل داء” أو أن “الإنسان يستخدم فقط 10% من قواه العقلية”. هاتان الفكرتان تم ترويجهما بشكل واسع عبر مصادر غير موثوقة، مما جعلهما تبدوان كحقائق لا تقبل الجدل.
أسطورة العسل: بين الفائدة والمبالغة
يعتقد الكثيرون أن القول “العسل شفاء لكل داء” حقيقة مطلقة بسبب انتشاره الواسع، مما جعله مألوفًا ومقبولًا دون تمحيص. ومع ذلك، هذا الاعتقاد قد يكون مضللًا، خاصة لمرضى السكري، حيث يمكن أن يؤدي الإفراط في تناوله إلى مضاعفات خطيرة. وهكذا، يظهر كيف أن التكرار يمكن أن يحول معلومة غير دقيقة إلى خطر حقيقي على الصحة.
أسطورة 10% من القدرة العقلية: خرافة سينمائية
أما الأسطورة الأخرى، فهي الاعتقاد بأن “الإنسان يستخدم فقط 10% من قواه العقلية”. هذه الفكرة شاعت بسبب الأفلام والمنصات الاجتماعية، وأبرز مثال على ذلك فيلم لوسي (2014)، حيث تم تصوير البطلة وهي تستغل نسبة أكبر من قدراتها العقلية لتحقيق قوى خارقة. في الواقع، العلم يؤكد أن الإنسان يستخدم جميع أجزاء دماغه، وإن كان بنسب متفاوتة حسب المهام التي يؤديها. هذه الخرافة تم تداولها لسنوات دون أي أساس علمي، مما يعكس كيف يمكن للخيال السينمائي والترويج الإعلامي أن يخلقا أوهامًا تبدو كحقائق.
التكرار كأداة تعليمية
رغم أن التكرار قد يكون وسيلة لترسيخ المفاهيم الزائفة، إلا أنه أيضًا أداة تعليمية فعالة. يعتمد التعلم على إعادة المعلومات لتعزيز التذكر والفهم، وهو ما يُعرف بـ الممارسة المتباعدة، حيث يساعد التعرض المنتظم للمعلومة في ترسيخها في الذاكرة طويلة المدى. لهذا السبب، تستخدم الأساليب التعليمية الحديثة استراتيجيات مثل التكرار التدريجي والتمارين التطبيقية لضمان استيعاب المفاهيم المعقدة.
التلوث المعلوماتي واستغلال غياب التحقق
هذه الأساطير ليست مجرد أفكار عابرة، بل هي جزء من ظاهرة التلوث المعلوماتي، حيث يتم نشر معلومات غير دقيقة عبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية دون تدقيق. يعتمد البعض على استغلال ” التحيز التأكيدي” وهو الميل لتأكيد المعتقدات، حيث يميل الأفراد إلى تصديق المعلومات التي تتوافق مع آرائهم السابقة وتجاهل ما يخالفها. ومع التكرار المستمر، يصبح من الصعب على العقل التمييز بين الحقيقة والوهم، مما يؤدي إلى انتشار واسع للمعلومات المضللة. وهكذا، يصبح التكرار أداة قوية، إما لنقل المعرفة أو لصناعة الوهم، والفرق يكمن في كيفية استخدامه.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: حتى لو

إقرأ أيضاً:

هل هناك مدينة مخفية أسفل أهرامات الجيزة؟.. كبير الأثريين يكشف الحقيقة

كتبت- داليا الظنيني:
نفى الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين، ما تردد بشأن وجود "مدينة هائلة" مخفية تحت أهرامات الجيزة.

خلال حواره مع الإعلامية عزة مصطفى في برنامج "الساعة السادسة" على قناة "الحياة"، كشف شاكر زيف الادعاءات التي أثارها ثلاثة باحثين إيطاليين في مؤتمر صحفي، موضحًا أن هؤلاء الباحثين زعموا – عبر صور الرادار والأقمار الصناعية – اكتشاف مدينة تمتد لـ2 كيلومتر على عمق أكثر من 648 مترًا تحت هرم خفرع، مستخدمين مصطلحات مثل "الذكاء الاصطناعي" لجذب الانتباه.

وأوضح كبير الأثريين، أنه لا أحد من هؤلاء الباحثين متخصص في علم المصريات، حيث يعمل أحدهم في الكيمياء العضوية، والثاني في اللغات والسياسة، لم يقدم الثلاثة أي ورقة بحثية منشورة في مجلة علمية محكمة، بل اقتصر الأمر على مؤتمر صحفي مغلق دون مناقشات أو أسئلة.

ولفت شاكر إلى تهافت بعض البعثات الأجنبية على اختلاق نظريات غير مدعومة، مشيرًا إلى أن أحد هؤلاء الإيطاليين "مؤمن بالخرافات والكائنات الفضائية".

كما استذكر حادثة مماثلة قبل أشهر عندما ادعى باحثون يابانيون اكتشاف "فراغات غامضة" تحت الهرم الأكبر، مؤكدًا أن الأهرامات أصبحت هدفًا للهوس العالمي، حيث يحاول البعض ربطها بنظريات خيالية لتحقيق الشهرة.

وأكد شاكر أن الوزارة تعمل على تحويل تلك الأخبار السلبية إلى فرص للترويج العلمي، داعيًا وسائل الإعلام إلى التمييز بين الإثباتات الأثرية والأوهام التي تروج لها بعض الجهات.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

الأهرامات أسفل الأهرامات مدينة أثرية مجدي شاكر

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة السوبرانو فرح الديباني: الرئيس الفرنسي قضى أوقاتًا ممتعة في مصر أخبار سنمنعهم لو تكرر الأمر.."الآثار": سلبيات اليوم الأول لتشغيل منطقة الأهرامات أخبار ساويرس ينتقد أوضاع الخيالة في الأهرامات: "بلطجية ويعاكسون السائحات" أخبار كوكسال بابا ينشر صورًا من زيارته الأهرامات - (صور) أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

هل هناك مدينة مخفية أسفل أهرامات الجيزة؟.. كبير الأثريين يكشف الحقيقة

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

لحظة بلحظة.. الأهلي وبيراميدز 0-1 ماذا حدث في العقار رقم (2) بالوايلي.. معاينة النيابة: "سقوط الأرضية وتصدع السقف" الأرصاد: استمرار انخفاض الحرارة مع فرص لتساقط الأمطار خلال الأيام المقبلة 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • خاص| هل أحداث غزة بداية النهاية لإسرائيل؟.. د. على جمعة يكشف الحقيقة
  • ظهور شريهان بوجه متورم يثير الجدل.. ومصادر مقربة تكشف الحقيقة
  • المجلس الوطني الفلسطيني: استهداف مستشفى المعمداني يشكل فصلا جديدا في سياسة القتل الممنهج التي تنتهجها إسرائيل
  • حزب الوعي يشكل الأمانات الحزبية استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة
  • لا تتهربوا من الحقيقة.. السيسي هو المسئول والتغيير واجب
  • «الذكاء الاصطناعي» يشكل مستقبل عقارات الإمارات
  • هل هناك مدينة مخفية أسفل أهرامات الجيزة؟.. كبير الأثريين يكشف الحقيقة
  • كاريكاتير| لا تحرقوا الحقيقة
  • هالة صدقي تكشف الحقيقة بعد اتهامها بالشهادة الزور
  • رشيد يطمئن الرئيس الإيراني بأن العراق يشكل الخط الدفاعي الأول عن إيران ورئتها الثانية