وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب ديم الكردي من زيارة كردستان العراق؟
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
أنقرة- يعتزم وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية "ديم" الكردي في تركيا، التوجه غدا الأحد إلى إقليم كردستان العراق، حيث سيجري اجتماعات مع قيادات بارزة في أربيل والسليمانية، ضمن سلسلة لقاءات تهدف إلى مناقشة تطورات الملف الكردي في المنطقة.
ومن المقرر أن يلتقي الوفد الأحد في أربيل كلا من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، ورئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني، قبل أن ينتقل يوم الاثنين إلى السليمانية لعقد اجتماعات مع رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، ونائبه قوباد طالباني، ومسؤولين آخرين.
ويأتي هذا التحرك في ظل تطورات متسارعة بشأن الملف الكردي في تركيا، لا سيما بعد اللقاءات التي أجراها الحزب مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي.
زيارة مهمةتشير مصادر سياسية إلى أن الزيارة تكتسب أهمية خاصة، وذلك على ضوء المبادرة التي أطلقها زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي والتي دعا فيها أوجلان لحل الحزب وإلقاء السلاح مقابل الاستفادة من العفو.
يأتي ذلك في إطار تحركاته المكثفة حول القضية الكردية، حيث أجرى وفد من حزب ديم خلال الشهرين الماضيين لقاءين مع الزعيم الكردي أوجلان، أحدهما في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والآخر في 22 يناير/كانون الثاني الماضي.
إعلانكما عقد الوفد اجتماعات موسعة مع أطراف سياسية فاعلة، شملت رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، إلى جانب لقاء غير مسبوق مع بهتشلي، إضافة إلى ممثلين عن أحزاب أخرى.
وقد حظيت هذه التحركات باهتمام كبير في الأوساط السياسية التركية، مع تزايد التوقعات بإمكانية حدوث تطورات ملموسة في الملف الكردي خلال الفترة المقبلة.
من جهته، كشف الرئيس المشترك لحزب "ديم" تونجر باقرهان، الأسبوع الماضي أن أوجلان قد يوجه "رسالة تاريخية" خلال الأيام المقبلة، وأوضح خلال اجتماع لكتلة حزبه النيابية أن هناك دعما واسعا من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني لمسار الحل السياسي، مؤكدا أن هذه "فرصة تاريخية" ينبغي عدم تفويتها.
يرى الباحث في الشأن التركي علي أسمر، في حديث للجزيرة نت، أن زيارة وفد حزب "ديم" لإقليم كردستان العراق تأتي في إطار تحولات معقدة تشهدها الساحة الكردية الإقليمية.
وبحسب أسمر، فإن هذه الزيارة قد تعكس محاولة لإعادة ترتيب التوازنات داخل الحركة الكردية، خاصة في ظل المستجدات السياسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، والتي أسهمت في إعادة تشكيل الخريطة الكردية في المنطقة.
ويضيف أسمر أن الأحزاب الكردية العراقية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، تسعى إلى ترسيخ موقعها كلاعب رئيسي في تحديد مستقبل الأكراد، وهو ما قد يفتح المجال أمام حزب "ديم" ليكون جزءا من هذه الترتيبات الجديدة.
ويرى أن تراجع نفوذ "ديم" في الداخل التركي دفعه للبحث عن تعزيز شرعيته الإقليمية عبر هذه الزيارة، خاصة في ظل المساعي التركية لإعادة رسم العلاقة مع الأكراد في إطار سياسي جديد.
وبحسب الباحث التركي، فإن تركيا تعتبر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تهديدا إستراتيجيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني، وبالتالي فإن أي ترتيبات سياسية جديدة قد تصب في إستراتيجية أنقرة الرامية إلى عزل "قسد" إقليميا، ومن المحتمل -وفقا له- أن تكون هذه الزيارة جزءا من تحركات أوسع تهدف إلى إيجاد بديل سياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقود "قسد"، مما قد يُضعف موقفها دبلوماسيا على المدى البعيد.
إعلانوعلى الصعيد العسكري، يرى أسمر أن التقارب بين أنقرة وبعض القوى الكردية العراقية -مثل البشمركة– قد يكون ورقة لتعزيز النفوذ التركي في مواجهة "قسد" داخل سوريا. كما أن "هذه الزيارة لا تنفصل عن مسار التسوية الداخلية التركية مع الأكراد، حيث تحاول أنقرة دفع حزب ديم لتبني خطاب أكثر اعتدالا وأقل ارتباطا بحزب العمال الكردستاني، مما قد يسهم في إضعاف شرعية قسد".
وفيما يخص الرسالة المنتظرة من عبد الله أوجلان، يعتبر أسمر أن لها انعكاسات عميقة على مستقبل حزب العمال الكردستاني وخياراته السياسية والعسكرية، فإذا جاءت الرسالة بروح تصالحية تجاه تركيا، فقد يمهد ذلك لتحولات كبيرة في إستراتيجيات الحزب، خصوصا مع تراجع الدعم الدولي له واستمرار الضغط العسكري التركي.
بالمقابل، إذا حملت الرسالة تصعيدا، فقد يعزز ذلك موقف الجناح العسكري المتشدد داخل الحزب، ويدفع نحو مزيد من المواجهة مع أنقرة بدلا من التوجه نحو تسوية سياسية.
ويؤكد أسمر أن توقيت الرسالة بالغ الأهمية، خصوصا مع احتمالات الانتخابات المبكرة في تركيا، كما أن الحكومة التركية تسعى إلى تفاهمات مع أطراف كردية غير مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، في محاولة لإعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي.
وإقليميا، يرى أسمر أن التغيرات في سوريا والعراق قد تدفع حزب العمال الكردستاني لإعادة تقييم خياراته، خاصة مع استمرار الضغوط العسكرية التركية في العراق، ومساعي أنقرة لتحجيم نفوذ "قسد" في سوريا.
من جانبه، يرى الباحث الأكاديمي في جامعة أنقرة جنك سراج أوغلو أن رسالة أوجلان ليست مجرد موقف سياسي عابر، بل ستكون اختبارا مهما لتوجهات الحركة الكردية في المرحلة المقبلة.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن هناك قناعة متزايدة داخل بعض الأوساط الكردية بأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد مواتية لاستمرار الصراع المسلح بالشكل التقليدي، حيث بدأ الدعم الدولي لحزب العمال الكردستاني بالتراجع، خاصة في ظل تركيز الولايات المتحدة على مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، وعدم رغبتها في صدام مباشر مع تركيا.
إعلانويرى سراج أوغلو أن "حزب العمال الكردستاني قد يكون أمام لحظة حاسمة: إما التكيف مع المتغيرات الإقليمية عبر تقليل حضوره العسكري والتحول إلى العمل السياسي، أو مواجهة مزيد من العزلة والضغوط من الفاعلين الإقليميين والدوليين".
أما فيما يتعلق بتأثير الرسالة على الوضع داخل تركيا، فيشير الباحث إلى أن أي دعوة من أوجلان للحوار قد تعزز موقع حزب "ديم" داخل المشهد السياسي التركي، وربما تعيد النقاش حول مسار الحل السياسي للقضية الكردية. لكنه في الوقت ذاته يحذر من أن أي تباين في مواقف أجنحة حزب العمال الكردستاني تجاه رسالة أوجلان قد يؤدي إلى انقسامات داخلية، تجعل من الصعب التوصل إلى موقف موحد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حزب العمال الکردستانی هذه الزیارة
إقرأ أيضاً:
ماذا يريد أهل غزة؟
أظهر استطلاع للرأي أجراه الباحثان سكوت أتران وأنخيل غوميز من مؤسسة آرتيس إنترناشيونال البحثية الأمريكية المتخصصة في دراسة الصراعات والإرهاب رؤى جديدة حول مشاعر سكان غزة تجاه حماس والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ينبغي أن تشكل المساعدات الإنسانية في غزة محوراً رئيساً للتغيير السياسي
ونُشرت نتائج الاستطلاع في مجلة "فورين أفيرز" تحت عنوان "ما يريده أهل غزة: حرب وحشية أضعفت الدعم لحماس لكنها جعلت السلام مع إسرائيل أكثر صعوبة".وسلط الاستطلاع الضوء على تراجع شعبية حماس والتشكك في إمكانية السلام مع إسرائيل وإعطاء الأولوية للاحتياجات الإنسانية الأساسية على الصراعات السياسية. هذه النتائج تعكس واقعاً معقداً يعيشه سكان غزة، حيث تتشابك المشاعر الوطنية مع الإحباط من القيادة المحلية واليأس من إمكانية تحقيق سلام دائم. تراجع شعبية حماس
كانت حماس، التي تأسست في أواخر الثمانينيات، تتمتع بدعم قوي بين سكان غزة، خاصة خلال فترات الصراع النشط مع إسرائيل. فقد اعتُبرت المنظمة رمزاً للمقاومة ضد الاحتلال، ومع ذلك، تغير هذا التصور بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
ووفقاً للاستطلاع، فإن الخسائر الفادحة في الأرواح والدمار الواسع النطاق الذي سببته الأعمال العدائية الأخيرة أدى إلى تراجع كبير في شعبية حماس.
ويحمل العديد من سكان غزة حماس مسؤولية إثارة هذه الأعمال العدائية؛ فمنذ اندلاع الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عانت غزة من دمار شامل وانهيار اقتصادي وأزمة إنسانية متزايدة. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت إدارة حماس لانتقادات بسبب الفساد وعدم الكفاءة والفشل في تقديم الخدمات الأساسية.
Reports are claiming Gazans do want to leave Gaza, but only if it's to a Western country.
Curious! What is it about islamic Arab countries that revolts them so much? If Egypt and Jordan build entire cities to house them, why do they still prefer social housing in faraway lands? pic.twitter.com/uLnRdxbGsJ
رغم صعودها إلى السلطة في عام 2006 ووعودها بحكم أفضل، يرى العديد من سكان غزة الآن نقصاً في التقدم الملموس في تحسين البنية التحتية وفرص العمل ونوعية الحياة بشكل عام.
ورغم تراجع شعبية حماس، تظل القوة السياسية المهيمنة في غزة بسبب غياب بديل قابل للتطبيق. ويشعر العديد من السكان بأنهم محاصرون بين منظمة لم يعودوا يثقون بها، وبيئة سياسية لا تقدم مساراً واضحاً للمضي قدماً.
ولا تقدم الفصائل الأخرى، مثل الجهاد ومختلف الجماعات المسلحة الأصغر حجماً، بديلاً قابلاً للتطبيق أيضاً. فهي تفتقر إلى البنية السياسية والجاذبية الشعبية اللازمة للحكم بفعالية. وهذا الفراغ القيادي يخلق بيئة تساعد حماس على الاحتفاظ بمكانتها، حيث لا توجد قوة سياسية منظمة أخرى قادرة على تولي السيطرة. التشكك العميق في السلام
وسلط الاستطلاع الضوء أيضاً على نظرة قاتمة بشأن إمكانية حدوث سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فالعديد من سكان غزة، حتى أولئك الذين خاب أملهم في حماس، ما زالوا متشككين بشدة في التوصل إلى حل دائم للصراع.
According to a new survey conducted in early January—shortly before the cease-fire came into effect—the war in Gaza has “strengthened rather than weakened Gazans’ commitments to maximalist political goals,” write Scott Atran and Ángel Gómez. https://t.co/CHMBLKmhmN
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) February 16, 2025ويرتكز هذا التشكك على عدة عوامل منها: التوسع المستمر في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والانقسام السياسي بين غزة والمناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، والانهيار المتكرر لاتفاقيات وقف إطلاق النار.
بالإضافة إلى ذلك، أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة وارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة إلى تصلب الرأي العام.ويشعر العديد من سكان غزة بأن تصرفات إسرائيل تظهر افتقارها إلى الرغبة في السعي إلى السلام، مما يعزز فكرة أن المقاومة المسلحة تظل الاستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق.
في حين تظل التوترات السياسية مرتفعة، تشير نتائج الاستطلاع إلى أن العديد من سكان غزة يركزون على المخاوف الإنسانية المباشرة أكثر من المعارك الإيديولوجية.
وتُعد الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، مثل الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء والغذاء والإمدادات الطبية وفرص العمل، القضايا الأكثر إلحاحاً بالنسبة للسكان.
وأدى الحصار المفروض على غزة من قِبَل إسرائيل منذ عام 2007 إلى تقييد تدفق السلع الأساسية بشدة، مما أدى إلى نقص واسع النطاق.
كما أدى الضرر الذي لحق بالبنية الأساسية نتيجة للضربات الجوية المستمرة إلى ترك العديد من السكان دون كهرباء أو مياه جارية موثوقة، مما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية. وتكافح المستشفيات لتوفير الرعاية الكافية بسبب نقص الإمدادات الطبية، وتظل معدلات البطالة من بين أعلى المعدلات في العالم.
التداعيات السياسية والطريق إلى الأمامتحمل النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تداعيات مهمة على صناع السياسات، سواء داخل المنطقة أو على المستوى الدولي. فتراجع شعبية حماس يمثل فرصة للحركات السياسية البديلة لاكتساب الزخم شريطة أن تتمكن من معالجة الاحتياجات الفورية لسكان غزة مع تقديم رؤية قابلة للتطبيق في الأمد البعيد.
وبالنسبة للجهات الفاعلة الدولية، ينبغي أن تشكل المساعدات الإنسانية في غزة محوراً رئيساً للتغيير السياسي الذي يمكن أن يشمل تخفيف الحصار، وزيادة المساعدات الإنسانية، وإعادة بناء البنية الأساسية.
وفي الوقت نفسه، لابد وأن تأخذ أي مفاوضات سلام مستقبلية في الاعتبار وجهات نظر سكان غزة العاديين، الذين يشعرون على نحو متزايد بالغربة عن قادتهم والعملية الدبلوماسية الأوسع نطاقاً.
ويرسم الاستطلاع صورة لسكان غزة العالقين بين خيبة الأمل السياسية والنضالات الإنسانية الملحة. ورغم تراجع شعبية حماس، فإن غياب البدائل القيادية القابلة للتطبيق يترك سكان غزة في حالة من الارتباك.
وما تزال الشكوك حول السلام مرتفعة، بسبب سنوات من الصراع والوعود الكاذبة. ولكي يتسنى تحقيق أي تقدم ملموس، فلابد من إعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية الفورية إلى جانب الجهود الرامية إلى تعزيز قيادة سياسية جديدة وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المعنية.
ومن خلال معالجة هذه القضايا الأساسية فقط يمكننا أن نتصور مستقبلاً أكثر استقراراً وأملاً لقطاع غزة والمنطقة على نطاق أوسع.