كتب الدكتور فريد الخازن في" النهار":منذ نشوء الدولة في لبنان ولكل حقبة سياسية مفاهيم تعكس الواقع الراهن. في 1936 أطلق كاظم الصلح مفهوم الميثاق الوطني، اعتراضاً على موقف مؤتمر الساحل، الذي سار به لاحقاً رياض الصلح. جاء الاستقلال في 1943 متلازماً مع الميثاق الوطني، فلا شرق ولا غرب، بل لبنان ذو وجه عربي مستقل عن الغرب، وتحديداً فرنسا، وعن الشرق، وتحديداً سوريا.
مع انتهاء الحرب وإقرار اتفاق الطائف انتقل الميثاق من العرف إلى مقدمة الدستور المعدل في 1990 الذي نص على أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". والغاية صون العيش المشترك وإن وفق ميثاق ينقصه التحديد والوضوح. وإلى ذلك، لبنان "عربي الهوية والانتماء" في وطن نهائي لجميع أبنائه". كلام متقدم تضمنه الدستور لم يلق ترجمة في الممارسة العملية مع الانقسامات الداخلية والهيمنة السورية الكاملة على القرار. باختصار النص الدستوري في مكان والممارسة في مكان مغاير.
بعد خروج الجيش السوري من لبنان في نیسان 2005 ارتبط مفهوم الميثاقية بموازين القوى الحزبية داخل الحكومة. مرحلة جديدة بدأت مع استقالة الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس السنيورة وتعطل العمل بالميثاقية بمفهومها الجديد مع عدم القدرة على تمثيل الشيعة من خارج الحزبين النافذين.
للميثاقية المرتبطة بالسلطة وجهان داخلي عنوانه "شراكة" المحاصصة لتعزيز النفوذ أو للتعطيل، وخارجي تنتفي فيه الشراكة وتنحصر الميثاقية بالسير بالخيارات المتصلة بالعمل العسكري خارج نطاق الدولة ومؤسساتها الترجمة العملية تجلت بحرب 2006 ثم الانخراط بالحرب السورية وأخيراً حرب الإسناد.
أما اليوم فالكلام عن الميثاقية لجهة الحماية والنفوذ ممكن، علماً بأن تمثيل المكوّنات معتمد قبل الدستور المعدل وخصوصاً في مرحلة ما قبل الحرب عندما كان التنافس السياسي عابراً للطوائف في تحالفات الحكم والمعارضة، وبالتالي الميثاقية كانت قائمة عملياً وفي الاتجاهين. إلا أن التمثيل الشيعي الآن يفرض واقعاً مختلفاً، إذ ما من مرة كان التمثيل النيابي بيد جهة سياسية واحدة داخل الطائفة، مثلما هو اليوم. وهذا جائز إلا أنه غير مرتبط بالإقصاء الذي لم يمارس سوى مع الأطراف المسيحية بوسائل السجن والنفي والاستهداف. اختلفت الأوضاع اليوم بعد الانهيار الاقتصادي غير المسبوق والعدوان الإسرائيلي والخسائر الفادحة، فضلاً عن القرارات الدولية. لعبة السلطة المعهودة انتفت جدواها مع تبدل الواقعين الداخلي والخارجي وقواعد الاشتباك. وأي سلطة باسم ميثاقية خارج إطار الدولة والدستور تبقي البلاد في مهب نزاعات يتحكم بها الخارج، صديقاً أو عدوا على حساب لبنان وشعبه، أفراداً وجماعات وأحزاباً.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لبنان: حصر السلاح بيد الدولة خيار لا عودة عنه
بيروت (الاتحاد)
أخبار ذات صلةشدد الرئيس اللبناني جوزيف عون أمام وفد مجلس الشيوخ الفرنسي على أن الانسحاب الإسرائيلي من «التلال الخمس» يشكل ضرورة للإسراع في استكمال انتشار الجيش حتى الحدود، بحيث تتولى الدولة وحدها مسؤولية أمن الحدود.
وأكد أن «الجيش اللبناني منتشر على الحدود الشمالية الشرقية، ويقوم بواجباته كاملة، ويتولى أيضاً مكافحة الإرهاب، ومنع عمليات التهريب، وحفظ الأمن الداخلي»، بحسب ما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام، أمس.
وقال: إن «حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قرار اتخذ، ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب»، مضيفاً: «بدأنا في اتخاذ الإصلاحات الضرورية، وسيتم استكمالها لأنها حاجة لبنانية قبل أن تكون مطلباً خارجياً».
ولفت إلى أن «التركيز على مكافحة الفساد جزء أساسي من الإصلاحات، بهدف خدمة المواطن، وتعزيز النظام العام».
وأعلن أنه «سوف تشكل لجان مشتركة لبنانية - سورية لمعالجة المواضيع العالقة، بما في ذلك ترسيم الحدود البرية والبحرية، وأوضاع النازحين السوريين الموجودين في لبنان لأسباب اقتصادية».
وأكد أن «الانتخابات البلدية ستجرى في موعدها، ودور الدولة هو تأمين العملية الانتخابية أمنياً وإدارياً، فيما يبقى الخيار للبنانيين في اختيار من يمثلهم في المجالس البلدية والاختيارية».
وقال: «ما نسعى إليه في كل ما نقوم به هو بناء الدولة وإعادة الثقة بها، في الداخل والخارج».
في غصون ذلك، استهدفت غارة إسرائيلية، أمس، بلدة «عيترون» في جنوب لبنان دون تسجيل إصابات.
ونفذت طائرة مسيرة إسرائيلية غارة جوية استهدفت أرضاً مفتوحة في بلدة عيترون دون تسجيل إصابات، كما تم تسجيل تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء مدينة الهرمل في البقاع شرق لبنان، وفي أجواء قرى قضاء صور في جنوب لبنان، بحسب ما أعلنت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية.
وفي سياق آخر، وصل وفد قضائي من باريس إلى لبنان أمس، للقاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت وتسليمه تقريراً فنياً فرنسياً، بعد أشهر على استئناف طارق البيطار تحقيقاته، بحسب ما أفاد مصدر قضائي.
وأسفر انفجار الرابع من أغسطس 2020 عن مقتل أكثر من 200 شخص بينهم ثلاثة فرنسيين، وسبّب دماراً هائلاً في ميناء العاصمة والأحياء المحيطة به.