محللان: نتنياهو في مأزق وترامب ابتلع تهديداته وعلى العرب اتخاذ موقف حازم
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
رغم خطورة التهديدات التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبدو المقاومة الفلسطينية مسيطرة على المشهد التفاوضي إلى حد كبير، وهي لا تزال ترسل الكثير من الرسائل لمختلف الأطراف، كما يقول محللان سياسيان.
فبعد تهديد ترامب بفتح أبواب الجحيم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما لم تطلق سراح كافة الأسرى بحلول ظهر السبت، لم تسلم الحركة إلا 3 أسرى وفق المتفق عليه سابقا، وذلك بعد حصولها على تعهد من الوسطاء بإدخال المساعدات التي لم تدخل لقطاع غزة حتى الآن.
لكن المقاومة اعتبرت تصريحات ترامب غير جدية وقالت إنها لا تخدم اتفاق وقف إطلاق النار، وواصلت التعامل مع الوسطاء من أجل المضي قدما في التنفيذ مع إلزام الجانب الإسرائيلي بما عليه من التزامات إنسانية لا يريد الالتزام بها.
وكان إطلاق سراح الأسرى الثلاثة اليوم السبت علامة على انتصار الجانب الفلسطيني في هذه الجولة، وعدم خشيتها من التهديدات الإسرائيلية أو الأميركية، والتفاوض وفق ما يعرفه من جوانب القوة والضعف لدى إسرائيل، كما يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي.
غير أن البرغوثي حذر -خلال مشاركته في حلقة مسار الأحداث- أن ثمة مخاوف كبيرة من أن تؤدي الفاشية المتزايدة داخل إسرائيل إلى مزيد من التصعيد، الذي قال إنه سيكون صعبا حتى على الاحتلال نفسه.
ومع ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور عبد الله الشايجي إن الصفقة تواجه العديد من التحديات بسبب تناقضات ترامب ورغبة نتنياهو في إفشالها.
إعلانوتكمن المشكلة -برأي الشايجي- في أن ترامب لا يريد عودة الحرب بينما نتنياهو يعرف أن الانتقال لبقية المراحل تعني خسارة الحرب وربما الذهاب إلى السجن.
ويمثل الرئيس الأميركي أكبر المخاوف حاليا ليس فقط لأنه يقول الكلام وعكسه ولكن أيضا "لأنه محاط بإدارة من الخانعين الذين لا يخالفونه في شيء"، كما يقول الشايجي.
رسائل واضحة
وقد أظهرت حماس قوة واضحة -برأي المتحدث- وبعثت العديد من الرسائل لكل الأطراف وبكل اللغات خلال عمليات تسليم الأسرى، وهو أمر لا يزعج نتنياهو فقط ولكنه يزعج الإسرائيليين الذين كانوا يعتقدون أن الحركة قد تفككت.
وبالإضافة إلى القوة التي تظهرها خلال كل عملية تسليم، والهندام والتنظيم والأسلحة الإسرائيلية التي غنمتها خلال الحرب، فقد كسبت حماس -كما يقول الشايجي- حرب الإعلام التي تشكل الرأي العام العالمي.
ويتفق البرغوثي مع حديث الشايجي عن تناقض ترامب وخطورته على مستقبل الاتفاق، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن الرئيس الأميركي "ابتلع تهديداته، وألقى بالكرة في ملعب نتنياهو حتى يحمله مسؤولية أي إخفاق محتمل".
ولا يرى البرغوثي حلا في الوقت الراهن سوى وحدة الصف الفلسطيني والعربي في مواجهة مخططات تمثل جرائم حرب مكتملة الأركان، مؤكدا أن على العرب دعم صمود الفلسطينيين في مواجهة محاولات التهجير.
ويرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية أيضا أن على الدول العربية الدفع باتجاه حكومة وحدة فلسطينية بشكل عاجل، ودعم الأردن ومصر في مواجهة أي ضغوط اقتصادية أميركية محتملة.
وختم بالقول إن نتنياهو "يحاول تعطيل الصفقة لكنه لا يجد السبل ويحاول المناورة والتلاعب وخلق معركة كل يوم لكنه في النهاية لن يجد مخرجا سوى العودة للحرب وهذا خيار مكلف جدا".
ولم يختلف الشايجي عن الرأي السابق، بقوله إن على العرب اتخاذ موقف موحد وصارم تجاه الخطط الأميركية وتجاوز مرحلة الشجب والتنديد. مستغربا عدم الحديث عن ضرورة إلزام الاحتلال بإعادة بناء ما قام بتدميره في غزة على غرار ما يريده الغرب من روسيا في أوكرانيا.
إعلانوخلص الشايجي إلى أن ترامب لا يفهم لغة الدبلوماسية ويعتبرها ضعفا، وقال إن نتنياهو في موقف ضعيف لأنه لن يجد مبررا للتخلي عن الأسرى والعودة للحرب بعدما التزمت حماس بكل ما نص عليه الاتفاق.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ما توجهات نتنياهو للمرحلة الثانية من اتفاق غزة وأي مصير ينتظرها؟
تباينت آراء محللين سياسيين بشأن استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية، في وقت قال فيه أحدهم إن تل أبيب تحاول استغلال الدعم الأميركي لاستئناف الحرب.
وفي هذا السياق، أعرب الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى عن قناعته بوجود توجهين لدى نتنياهو، يتعلق الأول بالمضي قدما بالمرحلة الأولى من الاتفاق من دون الالتزام بالاستحقاقات الإغاثية والإنسانية.
وفي هذه الحالة، فإن نتنياهو -وفق مصطفى- يريد تغيير جوهر المرحلة الثانية من الاتفاق لتشمل مستقبل قطاع غزة، ولا تقتصر على الأسرى والمساعدات.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد ذكرت الأحد أن نتنياهو رفض -في ختام مشاورات أمنية- إدخال المنازل المتنقلة والمعدات الثقيلة لغزة، وهو ما طالبت به حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأكدت حصولها على ضمانات لتنفيذه لاستكمال دفعات تبادل الأسرى.
أما التوجه الثاني، فقد تذهب إسرائيل لتكريس المرحلة الأولى من الاتفاق وتمديدها عبر الضغط على حركة حماس لاستعادة مزيد من الأسرى، مستغلة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبناء على ذلك، يريد نتنياهو -حسب مصطفى- تحويل الاتفاق من فلسطيني إسرائيلي إلى اتفاق إسرائيلي أميركي عربي، بحيث يكون مرحلة واحدة يضمن عدم استئناف الحرب ولكن من دون إعادة الإعمار، مما يعني إبقاء الوضع على ما هو عليه.
إعلانوفي هذا الإطار، نقلت هيئة البث عن مصدر إسرائيلي قوله إن "ترامب يريد تغيير الاتفاق بحيث يتم إطلاق سراح كافة المحتجزين الإسرائيليين قبل الموعد المحدد للمرحلة الثانية".
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة أن نتنياهو يريد تغيير مسار الاتفاق ويحاول تقديم مقاربة مختلفة عن الاتفاق الحالي، لكنه شدد على التزام الطرف الفلسطيني بالاتفاق بذكاء وحذر رغم ألاعيب نتنياهو ومراوغاته.
وأكد الحيلة أن نتنياهو يريد استغلال الإدارة الأميركية لتحقيق اختراق في الاتفاق، مشيرا إلى أن تنفيذ حماس الدفعة السادسة من تسليم الأسرى كان مرتبطا بضمانات من الوسطاء.
ثنائية نتنياهو وترامب
وحسب الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، فإن نتنياهو يريد التوازن بين المطالب الإسرائيلية ونظيرتها الأميركية، خاصة أهداف الحرب، وهي إنهاء حكم حماس ونزع سلاحها وربط ذلك بإعادة الإعمار.
وخلص إلى أن نتنياهو يريد دفع حماس لعدم الالتزام بتنفيذ دفعات تسليم الأسرى من أجل التهديد باستئناف الحرب، واصفا ذلك بالفخ الإسرائيلي في ظل اعتماد نتنياهو على دعم ترامب.
وفي هذا السياق، اعتبرت حماس تلكؤ الاحتلال في البدء بمفاوضات المرحلة الثانية "يؤكد عدم جديته في الالتزام بالاتفاق، كما يكشف نوايا نتنياهو في عرقلة مسار الاتفاق وعمليات تبادل الأسرى، وسعيه للعودة إلى العدوان وارتكاب المزيد من جرائم الإبادة".
وكان المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف قال الأحد إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صامد، لافتا إلى أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ بالتأكيد رغم أنها ستكون "أكثر تعقيدا".
ووفق مصطفى، فإن إسرائيل أرسلت وفدا للقاهرة لأجل المرحلة الأولى وتمديدها فقط، مجددا التأكيد على عدم رغبة نتنياهو الالتزام بالبروتوكول الإنساني، مستندا إلى عدم اعتراف الإدارة الأميركية بانتهاك إسرائيل للاتفاق رغم أنها لم تنخرط بمفاوضات المرحلة الثانية.
إعلانلكن الحيلة يرى أن نتنياهو اضطر لإرسال وفد إسرائيلي للقاهرة للنظر باستكمال المرحلة الأولى، وكذلك سيرسل وفدا لاحقا للمرحلة الثانية، وفي حال لم يلتزم بذلك فإنه "يريد خلط الأوراق وإعادة المشهد إلى حالة تصعيد"، معتبرا ذلك نوعا من العبث.
وأعرب عن قناعته بأن نتنياهو يستخدم لغة التهديد لـ"إدارة الاتفاق"، مرجحا الاستمرار بالاتفاق حتى لو لم تلتزم إسرائيل كاملا بالبرتوكول الإنساني، خاصة مع رفض الدول العربية مخطط التهجير لكونه "يمس الأمن القومي العربي".
ما بين بايدن وترامب
وأعرب الخبير بالشؤون الإسرائيلية عن قناعته بأن ترامب يختلف عن سلفه جو بايدن، إذ سمح الأخير بإدخال مساعدات إنسانية لغزة، مشيرا إلى أن الجحيم الذي تلوح به الإدارة الأميركية الجديدة "قد يكون بإغلاق القطاع وعدم إدخال أي شيء إليه".
من جانبه، أكد نائب تحرير صحيفة واشنطن تايمز تيم كونستنتاين أن الثقة غائبة بين أطراف الاتفاق في حين يحضر الحذر الشديد، إذ لا تثق حركة حماس بإسرائيل وكذلك لا تثق الأخيرة بالحركة.
وأقر كونستنتاين بممارسة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في جولته بالمنطقة ضغوطا بحيث تتنحى حماس عن حكم قطاع غزة، وضمان ألا تكون بأي حكومة تشكل هناك، واصفا ما يحدث بالعملية الحساسة والهشة.