المقاومة الفلسطينية ترفع شارة النصر وتضع إصبعاً في عين “نتنياهو” وأخرى في عين “ترامب
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
يمانيون../
أصبحت مراسمُ الإفراج عن الأسرى الصهاينة في غزة؛ حفلات عالمية تصنع من خلالها المقاومة الفلسطينية التاريخ، وتقدم عبرها رسائلَ تُقرأ بكل اللغات، في مشاهِدَ غيرِ مسبوقة للعالم أجمع، تحكي قصة شعبٍ قهر الكيان الصهيوني وأعوانه وداعميه، حربًا وصمودًا وعزًا وكرامة.
في تفاصيل المشهد الذي أكّـدَ أن صناعة التاريخ حرفة أثبت أهل قطاع غزة أنهم على رؤوس العالم أكثرُ إجادة لها واحترافًا في أدائها؛ سلّمت المقاومة الفلسطينية، السبت، الأسرى الصهاينة الثلاثة، “ألكسندر تروبانوف، وساغي ديكل تشين، ويائير هورن”، في خان يونس، جنوبي القطاع، إلى الصليب الأحمر الدولي، في إطار الدفعة السادسة من عملية تبادل الأسرى ضمن اتّفاق وقف إطلاق النار.
ووجّهت المقاومة الفلسطينية في هذا الحدث الهام؛ رسائلَ جديدة إلى الاحتلال عبر تسليم الأسرى الثلاثة بالقرب من منزل الشهيد القائد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس البطل “يحيى السنوار”.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الضغط على مصر والأردن لقبول اللاجئين من قطاع غزة، ويلمح إلى إمْكَانية استخدام المساعدات الأمريكية كوسيلةٍ للضغط، حرصت المقاومة على إعلان ردِّها من على مِنصة الإفراج عن الأسرى؛ قائلةً: “لا هجرة إلا إلى القدس”.
ومن على مِنصة التسليم التي شيَّدتها المقاومة بخلفياتها المتعددة، ألقى كُـلٌّ من الأسرى الثلاثة كلماتٍ مقتضبةً، أكّـدوا فيها “ضرورة إعادة سائر الأسرى لدى المقاومة”، ليتمكّن المعتوه والمغرور “ترامب” من مشاهدتها، ليقولَ بعدها خافِضًا من ونبرة التهديد والوعيد: “سيتعين على إسرائيل أن تقرّرَ ما ستفعله بالموعد النهائي لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، والولايات المتحدة ستدعم أي قرار”.
ليس كُـلّ الأسرى ولا حتى تسعة، بعد أسبوع من التهديد والوعيد والتصريحات عن الجحيم بالسبت، حصل الكيانُ الصهيوني فقط على دفعةٍ فيها ثلاثة أسرى؛ إذ لا “ترامب” ولا “نتنياهو” استطاع أن يجبر المقاومة على شيء إلا الذي أرادت؛ كون القرار الفلسطيني اليوم بات غير قابل للثني ولا للتعديل.
في الإطار؛ أكّـد خبراء عسكريون أن تهديد الملثم “أبو عبيدة” هو من فرض إرادَة القسام والمقاومة عُمُـومًا؛ فبعد أن كان “ترامب” يهدّدُ الغزاويين بالجحيم قبل أَيَّـام، ظهر يتوسَّل ويرغبُ في لفتةٍ من حماس من خلال إطلاق سراح أسرى أمريكيين؛ ما يعني أن المقاومة تمتلكُ القوة رغم ضعف العُدة، والعزم الصادق وإن قلت الحيلة، والقلوب التي تأبى الانكسارُ مهما اشتدَّ البلاء.
وأشَارَ الخُبَرَاءُ إلى أن من تابع هذه المراسم من كُـلّ شعوب الأُمَّــة والأحرار في كُـلّ العالم، تأكّـد لهُ أنها مشاهد من القوة والعزة والكبرياء، بإنجاز المقاومة صفقة التبادل المشرِّفة، التي جسَّدت تلاحم الشعب الفلسطيني في غزة مع مقاومته الشريفة الباسلة.
رسائل أرادت المقاومة إيصالها من خلال حضور صورة القدس والأقصى والحشود الجماهيرية في عملية تسليم أسرى العدوّ وهي رسالة متجددة للاحتلال وداعميه أنهما خط أحمر، وهذه العملية جاءت تأكيدٌ أن لا سبيل للإفراج عن كامل الأسرى الصهاينة، إلا بالمفاوضات وعبر الالتزام باستحقاقات اتّفاق وقف إطلاق النار.
رسالةٌ قرأها العالم من على منصة الفعالية في المسرح المقاوم المفتوح على كُـلّ فلسطين، جاءت عبارات خطتها المقاومة تفيد بأنهم: “نحن الجنود يا قدس.. فاشهدي إننا على العهد.. عبرنا مثل خيط الشمس.. ثابتون في الميدان.. ماضون على درب التحرير.. لا تراجع ولا تفريط.. نقولها للعالم أجمع.. لا هجرة إلا للقدس”، وكان هذا ردها على كُـلّ دعوات التهجير والتصفية التي أطلقها “ترامب” ومن يدعم نهجه من قوى الاستكبار والاحتلال.
وما زاد من وضوح المشهد كيف أن أبطال الجهاد والمقاومة جاءوا بكامل عتادهم العسكري، وهم يكبرون لحظة وصولهم لموقع الإفراج عن أسرى الاحتلال، ووصول وحدة الظل التابعة لكتائب القسام على متن مركبةٍ “إسرائيلية”، ويحملون أسلحة الاحتلال التي اغتنموها يوم العبور المجيد بالسابع من أُكتوبر 2023م.
وفي أقسى عملية نفسية وجَّهتها المقاومة في هذه الفعالية، أنها رفعت صورةُ الأسير “متان ووالدته عيناف تسنجأوكر” على منصة الإفراج، مع عبارة “الوقت ينفد”، إلى جانب ساعة رملية؛ ما دفع عائلات الأسرى الصهاينة يضجون ويضغطون، وليس أبلغ قول في المناسبة ما نقله الإعلام العبري عن والد الأسير “ألون شمريز” الذي قُتل بنيران جيش الاحتلال: “نحن مكبلون بحكومة هذيان لا تسمح بعودة جميع المختطفين دفعة واحدة”.
وسائل الإعلام الصهيونية لم تُخْفِ رُعْبَها ورعب مسؤوليها، قائلةً: إن “مقاتلي حماس يظهرون وبحوزتهم بنادقَ “تافور” (MP5) التي تستخدمها وحداتُ النخبة الإسرائيلية خلال مراسم تسليم الأسرى”، ويعلق خبراءهم، أن “كل هذا انعكاس لتراجع الكفاءة والثقة والقدرات العملياتية”، مؤكّـدين تأثير حرب الطوفان على قدرات جيشهم وكفاءته القتالية، والتي لن تسمح له بالمغامرة من جديد رغم الدفع الأمريكي المُستمرّ.
في السياق؛ أكّـدت وسائل إعلام عبرية أن “ترامب أعطى إسرائيل مهلةً حتى الساعة السابعة مساءً، حتى تقرّر ما الذي ستفعله مع حماس بعد أن أطلقت سراح 3 أسرى فقط وليس كُـلّ الأسرى كما طلب”، لافتةً إلى أن “نتنياهو” لم يدعو كُـلًّا من رئيس الشاباك والموساد ورئيس الأركان إلى الجلسة الأمنية التي يعقدها هذا المساء (مساء السبت)، مؤكّـدةً أنه تجنَّبَ الدعوة.
وفي الأثناء دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة، للإضراب عن الطعام الاثنين، القادم، وقالت في بيان: إنهُ “هو اليوم الـ 500 لأبنائنا في غزة، وعلى الحكومة العمل؛ مِن أجلِ إخراج الـ 73 أسيرًا في غزة فورًا”.
وعليه؛ يؤكّـد مراقبون أن لا بدائلَ أمام الاحتلال الصهيوني للإفراج عن باقي أسراه إلا بتنفيذ كامل بنود اتّفاق وقف إطلاق النار؛ لما له من ارتدادات قد تعصف بحاضره ومستقبله، وأن أية مماطلةٍ في هذا السياق أَو محاولةٍ للتهرب قد تفتح عليه أبواب الجحيم، ليس من الجبهة الفلسطينية فحسب؛ بل من الجبهة اليمنية التي يعتبرها خبراء الصهيونية القوة الضاغطة لتنفيذ كُـلّ بنود الاتّفاق.
في المقابل، وفور الانتهاء من مراسم إطلاق الأسرى الصهاينة، سارعت إدارةُ السجون الصهيونية بعملية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المدرجين ضمن الصفقة بشكلٍ كامل، وصل إلى الضفة 36 أسيرًا، في حين وصل 333 أسيرًا من غزة إلى خان يونس، ليكون عددهم 369 في هذه الدفعة.
وعند وصول المحرّرين، خرجت الجماهير الفلسطينية هاتفةً بالمقاومة وموجهةً صرخاتها بالقول: “وينه نتنياهو.. وينه، خلعنا عينه”، وفي الاستقبال المشرِّف الذي حظيَ به الأسرى المحرّرون من سجون الاحتلال، تصاعدت الدعوات إلى وجوب تكريمهم بما يليق بتضحياتهم؛ فهم أيقونات صمود وعناوين عزّ ونماذج للفداء؛ مِن أجلِ حرية الأرض والإنسان.
ووثّقت عدسات الإعلام المختلفة الهيئة الصعبة التي خرج بها هؤلاء الأسرى والتي تكشف حجمَ الجرائم والانتهاكات داخل السجون الصهيونية؛ إذ بدت آثارُ التعذيب والقهر واضحةً على أجسادهم؛ ما يؤكّـد أن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل بازدواجية المعايير في التعامل مع ملف الأسرى؛ فكما يُطالِبُ الاحتلال باستعادة أسراه فَــإنَّ لأسرى فلسطين الحق في الحرية والكرامة، وإنكار ذلك يعد تواطؤ مع الجلاد.
وإذ لم يحرك المجتمع الدولي ساكنًا، توالت الانتقاداتُ لما يسمى مصلحة السجون الإسرائيلية؛ بسَببِ الملابس التي ظهر بها الأسرى الفلسطينيون، وإلباسهم زيًّا أثار موجةً من الاستنكار، وعَدَّ كثيرٌ من المراقبين أن الزي الذي حمل عليه نجمة داوود وعبارات تهديد قبل الإفراج عنهم، قرارًا غبيًّا وصبيانيًّا ويعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر.
في المقبل، أدانت فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية جريمة الاحتلال بوضع “شعارات عنصرية على ظهور أسرانا ومعاملتهم بعنف، في انتهاك فاضح للقوانين الإنسانية”، وكان أسرى فلسطينيون محرّرون أدلوا بشهادات لوسائل الإعلام قالوا فيها: إن “الاحتلال نفذ ضدنا خلال الحرب أبشع أشكال التعذيب والتنكيل والتجويع”.
ويلفت مراقبون إلى أن من الصعب تفسيرَ مدى غباء قرار مفوّض إدارة السجون، “كوبي يعقوبي”، بإلباس الأسرى قمصانًا تحملُ شعار “لن ننسى، لن نغفر”، وهو ينُـــمُّ عن عدم مسؤولية وتصرُّفٍ طفولي، رغم أن الأسرى المفرج عنهم خلعوا هذه الملابس وأحرقوها لحظَةَ وصولهم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة الأسرى الصهاینة الإفراج عن فی غزة
إقرأ أيضاً:
غزة والقضية بين “صمود وبسالة أبنائها” و “مخطّطات أعدائها وخذلان أشقائها”
يمانيون../
كانت المقاومة الفلسطينية ومجاهدوها الأبطال؛ العامل الرئيس في التصدي لكل محاولات تهجير السكان وتصفية القضية طوال الـ 77 عامًا الماضية، وظلت حتى اليوم الـ 500 من اندلاع معركة طوفان الأقصى البطولية في الـ 7 من أُكتوبر 2023م يوم العبور المجيد؛ على هذا العهد.
وخلال هذا التاريخ الجهادي الطويل والشاق، انتقلت المقاومة الفلسطينية من منظمة التحرير إلى انتفاضتي الحجارة والأقصى، إلى سيف القدس ووحدة الساحات وغيرها، مُرورًا بصفقة القرن، إلى الطوفان وصمود غزة، وكفاح الضفة، وانتهاء بمشروع “ترامب” للتهجير وتصفية القضية، والذي عدها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “جريمة القرن”.
في هذا التقرير نسلط الضوء على حيثيات هذا المشروع “الترامبي” الإجرامي، ونبحث فيما إذَا جاء هذا كفرصةٍ أمام قادة وحكومات وشعوب الأُمَّــة للعمل على تأكيد الحقوق الفلسطينية في ظل الدعم الدولي المتزايد، ونستقرئ كيفية ما لو جاء دورهم عمليًّا داعمًا للمقاومة مباشرةً، وبعيدًا عن القمم الطارئة وإصدار البيانات بحسب الرغبة والإملاءات الأمريكية؟
الموقف العام في جبهة المقاومة لاستحقاقات المرحلة الثانية
في تقديرٍ أولي للموقف السياسي؛ وفقًا للمعطيات فكل ما يحدث حَـاليًّا هو في إطار مفاوضات المرحلة الثانية، ويشير إلى المزيد من الضغط وإشعار المقاومة أن كيان الاحتلال غير معني بالصفقة وسيعود للحرب، وهذا غير صحيح؛ لأَنَّ الوقائع تقول: إن حكومة الكيان والإدارة الأمريكية معنيتان باستمرار وقف إطلاق النار؛ مِن أجلِ تمرير مشاريعَ كبيرة تشمل “التطبيع والضم”.
لكن وكما كان متوقعًا، داست المقاومة الفلسطينية عنجهية وعربدة “ترامب” حينما رفضت مطلبه بإطلاق سراح جميع الأسرى الصهاينة حتى الساعة الـ 12 يوم السبت الفائت؛ لأَنَّها كانت تدرك أن الطرف الإسرائيلي أَيْـضًا غير معني في موقف قد يقيم الدنيا على “نتنياهو” ولا يقعدها.
إلا أن “ترامب”، وبحسب مراقبين، أصر على إعادة حكومة الكيان أمام نفس التحدي، معلنًا دعمه لها في كُـلّ موقف تتخذه لإعادة جميع الأسرى والقضاء على حماس، بما في ذلك العودة للحرب وفتح أبواب الجحيم، على حَــدّ تعبيره.
وجاء هذا التصريح عشية زيارة وزير خارجيته، “ماركو روبيو”، لكُلٍّ من “إسرائيل والسعوديّة والإمارات”، ومعه منسق المفاوضات، في البيت الأبيض “ويتكوف”، وهذا التحَرّك أماط اللثام عن خلفية إعلان “ترامب” تهجير أهل غزة قسريًّا.
وانسجامًا مع هذا التوجّـه، صرَّح “نتنياهو” بأن لـ “إسرائيل” وأمريكا استراتيجية مشتركة تشمل الاتّفاق على “متى تفتح أبواب جهنم على غزة، وهي ستفتح إذَا لم يتم إطلاق سراح جميع الأسرى”، وَأَضَـافَ، “نعم، سنحوّل رؤية ترامب، بما تشمل التهجير والقضاء على حماس عسكريًّا ومدنيًّا، إلى واقع”، من جهته دعم وزير الخارجية الأمريكي “روبيو” هذا الموقف بقوله: “ترامب يريد تغيير آلية الاتّفاق لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن”.
ورأى مراقبون أن هذا تم مع تصاعد الأصوات لبلورة خطةٍ عربيةٍ بديلةٍ بقيادة “السعوديّة والإمارات” بالتنسيق مع وزير الخارجية الأمريكي، ولعل ما ذكره سفير الإمارات في واشنطن، “يوسف العتيبة”، يسلط الضوء على هذا التوجّـه حين قال: إن “الولايات المتحدة تتبع نهجًا صعبًا بشأن غزة”، مُشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه “لا توجد خطة عربية بديلة لما تم طرحه بشأن القطاع. ومع ذلك، يمكن إيجاد أرضية مشتركة مع الإدارة الأمريكية”.
الموقف العام لجبهة العدوّ.. محاولات وضع المقاومة بين فكَّي كماشة
وفي إطار الموقف العام لجبهة العدوّ وداعميه، يرى خبراءُ عسكريون أن التاريخ يعيد نفسه؛ فكل تهديدات “ترامب”، والتحَرّكات الإسرائيلية الأخيرة، تشير إلى أنها تأتي كوسيلةٍ للضغط على المقاومة وتضعها بين فكَّي كماشة، أحدُهما عسكري إسرائيلي أمريكي، والآخر دبلوماسي عربي.
وحسب ما تسرّب، ستقترحُ السعوديّة والإمارات في الاجتماع الخماسي القادم، خطة إعادة إعمار غزة، مقابل إنهاء تواجد حماس عسكريًّا ومدنيًّا، بعبارةٍ أُخرى، ما عجزت عنه “إسرائيل” عسكريًّا ستقوم به دول عربية دبلوماسيًّا.
في السياق، أكّـد الخبراء أن ذلك هو نفس الطريقة والأُسلُـوب التي أجبرت فيه المقاومة الفلسطينية في “حرب لبنان” عام 1982م، على الانسحاب من “بيروت” إلى منفى “تونس”، ومنه إلى كارثة توقيع اتّفاق “أوسلو” وسلطة “رام الله”، وذلك بعد أن قطعت عنها تلك الدول الخليجية كُـلّ الدعم المالي.
وعليه، سيحاول اليوم وزير الخارجية الأمريكي “ماركو روبيو” الفعل نفسه ووضع “حماس” بين فكي كماشة، إما قبول مبادرة عربية تنهي وجودها في غزة أَو العودة للحرب وسيناريو الإبادة الجماعية والتهجير القسري، ومن هذا الباب، يجب فهم تصريح المبعوث الأمريكي “ويتكوف” بأن المرحلة الثانية من المفاوضات ستبدأ، ولكن يجب أن تشمل “عودة جميع الأسرى الإسرائيليين وإنهاء الحرب بعد القضاء على وجود حماس عسكريًّا ومدنيًّا”.
وردًّا على ذلك، أكّـد القيادي في حماس، “أسامة حمدان”، موقف المقاومة الإسلامية بقوله: إن “حماس لن تتنازل عن غزة ولن تخرج منها تحت أية تفاهمات، ولن تقدم أية تنازلات ثمنًا لإعادة الإعمار. نحن انتصرنا ولم نُهزم، ولن ندفع ثمن الهزيمة التي مُنِيَ بها الاحتلال تحت أي ظرف”.
وبموقفٍ لا يقبل التأويل، لخَّص “حمدان” الموقف: “من يريد أن يحل محل الاحتلال، سنعامله كالاحتلال. سلاح المقاومة وقادتها أَو علاقتها بالداعمين لها غير مطروح للنقاش”، وعليه، يعتقد مراقبون أن المبادرة المصرية في اقتراح “حكومة تكنوقراطية” تدير غزة، وتشمل جميع الأطياف السياسية الفلسطينية بما فيها حماس، هي الأقرب إلى الحل.
وبحسب المراقبين فَــإنَّ المجرم “نتنياهو” لم يحقّق النصر الذي توعد به ضد حماس؛ لذلك فَــإنَّ الصراع لم ينتهِ وإن توقَّف، غير أنهم وفيما يعتقدون أن حربًا مماثلة لما سبق قد لا تحصل، فالسلام لن يحصل قريبًا، و”ترامب” سيتكفل بأن يدفع الأمور نحو منح “نتنياهو” ما يريد، بتحويل الصراع بين “حماس وإسرائيل” إلى صراع بين “حماس والدول العربية”.
وفيما مجرم الحرب “نتنياهو” يناور تحت الضغوط المختلفة، يرسل وفدًا محدود الصلاحيات إلى القاهرة، متجاهلًا طلب الجيش بحث المرحلة الثانية، يؤكّـد وزير الخارجية الأمريكي أن “عدم التفاوض ليس خيارًا”؛ ما يدفع “نتنياهو” للتراجع جزئيًّا.
وفي الإطار؛ ولملمةً لأنفاس الزعماء العرب اللاهثة، تشير التقارير إلى أن هناك قمةً مرتقبةً في “قطر”، حَيثُ تسعى “واشنطن” من خلالها لاتّفاق أوسعَ يشمل “السعوديّة” وبعض الأطراف العربية، لجعل الموقف يتحَرّك، وهذا الأمر يفسر أسباب تأجيل عقد قمتين عربية؛ كونها لم تأخذ الضوء الأمريكي بعدُ.
وأفادت وكالات الأنباء العربية بإرجاء القمة العربية المصغَّرة التي كانت مقرّرة في الرياض لمناقشة الرد على خطة “ترامب” بشأن غزة، إلى يوم الجمعة القادم، مع توسيعها لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي الستّ إلى جانب مصر والأردن.
يأتي ذلك فيما تم تأجيل موعد القمة العربية الطارئة المقرّرة في القاهرة في 27 فبراير الجاري، لأسباب سياسية ترتبط بتوفير مزيد من الوقت لصياغة تصوّر عربي بشأن ملف قطاع غزة.
وكشف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، “حسام زكي”، أنّ الفكرة العامّة من القمة العربية، هو تكوين “حدث عربي على أعلى مستوى، لصياغة موقف عربي صُلب متماسك بشأن القضية الفلسطينية عُمُـومًا، وموضوع التهجير على وجه الخصوص”.
وبما يشي بالموقف المتماهي مع الأمريكي، اعتبر “زكي”، أن “المصلحة الفلسطينية تقتضي خروج حماس من المشهد”، وقال: “نحن كعرب نسير في اتّجاه أن تكون هناك جهة فلسطينية تحكم القطاع لديها من الصلاحيات لعودة الأوضاع إلى طبيعتها”.
في السياق، يرى مراقبون أنهُ وعلى الرغم من أن محور الصراع الذي يتوجب على القادة العرب مناقشة هو مسألة التهجير، إلا أن الواضح في محاور القمم، تتمحور في من يحكم غزة، ووجود سلطة الحكم الجديد، ومن يتولى الإعمار، وفكرة نشر قوات حفظ سلام، والأهم هو مستقبل وجود المقاومة في القطاع.
اهتزازة كبيرة مرتقبة في عملية التبادل السابعة:
وفيما تحاول حكومة الكيان من خلال التأخير تخفيض سقف المقاومة، والضغط أَيْـضًا؛ مِن أجلِ تمديد المرحلة الأولى، ويأتي مشروع “ترامب” الوهمي لتمرير مشاريع ربما تكون ملبية للاحتياجات الأمريكية الصهيونية، تتعالى الأصوات داخل المجتمع الصهيوني المؤكّـدة بأنهم غير معنيين بالعودة للحرب وبات سقف حراكهم يرتفع.
إلا أن العدوّ وبحسب كُـلّ المعطيات، يتلاعب بالاتّفاق، ويحاول الانقلاب عليه تمامًا، عبر تعطيل مسار مفاوضات المرحلة الثانية، وإيفاد وفده للقاهرة لنقاش بقية المرحلة الأولى فقط، وهذا كله يتم بغطاء من الضامن والوسيط الأمريكي.
واستشرافًا لما ستؤول إليه الأمور، تبعًا لهذا الخرق الواضح للاتّفاق الذي يضاف إلى جملةِ الخروقات الأُخرى، وعلى رأسها تعطيل “البروتوكول الإغاثي”، واستهداف عناصر التأمين في رفح، وتعطيل سفر الجرحى، قد نشهد اهتزازة كبيرة مرتقبة في عملية التبادل السابعة، والتي سيكون للمقاومة في غزة وجبهات إسنادها القول الفصل في تحديد المسار القادم.
وعليه؛ فَــإنَّ المنطقة أمام أَيَّـام صعبة، طالما أعلن الاحتلال صراحةً عدم التزامه، وأمام حاميه الأمريكي، وثمة رائحة غدر تفوح في الأفق، ستقام على إثرها حفلات العويل والنواح الصهيوني عند منشور الملثم “أبو عبيدة” القادم.
عبد القوي السباعي| المسيرة