الهوية الثقافية ومعركة البقاء والتجديد
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
يرى البعض أن العولمة الاقتصادية دخلت في مرحلة التآكل، أو أنها تعيش أزمة وجودية، إلا أن تأثير العولمة الثقافية ما زال كبيرا ويشكل خطرا على الهويات الوطنية الشرقية بشكل خاص التي تتقاطع في مناطق كثيرة مع الهويات الغربية التي تتبنى مسارات لا تنتمي للرؤية الأخلاقية في الحضارة الإسلامية والكثير من الحضارات الشرقية.
وساهم الانفتاح الاقتصادي والتدفق المعلوماتي في تعظيم الخطر على الثقافات الوطنية في دول العالم الإسلامي، هذا الأمر جعل سؤال الهوية الثقافية أكثر حضورا وإلحاحا مما كان عليه قبل عقود ماضية.
وتمثل الهوية الثقافية العمود الفقري لكل أمة، فهي مجموعة القيم والعادات والتقاليد واللغة والدين التي تمنح الشعوب طابعها المميز وتحدد مساراتها الحضارية، وإذا غابت هذه المفردات تفقد المجتمعات استقلالها المعنوي، وتذوب في ثقافات أخرى لا تعكس تاريخها ولا تعبر عن وجدانها الجمعي ولا منظومتها الأخلاقية. ويتحقق هذا الخطر في ظل غياب الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية وصيانتها وتعزيزها منذ وقت مبكر من عمر الأجيال الجديدة التي تبدو أكثر عرضة لفقد الانتماء الثقافي الوطني.. وهذا لا يعني أن علينا بناء جدران كبيرة بيننا وبين العالم.
والعولمة ليست ظاهرة أحادية الوجه؛ فقد فتحت آفاقا واسعة للتبادل الثقافي والتقارب بين الشعوب، لكنها في الوقت نفسه فرضت نمطا ثقافيا عالميا يميل إلى طمس الخصوصيات المحلية لصالح ثقافة مهيمنة.. وفي هذه المساحة يمكن رصد التحدي الحقيقي والذي يمكن التعبير عنه عبر طرح السؤال الآتي: كيف يمكننا أن نستفيد من العولمة دون أن نفقد أصالتنا؟ إن التأثير الثقافي الغربي، الذي تغذيه وسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا العملاقة، يفرض أنماطا فكرية وسلوكية جديدة تزعزع كثيرا من الثوابت الثقافية المحلية. فتوحيد القيم الثقافية عالميا، وفقا للرؤية الرأسمالية، يضرب التنوع الثقافي ويؤدي إلى ضرب المنظومات الأخلاقية والقيمية والمبادئ والعادات والتقاليد والفنون، بل إن بعض اللغات مهددة بالضياع والانحسار.
على أن مواجهة خطر العولمة الثقافية لا يعني الانغلاق أو رفض الانفتاح! إننا بحاجة ماسة إلى وجود استراتيجية عربية واعية تعزز مناعة الهوية الثقافية، وتجعلها قادرة على التكيف دون الذوبان. إننا في حاجة ماسة للاحتفاء بمفرداتنا الثقافية وبلغتنا العربية ولهجاتها وبمنظوماتنا القيمية والأخلاقية وببناء الأسرة وتقويتها وتقوية كل أركان مجتمعاتنا وتطوير المحتوى الثقافي والإعلامي لمواجهة كل الهيمنات الغربية. لا بد من إنتاج محتوى ثقافي يعكس الهوية الوطنية، ويعزز الانتماء دون الانغلاق، مع تشجيع الفنون والآداب الوطنية التي تعكس روح الدولة الوطنية، وتجعلها درعا يحميها من الانصهار الثقافي.
هذا الأمر يحتاج إلى بناء توازن بين المحافظة على القيم الثقافية واستيعاب المستجدات المعرفية والتكنولوجية. الوعي النقدي هو السلاح الأهم في هذه المعركة، فالمجتمع الذي يمتلك قدرة تحليلية تجاه ما يُعرض عليه من أفكار وقيم يكون أكثر قدرة على انتقاء ما يتناسب مع ثقافته، وأقل عرضة للتأثر السلبي بتدفقات العولمة.
لم تكن العولمة في يوم من الأيام هي نهاية التاريخ لكنها -وهذا ما علينا الإيمان به- مرحلة من مراحل تطوره، وكما واجهت الأمم السابقة تحديات حضارية كبرى واستطاعت أن تحافظ على هوياتها، فإن القدرة على التكيف مع التحولات دون فقدان الأصالة تبقى السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الراهنة.
إننا بحاجة أن ننظر إلى مطلب الحفاظ على الهوية الثقافية باعتباره مشروع تجديد مستمر، والتحدي الحقيقي لا يكمن في منع التغير، بل في توجيهه لخدمة الأمة، بحيث يكون التفاعل مع العولمة عامل إثراء لا أداة إلغاء، وامتلاك هُوية قوية لا يعني رفض العالم، بل يعني المشاركة فيه بوعي ورؤية تحفظ للأمم تميزها وخصوصيتها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الهویة الثقافیة
إقرأ أيضاً:
من أجل عيون صلاح.. أسطورة ليفربول يدعو لخرق القواعد!
معتز الشامي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةيرغب النجم المصري محمد صلاح في البقاء مع ليفربول، رغم أنه لم يتوصل لاتفاق جديد بشأن عقده حتى الآن، ويرى أسطورة ليفربول مايكل أوين، أن النادي يجب أن يغيّر سياسة التعاقد الخاصة به للاحتفاظ بنجم المنتخب المصري.
وبحسب الوضع الحالي، سيغادر صلاح ليفربول بنهاية الموسم بمجرد انتهاء عقده الحالي في أنفيلد في 30 يونيو المقبل، ولم يوافق اللاعب حتى الآن على شروط جديدة، وسط احتمال إنهاء موسمه الأخير مع النادي، والذي سجل فيه 32 هدفاً خلال 43 مباراة.
ومع ذلك، يعتقد مهاجم ليفربول السابق أوين أن اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً يريد تمديد عقده، طالما أجرى ليفربول تغييراً رئيساً واحداً، وقال لشبكة talkSPORT: «محمد صلاح لاعب مثير للاهتمام، أعتقد أنه يريد البقاء، بل أنا متأكد تماماً من أنه يريد البقاء».
وأضاف: «أعتقد أن ليفربول سيضطر إلى تعديل القواعد قليلاً، وقد يقولون، حسناً، عامين فقط للاعبين في هذا العمر، لكنه ليس لاعباً عادياً، فهو يتمتع بلياقة بدنية عالية، ومخلص، ويقضي معظم وقته في صالة الألعاب الرياضية، وهو محترف للغاية».
وتابع: «لا يمكنك أن تخبرني أنه لن يصل إلى المستوى نفسه بعد 3 أو 4 سنوات، أعني أنه لا يصدق، لذلك سأخرق القواعد، وسأمنحه العقد، ومدة العقد، استبدال صلاح سيكلف الكثير من المال، ولن تدفع رسوم انتقال له، لذا سأفعل كل ما يلزم للاحتفاظ به، وأعتقد أنه يريد البقاء، لكن المصادر أخبرتني أنهما لا يزالان بعيدين جداً عن بعضهما بعضاً».
وانضم صلاح إلى ليفربول في عام 2017، وأصبح منذ ذلك الحين أحد أعظم اللاعبين في تاريخ النادي، حيث سجل ما مجموعه 243 هدفاً حتى الآن، وقد فاز بجائزة الحذاء الذهبي في الدوري الإنجليزي الممتاز 3 مرات، ويتصدر السباق على الحذاء «الرابع» هذا الموسم، حيث سجل 27 هدفاً حتى الآن، ويعد الجناح المصري واحداً من 3 لاعبين كبار لا يزال مستقبلهم مجهولاً قبل انتهاء عقودهم، مع فيرجيل فان ديك، وألكسندر أرنولد.